|
تعويم الدرهم المغربي ، نحو غرق أعمق واحتجاجات ضخمة
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 5759 - 2018 / 1 / 16 - 04:25
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تعويم الدرهم المغربي ، نحو غرق أعمق واحتجاجات ضخمة ************************************************** يؤدي التعويم عملياً إلى إحدى حالتين: رفع قيمة النقد المحلي أو خفضه، وكلتا الحالتين تؤثران في الأسعار وفي التجارة الخارجية وفي النمو الاقتصادي عامةً، كما جاء في احد المقالات حول مفهوم تعويم العملة . وبذلك فان نتيجة التعويم بالنسبة لبلد كالمغرب محتومة ومحكومة بالسلبية . ان الدول المصدرة ذات الاقتصادات المتينة ، في حلة تعويم عملتها تحقق نموا سريعا ، بفعل ضخامة صادراتها ، وبالتالي عائدات هذه الصادرات . ذلك أن جودة صادراتها وانتاجيتها العالية وشساعة أسواقها ، وتحكمها في عملية العرض والطلب ، تكفل لخزينتها المالية مداخيل ضخمة . اما بالنسبة لبد كالمغرب الذي يعتبر اقتصاده من اضعف اقتصادات العالم ، وصادراته مطبوعة بعجز مستدام ، فان سياسة تحرير عملته ستكون عليه وبالا . فهو لا يتحكم في أسعار المنتوجات العالمية التي يستوردها كالمحروقات مثلا . وهو ما يفرض على الدولة اداء بالعملات الصعبة وعلى رأسها الدولار الذي ارتفع مقابل الدرهم خلال السنة الأخيرة فقط ، بنحو درهمين . وما دمنا مع لعبة السوق ، فان السوق يخضع للمتحكمين فيه ، ولا يخضع لمنطق اقتصادي مرن يراعي الحالة او الوضعية الاقتصادية لبلد ما ، كيفما كان ، وتبقى أزمة العقار الأمريكية أهم المراجع التي يشير اليها الاقتصاديون في خصوص منطق السوق وعملية تعويم العملة . ولابد هنا من الاشارة للحظة تاريخية فاصلة فيما خص عملية تحرير العملات . اذ يثبت المؤرخون الاقتصاديون ومحللوه أن عملية تحرير العملة انطلقت عام 1971 مع انهيار نظام بريتون وودز . حيث انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية منه ، وأسقطت في شرك لعبتها اقتصادات عالمية كبيرة ، كالاقتصاد الفرنسي والاقتصاد الألماني . بعدما كان الدولار مرتبطا بالذهب . فوقعت فوضى عالمية في تحديد سعر العملات الدولية . لكن الدول ذات الاقتصادات الكبرى سرعان ما استطاعت تدارك الموقف وتعويض الخسائر بفعل طاقاتها الانتاجية وقوة اقتصاداتها وسيطرتها على اسواق عالمية ضخمة . في حين تعمقت أزمات الدول النامية ذات الحلول المحدودة . وما لا يدركه الكثير من الدارسين للاقتصاد العالمي أن الاقتصاد الأمريكي كان أول من تلظى بنار تعويم العملة ، وانقلب السحر كما يقال على الساحر . وهذا ما جعل الصين تتشبث منذ عقود رغم الضغوطات الأمريكية الهائلة بتوجيه سعر اليوان الصيني الى يومنا هذا . وفي دراسة حديثة كنت قرأتها قبل أيام لكاتبة نرويجية أخذت عن مجلة نيويورك تايمز مقالا بعنوان " ربحت الصين " La chine à gagne" ، فان تفوق الصين ارتبط أساسا بتمسكها بعملية الاقتصاد الموجه . ولنعد لتبريرات حكومة العثماني التي تعتبر استمرارا طبيعيا لحكومة بنكيران . تفيد مبررات هذه الحكومة أن قرار تعويم الدرهم المغربي جاء من أجل ربح رهان تعزيز الاقتصاد المغربي . وبالنسبة لمن لا يعرف شيئا في علم الاقتصاد او فن الاقتصاد ، فهو من أبسط العلوم حسب أحد الخبراء ، اذ يتعلق الأمر فقط بقضية العرض والطلب . وداخل هذه المراوحة بين العرض والطلب تتفتق عبقرية الاقتصاديين في ايجاد تقنيات التحكم في السوق عبر تقليص المنتوج او ترويجه بشكل كبير . وهنا تدخل لعبة المصطلحات ، كالاقتصاد الموجه والاقتصاد المتحرر ، واقتصاد السوق ولعبة التضخم والندرة ، والفائض ، وما الى ذلك من مصطلحات علم الاقتصاد . وبعد أن تحول منطق العالم من تحكم السياسة في الاقتصاد ، الى تحكم الاقتصاد في السياسة . فان مياها كثيرة جرت تحت الجسر كما يقال . فتبرير الاقلاع الاقتصادي هوتبرير صبياني ، اذ نحن ازداد انكماشنا الاقتصادي منذ عقود ، وتزايدت مديونية البلد ، وتقلصت هوامش ما يسمى ب"توفير الفرد او لأسرة " ، اذ أصبحت مجمل الأسر تعيش حالة المديونية عوض حالة التوفير . كما أن عجز الخزينة وصل الى مستويات خطيرة ، ووصلت عملية خدمة فوائد الدين العام الى مستويات تنذر بكارثة اقتصادية كبرى ، حيث بلغت نسبة تقارب 13 في المائة من الناتج الداخلي الخام .فعن أي اقلاع اقتصادي يتحدث وزير المالية المغربي ؟؟. وكيف ستفيده عملية تعويم الدرهم ؟ . واذا عدنا الى تجربة مصر بعدما عملت على تعويم عملتها بتوصية من صندوق النقد الدولي سنة 2016 ، سنجد ان التضخم ارتفع بشكل كبير ، كما ان مستوى عيش المواطن المصري ازداد تضعضعا ، وقدرته الشرائية تحطمت بشكل كبير . أما الايجابيات فقد تحددت اساسا في حصول مصر على قروض اضافية مجزية من صندوق النقد الدولي ، بلغت 12 مليار دولار ، واعانات مالية من دول ومؤسسات متعددة ، وهي لا تفي حتى بتأدية هامش الديون المترتبة على الخزينة المصرية العامة . وهو مثال ما زال حيا ويمكن تتبعه عن كثب . وبعملية جد بسيطة نقول ، اذا كان تعويم العملة يرتبط ارتباطا وثيقا بعملية العرض والطلب ، فما هو ميزان التجارة المغربية ، سواء ايرادا او توريدا ، تصديرا واستيرادا ؟ . اذا كان هذا الميزان في صالح المغرب فان تحرير العملة وتعويمها ، سواء بتوجيهه او بعدمه ، سيخدم لا محالة الاقتصاد المغربي ويزيد من رفاهية الشعب ، اما اذا كان الجواب بالنفي ، وهذا هو الواقع والحادث ، فان الكارثة لا محالة ستصيب الشعب المغربي والاقتصاد المغربي ، رغم ان الخزينة العامة ستنتعش انتعاشا مزيفا غير قار .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظام المغربي أمام حقائقه
-
تحليل استخباري لأحداث ايران الأخيرة
-
احتجاجات ايران تحت مجهر احتجاجات المغرب
-
لا تركعوا لهبل
-
أول صفعة عربية للبيت الأبيض من أضعف خلق الله
-
قراءة جيوستراتيجية في قرار ترامب نقل السفارة المريكية الى ال
...
-
اللعب خارج الملعب ؟ المملكة العربية السعودية نموذجا
-
هذه موانع الحرب العشرة في الشرق الأوسط يا عطوان
-
بنكيران ينسف بروج الدكاترة والمحليين العاجية
-
مقارنة عابرة بين ديمقراطية الكيان الصهيوني وبين ديمقراطية ال
...
-
أزمة الثقافة في طنجة ، هل من منقذ ؟
-
خطاب الملك بين التفكك والسمو
-
مرحلة الجثث المتحركة ...السياسة بالمغرب الآن
-
وأخيرا السعودية تهرول نحو روسيا
-
بين الاستقلال والانفصال والمطالب الاجتماعية البحثة
-
حزب الاستقلال وحرب الصحون
-
أفلح قوم ولوا امرأة وذل قوم ولوا رجالا
-
خيانة فقهاء الدين للأمة
-
مقارنة بين استفتاءين وحراك الريف
-
خطاب ثورة الملك والشعب والعودة الى الأدغال
المزيد.....
-
اليوم الياباني في معرض بغداد الدولي: مساعي لتعزيز العلاقات ا
...
-
الهند تقدم إعفاءات ضريبية بقيمة 11.5 مليار دولار لحماية الاق
...
-
انخفاض مستويات الفقر في روسيا وخبراء يشككون
-
حرب ترامب الجمركية.. الصين تتمهل وكندا ترد والمكسيك تفعّل ال
...
-
قرارات ترامب الاقتصادية تشعل حربا تجارية عالمية
-
منافسة شرسة بين تايلور سويفت وبيونسيه على جائزة أفضل ألبوم
-
ارتفاع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار اليوم الأحد
-
-نيويورك تايمز- تحذر من ضرر رسوم ترامب الجمركية على صناعة ال
...
-
كابل تطالب بتحرير الأصول الأفغانية المجمدة لدعم الاستقرار ال
...
-
نيويورك تايمز: 5 أسئلة تشرح رسوم ترامب على كندا والمكسيك وال
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|