|
جبهة للإنتخابات
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 5772 - 2018 / 1 / 30 - 08:18
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
طالما نادينا العلماء المختصّين ، المنادين بالتطوّر المادي للتاريخ ، لإعداد دراسة تحليلية لطبقات الشعب في بلدنا ، في هذه المرحلة التاريخية ، التي ينحدر فيها بتسارع وزخم كبيرين نحو الهاوية ، ولتشخيص القوى العاملة لذلك ، والقوى المؤهلة لإيقاف هذا التدهور وبدء نهضة جديدة . لقد كانت ثورة الرابع عشر من تموز ، ثورة الشعب العراقي بحق ّ ، وقدّمت خلال عمرها القصير ، الذي لم يكمل الخمس سنوات ، الكثير من المكاسب التقدّمية ، ووضعت بلدنا في مقدّمة البلدان النامية التي حصلت على سيادتها الكاملة على أراضيها ، ونال شعبها الإحترام الذي يليق به بين الأمم . إلاّ أن الإنقلاب الذي حصل في الثامن من شباط 1963 كان الحلقة الأولى من الثورة المضادة التي خططت لها القوى الدولية وتم تنفيذها بأياد " عراقية " عميلة للأجنبي وساعدتها قوى محلية عبر الحدود من جميع جوانبه . إن التغييرات التي حصلت في نظام الحكم ، وتبادل القوى السياسية لموقع السلطة ، سواء كانت قومية شوفينية أو دينية متطرّفة ، لم تغيّر في طبيعة الغرض الذي أتى من أجله إنقلاب الثامن من شباط ، وهو مسح آثار المكتسبات التي حققتها الثورة ، بصورة كاملة ، وإعادة العراق إلى نظام لا يختلف ، في جوهره ، عن ما كان عليه في العهد الملكي البائد .
نظرة متفحصة إلى حال العراق اليوم ، تظهر بوضوح ، أن أهداف الشعب العراقي الذي ناضل ، طوال فترة العهد الملكي ، وقدم أغلى التضحيات في سبيل تحقيقها ، والتي تحقق جزء كبير منها بقيام ثورة الرابع عشر من تموز ، إنما يجب عليه النضال ، من جديد ، لتحقيقها . ولربّما جاءت الدروس التي تعلّمتها القوى الدولية من خلال العقود الخمسة السابقة ، في تنفيذها للثورة المضادة ، في بلدنا ، أن تبدّل أسلوبها ، بإصطناعها خطة المتفضّل على الشعب " بالحرية ، والديمقراطية ، إذ جاءت في 2003 بفلسفة إطلاق " حريّة الرأي " وتطبيق " الديمقراطية " ، فكانت من السكاكين ذوات الحدّين . ففي الوقت الذي أصبح المواطن حرّاً في الكلام في " جميع الأمور " أصبحت الميليشيات قاطعة للرقاب وليس الألسن فحسب ، وأصبحت " الديمقراطية " وجوهرها " الإنتخابات ، لعبة بيد أولئك الفاسدين الذين نصبّتهم ، فصاروا يشرّعون القوانين بما يحقق لهم تزوير الإنتخابات بموجب " القانون " .
إن النظام السياسي الحالي في العراق لا يختلف عن ما كان عليه في العهد الملكي البائد ، فالعراق مكبّل بإتفاقية أمنية وعسكرية ثنائية مع الولايات المتحدة ، بدل عضويته في حلف بغداد ، والإقتصاد العراقي ، إقتصاد ريعي ، وحيد الجانب ، مرتبط بصورة تامة بإيرادات النفط الذي تتحكّم بأسعاره الولايات المتحدة ، وجيش من المستشارين العسكريين والخبراء الأجانب يخططون لنا خطواتنا . ولذلك فلا بد أن ندرك حقيقة وضع نظامنا السياسي الموجود ، ومتطلبات تغييره ، والوسائل والقوى الواجب حشدها لتحقيق ذلك .
قامت جبهة الإتحاد الوطني في خمسينات القرن الماضي ، بتعاون بين جميع الأحزاب السياسية المحسوبة على الصف الوطني ، وإتفقت على تحقيق بضعة أهداف مركزية مدروسة بصورة دقيقة تمثل مصالح الشعب ومصالح الجهات التي إنتظمت فيه . لقد أصبح الآن من مسؤولية جميع الأحزاب والحركات السياسية العاملة في الساحة السياسية العراقية والتي تحمل حسّاً وطنيّاً وشرف الإنتماء إلى تربة العراق ، أن تتحرّك وتبني صفّاً واحداً لتحقيق الهدف المركزي الأول في الوقت الحاضر ، وهو دخول الإنتخابات في توافق بين جميع التحالفات المتقاربة في أهدافها ، لمنع تحقيق الكتل الكبيرة ، التي حطّمت العراق طوال الأربعة عشر عاماً السابقة ، من تحقيق الأكثرية في مجلس النوّاب القادم . إن الشعار الذي رفعته تلك القوى في تحقيق الأكثرية البرلمانية ، إنما تمهيد لبناء دكتاتورية تقطع الأمل في تحقيق أي تقدّم في الإنتخابات التالية .
لتحقيق ما يصبو إليه العراقيون ، إنما نحتاج لجهود وصوت كل عراقي ، بغض النظر عن إنتمائه الفكري أو القومي أو الديني ، إننا بحاجة لجميع العراقيين ، و لا بد أن نكون على مستوى المسؤولية في فهم معنى " جميع العراقيين " فلا يذهبنّ أحدٌ للتفلسف أن تلك الطائفة ترنو إلى ما لا نريد في المستقبل ، ونستثنيها ، وأن طائفة أخرى أجرمت في الماضي بحقنا ونستبعدها أو أن اولئك ما زالوا على فكرهم الطائفي أو الشوفيني فلا يجوز بناء علاقات معهم . إن القضية الآن ، قضية الساعة ، هي مسؤولية إنقاذ العراق ، النضال من أجل دولة العراق ، إذ ليس هناك في العراق دولة ، ولذلك لا معنى أن نتمسّك بأهداف فرعية ونعرقل بناء الوحدة الوطنية التي نستعيد بها كيان دولة العراق . ومتى ما كانت لنا دولة فعلاً ، يجوز لنا الكلام عن ما إذا سنعمل على جعلها ، علمانية أو غير علمانية ، إتحادية أو فدرالية ... الخ .
إعملوا على بناء جبهة موحدة من أجل الإنتخابات ، سواء كنتم شيوعيين ، صدريين ، بعثيين ، وطنيين ، ديمقراطيين وإنتهاءً بكل عراقيّ يريد للعراق كياناً مشرّفاً بين الأمم .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لِمَ
-
خطابٌ إلى - مثقّفينا -
-
خِطابٌ لأولئك
-
يَومَ يُكنَسون
-
مَرَّ شهرٌ على الإستفتاء
-
رَدُّ مُداخلة
-
صَرخَةُ أمّة
-
القمارُ السّياسيّ
-
الديمقراطية في العراق
-
الديمقراطيّة - جزء 2
-
الديمقراطيّة - جزء 1
-
نداءُ تحذير
-
برهم صالح أم مستقبل العراق ؟
-
تظاهَر يا شَعَب .. وإستَعِدّ .
-
هَل يُحَوّل ترامپ العالم
-
نَينَوى بعد التَحرير
-
عودة الصدر ليسَت غريبة
-
تَوَجُّهان مُتَضادّان في المسرَحِ السياسيِّ العراقيّ
-
أزمة الفكر القوميّ
-
الدّينُ والعقلُ
المزيد.....
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|