|
الحقيقة ليست خيانة للحق .
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5773 - 2018 / 1 / 31 - 23:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو وزير خارجية روسيا السيد لافروف ، قد اعتاد على مشاهدة مسرحية شاهد ما شفش حاجة ، بل كما يبدو ، متأثر بها بشكل كبير ، لأن إضافته ، بخصوص وقف المساعدات الأمريكية عن لاجئين الفلسطنيين ، تشبه إضافة عادل إمام في المحكمة ، عندما طالب القاضي بسماح له ، بإضافة مسألة غاية من الأهمية ، حسب تقديره ، حيث قال من على حشبة المسرح ، هي يا سعادة الريس ، راقصة وبترقص ، تماماً ، كانت إضافة لافروف تشبه إياها ، عندما قال ، قطع المساعدات سيؤثر على اللاجئين ، هنا يتساءل المرء ، دولة كروسيا ، هل تعجز عن تقديم حلول أو بدائل ، على سبيل المثال ، تغطية فتورة المساعدات التى استنكفت واشنطن عن تسديدها أو تقديم مساعدات بطرق شتى ، لكن مثل هذه الإضافات ، لا تندرج إلا في سياق التواطؤ ، وهذا مؤشر مستقبلي خطير ، لأن في بداية اللجؤ ، بادر العالم في تغطية تكليف حياة اللاجئ ، ورهن استمرار التمويل والدعم ، بعودته وتعويض خسائره ، لكن مع مرور الوقت ، يظهر ما يسمى بالمجتمع الدولي ، عن تملص تدريجي ، رغم أنه شريك أصيل في عملية التهجير والنكبات المتلاحقة التى حلت تاريخياً بالفلسطيني .
مسألة اللاجئون ، قد حسمها العالم منذ إنشاء دولة إسرائيل والاعتراف بها ، ليس معقولاً ، وهكذا يفهم ببساطة الاعتراف ، ولو بحده الأدني ، بأن المقاصد من العودة ، اقتصرت في المفهوم الدولي على الجيل الذي ولد على أرض فلسطين ، أما بالنسبة لعودة الأجيال الذين تعاقبوا لاحقاً ، يقدر أعدادهم في العالم ، ب ستة ملايين ، أي عودتهم ، يعني رحيل اليهود عن فلسطين، وهذا ، لن يحصل فعلياً ، إلا بمشروع قادر على تحرير فلسطين وإنهاء دولة اسرائيل ، لكن ، كل ما يدور من مفاوضات ، يقتصر حول عودة من تبقى من الجيل الذي شهد النكبة والتهجير والعتيير ، وهولاء ، لم يتبقى منهم سوى قلة ، ليس منطقياً ، عودتهم دون أولادهم وأحفادهم ، لهذا ، كان اقتراح الكونت برنارت عام 1948م الذي تحول فيما بعد إلى قرار 194 ب تصويت 35 مع و15 ضد وممتنع 8 ، هو المستقبل ، عندما وضع خيارين أمام اللاجئ ، العودة والتأهيل أو عدم العودة والتعويض ، بل تضمن القرار أيضاً ، معاقبة اسرائيل لأي محاولة تعيق عودة أي لاجئ وتعتبر عمل عدواني ، في النهاية ، منعت اسرائيل بشكل علني تنفيذ القرار ، لكنها ، لم تعاقب ولا يحزنون ، هنا نلاحظ ، أن اللاجئ وقع بين أمرين ، العودة من خلال دولة الإحتلال ، يعني الإعتراف بيهودية الأرض أو الإستمرار بالتشرد ، وكلما حاول تشكيل حالة تحريرية ، سرعان ما تُباد ، وما يثير الانتباه ايضاً ، تقدمت القدس في قرار 194 على حق العودة ، حيث وضعت القدس ضمن النظام الدولي ، أي أخرجت من وضعها التاريخ الإسلامي العربي ، لهذا ، اعتبرها اليهود ، خاضعة إلى السباق .
انتقل اليوم الصراع / العربي الإسرائيلي ، من صراع على أرض ، قابلة لقوميتين ، حسب الربط للحركة الصهيونية ، لفلسطين بالعصر البابلي الثاني ، الهدف من الدولة ، تحقيق الوطن القومي للهيود ، إلى جدل حول الأقدمية والأحقية على الأقصى والقدس والأماكن المقدسة ، أي في بداية الاحتلال وإعلان الدولة ، أُستبعد حق المسلمون والعرب من القدس كأرض واقعة في فلسطين ، والآن ، يُستبعد منها الفلسطينيين ، بل ، يذهب الانتقال إلى أبعد من ذلك ، فهناك حراك غير معلن ، تتعرض له الأماكن المقدسة المسيحية، فالإسرائيليون والمسيحيين الصهاينة ، يحاولون تغير التركيبة التقليدية للمذاهب في فلسطين والمشرق العربي ، كما فعلوا ، في بادئ أيامهم ، بألمانيا في القرن السادس عشر ، ومن ثم ، الهجرة إلى أمريكا الشمالية ، بعد ما فشل المشروع في أوروبا ، أرادوا بناء المذهب الجديد على أرض خام ، خالية من الجزور والتركيبات ، ماذا يعني هذا ، بتقدير المتواضع ، سجلت الصهيونية ، كحركة جامعة للأصولية اليمينية من اليهود والمسيحين ، نجاح باهر ، عندما استطاعت دفع اللاجئين عبر السنوات الماضية ، للبحث عن مواطئ كرامة ، واليوم تنتقل بشكل مدهش ، إلى وضع المقدسيين في دوائر المعيش الضاغطة ، من الصعب تحملها أو مقاومة أسبابها ، الذي يدفع المقدسي للبحث عَن البدائل ، ايضاً ، تحفظ كرامته ، لكن ، الخطورة التى تغيب عن السطح المشهد ، بل المسكوت عنه ، الحرب الدائرة داخل المذاهب المسيحية في فلسطين ، بين القبول بالتهويد ومقاومته ، في الحقيقة ، يتعرض أبناء المسيحية إلى جملة ضغوط كبيرة ، تبدأ بالأموال ولا تنتهي بالنفي إلى الخارج ، بالطبع ، عبر قيود بلغت حد الترهيب أو تجويع . يصح وضع الفلسطيني بين جزئين ، لاجئ خارج الأرض المحتلة ، بغض النظر ، منفرد أو مجتمع ، برهنة الأيام ، أن أفضل تشبيه ينطبق عليه ، فليم الحدود ، كان قد خطه الماغوط ، نظرياً ، يتمتع بقيمة رفيعة في يقين الرأي العام العريض وايضاً الساسة ، أما الواقع ، يجتر البؤس ، لهذا ، من الشروط الأساسية لتحرير الأرض ، الكرامة ، غير ذلك ، يصبح الانتظار ، موت ، وهذا حاصل بجدارة ، ليس من المنطق ، الإستمرار بذات المسارات ، كانت الأمم المتحدة وضعتها كحلول مؤقتة ، لكنها ، مع مرور الزمن ، تحولت إلى سلوك حياتي ، يبرر اللاجئ ذلك ، وقوفه عند تخوم الأرض المحتلة ، بل ، تحسين ظروف اللاجئ ، يعطي للقضية الفلسطينية دعم وإيجابيات متعددة ، وهذا ، لن يحصل سوى بالخروج من المخيمات والتوجه إلى أماكن تحترم كرامة الإنسان ، في المقابل ، هناك حقيقة ، خلاصتها ، رفض قاطع لجميع الضغوط التى تمارس على المقدسيين ، على الأخص ، وأيضاً ، أهل الضفة الغربية عامة ، لأن ، الصراع القائم في فلسطين ، يكتسب صفة وجودية ، والذي يستوجب مواجهته بالصمود ، للتقريب المفيد ، قد يستباح جسد المرأة ، لكن من المستحيل ، أن تعرض روحها للبيع ، لأن ، هذا لا يعني سوى الموت ، وهكذا الأرض ، ممكن تسلب ، لكن لا أحد يتنازل عنها ، فكيف اذا كانت القدس ، واقعة في أصل أرض فلسطين .
من جهة أخرى ، الأمور تتجه إلى الأسواء ، لأن ، كما تشير سياسات الرئيس ترمب ، جميعها لا يمكن لها أن تساهم في إحلال السلام ، بل ، تساعد من جانب ، إلى مزيد من التوتر في المنطقة ، أيضاً من جانب أخرى ، تعزز قدرات اسرائيل التمددية ، هنا تفسر لنا ، صراحة ترمب التلقائية ، بل ، تكشف عن تقاسم تفكيري بين الطرفين ، قائم على تعظيم البلدين ، بالطبع ، على حِسَاب الشعب العربي اولاً، والشعوب أخرى ، يعتبرها الطرفين ، لم تصل بعد للإنسانية ، فسيتوجب تجريدها من مقتنيات التاريخ .
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاستفادة من الماضي ، يعطي نفس أطول للانتفاضة الحالية
-
إيقاع القوة والخوف
-
توازن القوة / يكفل الخروج من دائرة التخبط والابتزاز
-
ترمب يغرق بالمحاباة ..
-
عدم استفهام ما يطرحه الشعب
-
بين التظلم والتميز / تجتمع حضارات العالم عند أبواب القدس
-
تدخل روسي في المنطقة / تحول إلى واقع / هل المنطقة على كفاءة
...
-
لا مكان للمحنطون بين الأحرار ..
-
ما أبعد وأعمق من القدس ...
-
مصير الإنفتاح على إسرائيل ، بين الإستيعاب والإبتلاع
-
جراحات عميقة للإنسان العربي وحضارته / تتقاطع فيها الأطراف أث
...
-
أطول اغتصاب في التاريخ ...
-
تنظيف خطوط المواجهة مع إقتراب ساعة السفر
-
العربية : بين الملكة والصناعة ..
-
التفكير والقراءة ، يُسَقِطان الطُفيليون عند أبواب العزلة
-
المثقف بين التعذيب والإنصاف ..
-
إشكالية الإنسان التاريخية في الوصول للإنسانية / تاريخ بشري م
...
-
تغيب الفكر عن مؤسسات الدول الإقليمية ، تأرجح طويل بين ردة ال
...
-
متغيرات على الأرض ، تحديات مطلوب مواجهتها ، مصر السعودية وال
...
-
برنامج اغتيال ابو حسن سلامة / قناة الجزيرة / اشكالية الاستقص
...
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|