أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - قلقاسٌ على مائدة قبطية














المزيد.....

قلقاسٌ على مائدة قبطية


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5767 - 2018 / 1 / 24 - 07:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فاطمة ناعوت

ليس أشهى من حبّة تمرٍ قدّمتها لي يدٌ قبطية لأكسرَ بها صيامي مع آذان المغرب في أحد أيام رمضان 2013. كان ذلك يوم نزل المصريون يوم 26 يوليو في ذلك العام لنطالبَ جيشَنا العظيمَ بأن يحمي هُويتَنا ويذود عن كرامتنا ويضرب على يد الغِلِّ الإخواني البغيض بعدما أسقطناه عن عرش الجميلة. مازال ريقُها الحُلوُ في فمي. حبّةُ التمر الشهيةُ التي قدمتها لي صبيةٌٌ جميلةٌ، لمحتُ في رُسغِها صليبًا أزرقَ، بلون النيل، ولون عين حورس الفرعونية، فتأكدّتُ أن مصرَ ستظلُّ مصرَ واحدةً غيرَ قابلة للانقسام عصيةً على الشتات، غنيةً بشعبها الذي لا يعرفُ سوى الحبَّ ولا يعترفُ بالفُرقةَ والشقاق، مهما حاول المُبغضون. يومها استوثقتُ أن شعبنا الطيبَ الذكيَّ يعرفُ كيف يحفظَ عهدَ الله ويظل في رباطٍ إلى يوم الدين.
وليس أشهى من أقراص الكعك تخبزها معًا الجاراتُ المصريات، مسلمات ومسيحيات، في ليالي رمضان استعدادًا لعيد الفطر، وفي عشيات قدّاسات عيد الميلاد وعيد القيامة، حتى إذا ما عادت الصبيّاتُ في المساء من الأفران يحملن فوق رؤوسهن صاجات الكعك، تبدأ النسوةُ في رشّ السكر المطحون فوق أقراص الكعك الساخن بنار الفرن ووهج الحُبِّ في قلوبهن. فإذا ما أشرقتْ صباحاتُ العيد، طافتِ الصحونُ بين أبواب الدور محمّلةً بالكعكات والبيتيفور والبسكويت التي لا تعرفُ التمييز بين هلال وصليب ومصحف وإنجيل، فالكلُّ يذوبُ في فيوض الودّ والمحبة، مثلما تذوب أقراص الكعك على ألسنٍ طيبةٍ لا تعرفُ إلا كلماتِ السلام الطيبة.
كذلك، ليس أشهى من حبّات القلقاس البيضاء، تسبحُ في نهرٍ من الأخضر المشرق في صحنٍ قدّمته لي يدٌ مصريةٌ قبطية كريمة، يوم الجمعة الماضي 19 يناير، في عيد الغطاس المبارك.
يعرفُ قرائي والأقرباءُ عشقي للقلقاس. لكنني لا أعرف طريقة طهوه، ليس فقط لصعوبته، بل كذلك لأن زوجي وأبنائي للأسف لا ياكلون القلقاس، لسبب غامض. لهذا لم أفكّر في تعلّم طريقة عمله، لأنني مستحيلٌ أن أنفق ثلاث ساعات في المطبخ، من أجل طهو صنف من الطعام، سوف أتناوله وحدي. ما المتعة في ذلك، وما جدوى المذاق الطيب إن لم تصحبه صُحبةٌ طيبة؟! لهذا كنتُ كلّما اشتقت إلى صحنٍ من القلقاس أطلبه من أمي، رحمها الله، لتطهوه لي. وبعدما غدرت بي ماما "سهير" وغادرتني إلى رحاب الله، كانت أمّي الروحية، آنجيل غطّاس، شفاها الله وعافاها، هي الملجأ كلمّا طاف بي الشوق إلى القلقاس. وفي كلِّ عيد غطاس، تصلني عشراتُ الدعوات الطيبات من أُسرٍ مصرية كريمة، تدعوني لتناول القلقاس على مائدتها بين أفراد العائلة، ليس كأنني واحدة منهم، بل لأنني بالفعل واحدةٌ منهم. فكلُّ بيوت المصريين الطيبين بيتي، وكلُّ عائلات المصريين الشرفاء أهلي وسندي.
وفي غطاس هذا العام، الجمعة الماضية، اخترتُ أسرةَ السيدة الجميلة "أميرة لبيب" لأكون ضيفةً مُكرّمةً على مائدتها العامرة بكل صنوف الخير والحُب، وعلى رأس الصنوف الطيبة، تربّع ملكًا طبقُ القلقاس الأخضر الشهي. فكان الطعامُ الطيب والصحبةُ الطيبة معها وزوجها السيد "مجدي يوسف"، وأبنائهما يوسف وهاني، والصغيرة الجميلة "ڤيرونيكا".
ولماذا القلقاسُ في عيد الغطاس؟ لأنه ذاخرٌ بالرموز والدلالات العميقة التي تُكرّس مفهوم "عيد الغطاس" في الأدبيات المسيحية. فالقلقاسُ ثمرةٌ جذرية تنمو مدفونةً تحت الأرض. وتحت قشرتها السميكة تقبعُ طبقةٌ سامّةٌ تؤذي حنجرةَ الإنسان إن تناولها دون غمرٍ في الماء. فيرمزُ تقشيرُ الثمرة ونزع قشرتها إلى نزع ثوب الخطيئة عن الإنسان، حتى يتطهّر. ثم يرمز غمرُ الثمرة العارية في الماء إلى غمر الإنسان في ماء العماد للاغتسال من الآثام. تمامًا كما غُمر جسدُ السيد المسيح عليه السلام في ماء نهر الأردن بمساعدة النبيّ يوحنا المعمدان، أو النبي "يحيى بن زكريا"، الذي قال فيه القرآنُ الكريم: “يا يَحيَى خُذِ الكتابَ بقوّة، وآتيناه الحُكمَ صبيًّا، وحنانًا من لدُنَّا وزكاةً وكان تقيًّا، وبَرًّا بوالديه ولم يكن جبّارًا عصيَّا، وسلامٌ عليه يوم ولِد ويومَ يموتُ ويومَ يُبَعثُ حيًّا.” سورة مريم 12- 15. شكرًا للأسرة الكريمة التي اكرمتني بالحبّ والسلام.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لأننا نستحقُّ الموسيقارة الجميلة!
- غدًا أُغرِّد مع عصافير شُرفتي
- معجزةُ إبراهيم أصلان
- الجيشُ العراقيُّ يُكملُ النوتةَ الموسيقية
- رسالةُ زهرة اللوتس ل كاتدرائية ميلاد المسيح
- صلاح عيسى … ورقة الغلابة التي سقطت
- سلاح تونس …. زيتونة
- ميري كريسماس … يا سامح!
- الشيخُ الطيب … الشيخُ الشابُّ … شكرًا لك
- أيها -المؤمنون-… أنا مسلمةٌ أحب جرس الكنيسة
- هنا سانت كاترين
- جميعُنا قتلة … لا أستثني أحدًا
- يوسف زيدان …. اكسر كوّةً في الجدار… وامضِِ
- القدسُ بين اليهود والصهاينة ورشدي
- خذوا عيني شوفوا بيها!
- جاءنا من الحجاز البيانُ التالي
- ماراثون أطفال المستحيل
- إيترو-عا … حعبي
- -ولاد البلد- يجوبون أرجاء مصر
- حارسٌ للمسجد … حارسٌ للكنيسة … فتّشْ عن البغضاء


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - قلقاسٌ على مائدة قبطية