تميز القرن التاسع عشر , بهيمنة المراكز الرأسمالية على العالم الثالث ، وتحويله إلى أطراف مهمشة ، حسب التقسيم العالمي للعمل .وكانت دول الأطراف محكومة بمتطلبات النظام الرأسمالي في المركز, وخاضعةً لمؤثراته , التي لعبت دوراً ريادياً في صياغة نظامها السياسي ، وتهميش تأثير الحراك الاجتماعي الداخلي . فكل الانعطافات والأزمات التي مر بها النظام الرأسمالي ، في صيرورة تطوره ، تركت آثارها على دول الأطراف بشكل مضاعف , بل يمكن القول أن تلك الأزمات تم تجاوزها بمضاعفة استغلالها للأطراف. ولم يتوقف التأثير عند الشكل السياسي ، بل امتد تأثير المراكز ، إلى البنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية , لجعلها منسجمة مع سيطرة الرأسمالية و متكاملة معها وفق معادلة المركز والأطراف . وبسبب قوة المركز وتخلف الأطراف ، سدت الآفاق أمام أي محاولة للخروج من هذه الدائرة , ما لم تكن متوافقة مع الإستراتيجيات الاقتصادية والسياسية للرأسمالية العالمية. وبالتالي كل تراجع أو تقدم تحققه مجتمعات العالم الثالث ، لا يعزى إلى التغييرات في البنى التحتية , والتراكمات الداخلية ، بقدر ما ينسب إلى مصالح المركز وحاجياته, بالإضافة إلى التكتيكات التي يتبعها في إعادة سيطرته على العالم .
تجربة محمد علي في مصر ، ومصيرها الذي باء بالفشل ، يوضح اسلوب تعامل المركز ، وردة فعله على المحاولة اليتيمة في المنطقة العربية ، لتجاهل مصالح المركز . وانهيار أسطورة النمور الأسيوية خلال أقل من أربع وعشرين ساعة ، يؤكد على هشاشة النظام المالي في الأطراف وتبعيته وترابطه مع حركة الرأسمال في المركز ولمصلحته . إذا نظرنا إلى فشل تجربة محمد علي على أنها مقدمة للتدخل الغربي في المنطقة ، فانهيار الدولة العثمانية وما تبعها من إقامة دويلات عديدة وفقاً لمشروع سايكس بيكو ، كان يعني إنجازاً للمرحلة الأولى من المشروع وانتقالاً إلى المرحلة الثانية من المخطط ، أي مرحلة جني الثمار .
أفراح نهاية الاستبداد كانت قصيرة الأجل إذ سرعان ما غرقت شعوب المنطقة في بحر من التناقضات التي خلفتها سايكس بيكو في المنطقة . مجموعة من كيانات سياسية تفتقد إلى البنية الاجتماعية والإدارية والثقافية الضرورية لتحويلها إلى حقيقة واقعية .
لم تتجاوز حدود الاعتراف بهوية الكيان الأطر القانونية ، وظلت تعاني الغربة في المجتمع ، ونظراً لافتقاد الأجهزة الإدارية إلى الخبرة اللازمة ولحداثة التجربة ، وحجم الرهانات التي فرضت نفسها ، وتخلخل البنية الاجتماعية ، عجزت الدولة عن إيجاد الميكانيزمات الفاعلة لترسخ مفهومها كدولة وموطناً لكل المواطنين ، مما ساعد الانتماءات الأخرى ما قبل الوطنية ( الأثنية ، الدينية ، والمذهبية ) على البروز والنمو , خصوصاً أنها تمتلك شرعيتها التاريخية ، فسعت لفرض هيمنتها على الكيان ، واستخدام أجهزتها لصالح دمج المجتمع بأطيافها المتعددة في واحدة من تلك الانتماءات بشكل قسري ، ترتب على ذلك انقسام المجتمع بشكل انشطاري إلى انتماءات متعددة ، تعيش في حالة الصراع الكامن أحياناً ، وتترجم بالنزاع المسلح حيناً آخر .هذا الواقع ساهم في دفع الانتلجنيسيا إلى طرح المشاريع الشمولية في محاولة لتجاوز حالة التشظي في المجتمعات العربية وتجاهل التام لكل تلك الانتماءات على الصعيد النظري على الأقل .
وبالإضافة إلى تبعات الترتيبات الاستعمارية في المنطقة ، لعب الإرث الحضاري لشعوب المنطقة وخصوصاً بجانبها الميتافيزيقي واللاهوتي دوراً هاماً في تشكل صورة المشهد السياسي والاجتماعي في الشرق الأوسط .
الظروف الآنفة الذكر حددت معالم الركائز الأساسية للنظام العالمي في المنطقة ، والتي رسخها ذلك النظام بقوة مستفيداً منها إلى الحدود القصوى .
هذه الركائز سبق وقد أشار لها الدكتور ياسين الحاج صالح في مقالة له هي :
1 ـ الفكر الشمولي وما أفرزه من الأنظمة الشمولية الدكتاتورية .
2 ـ حرمان الأكراد من الدولة القومية وتقسيم كوردستان بين دول الجوار ، بحيث يشكل الأكراد في كل دولة أقلية .
3 ـ الخلافات الحدودية بين تلك الدول ، واستمرار النزاعات بينها .
4 ـ الدور الذي تلعبه إسرائيل في المنطقة .
وسأناقش في هذه المقالة ركيزتين فقط ، وأترك الباقي لمناسبة أخرى ، رغم أن نقاش أي منها يستدعي الأخرى بالضرورة نظراً للترابط الوثيق بينهم .
الفكر الشمولي : الذي غزا المنطقة على أجنحة الأيديولوجية بتلاوينها المتعددة ، وطرح نفسه في صيغ مطلقة ، تتسم بالطابع اللاهوتي المقدس ، وتستمد مصداقيتها من ذلك الطابع ، وقد فرضت عليها ذاتيتها المفرطة ، تكفير وتخوين التيارات السياسية والفكرية المنافسة لها ، وقراءة الواقع والمستقبل والماضي من زاوية واحدة ، رافضة لكل الرؤى الأخرى ، مدعية أنها تحمل إجابات مطلقة الصحة لكل الأسئلة المطروحة على الساحة السياسية والاجتماعية، وحلولاً ناجزه لكل مشاكلها، وعملت جاهدة لملائمة الحقائق العيانية مع أفكارها المتخيلة بشكل مسبق.
ويقول المفكر السوري انطوان المقدسي في توصيف له للفكر الشمولي ( إنه يوقف تلقائياً وغريزياً التاريخ ، ليجعل من ذاته بداية مطلقة لتاريخ آخر ، بعدها سوف يلق التاريخ العام بتاريخه الخاص ) .
إنه لا يرى سوى نفسه ، ولا يرى في نفسه سوى حقائق مطلقة لا تقبل الشك . وغالباً ما كان هذا الفكر الشمولي بأفكاره ومفاهيمه , مسـتمدا إما من مجتمعات مغايرة لمجتمعاتنا تمتلك الأرضية لطرح ذلك الفكر والضرورات تبرره ، أو من الماضي السحيق المغطس بالمجد الزائف . هذه الوضعية الذهنية غالباً ما ارتكز عليها الطغاة ، في تمرير مشاريعهم ، وتغطية على إفلاسهم و جرائمهم المرتكبة بحق الشعوب عبر التاريخ .
مجرد أفكار وشعارات ونظريات مطلقة , فذلكات لغوية , تجريدات نظرية ، تعوم في عالم الفكر ، عابرة لكل زمان ومكان ، غير مقيدة بأي واقع ، إنها بمعنى ما فوق التاريخ , ولا يحق للواقع فحص مدى صلاحيته راهناً . وبسبب تركيبة المجتمعات الشرقية أولاً ، والظروف المرافقة لتشكل الدولة وطبيعتها ، إذ أن الدولة امتلكت المشروعية القانونية والدولية ، قبل أن تمتلك الشرعية في المجتمع , ثانياً . وطبيعة الفكر الشمولي القائمة على الانطلاق من مصالح الفئة أو الطبقة في المجتمع وتهميش تطلعات بقية الفئات المجتمع , وبسبب عجز الفكر الشمولي عن استغراق المجتمعات والوصول إلى السلطة بطريقة سلمية عن طريق صناديق الاقتراع ثالثاً .كل هذه الأسباب دفعت الأيديولوجيات الشمولية باتجاه تجاوز المجتمع , والوصول إلى السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية ، لتفرض مشاريعها من أعلى قمة الهرم السياسي والعسكري ، على المجتمع ، مبررة ذلك بأن ظروف القهر والاستعمار التي مر بها المجتمع تعيقه عن تبني المنهجية التي تعبر عن مصالحه الحقيقية ، لذلك لا بد من فرض الوصاية عليه من قبل الطليعة الثورية . والآلية الوحيدة القادرة على إخضاع المجتمع للطليعة الثورية هي عسكرة المجتمع . فانتقل الصراع من ساحته الطبيعية المجتمع ، إلى الجيش ، فبدأ الجيش يفقد الدور المنوط به أي الدفاع عن الوطن إلى الدفاع عن السلطة الحاكمة في مواجهة الشعب ، ومع وصول أي توجه شمولي إلى السلطة ، تتحول البلاد إلى سجن للآخرين ، تخيم عليه ، حالة الطوارئ والأحكام العرفية ، الرقابة الصارمة على وسائل الأعلام ، الأجهزة الأمنية مطلقة الصلاحيات ، مصادرة مؤسسات الدولة لصالح السلطة والحزب الحاكم بدءاً من المؤسسات التربوية وانتهاءً بالمؤسسة العسكرية التي أصبحت مهمتها حماية الحاكم وأركان نظامه وعائلته لا الوطن . ( صدام حسين أثناء الحرب الخليج الثانية ، احتفظ بقوات الحرس الجمهوري ولم يزج بها في المعركة ، رغم احتلال الحلفاء لأجزاء من العراق ، بقيت تلك القوات في ثكناتها لحين اندلاع انتفاضة الشعب العراقي عندها فقط تحركت للقضاء على ثورة الشعب ).
صحيح أنه تم سلب الوظيفة الأساسية للجيش إلا أنه منح صلاحيات واسعة في الداخل ، فتدخل في الشؤون العامة وفي السياسة والاقتصاد ، باسم بناء الدولة الوطنية والصراع مع إسرائيل وتحقيق العدالة الاجتماعية و قضايا التنمية والصمود والتصدي ، تم ابتلاع الحقوق الإنسانية والحريات العامة ومبدأ المحاسبة ، فسخرت مقدرات البلاد الاقتصادية والبشرية في خدمة تلك الشعارات ، التي كان يسمع صداها بقوة أيام الهزائم الكبرى وبقدرة القادر و الخطب الرنانة ، كانت الهزائم تتحول إلى انتصارات يحتفل بها كل عام ، فتصبح أم المهازل ، أم المعارك . وأمام الفشل الذريع الذي منيت به المشاريع الشمولية على كافة المستويات، حدثت حالة الارتداد السريعة إلى مرحلة ما قبل تشكل الدولة . و رغم تراجع النخب السلطوية عن مشاريعها التي حملتها معها إلى السلطة في البداية عملياً , إلا أنها تمسكت بها على الأقل من الناحية النظرية لضرورات الاستهلاك الداخلي ولضمان استمرارها في السلطة .
بالنتيجة همش المجتمع وقيد بالأغلال واقتيد إلى السجن ، واختزل الوطن في إيديولوجيا بداية , ثم في الحزب ثم في الطائفة والعائلة ثم في شخص القائد المقدس . وإذا حدث وأن تمرد المجتمع على هذا الواقع المر ، كان يقابل بالعنف العسكري ، وارتكاب المجازر الجماعية ، بما فيها استخدام الأسلحة المحرمة دولياً ، ولسوء القدر ، كانت الدول الغربية ومنظماتها الأهلية الوحيدة القادرة على ردع الدكتاتوريات الشرقية ، ووضع الحد لانتهاك حقوق الشعوب بشكل متكرر .
حرمان الأكراد من الدولة القومية :لقد أصاب الكاتب التركي الدكتور إسماعيل بشكجي عندما قال أن كوردستان مستعمرة دولية ، فالقضية الكوردية لا تفهم إلا من خلال أبعادها الدولية ، لأنها نتاج سريان الإرادة الدولية في المنطقة . فحرمان الشعب الكوردي من كيان سياسي مستقل ، وتقسيم بلاده بين دول الجوار ، جاء في إطار مشروع استعماري يتجاوز الأكراد وكوردستان . فبقاء القضية الكوردية من دون حل وتجاهل الدول الغاصبة لمعاناة الشعب الكوردي ، والمحاولات المستمرة من أجل دمجهم وصهرهم في بوتقة تلك الدول ، كان كفيلاً بإثارة ردود الفعل العنيفة من قبل الجانب الكوردي ، تجلت في الانتفاضات والثورات المستمرة على مدى قرن كامل .
أحياناً كان الأكراد قاب قوسين أو أدنى من تحقيق طموحاتهم القومية لولا التدخل غير المنتظر من قبل الإرادة الدولية لصالح الدول الغاصبة ، وهذا ما حدث مع ثورات : ميرى كور ، محمود الحفيد ، ثورة أرارات ، الملا البرزاني .
لكن هذه الإرادة الدولية لم تكن أبداً تريد للنضال الكوردي أن يموت إلى الأبد ، لذلك كانت تطل برأسها في صيغة علاقات سرية ، أو دعم عسكري بسيط ، دعم مالي ، ترويج إعلامي ، أو مساعدات إنسانية ، لتحافظ على شعرة معاوية في علاقاتها مع الأكراد . وتضمن أن لا يحقق أي من الأطراف المتصارعة نصراً يكون كفيلاً بإنهاء الحاجة إلى مساعدات الدول الرأسمالية في ذلك الصراع المستميت .
قرن كامل والصراع الدموي يغلف كوردسـتان ، ملايين من الشهداء ، مليارات الدولارات ، ثمن ذلك الصراع ، ورغم ذلك لا تفكر الأنظمة الحاكمة بإنهاء المشكلة الكوردية ومنحه حقوقه المشروعة ، فهذه الأنظمة مستعدة أن تتنازل حتى عن سيادتها الوطنية مقابل أن لا يرى المشروع القومي الكوردي النور ، أليس الخوف من نجاح الثورة الكوردية هو الذي دفع صدام حسين أن يتنازل عن شط العرب لشاه إيران ، ثم عاد وخاض حرباً لمدة ثماني سنوات معها في سبيل استعادة شط العرب ، وعقد ذلك النظام أيضاً مع كل من تركيا وإيران اتفاقيات أمنية يسمح بموجبها لقوات تلك الدول باختراق حدود بعضها ولمسافات طويلة . وتركيا مستعدة أن تتنازل عن كل تركيا لصالح أمريكا شرط أن لا تسمع باسم الأكراد ، ولو حدث أن قامت دولة كوردية في المريخ ، فإن القوات التركية ستغزو المريخ للقضاء عليها ، كما صرح أحد الزعماء الأتراك . والمدهش حقاً أن تدرس اللغة اليابانية في الجامعات السورية وتبث قنواتها التلفزيونية باللغة العبرية، ولا يسمح للأكراد بالدراسة باللغة الكوردية .
التجاهل التام , عمليات الإبادة الجماعية ، حملات التعريب والتتريك والتفريس المستمرة وتشويه التاريخ والحاضر ، عنوان عريض لأسلوب تعامل السلطات مع القضية الكوردية ، طوال القرن الماضي .ورغم أن الأكراد من أقدم شعوب المنطقة إلا أن المنطقة مقسمة ما بين الوطن العربي والتركي والفارسي . العلمانية في تركيا تعني أن تكون سعيداً لكونك تركياً ، والإسلام يعني أن تكون فارسياً في إيران ، والمواطنة يعني أن تكون عربياً في سوريا .
هكذا أصبح الكوردي معاديا للعلمانية والإسلام والوطن . وهذا التواطؤ الإقليمي ، وما نتج عنه من مجازر مرتكبة بحق الشعب الكوردي لم يقضي على القضية الكوردية ، بل على العكس , زاد من تصميم الشعب الكوردي على الاستمرار والعمل من أجل نيل الحقوق القومية , وذلك لسببين : الأول يتعلق بعدالة القضية الكوردية . والثاني ذكرناه سابقاً ويتعلق بعدم وجود الرغبة الحقيقية لدى المتروبولات الدولية للقضاء نهائياً على الطموح الكوردي . فاستمرار الصراع يضمن على الأقل سيطرة تامة لهذه المتروبولات على الدول الغاصبة, و موافقة البرلمان التركي الأخيرة على إعادة تأهيل القواعد العسكرية التركية لاستقبال الجنود الأمريكان استعداداً لحرب على العراق ، لم تأت إلا تحت ضغط الخوف التركي من تحريك الورقة الكوردية من قبل أمريكا .
ليست الشعب الكوردي من يتحمل مسؤولية أعباء المعادلة الدولية في المنطقة ولا شعوب المنطقة , إنما تتحملها الأنظمة والتي يندرج استنكارها للقضية الكوردية في إطار حماية مصالحها فقط كأنظمة وليس لحماية المصالح الوطنية والقومية لشعوبها كما تدعي ، فحصول الأكراد على حقوقهم القومية ليس مصدر الضعف لشعوب المنطقة ، وانتقاصا من حقوقهم . فالنضال الكوردي ليس موجهاً ضد الشعوب ، وإنما ضد الأنظمة وضد ترتيبات النظام العالمي في المنطقة ، واصطدام القضية الكوردية بالأنظمة لا يأت إلا بقدر ما تمثل تلك الأنظمة مصالح الإمبريالية والصهيونية في المنطقة، بطبيعة الحال لم تكن هذه الأنظمة يوما تمثل شعوبها وعندما يشكل الأكراد معارضة قوية لها فذلك دعم وسند لنضال تلك الشعوب ضد أنظمتها الدموية التي لا تفرق بين الكوردي وغيره عندما تقمع . ولا يضير هذه الشعوب شيئاً لو تم خرق المخطط العالمي للهيمنة على المنطقة من قبل الأكراد , بل هي رغبة مشتركة لدى شعوب المنطقة بأكملها .
من هنا فالقضية الكوردية بمعناها العام هي قضية عربية وتركية وفارسية ، لأن حرية هذه الشعوب واستقلالها مرهون بالقضية الكورية . فما دام الشعب الكوردي يعاني من الاضطهاد والاستعمار الخارجي ، فإن بقية شعوب المنطقة ستعاني من الاستعمار الداخلي والقمع ومصادرة الحريات ، لأن استمرار قبضة هذه الأنظمة على كوردستان مرهون باستمرارها بشكلها الدكتاتوري الحالي . لذلك فالشعب الكوردي يشكل خط الدفاع الأول بمواجهة التحالف القائم بين الأنظمة والمتروبولات الدولية , وهذا الموقف من قبل الشعب الكوردي يستدعي الدعم والعون من كافة القوى الوطنية ، لا إعادة اجترار مواقف السلطة وخطابها . وحقيقة مما يؤسف له حقاً، هو أن بعض أطراف المعارضة السورية لا تلتقي مع السـلطة على شيء ، بقدر ما تتفق معها في طريقة إدارة الملف الكوردي . بدلاً من الانفتاح على القضية الكوردية والاعتراف بحقوق الأكراد القومية انطلاقاً من الوحدة الوطنية القائمة على التعددية ، وغير مستندة على مرجعية لاهوتية سواء أكانت دينية أو قومية .
إن كل المؤشرات تقول أن هناك وضعاً جديداً سينشأ، نتيجة لإعادة هيكلة النظام الرأسمالي ، والمرحلة فد تفرض على الرأسمالية أن تقدم نفسها بصور جديدة مختلفة عن المعهود ، وما يترتب على ذلك من تغير أدواتها وركائزها السابقة ، أو تعيد صياغة سيناريوهات الأحداث ، بما يتلاءم وتحقيق مصالحها بأقل التكاليف الممكنة .
فهل سنبدأ طوراً جديداً من الصراع في دائرة النظام الرأسمالي كلنا سنكون بالمحصلة خاسرون . أم سيكون هناك محاولة لاعداد مشروع محلي ، يمنح شعوب المنطقة حقوقها ويتعامل معها على قدم المساواة ، ويقطع الطريق على المشروع الأمريكي ؟!.
حلب
22/2/2003