أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - الإنسان، الوادي، العيون، الآبار في دوار بني كرزاز/ بنسليمان / المغرب (1 )















المزيد.....

الإنسان، الوادي، العيون، الآبار في دوار بني كرزاز/ بنسليمان / المغرب (1 )


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5766 - 2018 / 1 / 23 - 03:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعتبر وادي نهر النفيفيخ المجرى الأهم في دوار بني كرزاز، ينبع من مكان يسمى بالنجود العليا شرق قبيلة أولاد محمد المزابية، ويبلغ طوله حوالي 76 كلم، ويصب شمال المحمدية بالقرب من قرية المنصورية التي تتموقع على الضفة اليمنى للوادي، أما على أرض بني كرزاز، فيقطع الوادي من الشرق الى الغرب حوالي 4 كيلومترات، من 《الجردة》 التي كانت حقلا لليمون والعنب إبان الاستعمار الفرنسي حيث هناك الحدود مع دوار البيض إلى ساكنة الجبيل في الغرب على الحدود مع دوار أولاد البهلول، ويجتاز الوادي هذه المسافة تاركا عدة كلتات (بحيرات) تفصل بينها 《مشاريع 》أي ممرات أو مقاطع يمر منها الرعاة والمسافرون وأهم مشرع في بني كرزاز هو القنطرة التي شيدها الفرنسيون والتي صارت مشرعا للطريق الجهوية رقم 305 وتربط بين بوزنيقة وراس العين ومن الكلتات الموجودة في بني كرزاز كلتة الرحماني والبير وبوغابة وكلتة الكرم والقنطرة وكلتة رقية ورزوق والصنادق وغيرها من الكلتات (البحيرات )، يمر الوادي على أرض بني كرزاز ويجتاز تربة خصيبة يسميها الكرزازيون بالتيرس، بينما هؤلاء الأهالي يطلقون على أنفسهم 《بموالين الواد 》 أي أصحاب الوادي أو الأوصياء عليه أو المكلفون به، إن معنى الولاية يفيد الوصاية، لكن بحكم ارتباطي بهذا الوادي وطفولتي التي قضيت هناك لم ألاحظ أي وصاية أو احتكار من لدن الأهالي الكرزازيين، بل كان الوادي ملكا مشاعا للجميع، إذ كان الغرباء يأتون من مكان بعيد ويصطادون طائرا جميلا يوضع في الأقفاص ولديه أصوات شجية ينتشر بكثرة جانب الوادي يسمى باللغة المحلية 《بصطيلة》والأنكى من ذلك كان يحق للغرباء اصطياد السمك على طول الوادي، كانوا يستعملون العجين و الذوذ للإيقاع به، ثم كانوا أيضا ينصبون الحجر ويشعلون النيران من خشب الخرواع ونبات 《الدفل》والطلح الذي ينتشر على ضفاف الوادي، ويقومون في النهاية بشيه، إن كل زائر كان بإمكانه أن يلاحظ الأنصاب الحجرية التي تذكرنا بالعصر الحجري البعيد وقصة الإنسان الأول الذي استعمل حجر الصوان لاشعال النار، لقد ظل الوادي محجا لكل الدواوير المجاورة وخاصة خلال الصيف، إذ دأب الكرزازيون وشباب الدواوير الأخرى على السباحة في جميع الكلتات المتفرقة على طول مجرى وادي نهر النفيفيخ، بيد أن السؤال الذي يفرض نفسه: من أين جاءت تسمية 《موالين الواد》؟ من المفترض أن هذه التسمية جاءت من التحيز المكاني لهؤلاء الأهالي جوار الوادي أي أنهم استقروا بالقرب منه وارتبطت حياتهم به، فالوادي هو مورد ماشيتهم خلال كل الفصول وخاصة أثناء الصيف، ومنه يجلبون المياه التي يحتاجون إليها في حياتهم اليومية، لطالما لاحظت الكثير من《 الزكاية 》 فيما مضى يتهافتون على الوادي وهم يمتطون صهوة حميرهم ودوابهم، كانوا يضعون على متن الحمار 《البردعة》 المصنوعة من الدوم والمخيطة بأكياس بلاستيكية أو 《الشمرتل》يركب 《الزكاي》 عليها وتقبع تحته خيوط من الدوم المفتولة تشد القوارير 《البادن》 فيما بينها، وتسير خلفه جمهرة من الكلاب التي تحرسه من الأخطار أو تحمي القطيع الذي يسير أمامه متوجها إلى الوادي، لقد ظلت مياه الوادي ذات قيمة كبيرة بالنسبة للأهالي الكرزازيين، إذ كانت تستعمل للتوريد والاستحمام سواء في المنزل أو في الوادي كما كان يحصل منذ زمن بعيد، وبالتالي كانت مياه الوادي أداة للتدبير اليومي للحياة المنزلية أي أن الوادي شكل عصب الحياة الكرزازية، لقد دأبت الساكنة التي تتحيز بعيدا عن الوادي الهجرة نحوه بشكل موسمي في إطار ما يسمى 《بالعزيب 》 وهو نوع من الترحال الموسمي يقوم به الأهالي الذين يسكنون بمنطقة 《الشعيبات، الساحل، ..》 نحو التيرس أو جوار الوادي لما يوفره هذا الأخير من المياه.
كان الأهالي يسمون الوادي 《بخير ربي》 فعلا لقد كانت المياه مدرارة ولا تتوقف عن الجريان، ولا يقتصر 《العزيب》 أو الهجرة على السكان المحليين، بل يلاحظ أن 《العزابة》 يتوافدون من دواوير أخرى، بل حتى من قبائل بعيدة كالرحامنة، من ينسى الراعي الرحماني عبد الجليل الذي احتسيت معه كأس شاي ذات صيف بعيد؟ لا أريد أن أتحدث عن علاقة الكرزازيين عموما بالغرباء والتي شابها الكثير من الحيف والعنصرية، فذلك موضوع طويل يمكن العودة إليه لما سيأتي من أبحاث، إلا أنه من الضروري القول أنه خلال سنة 2000 أي في السنة التي ضرب فيها الجفاف المنطقة، كنت ألاحظ تبرما من طرف الأهالي من جراء العزابة الرحامنة الذي توافدوا على مراعي الدوار إلى حد صار إلقاء التحية أمرا مرفوضا على أي أجنبي، إذ أصبح الخوف من الغريب أكثر شيوعا، من يذكر ذلك الرحماني الذي لا يعرف السباحة وغرق في الوادي ؟ بلاشك طقس الموت خلق وشيجة وعلاقة متينة بين السكان المحليين والغرباء و لوحظت النساء يذرفن الدموع ويولولن ويبكين، لكن على الرغم من ذلك، فالذي مات يبقى أجنبيا دخيلا، بيد أنه من اللافت القول أن من أسعفه كان محليا، والمكان الذي غرق فيه الرحماني سماه الأهالي 《بكلتة الرحماني》 أي بحيرة الرحماني، ومنذ ذلك الحدث المأساوي لم يعد أحد يسبح فيها، إذ صارت منبعا للخوف والرهاب، إنه الخوف من الغريب، من الموت، من الأجنبي والدخيل، بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه: ما ذنب هؤلاء الرحامنة الذين حكمت عليهم الظروف الطبيعية بأن يرحلوا عن ديارهم ؟ ألا يؤمن الأهالي بالقدر والمصيبة ؟ فلماذا هذا الاستعداء الفظيع للأجنبي ؟ مازلت أذكر أن مجلس الدوار انقسم على نفسه بين القبول بالرحامنة أو رفضهم ! لكن الأساسي هو أن هؤلاء الأفراد الذين نزحوا من نواحي بن جرير أي من بلاد الرحامنة شيدوا 《قياطنهم》ووضعوا أغراضهم وبنوا زرائبهم وكوانينهم على أرض التيرس، إلا أن بعض شيوخ الدوار قام بطردهم وحرمانهم من الوادي كلما اجتازت مواشيهم أرضه، مازلت أذكر رجلا طاعنا في السن كان يقول: 《اللي بغا الرحامنة يعطيهم بلادو》بينما البعض الآخر فضل أن يتساهل مع الرحامنة مقابل الحصول على أجر شهري، ربما هذا هو الذي أغاض المجموعة الأولى، وفرض إعادة النظر في عرف كرزازي قديم وهو أن الأرض الكرزازية المجاورة للوادي والتي تسمى بالتيرس كانت مفتوحة لجميع الرعاة وليست ممنوعة 《محرزة》على أحد سواء داخل الدوار أو من الدواوير الأخرى المجاورة خلال فصل الصيف أي بعد فترة وجيزة من موسم الحصاد، عكس الأراضي الأخرى الموجودة بالساحل أو بالشعيبات، غير أن دخول الرحامنة أثار هذا الشرخ والانقسام وطرح سؤال الملكية نفسه بقوة، لكن منذ تلك الفترة لم يرجع أي رحماني إلى الأرض الكرزازية، وظل الوضع على حاله.
يتبع
عبد الله عنتار/ 22 يناير 2018/ بنسليمان - المغرب .



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمات les mots
- متى تنزاح الثلوج عن قريتنا ؟
- من مراكش إلى ستي فاظمة
- الصهيونية حركة استعمارية وعنصرية
- قابعون في أديم الأرض
- رحلات مغربية : مذكرات عاشقين مشردين
- ردا على بعض مريدي الزاوية المباركة!
- من تطوان إلى الناظور : 12 ساعة من الطريق اختلط فيها البرد با ...
- من تطوان إلى الناظور : 12 ساعة من الطريق اختلط فيها البرد با ...
- رحلات مغربية : جلسة مع التصوف (بحث عن الله ) . - نقطة تطوان-
- رحلات مغربية : طنجة في سطور
- رحلات مغربية : من الدار البيضاء إلى طنجة : الأم هي الجذر الذ ...
- لن يتمكنوا من إقبارنا !!
- اسم في الخلود وفعل في الشجاعة
- مشاهد من الشيخوخة
- مشاهد من المراهقة المتأخرة
- مشاهد من المراهقة
- مشاهد من الطفولة
- قد أنبعث من رمادي
- الينابيع الأولى لحب القراءة: الشمعة والكتاب


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - الإنسان، الوادي، العيون، الآبار في دوار بني كرزاز/ بنسليمان / المغرب (1 )