جمال المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 1479 - 2006 / 3 / 4 - 09:58
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
العراقيون مثل اسراب الطيور ،حقائبهم معدة للهجرة في كل الازمان ،مطاردون ، تلاحقهم الشرطة السرية والمافيات في وطنهم وفي بلاد الله الواسعة ، معرضون للاغتيال في اية لحظة ،فهم مشروع استشهاد دائم .
المهاجرون قسرا يزدادون يوما بعد يوم ، وتتعدد هوياتهم ، علماء واساتذة جامعات واطباء وصيادلة وسياسيون ومعارضون وضباط وصحفيون ومهندسون ورجال اعمال وعلماء دين وكسبة .
المهاجرون قسرا لاتستوعبهم وزارة بحجم روضة اطفال ، واحلام وزيرة تحاول ان تثبت للعالم بأن الانثى قادرة على ان تجعل من الكرسي الوزاري قلبا يستوعب الجميع ، الا ان الارهاب يحول هذه الاحلام الى كوابيس تقض مخيلتها وتحد من طموحها .
تعددت جهات التهجير في العراق ، كل طرف يرى بعين واحدة ويحدد بجرة قلم خصمه في قائمة التصفيات والاغتيالات . المشروع واحد ، والجهات متعددة .. اما ان تغادرعشك (العراق) الذي ترعرعت في حناياه ، اوأن يسال دمك ويضيع بين القبائل وتسجل القضية ضد مجهول ، والفاعل ضمير مستتر تقديره (who) .
اليافطات السود تملأ جدران الوطن الجريح ، ضحايا السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة وقذائف الهاون المجهولة الهوية والمصدر والرصاص الطائش والاغتيالات على الهوية والفكر والانتماء وحب العراق .
وعندما تفكر وزارة الهجرة والمهجرين في اعداد قوائم الذين ينوون العودة الى بلدهم من المهجر ، تعد ملفات (اسراب) الذين يعدون حقائبهم للهجرة الى خارج الوطن ، يهاجرون ويتركون قلوبهم في العراق مع اطفالهم وزوجاتهم وابائهم وامهاتهم واصدقائهم وكل مكان وحارة وزقاق يحمل ذكرى حتى لو كانت مؤلمة ، المهم انها تحمل جرح العراق وحزن العراق .
الايادي الملطخة بالدماء توزع اقدارنا على خارطة الوطن ، لاتعرف متى يحين قطف عنقك او عنق غيرك ، ومن ينعيك ومن يتلذذ بالدم المسال على ثرى العراق ويسير في جنازتك ليواسيك على موتتك البشعة .
يودع العراقيون اطفالهم واهاليهم وداع اللحظة الاخيرة ، قد يعودون او لايعودون ، قد يكون هذا في اول الطابور ، وذاك في اخره ، المهم أن موتهم مؤجل تقرره المافيات التي تحدد جغرافية الموت في هذا البلد الذي اصبح فيه الانسان يساوي ثمن خرطوشة اطلاقة اومدية صدئة .
#جمال_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟