باقلة بالدهن

عبود ريثم العلي

الحوار المتمدن-العدد: 5766 - 2018 / 1 / 23 - 04:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

باقلة بالدهن
استعرت هذا العنوان من الصحفي وجيه عباس الذي يقدم برنامجا من فضائية العهد الناطقة باسم العصائب ، ولا انكر انني من متابعيه منذ فترة ، حيث تدهشني مفرداته الشعبية المتفردة التي ادخلها في لغة الصحافة فاصبحت خليطا سرياليا يجمع التراجيدي بالكوميدي فيساهم ذلك في اضحاك المجتمع الذي يتعرض لمختلف المزعجات اليومية ويبث في نفوسهم فرحا طفوليا بريئا .
وهو يجيد الربط بين موضوعاته احيانا ،وينجح في نقد بعض الظواهر والاحداث والمواقف لانه يحضر موضوعاته بشكل جيد ويبوبها بمهنية عالية . لكنه لم يستطع هذه المرة ان يحافظ على نفس المستوى ففشل فشلا ذريعا في عرضه ونقده اراء الشيخ غيث التميمي حول زواج القاصرات . وللامانة فانه قدم خطاب الشيخ كاملا ولم يقطع منه جملة تؤثر على فحوى الخطاب .
وقد لوحظ خلال عرضه للموضوع فقدانه البوصلة في موضع هو في امس الحاجة اليها ، فضيع المدخل والمخرج واصبح ينط على غير هدى ، وتوزع كلامه بين الشتيمة والظليمة ، وتاه بين قيطان الشاعر الكبير حسين قسام وبين اراء السيد الخميني في تفخيذ الرضيعة .
فقد اوعدنا منذ البداية ذكر بيت الشعر الذي قاله الشاعر المرحوم حسين قسام لكنه نسى(وهو : قيطان الكلام اليشتري منه طيف يشوف چنه بروضة الجنة ) ( وهو تصدير لديوانه قيطان الكلام ) ، واراد ان يذكر الاسباب التي حدت بالسيد الخميني في تشريع تفخيذ الرضيعة فنسى ايضا ، واراد ان يدافع عن راي السيدين السيستاني والصدر في زواج القاصرات فنسى كذلك ، وحاول ان يتذكر العلماء الذين لم يفتوا بذلك لكنه نسى ، فتاه في ظلمات هذا النسيان الواسع ، ووجد نفسه بين افكار لايربطها بالموضوع ( قيطان ) ولا يجمعها مع الهدف جامع ، واصبح ( يضرب في گيش الكلمات والمفردات ) ويبحث عن فكرة ما تنجده وهو على الهواء مباشرة ، وكأن لسان حاله يقول : ماهذه الورطة التي ادخلت نفسك فيها ياوجيه؟ تبا لها ، ابمثل هذه البساطة وسوء التحضير والجهل بالمصادر تناقش الامور ؟
كان بوده - وهو يناقش - ذلك المرور بسوق الحويش فيتلقف كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي ويرى اصل الموضوع ، ويتعرف على العلماء الذين ادخلوا روايات البخاري فى الفقه الشيعي ، وكيف انطلت على علماء الشيعة هذه الحيلة وادخلوها في رسائلهم العملية؟ . لقد استنكر - والحق يقال- وجود هذه الفتاوي في كتب الشيعة ، وحاول ان يتهم السنة بدسها في تلك الكتب ، لكنه نظر الى الجهة الاخرى ولم يكلف نفسه الذهاب الى مكاتب العلماء للاستفسار عن الذين دسوا تلك الفتاوي في الفقه الشيعي ، او يتصل تلفونيا بتلك المكاتب (وعلى الهواء ايضا) ويستوضح حقيقة الامور . ومادام الاخ وجيه قد طرح هذا الموضوع في المجال العام فانني اكلفه اخويا بالتحقق عن الجهة التي دست تلك الفتاوي في كتب الشيعة ، واعتبر ان ذلك هو واجب بيتي او تكليف عيني .
صحيح ان العرف يأبى قبول مبدأ تفخيذ الرضيعة ولا يستسيغه ، والجميع يستنكرونه ويستفضعونه ، ولايقبل علماء الشيعة بتفخيذ بناتهم مطلقا ، وهنا تكمن المأساة ، فكيف يفتون بشيئ لايؤمنون به ويرفضوه ؟ اما آن لهم التراجع عن مثل هذه الفتاوي الفضيعة ومسحها من رسائلهم العملية ؟. ولا يعطوا الشيوخ - الذين انحرفوا عن الجادة - فرصة تشويه سمعة المرجعية .ان السؤال الذي يجب ان يطرح هو : من من الشيوخ او العلماء عليه ان يعتذر للناس ، اغيث التميمي ام السادة الذين ثبتوا في رسائلهم العملية جواز تفخيذ الرضيعة ؟ .
لقد انتقد الاخ وجيه عباس - حسب قوله - قانون زواج القاصرات لكن بطريقة ليست ( طوخ) كما فعلها غيث التميمي ، ولم يسم ِ بانتقاده القانون السادة بالاسماء !!! لماذا ؟ ألان مقامهم معصوم ؟. لماذا يجدر بالشيخ غيث انتقاد السنة والمسيحيين واليهود والكفرة والملحدين ولا يقترب من الخطوط الحمراء التي رسمها السيد وجيه لكل الشيعة ، وان لايمس ما يأباه العقل ويستنكره ، امن الواجب عليه -بسبب عمته - الالتحاق بالابواق الطائفية ؟
ان من يشاهد فديو قناة العهد (ويكبر الصورة ) سيلاحظ ملامح الاخ وجيه عباس وحركاته المعبرة ، ولو اعاد المشاهد الفلم مرة اخرى سيتاكد بان الصحفي الكبير كان مع راي الشيخ غيث التميمي في هذا المورد ، لكنه ضد شخصيته لاسباب سابقة ليست لها علاقة بموضوع الحلقة . ان ذلك يتطلب من الشيخ ان يبعث له وردة جوري مقابل حسن الصنيع الذي اسداه له في نشر اراءه وافكاره ، فقد نشر من على فضائية عراقية واسعة الانتشار اراء الشيخ غيث ، وكان قليل من متابعي تلك القناة منتبها لارائه ، والانكى من ذلك انه لم يفند جملة واحدة قالها في ذلك الخطاب . وارى ان الصحفي وجيه عباس كان قلبا مع راي الشيخ ، وقالبا مع وظيفته ، وهذا هو السبب الذي اربكه ( وفصخ ) نقاشه وفككه وجعله مترددا بين القبول والرفض ، وكان (مشتهيا) لحرية الشيخ اللندنية التي سمحت له ان يقول رايه بكل حرية ، (ومستحيا )من الباقلاء المخلوطة بالآش والزدة والدهن .

#عبود_ريثم_العلي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات