محمد مسافير
الحوار المتمدن-العدد: 5763 - 2018 / 1 / 20 - 14:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ببساطة، لأنهم يعتقدون أن أدمغة الأسلاف أكبر حجما من أدمغة المعاصرون، الأولون أكثر فهما وحكمة، لأننا، في اعتقادهم، كلما رجعنا إلى الخلف، كلما اقتربنا من الحقيقة، إنهم يسلمون بأن الحقيقة موجودة في الماضي، الحقيقة نزلت من السماء، والقريبون منها زمنيا، هم الأكثر قدرة على استيعابها وتملكها!
لكن غيرهم تقدموا لأنهم فهموا جدلية الفكر والمعرفة في علاقتهما بالوسائل والإمكانيات، العلوم والأفكار كانت في الماضي ساذجة وبسيطة ومسكونة بالجن والعفاريت، لكنها اليوم، أصبحت أكثر تجليا وتعقيدا في نفس الوقت!
في مرحلة الطفولة المبكرة، يعتقد الطفل أن والديه هما مصدرا الحقيقة المطلقة، فحين يوجه إليهما السؤال، دائما يقابل بأجوبة شافية، يصدقها ويسلم بها، فهما اللذان أنجباه، وهما أول من يقابل في هذه الحياة... يكبر الطفل، ويكبر فيه السؤال ويصبح أكثر تعقيدا، يواجه به والديه، لكنه يكون قد اعتاد على قبول الأجوبة الجاهزة، خاصة حين تكرر على مسامعه ألف مرة، فحينا على لسان الوالدين والأقربون، وحينا ينطق بها معلم المدرسة، وأحيانا أخرى إمام المسجد أو التلفاز، ورغم ذلك، ولأنه إنسان، فلابد له أن يحتفظ ببعض الشك، فتجده إما يحاول قمعه بمزيد من التسليم، أو برهبة شديدة من المجهول، خاصة إن كانت البيئة التي أنشأته تحرم السؤال، لكن المصيبة في هذه الحالة هي أن الإنسان يكف عن أن يكون مبدعا خلاقا، حيث يخندق نفسه في صفوف القطيع... لكن سر تقدم الأمم هو إثارة السؤال داخل الإنسان، فكلما تناسلت الأسئلة، اتسعت فسحة المحاولة على الجواب، وشيدت المختبرات، وأقيمت التجارب، وحلت المعادلات، لتبرز في الأفق أسئلة جديدة تمثل تحديا للإنسان وبوصلة له في نفس الوقت!
عدد المدارس العمومية في المغرب مثلا ما بين الابتدائي والإعدادي والثانوي هو: 9995 مؤسسة
عدد المساجد في المغرب تجاوز 41 ألف مسجد (إحصائيات 2007) دون احتساب الزوايا والأضرحة!
مع العلم أن هذه المؤسسات التعليمية أيضا، مع قلتها، تستغرق حيزا زمنيا غير يسير، في إعداد "جيوش المسلمين"، ولا يتم ذلك فقط في حصص التربية الإسلامية، بل يمتد كذلك إلى حصص الفلسفة والعلوم الحقة واللغات الأجنبية!
رغم ذلك، تجد أن أغلب "مثقفينا" يعزون تخلفنا إلى الابتعاد عن الدين! بل الدين يا أبله هو سبب البلاوي التي نحن فيها!
#محمد_مسافير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟