أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - كنز وصبي في سيارة














المزيد.....

كنز وصبي في سيارة


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5773 - 2018 / 1 / 31 - 00:39
المحور: سيرة ذاتية
    


كنز وصبي في سيارة
ــــــــــــــــــــــ
تصادف لمدة يومين متتاليين وأثناء ذهابي وإيابي للعمل وكذلك قضاء بعض المشاوير الخاصة أن استمع عبر سيارتي الخاصة إلي الحلقات الإذاعية القديمة " حكايات أبله فضيله" الذي كانت تقدمه في ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي الرائعة فضيله توفيق إحدي مذيعات العصر الذهبي للراديو والتي كنت قد قمت بتسجيل أكثر من خمسين حلقة منها من علي الموقع الشهير موالي علي إحدي فلاشاتي الخاصة ..

شئ مبهر أن استمع وأنا في هذه السن لما كنت استمع له في طفولتي وماكان يشكل جزءاً هاماً من عالمي الصباحي وقتها بل وكان ذلك ضمن ماكان من مكونات يمثل جزءاً أصيلاً ساهم في تكوين بنائي القيمي ومخيلتي العقلية ، وأعتقد أنه فعل كذلك لكثيرين من أبناء جيلي ..

الحق أقوله لكم ..
قفز الصبي الذي اعتقله داخلي وتحدي جميع قرارت إعتقاله والتحفظ عليه عبر مايزيد عن أربعة عقود علي الأقل واستبدل هو مكاني أمام مقود السيارة ووضعني في معتقله الذي بنيته أنا عبر كل هذه السنوات - مثلما يفعل كثيراً في مثل تلك المواقف - وأخذ يستمع بشغف كبير وانبهار بقدرة الأبلة فضيلة بصوتها الذي يشخص بدرجات غير مفتعلة سمات كل كائن من كائنات هذا العالم الثري ، وقدرتها البارعة علي إمتلاك دقائق تفاصيل فن الحكي والسرد والتشويق ..

احمد الله أن لا أحد كان يركب جانبي في السيارة ، وأنني كنت أغلق جميع ألواح زجاجها الأربعة ، لأنني سمعت هذا الصبي اللعين يهتف بصوت عال مع أولاد أبله فضيلة ..
آآبله .. آبله فضييييله ..

ويغني معهم ..
( جدو ياجدو ..
يأحسن جد ..
إلي آخره ، وإلي أن يزجرهم الجد بصوت حسين رياض الأجش الحنون ..
( لا لا لا .. عيب ياولاد ..مايصحش كده ..
ثم يغني
كام سنه بيني وبينكم
تلاعبوا بيا والاعبكم .. )
إلي أن يغني بصوت متهدج ..
(التعلب فات فات فات
… وف ديله سبع لفات ..)

وهكذا استمر هذا الصبي متنقلاً بين حكايات الأرنب الشقي والحمار الطيب والدب الشرس والنمل المكافح والحطابين والصيادين والرجال العواجيز الحكماء والملوك والسلاطين والأمراء والفقراء والشجعان والأميرات الجميلات والساحرات الشريرات القبيحات والبحار التي تخبئ تحتها عوالم أخري من الذهب والقصور ، والرجال الشجعان ، والمغامر الجسور والمغامر الطامع ، والبلبل عاشق الوردة الحمراء التي لايري بديلاً لشفائها من ذبولها سوي أن يغمس سن غصنها المدبب في قلبه ليضخ لها كل دمائه مضحياً بحياته لترتد الوردة إلي حيويتها وإحمرار لونها البهيج ..

وحكاية البلبل والوردة هذه عندما استمع إليها هذا الصبي الذي استبدلني بنفسه لأول مرة كانت تحكيها أبله فضيلة لصغارها عقب وفاة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ،
وهذا الصبي ذاته هو الذي أجهش ببكاء أثناء استماعه لهذه الحدوتة وقتها لأنه كان متعلقاً بصورة الزعيم ككل صبية وبنات جيله الذين كانوا في المدارس وقتها لكنهم كانوا ينشدون مع الكبار (ـ الوداع .. الوداع .. ياحبيب الملايين ..)

تراكمت الأيام والسنين وتراكمت الخبرات معها ،وتغيرت المواقف والرؤي والأحداث والأنظمة وربما العالم أيضًا
لكن هذا الصبي ظل علي علاقته الوجدانية بحواديت أبله فضيله والتي أضافت إلي مخيلته علي ماأضافت له حكايات أمه الريفية المشوقة قبل النوم عن الجنيات ذوات الشعر الذهبي السائح اللواتي كان يجلسن علي وجه مياه الترعة المواجهة للبيوت الطينية لأهلها الريفيين ..

سأنحي هذا الصبي الذي قام بإقصائي طوال هذا الوقت لأنصح كل من يتمتع بموهبة الكتابة القصصية والروائية والشعرية وربما أيضًا من يتمتع بموهبة الرسم والتصوير والنحت والتشكيل بأن يحاول أن يقتني تلك الكنوز الإذاعية وأن يلجأ إلي الإستماع بعمق لحلقات أبله فضيله وكذلك الصور الغنائية الإذاعيةالقديمة علي أي جهاز MP3 ، وألا يخجل من ذلك أو يتعالي علي مثل هذه الأشياء التي تبدو بسيطة في حين أنها كنز عظيم قد لانعوضه ..
ــــــــــــ
حمدي عبد العزيز
22 يناير 2018



#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية شخصية
- صفقة القرن بضاعة أتلفها صاحب التوكيل من قبل تسويقها
- فراندة تيسير عثمان
- أمر خطير ماكان ينبغي له أن يمر بمثلما مر
- سؤال اللحظة العربية
- حكايات رجل معتل الفقرات يطارد أرنباً برياً .. (1)
- متضامن مع فريدة الشوباشى فى مواجهة الوهابيين
- سلاما عل الاب الروحى للجندية المصرية
- الدماء الذكية والنصرالعسكرى والخسارة السياسية
- المنفعة المشتركة بين الفقه والسيف وتناقضات تحتمها الضرورات
- ندبات قدبمة
- استئصال الإرهاب والتطرف يرتبط أيضاً بمكافحة التهيمش الإجتماع ...
- الإنقلاب الإتصالاتي وبداية أفول الإعلام الرسولي
- سعاد حسنى
- علي هامش المسألة العراقية
- إنه الموت ... ليس إلا
- سطور من أصل الحكاية
- العراق في مواجهة لحظة حرج
- غابة تتأنق وحوشها
- ضرورة عودة السفير المصري إلي دمشق


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - كنز وصبي في سيارة