أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عادل اسماعيل - اليسار ... اليسار !! / خواطر غير حيادية















المزيد.....

اليسار ... اليسار !! / خواطر غير حيادية


عادل اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 1480 - 2006 / 3 / 5 - 11:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


اليسار ... اليسار ..!!
/ خواطر غير حيادية /
تتنادى بين الحين والحين أطرافٌ يسارية ، " تاريخية " وحديثة النشأة ، للقيام بمساع ( مشكورة ومشروعة ) بغية تلمس الطريق نحو الاضطلاع بمهمات منها ما قد تقف دونه قوى اجتماعية جبارة راقية التنظيم . ومن هذه المهمات مثلا ( مواجهة الهجمة الامبريالية الشرسة التي تستهدف مصالح الوطن والشعب ، والتصدي للعولمة المتوحشة !!) وسوى ذلك من القضايا الجسام التي تعيد إلى الأذهان مشاهد المراحل السابقة من نضال القوى التقدمية. وهذا ما يذكرنا أيضا بلغة لم تعد مألوفة يطلق عليها الكثيرون في هذه الأيام تعابير ونعوتا ليست بالبريئة دائما ، وخاصة من قبل البعض الذين كانوا حتى الماضي القريب الأكثر إقداماَ ثورياَ ، وعنفوانا يسارياً، وتباهياً بالتقدمية . وهؤلاء بالذات هم الأكثر ظلما لهذا الماضي " اليساري الخشبي " وتجنيا عليه ، أي على ماضيهم بالذات. وإذا كان المرء "المعتّر" يفهم بفطرته وحسه العفوي البسيط أن تنتشر وتشيع هذه " الموضة " في أوساط شامتة ومغتبطة بما آلت إليه أوضاع اليسار عامة ، فمن غير المفهوم حتى الآن لهذا المرء "المعتّر" كيف بدّلِ البعض جلودهم . نعم لقد غيروا راياتهم ، وتنكبوا بنادقهم بالمقلوب ، وراحوا يناضلون على الضد من قناعاتهم السابقة ، داعين لقيم " جديدة " بالقطع مع تلك التي اعتنقوها – ربما عن غير إدراك أصيل لمضامينها – وكأن ما اعتنقوه سابقا لا يمت بصلة لما يدعون له اليوم ... فطلقوا التاريخ وبدؤوا صفحة " بيضاء " . ويقتصر جديد البعض من هؤلاء على ما في أذهانهم أساسا دونما مطابقة لما هو في الواقع ... لقد قرروا ، وهذا أضعف الإيمان ، تجاهُلَ ما كانوا مؤمنين به حد القداسة ( والشراسة ) ، أو التصويب عليه عندما تأخذهم الحماسة. والمشكلة أنهم لم يكلفوا أنفسهم مشقة العودة إلى دفاترهم " العتيقة " والبحث فيها ، ولو قليلا ، عن أصل ما يطرحونه اليوم ، وهل له علاقة بذخيرتهم الفكرية السابقة أم لا؟ .. لعلهم نسوا ، أو تناسوا ، أو ربما لم يتفكروا أصلا ، أن ما يتباهون به اليوم هو - أو من المفترض أن يكون - في صلب نظريتهم الأثيرة على قلوبهم ذات يوم .
ومع التأكيد على أهمية الدعوات والمحاولات ( اليسارية) الجديدة لإعادة الإقلاع ، لا بأس من الالتفات إلى الوراء قليلا ليرى المرء أن بعض أوساط اليسار التي كانت مأخوذة بالشعارات المرحلية الموظفة ، والمصاغة أساسا ، لخدمة نهج سياسي معين بالتغافل عن جوهريات الفكر الذي من المفترض أن ذاك النهج وتلك الشعارات منبثقةٌ عنه ، قد فقدت – أي تلك الأوساط – جزءا هاما من قدرتها على الاستهداء عندما انهار معظم ما كانت تروم بلوغه بشعار من نوع " عصر الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية ". فما بالك إذا كانت مصدقةً – على الجانب الآخر- بشعار من عيار " الامبريالية نمر من ورق "...؟ كما أن المراهقة اليسارية العربية ربما كانت في أوجها إبان تلك المراحل مما جعل الكثيرين منا ينجرفون ( على صعيد الممارسة والفعل اليومي ) مع سيول الشعارات والجمل الثورية البراقة .! ولكن إذا كانت هذه المراهقة هي السبب فما الحجة بعد النضج / الحقيقي أو المزعوم / ؟ ولمََ لا يتجسد هذا النضج حضورا وفاعلية ونتائجَ "على القد" دون الانجراف مجددا خلف شعارات براقة في الطرف المعاكس هذه المرة.
الستينات ، والسبعينات ، بل وحتى الثمانينات ، من القرن الماضي ... كانت زمن الشعارات الكبرى ، والأحلام العريضة ... زمن النجاحات والهزائم ، زمن التفاؤل والروح الثورية المحلقة عاليا ، المشحونة بالعواطف النبيلة التي كثيرا ما أدت ّ إلى الاستشهاد. المقاومة والكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية طويلة الأمد ... العنف الثوري في مواجهة عنف الرجعية ... المنظومة الاشتراكية طليعة العملية الثورية العالمية والكفاح ضد الامبريالية ... الطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية المتطورة ... دكتاتورية البروليتاريا ... حركة التحرر الوطني في البلدان النامية ... الصراع الطبقي قاطرة التاريخ ... حرق المراحل ... التضامن الأممي ... بناء المجتمع العربي الاشتراكي الموحد ... النظام الاشتراكي في جنوب اليمن ( يقال على سبيل المزاح أنهم أمموا دور السينما وشاختير الصيد وقوافل الإبل ) ... كوبا جزيرة الحرية ... ثورة ظفار ... بوليساريو ... غيفارا .. لومومبا و ( جامعته !! ) .. فيتنام ... أملكار كابرال ... ثورة القرنفل ... الرفيق ماو .. أوغستينو نيتو ... فاربوندو مارتي ... الدرب الساطع ... ساندينستا ...إلخ إلخ.
وبما أن وحدة وصراع المتضادات قانون أساسي من قوانيننا لا بد من الإشارة إلى : التعايش السلمي .. الحرب السوفيتية الصينية ... والمباراة الاقتصادية ... الطوابير أمام المحال التجارية ... الحدود المغلقة ومنع السفر إلى الخارج ... الجدران الصماء ... الثورة العلمية والتقدم الاجتماعي ... غزو الفضاء وسباق التسلح ( وما كان يجب أن ننسى أن السباق والمباراة الأساس هما في مجال تحرر الإنسان وانطلاق قدراته الخلاقة والحيلولة دون استغلاله من قبل أخيه الإنسان ).. ثم جاء الانفتاح - وما أدراك ما الانفتاح - وصولا إلى بيريسترويكا غورباتشوف ، و" ثورة " يلتسين الديمقراطية المخمورة بأرخص أصناف الفودكا الروسية والمستوردة ، الثورة الممهورة بأغلى دماء المدافعين عن أول تجربة برلمانية سوفيتية خارج وصاية الحزب القائد ، دماء الأبطال المجهولين الذين سقطوا تحت نيران الدبابات المعربدة والقصف الإعلامي لقناة c.n.n الجهة الإعلامية الوحيدة في العالم التي نقلت نقلا مباشرا تدمير البرلمان الروسي على رؤوس من فيه من نواب الشعب ورجال ميامين تطوعوا للدفاع عنه ، لتكون في هذا النقل عبرة لكل من له عين ترى وأذن تسمع.
... وفي ضوء هذه الدراما التي سطرها التاريخ رغما عن أحلامنا وإراداتنا ( الوطنية والقومية والأممية ...) ، وبعد هذا الفصل الدامي من فصولها الذي كان نقطة النهاية لتلك التجربة التي كثيرا ما بتنا ليالينا وأمضينا نهاراتنا نستلهم مُثلها ، ونشخص بأبصارنا إلى انجازاتها ، وتخفق قلوبنا لانتصاراتها حتى ولو كانت منقوصة مشوهة ( وهذا ما أدركه كثير منا متأخراً ويا للأسف ) .. في ضوء ذلك ترى العديد من اليسار اليوم كمن تشتت شملهم وذهبت ريحهم ، فقعدوا لا حول لهم ولا قوة ، بينما بعضٌ منه لا يزال كما كان "على حطة إيدك " وكأن شيئا لم يكن ، محافظا على " أصالته " ، يكرر أمام الإيقونات نفسها تلك الأناشيد والتراتيل ( والرقى ) المحفوظة عن ظهر قلب التي لم تمنع حدوث ما حدث... وبعضٌ " جريء جدا " حزم أمره بسرعة ويمم وجهه شطر البيت الحرام ذي البياض الناصع. وما ذلك كله ، في زعمنا ، سوى الصورة الشاحبة ليسارنا المتصدع ، المشروخ ، الخديج أصلا... لم يبق من الثمر سوى نواته ، و" ما يبقى في الوادي غير حجاره " على قول المثل الجزائري ...
يطيب للبعض ( من اليسار طبعا ) أن يعيد هذه الحال والمآل إلى خطأ النظرية مُعفيا نفسه من واجب مراجعة الممارسة ومدى توافقها مع ما كان يردده صبحَ مساء. وينحى آخرون منحى لا يقل هروبا من مواجهة الواقع ، فيرى أن كل الحق على السوفيت وما علمونا إياه وألزمونا به ، وخاصة لجهة تبنيهم أنظمة تحرر وطنية ديكتاتورية حتى نقي العظام قالوا عنها ، وأدخلوا في روعنا وأدمغتنا ، أنها " وطنية وتقدمية وديمقراطية ثورية معادية للامبريالية تسير في طريق التطور اللارأسمالي" . إن الذين يحمِّلون الآخرين وزرَ ما حدث يتناسون كم في هذا القول من اتهام للنفس بالضحالة والتبعية العمياء ، فلا يرى أصحابه ، وربما يتجاهلون ، ما بذل غيرُهم من جهود ، وذاق الأمرين من أجل رؤية جديدة وصولا إلى واقعية ( اشتراكية ) بلا ضفاف على سبيل المثال .... ألم يكفّر جلُّنا ذاك اليساريَ الاسبانيَ " المجنونَ " الذي اقترف كبيرة الكبائر وقال بشيوعية أوروبية ؟؟ ( بِِدعُ الخصوصية ممنوعة عند اليساريين الأُرثوذُكس حتى الساعة ) ..!! وها هم الآن كثيرون يطيرون فرحا جراء التفاتة من أوروبا شيراك ( مع كل احترامنا وتقديرنا الصادق للرئيس الفرنسي ) لا أوروبا كاريللو ...!
هذه الخواطر المتزاحمة في الذهن مبعثها ما نراه اليوم من حال اليسار ، ففي بلد صغير نسبيا كسورية مثلا ، تجد عشرات العناوين واليافطات اليسارية التي قلما تتباين في جوهر ما تنادي به وترفعه من شعارات جديدة وقديمة ، وكأن كل منها يريد اجتراح مأثرة بالدعوة إلى الحوار والتعاون والوحدة و.. و... إلخ ، حتى لتظننَ أن المشكلة برمتها تكمن في الحوار ، وفي خلق أحزاب ومشاريع أحزاب لكي تتحاور ومن ثم تتعاون ، وجمعيات ومشاريع جمعيات ، لجان ومشاريع لجان لنفس الأغراض تقريبا ... وإقامة تجمعات ، لقاءات ، ندوات ... وإدارة النقاش والسجال ، والحوار ( لأجل الحوار أحيانا وفي أدق التفاصيل كدور القطاع العام والخصخصة وكأنهم أضحوا قاب قوسين أو أدنى من إدارة شؤون الأمة ) . هذا يريد أن يقنع الآخرين بجديد برنامجه فإذا جديده تكرارٌ للمرة العاشرة ( إنما بتعابير الحداثة المنسجمة مع روح العصر) ، لبرامج قديمة موجودة منذ عقود ، فيحار المرء لمَ وجع القلب ؟؟ وذاك يشن حملة متفقهة على كيانات بعينها لأنها فعلت كذا وكذا ، وهو في حقيقة الأمر كان منذ زمن بعيد يتربص بها ويتصيد عثراتها وأخطاءها – وخطاياها - ليعلن عن شطبها وإلغاء كينونتها عبر برنامجه البديل الجاهز سلفا ، الذي لا علاقة للخطأ والصواب بخروجه إلى نور العلن بعدما قبع طويلا في سراديب النضال السري. وبعضٌ ممن كان لا يقبل بأقل من " حزب ماركسي لينيني عربي من طراز جديد " تراه اليوم قي غاية الانشراح لقبوله عضوا مؤازرا في جماعة تناضل من أجل حماية البيئة .. ( لكي لا نقول قولا قد يُزعل أحدا ).
كل هذا الحراك الذي لا يتوقف عن إنتاج كم كبير من أنواع " الفطور" السياسية مختلفة الأشكال والألوان والأحجام ، في الداخل والخارج ، يسار وسط يمين ، أمرٌ حسنٌ ومفيدٌ في كثير من جوانبه ( وفكهٌ أحياناً ) .. ولكن لا ضير أبدا أن نتعلم في مدرسة الواقع الجديد من الصف الأول الابتدائي. ولا مشكلة أبدا في أن " ندعَ " الأمور تأخذ مجراها دون قسر لكي تمر بسلام زوابع " التجديد والمقرطة واللبرلة وسواها " ، فسوف ينجلي عاجلا أم آجلا غبار السجالات الجدية والعابثة ، المثمرة والعقيمة ، وستمكث في الأرض تيارات تنفع الناس , وعندئذ لن " يبقى في الوادي غير حجاره " حقا وفعلا.. وحتى ذلك الحين ما على العبد الفقير سوى المزيد من الصبر والكد وقدرة الاحتمال.
هذه مجرد خواطر وتساؤلات بسيطة نعترف بقصورنا عن إيجاد تفاسير للحالات والأسباب والظروف التي استثارتها ، وندع ذلك برسم أصحاب البرامج التاريخية وغير التاريخية ، والمشاريع النهضوية على صعيد الأمة بأسرها ، ونكتفي بأن نبيت على الأمل أن يشهد الصباح ميلا ضمن صفوف اليسار للتواضع والقبول بالخطوات الصغيرة ، الصادقة ، على طريق وحدة ونهوض هذا اليسار بكل أطيافه ومشاربه ليكون قادرا حينئذ على تسريع الوتيرة ورفع السقف وفق معادلة " الممكن والمطلوب ".



#عادل_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استبداد + أصولية + عولمة = ؟؟؟


المزيد.....




- كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
- إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع ...
- أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من ...
- حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي ...
- شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد ...
- اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في ...
- القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة ...
- طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
- الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
- الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عادل اسماعيل - اليسار ... اليسار !! / خواطر غير حيادية