محمد مسافير
الحوار المتمدن-العدد: 5762 - 2018 / 1 / 19 - 01:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعشقه حد الثمالة، تغفر له الكبائر من الزلل، تشم رائحتهن في أنفاسه، تصادف بعض أحمر الشفاه على قميصه، يهجرها أياما دون أن يسأل، يرن هاتفه فيغادرها على عجل، رسائلهن تملأ هاتفه، هداياهن تصل عقر الدار، فاجأته ذات يوم يقبل إحداهن، بل يغرس أسنانه في عنقها، ويمتص شفتيها بشبق، لكنها لم تفارقه يوما، بل إنها لم تشك في صدقه وإخلاصه ساعة...
هذه علاقة بعض الناس بالدين، مهما افتضحت عورته، يصرون على نقائه!
الإيمان في حقيقته، قرار لا عقلاني، لأنه مرتبط بالقلب، بالإحساس بوجود قوة خفية ترتب الأمور على هواها، لذلك تجد أغلب المؤمنين هم كذلك بتوارث الاعتقاد، حيث يحرص الأبوان، والمجتمع بمؤسساته جميعا، على جعل الفرد يقوم بتصديق وجود تلك القوة، رغما عن أنفه، لإنهم لا يناقشونه في الأمر، بل يلقنونه على وجوب التصديق منذ أن يفتح عينيه على الحياة...
علم النفس بدوره يؤكد على أن الطريقة الأنجع في الإقناع، هي التكرار، تكرار الخطأ حتى يغدوا مسلمة لدى المتلقي، وسيعجز بعد ذلك، بلا وعي، على الانسلاخ عن الفكرة الخاطئة...
وهذا التكرار، يتجلى في حياة الدولة الدينية، عبر إعادة تلقين الخطاب عن طريق مختلف قنوات التواصل الاجتماعي (الأسرة، المدرسة، المسجد، الإعلام، الشارع...)
لذا، فإن نقاش المتدين في المسائل الوجودية، يشبه كثيرا مناقشة الأعمى في مسألة الألوان...
فلا يجب علينا أن نستغرب كثيرا حين نجد أناسا، يعيشون معنا في نفس الزمن، في القرن الواحد والعشرين، في عصر الثورة الصناعية الرابعة، ورغم ذلك، لا يزالون يعتقدون بأنه في زمن ما، كان يعيش إنسان اسمه سليمان يفهم لغة النمل ويستطيع التواصل مع الحيوانات، لأن هذه المعلومة مذكورة في القرآن، والقرآن حسب ما لقنوه هو كلام الله، والله علام الغيوب، ونحن لسنا إلا بشرا إن علمنا شيئا غابت عنا أشياء...
ولا غرابة أيضا أن تجد نفس الشخص يؤمن بأن راعيا في الأزمنة الغابرة، استطاع أن ينفذ إلى السماء عن طريق بغلة طائرة، أو أن تجده يؤمن بالجن والشياطين والعين الحسودة، إنها أكاذيب وخرافات لا أساس لها من الصحة، ومن السهل جدا أن تجد إنسانا راشدا ولد في بيئة غير بيئتنا يذهل من هذه البلادة البدائية ويستفسر عن أدلة هذه الاعتقادات، لكن من الصعب جدا أن تجد إنسانا ترعرع في بيئتنا يحاول تقصي الحقائق، فالأمر في اعتقاده مسلمات لا تحتاج إلى دليل، لأنها رسخت في ذهنه منذ أن شرع في إدراك الحياة... فالتعلم في الصغر، كالنقش على الحجر!
#محمد_مسافير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟