|
نحو ساعة الفصل
رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)
الحوار المتمدن-العدد: 5757 - 2018 / 1 / 14 - 22:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نحو ساعة الفصل ساعة بعد ساعة و يوم بعد يوم نقترب من يوم الفصل لمستقبل العراق وبدأنا نحسب ايام للانتخابات ، الا يجدر بنا ان ننتبه الى عدم ضياع هذه الفرصة كسابقاتها . في العالم ، اغلب إذا لم نقل كل السياسيين لديهم ماكناتهم الاعلامية من الصحفيين و المحللين و الاستشاريين ، يتعاونون مع بعضهم استعدادا لمعارك الانتخابات و يسعون الى ترتيب الحقائق مع الاكاذيب و التلفيقات المحبوكة بما متوفر من تقنيات تلفزيونية و فيديوية بما يجعل الصورة و الموضوع مقنع الى ابعد الحدود في الخطاب السياسي الموجه للمتلقي المسكين الذي يقع في حبائل الابداع السيا-فني من اجل كسب صوته الى تأييد فكر او هدف سياسي . هذا السيناريو اصبح شبه طبيعي في العالم و قد لا يكون واضحا لدى عامة الشعب ، واذا كان عكس ذلك (واضحا) فأنهم يتغافلون عنه في وسط زحمة واثقال الحياة و المصالح . لكننا في العراق .. و لأننا في العراق .. لن نتقبل هذه الصيغة بالنقل والنسخ كما هي من تجارب الاخرين في العالم بل نضع عليها المطيبات و النكهات الخاصة بالعراقيين ونطورها بالبهارات الايرانية و الهندية و الكردية و المذهبية و الطائفية و الاسلامية و حدث و عدد بلا حرج حيث لا تقف الابداعات العراقية عند حد معين .. لذلك فان ما تحدثنا عنه في حبكة السيناريو السيا-فني لكسب التأييد العام و جذب المؤيدين الى مواقف حزب او كتلة سياسية لن تجده في العراق بالصيغة المتعارف عليها عالميا ، بل بشكل اكثر تطورا وخصوصية ، حيث لا يكتفي العراقيين من السيا-فني بخلط الحقائق بالاكاذيبب و الوقائع بالتلفيقات لتقدم الى الناس في صورة يضمن بموجبها التأييد و النجاح ويساعده في ذلك تسخير فن الخطابة وحسن الكلام في الصحافة و الاعلام او في الفضائيات و عبر نشر الفيديوهات المعدة سلفا لجني التأييد و كسب الاصوات و الفوز بالرئاسة او الحكم . فالوضع في العراق مختلف كثيرا لأنه يبقي الالوان و الصور كأنها مقتبسة من الغرب او العالم الا انه (السياسي والصحافي الاعلامي العراقي) يتعامل ويمر على الكثير من المغالطات و الجرائم و الاعتداءات التي يتهم بها السياسي المرشح والتي يكون قد تسبب بموجبها بضرر كبير على الصالح العام ، يمرون عليها دون خجل طالما ان لسان حالهم يتكلم بلغة دينية و يتحرك و ينطق بكلمات اسلامية ويبادله الجمهور بالرضا عن غض النظر عن كل العيوب طالما لسانه يتكلم بالدين ، لذا يتم تجاهل الجرائم و تبعاتها ويتم تجاوزها دون خجل مهما كان حجمها و تأثيرها ، لأن الشعب اصلا متقبل لتلك الاساليب و لا يرفضها بدواعي انهم اسلاميون ، فيصبح الخطاب سياسي-ديني-فني ، يتضمن كلام تستغل به الحقائق الصعيرة لبناء اكاذيب كبيرة يضحكون بها على عقول الشعب وليكسب مكانة شرعية مقبولة لدى الناخبين ، ولأنه اسلامي فأنه سيحظى بالافضلية و الشرفية على خصومه ويصبح له الحق في كيل الاتهامات و الصاق المهانة و اتهام خصومه بالخيانة والكفر حتى لو كانو اسلاميين لكنهم من مذهب اخر. وهذا في السياسة العراقية امر شرعي ، اذ يبيح المرشح لنفسه ان يلصق التهم كما يشاء من اجل دعم فكرة او موقف يريد له النجاح ، وفق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ، معتمدين على ان العامة تنسى بسرعة او تتناسى فضائح و جرائم الامس طالما ان المتحدث يمتلك المال و السلطة و يتحدث بالدين و المذهب و هذا ما يهم الجمهور العراقي اليوم . لكنه و بعد حين و في ساعة صفا سيكون الشعب قادرا على الرؤيا بوضوح اكثر ليندم ويبدأ يتذكر انه قد نسي ان الاحزاب الحالية بشخوصها و رموزها قد دمرت العراق وضيعت ثرواته و نقلت الشعب الى قاع الحضارة و الانغماس بالتخلف و الامية والجهل وقد انهارت كل البنى التحتية الوطنية ، وان هذه الشخوص لم تمتلك ولاءا عراقيا وانما كان ولاءها لدول خارجية . و سينسى الشعب وسيسعى الى ان يتناسى انه في الانتخابات قد تناسى من اجل تمرير نفس الشخوص كل الجرائم و الفساد للطغمة الحاكمة و السبب او المبرر ، انهم اسلاميين. ويجب ان نقولها ايضا ، إن اقبح ما في موضوع التجربة السياسية العراقية على مدى التاريخ المعاصر ، ان من يمسك السلطة في العراق و يتذوق طعم الفساد فيها ، يلتصق بها و لن يفرط بها حتى الموت حتى بعد ان يغادر موقع او مركز القرار ، تراه يتمتع بكل القوة و الامتيازات التي وفرها له المنصب وبالتالي تجدهم في كل مرة نفس الوجوه و الاسماء في لوحات الانتخابات لأنهم قادرين في كل مرة بما استولوا عليه من الثروة و القوة و النفوذ أن يتغنو بسيناريو سيا-فني-ديني جديد على رؤوس و عقول هذا الشعب المسكين الذي نشرو فيه الجهل و قضوا على المثقفين واسكتو اصواتهم باتهامهم بالكفر و الالحاد في كل المحافل بلا خجل او حتى مجاملة. ففي العراق لا مانع من ان يترشح من نال فرصة الحكم وفشل فيها فشلا ذريعا وتسبب في موت العراقيين و نهب اموالهم وثروات البلاد ووضع الوطن في تحالفات و معاهدات افقدته السيادة و السلطة و القيادة في المنطقة . وفي العراق لا مانع من ان يترشح المتهمين بالفساد و اللصوصية و الكذب و التزوير و الخيانة وسوء استخدام السلطة و التفريط بحقوق الشعب و ضياع ارض الوطن . وفي العراق يتم ترشيح و انتخاب ممثلي الحزب الاقوى وهو حزب الانتماء للمذهب ، اما الصيغ السياسية المعلنة فهي مجرد صور و شكليات ولوازم من اجل القيافة والاعلام . وفي العراق لا مانع من ان يترشح الجهلة و الاميين ما دامو يتظاهرون باعلانهم الولاء لأسيادهم دون النظر الى مؤهلاتهم العلمية . والحدبث يطول لكنه مؤلم مع ضياع الامل في الاصلاح بمنظور يتعلق بعمر الانسان . لكن يبقى الامل معقودا بالشباب و روح التغيير للتخلص من الموروث التاريخي المسموم .
#رياض_محمد_سعيد (هاشتاغ)
Riyadh_M._S.#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كفى لمن دمر العراق
-
كيف توصف الرجولة في العراق
-
لماذا تخلف المسلمون
-
امال وطنية ضائعة
-
عقوق الوالدين لأبنائهم
-
كيف نستقبل العام الجديد
-
من قصص بغداد 1001
-
شعب يعضّ و لا يتّعظ
-
واقع و ليس يأس
-
العرب و الحضارة
-
التغيير بين السيرة والسلوك
-
يطلب من الحافي نعال
-
الموصل .. من يقطف ثمار الانتصار
-
صباح يوم عراقي
-
ما بين الواقع والمستقبل المجهول
-
ثقافة الناخبين
-
انعكاسات خطيرة
-
هل فكرت يوما في ماذا لو
-
الشماتة و التشفي
-
في الأزمة العراقية
المزيد.....
-
الترفيه والتعلم في قناة واحده.. تردد قناة طيور الجنة 2024 لم
...
-
الجهاد الاسلامي والشعبية: ندين المجزرة الدموية بحق صحفيين في
...
-
الجهاد الاسلامي: ندين بأشد العبارات المجزرة البشعة بحق الاعل
...
-
إدانات لدخول وزير الأمن القومي الإسرائيلي لحرم المسجد الأقصى
...
-
الإمارات تدين اقتحام وزير الأمن الإسرائيلي المسجد الأقصى
-
“في خمس خطوات”.. حدّث الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025
...
-
الوزير المتطرف بن غفير يقتحم المسجد الأقصى في أول أيام عيد -
...
-
خارجية الأردن: اقتحام بن غفير المسجد الأقصى خطوة استفزازية م
...
-
بن غفير يقتحم الأقصى احتفالا بعيد -الأنوار- اليهودي ومكتب نت
...
-
حماس: اقتحام بن غفير المسجد الأقصى انتهاك جديد وخطير
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|