أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماهر عزيز بدروس - دعماً للجهد البابوى نحو النهضة - الحاجة ماسة إلى بيريسترويكا كنسية (2)















المزيد.....

دعماً للجهد البابوى نحو النهضة - الحاجة ماسة إلى بيريسترويكا كنسية (2)


ماهر عزيز بدروس
(Maher Aziz)


الحوار المتمدن-العدد: 5763 - 2018 / 1 / 20 - 19:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دعماً للجهد البابوى نحو النهضة
الحاجة ماسة إلى
بيريسترويكا كنسية (2)

الأرثوذكسية بين التنوير والخرافة

بقلم
دكتور مهندس/ ماهر عزيز


يؤخذ على الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أنها تؤدى دوراً ضالعاً فى تغييب الوعى لقطاع كبير من المصريين وكان خليقاً بها أن تكون منارة التنوير.

كان الأجدر أن يكون الدور التنويرى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر عاصماً للملايين من المصريين من الانغماس فى الغيبية والخرافة بديلاً عن التنوير الذى حمل شعلته السيد المسيح.

وينبع ذلك فى الجوهر من سيادة الفكر الغيبى المرتبط بالمعجزات كما تناقلها الأقباط جيلاً بعد جيل!!

تحدث المعجزات – حين تحدث – على كل من المستويين الفردى والجماعى.. وعندما تكون المعجزات حقيقية وأصيلة تبدو نتائجها صريحة للعيان فى انتقال حقيقى من المرض إلى الشفاء، ومن الألم إلى البُرء، ومن الخطر إلى النجاة، ومن الضعف إلى القوة الروحية وقوة البأس.

حدثت أمثال هذه المعجزات حيثما حققها اللـه على أيدى قديسين أتقياء حفل بهم التاريخ الكنسى المصرى منذ إيمان إينيانوس الإسكافى، ومروراً بنقل جبل المقطم على أيدى سمعان الخراز زمن المعز لدين اللـه الفاطمى، وحتى كرامات البابا الأنبا كيرلس السادس، والظهور الفائق للتصور للسيدة العذراء مريم فى زمنه على قباب كنيستها بالزيتون المؤيد بمعجزات بلا عدد، إلى ما يحدث من معجزات إنقاذ أو شفاء أو معونة طارئة على أيدى قديسين عديدين كمارمينا العجايبى ومارجرجس الرومانى ومرقوريوس أبى السيفين وغيرهم.

ولوفرة المعجزات التى حدثت على أيدى هؤلاء القديسين وغيرهم، فى إجابة لهفة الملهوفين وصراخ الشاكين واستغاثة الذين فى الضيقة، استقرت روح الغيبية والتواكل جموعاً غفيرة من المسيحين حتى صارت هى السمة الغالبة المتحكمة فى قلب وعقل وروح الأقباط كافة فى ربوع مصر والعالم!!

وتتجلى المحنة المستحكمة لدى الأقباط المصريين المغيبين المنغمسين فى التفكير الخرافى فى استسلامهم العميق لانتظار المعجزة بما يدفعهم فى أى شئ وكل شئ – فى غير قليل من المواقف والأحوال – إلى افتعال معجزات من نسج الخيال لا تحدث أبداً.. ولن تحدث أبداً.. يسوغون بها معتقدات يظنون غَفْلَةً واستسلاماً أنهم إذ يدعمونها بالغيبية والخرافة يحيلونها إلى المعجزة فتصبح رداً ساحقاً ماحقاً لمخالفيهم.. غير عالمين أن هذا الافتئات على المعجزة بغير مبرر يفقدها أسبابها الموضوعية، ويتركها مفتقرة إلى جوهر سماوى يعزز به اللـه مقاصداً محددة – كما هو الأصل فى كل فعل معجزى خارق يخرج عن مألوف الإمكانات والدواعى الحاضرة – أقول غير عالمين أن هذا الافتئات على المعجزة بالافتقار إلى عِلَّتِها الروحية والسماوية يضرب المعجزة – كرسالة سماوية لأجل غرض محدد ينتصر للإنسان ويمحو شقاءه – يضربها فى صميمها ويفقدها جدواها ومصداقيتها.

لكن الطامة تزيد وتتفاقم فيما نسمعه من خرافات يحاول أصحابها الترويج لها كمعجزات يفتعلون من خلالها إثباتاً لفكرة معينة أو دفاعاً عن اعتقاد خاص.

وأقرب هذه الخرافات والمؤلفات التصورية التى يختلقها المغيبون وضعاف النفس والروح يرتبط بالفعل السرائرى للاستحالة فى صلاة الأفخارستيا الذى يؤمن به الأقباط الأرثوذكس كافة، والذى ينبع مباشرة من تأكيدات السيد المسيح ليلة الفصح حين أسس وسط حوارييه سر الأفخارسيتا للكنيسة كلها: « أخذ يسوع خبزاً وبارك وكسر وأعطاهم وقال خذوا كلوا هذا هو جسدى، ثم أخذ الكأس وشكر وأعطاهم فشربوا منها كلهم وقال لهم هذا هو دمى الذى للعهد الجديد الذى يسفك من أجل كثيرين » (مرقس4/: 22-24) ، « اصنعوا هذا لذكرى » (لوقا 22-19).

وقال فى الحدث ذاته فى موضع آخر: « أنا هو الخبز الحى الذى نزل من السماء إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد . والخبز الذى أنا أعطى هو جسدى الذى أبذله من أجل حياة العالم »، « من يأكل جسدى ويشرب دمى فله حياة أبدية وأنا أقيمه فى اليوم الأخير »، « لأن جسدى مأكل حق ودمى مشرب حق . من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فىّ وأنا فيه » (يوحنا 6 : 51-58)

فإذا بهذا الإيمان يتحول إلى بؤرة خلاف بين الكنيسة الأرثوذكسية وغيرها من الكنائس التى لا تعتقد فى التحول السرائرى للخبز والخمر إلى الجسد والدم استناداً إلى قول السيد المسيح: «اصنعوا هذا لذكرى» (لوقا 22-19).. وفى معرض الدفاع عن وجهة نظرهم يخترعون مجموعة من التصورات التى يحيلونها إلى معجزات وهمية – لشيوع فكر المعجزة فى العقل الأرثوذكسى الذى يحيا به كالماء والهواء، دون أن يُعْمِل العقل فيه التفكر والتدبر للحظة واحدة باعتباره أحد المسلمات دون وعى – يحيلونها إلى معجزات وهمية خرافية لا يمكن أن تحدث أبداً:
• قال بعضهم إنه وهو يتناول الجسد تحولت قطعة القربان (الخبز) فى فمه إلى قطعة لحم
(جسد يسوع).
• أمعن أحدهم فى التأليف الخرافى اللامعقول فقال إن شخصاً مباركاً مكشوفاً عنه رأى أثناء التناول على المذبح طفلاً صغيراً والكاهن يقطع يديه ورجليه وعنقه وأعضاءه والدم "نازل يشر" وينساب من على الهيكل إلى ما حوله (هكذا بهذه الوحشية الداعشية المقززة).

كل ذلك فى محاولة مجنونة مسيطرة تريد أن تثبت – ولو بالخرافة التى تدعيها معجزة – استحالة الخبز والخمر إلى لحم ودم لتنتصر فى الحرب على "الأعداء" "الكفرة" الذين يخالفون اعتقاد الاستحالة السرائرية.. ويؤكدون ذلك – للأسف – على كل المستويات الثقافية.. كهنة ومهندسون وأطباء ومشتغلون بالعلم.. لا يعصمهم من الاعتقاد فى هذه المعجزات الخرافية المفتعلة المؤلفة أى استنارة روحية أو أى فكر نقدى يستخدمونه ولو للحظة واحدة ليتفكروا: "هل هذه حقاً معجزات أم خرافات صريحة تصل إلى حد البشاعة أحياناً؟"..

الحق إن بعض الانتباه الروحى واليقظة العقلية السليمة توصِّل ببساطة إلى جوهر كلمات يسوع ومعناها العميق.. فإذا كانت استحالة الخبز والخمر سرائرية حقاً – وإنها لكذلك – يمتنع معها تماماً وأبداً أن يكون تحولها مرئياً إلى لحم ودم؟

فيسوع قدم لتلاميذه خبزاً وخمراً ولم يقدم لهم لحماً ودماً؟

ويسوع لا يحتاج أبداً أن يصطنع مثل هذه الخرافة المعجزية المتوحشة فيتحول الخبز إلى لحم فى فم أحدهم أو يتحول الخمر إلى دم على شفاه أخرى؟

لم يستخدم أحد من أدعياء هذه المعجزة الخرافية أو الخرافة المعجزية أبداً عقله الواعى ليعقلها ويتفكر فى أى إعجاز تتضمنه وهى مغلفة هكذا فى وحشية أكل اللحم النيئ وشرب الدم؟

ولم يستخدم أحد منهم أبداً تفكيره ليتعقل: " هل يحتاج السيد حقاً مثل هذه الوحشية ليثبت للبشر هذه الاستحالة السرائرية؟"..

وهؤلاء جميعهم يقسمون أغلظ الإيمان بأن "أبونا فلان" والسيدة "ترتان" أكدوا تحول الخبز إلى لحم فى أفواههم وجميع من يسمعونهم يمصمصون شفاهم .. "ياللمعجزة .. يالروعة الإيمان"؟

جميعهم للأسف مهيئون تلقائياً لليقين بهذه الخرافات من جراء ما درجوا عليه من وجود المعجزة ضالعة فى حياتهم كل يوم بداع وبغير داع.. بمعنى وبلا معنى.. بجدوى ودون جدوى.. ولا يفكرون أبداً فى معقوليتها والرسالة التى تحاول أن تبلغها للبشر ويتعين أن تحملها مطلقاً!!!

النتيجة للأسف مأساوية..
النتيجة للأسف مأساوية..

فكثير من الأقباط يعمدون إلى تعطيل الفعل الإيجابى وينتظرون الوهم فى ترقب المعجزة التى لا تجئ ولن تجئ أبداً.. لكنهم ينتظرون وينتظرون فى يقين غريب أن تأتى المعجزة لهم بينما هى فى حسابات السماء لا موجب لها مطلقاً وليست فى الخطة الإلهية لحياتهم.

الحق إن خطة اللـه لحياة البشر هى فى صميم الفعل الإيجابى والمبادرة بالعمل المثمر والنافع لحياتهم.. العمل المثمر والنافع الذى يقتحم العجز والعوز والقعود والنكوص والانتظار السلبى أن تمطر السماء مناً وسلوى وهى لن تمطر أبداً.

هذه الإيجابية الفاعلة هى التى يناط بالكنيسة الآن دفعها فى قلوب المؤمنين بدلاً من تغذيتهم دائماً وأبداً بإيحاءات وهمية لانتظار معجزات خرافية من نسج عجزهم وتقاعسهم وخيبة عزمهم، ومن عدم فهم مكين لتعاملات اللـه مع البشر ونعمته لأجل حياة أفضل لهم!!

هذا الاستغراق المغيب فى الاعتقاد الخرافى هو فى حقيقته ضد اللـه.. وضد الدين.. وضد الإيمان.. وضد الروح.. ضد العقل وضد الإدراك السليم لمقاصد اللـه!!

هذه الغيبية المفرطة التى تكرسها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الآن بفعل الإرث التاريخى الذى تختلط فيه الحقيقة بالأسطورة تشل قدرتها الروحية على الارتقاء بالمؤمنين وقيادتهم نحو تغيير حياتهم بالفعل الإيجابى الجسور بديلاً عن القعود والانكسار فى انتظار المعجزة.. وتشل فى الوقت ذاته العقل الأرثوذكسى القبطى عن إدارك القصد الجوهرى لمشيئة اللـه.

ففى عقيدة الإيمان بالاستحالة السرائرية للخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه -على سبيل التدليل- يكمن جوهر الاعتقاد والإيمان فى «الاتحاد بشخص المسيح المجيد والثبات فيه».. هكذا على نحو مباشر وصريح دون الالتفاف أو الإغراق فى تفاصيل تخفى بحواشيها وقصورها الجوهر المكنون.

فهل يتجه التعليم الكنسى القبطى الأرثوذكسى إلى تأكيد «سرائرية التحول غير المنظور».. لأنه بطبيعته لا يمكن أن يحدث منظوراً.. وذلك هو معنى "السرائرى".. وإلا ما كان يطلق عليه "سرائرياً"؟

وهل يركز التعليم الكنسى القبطى الأرثوذكسى على مكافحة الأساطير والهواجس التى ترتبط بهذا التعليم؟

وهل تعمد جهود الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى الدخول إلى جوهر الاعتقاد وجوهر الممارسة الروحية؟..

فإذا كانت الأفخارستيا هى «الاتحاد بالمسيح والثبات فيه» فى أى كنيسة من الكنائس الرسولية بالعالم الآن.. ألا يكون ذلك مدعاة للوحدة وليس لمعايرة الفرقاء بأن الأرثوذكسية القبطية هى الوحيدة الصحيحة والجميع فى ظلام مبين؟

ألا فلننظر إلى جدة الحياة بالوعى واليقظة واليقين المجاهد الجسور، وليس بالخنوع الذليل والرضى بالحزن والظلم والجور وسلب الكرامة فى انتظار معجزة لا تجئ.. وخرافة لا تتحقق.. ووعى مغيب
لا يفطن ولا يفهم ولا يتعقل.. فى كل شئون الحياة.




#ماهر_عزيز_بدروس (هاشتاغ)       Maher_Aziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفحم على مائدة الرئيس القادم
- أمانى المصريين فى الرئيس السيسى
- لماذا سيبقى الفحم أساساً للتوليد الكهربى لمعظم دول العالم؟
- مصر.. والفحم.. وخزعبلات علمية -2-
- مصر.. والفحم.. وخزعبلات علمية
- الفحم المفترى عليه..
- ... لم يعد فى قوس الصبر منزع
- قرار رئاسى بقانون


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماهر عزيز بدروس - دعماً للجهد البابوى نحو النهضة - الحاجة ماسة إلى بيريسترويكا كنسية (2)