عقيل مهدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1478 - 2006 / 3 / 3 - 10:55
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
إدماج الأسطوري باليومي في النص القصصي
عادة ما تتمظهر في القصة القصيرة طاقة شعرية على شكل لمحة خاطفة لكنها متوترة مشعة تتعادل مع كفة الحديث في الغالب وترسم تكوينا محسوسا في عموم القص سواء كان هذا الإنشاء البنائي انطباعيا أم معنويا ومن ثم يشترك في إنجاز النص بمعماريتة الذاتية أوباعراف القراءة الخاصة بالتلقي السردي ، تتوفر القاصة آمنة الذهبي على تقنيات من نمط معين في مجموعتها القصصية (إمرة تحت الاحتلال ) إنها تلج السرد من خلال مسارب الواجدان الشعري فتدس فيه بذور حكاياها الكامنة أو المستترة في حقل الكلمات اكثر من سواها حيث يهيمن المنظور الشعري على الوحدات النصية فيؤثر في تضاريس الوصف الذي تختزله أحيانا الفكرة لتحكي أحجية أو خاطرة سانحة شفافة فتصبح بلا ثقل حديثي مجسم بالتالي يكون اقتراح الحل اشبة بضربة إيقاعية مباغتة تطفو على طاهر النص بلا متعرجات تحتانية تقتضيها _مثلا_ الالتباسات الغائمة لتيارات الحقيقية وتوهانها في البنية النصية حيث يتصدر (المواقف الشعرية) الوظائف المغايرة الأخرى وبذلك يتحول الصراع إلى تقنية اكثر منها حدثية
إذا يبني النص افعالة القولية والتواصلية بهندسة الخطاب نفسة اكثر مما ينشغل بالعناصر التكوينية والحاقة بالوظائف السردية فتجذب طاقة الخطاب الشعرية مقاطع السرد وتدفعة إلى ما يشبة نمطا تناوبيا تكراريا
البنية المجازية
تتموضع في النص ثيمات استعارية تخص البنية المجازية لمفردات معينة وتبرز مفرد القلب عنصرا مركزيا يوزع النبض في فواعل القصص وموضوعاتها الرئيسة مثل قلم الرصاص الجسر الصندوق الهمر الخيول الخ وهذه المعدات تتحول إلى روح قلقة معذبة تشد قصائد الحنين إلى الحبيب المتماهي مع الوطن هذه المجموعة القصصية غير معنية مثلا_ بتطابق زمن الخطاب مع زمن القصة لأنها لا تريد (مشهدية) حوارية كما إنها تمر مرورا سريعا بتقنيات مثل الوقفة, الثغرة, التمدد الخلاصة, مكتفية بما تبديه المفردة الرشيقة من سر عات إيقاعية ,تنطوي تحت أجنحتها حجرة صغرى من الموضوعات فترها تقتنص ظلا محلقا لنسر حبيس دون ظل وتزيد إيغالا في هذا الاتجاه
(الظل)يحاول أن يجد له مكانا في القفص , النسر يحوم وكذلك الظل ومثلهما أنا امتطيه أيها الظل الصادق (ويراقبنا) النسر المحبوس بين القضبان وأجساد البشر بحسرة هنا تخلق القصة ضربا من دهشة مباغتة يصبح فيها الرأي مرئيا وتتحول الذات المراقبة الى موضوع مراقب .تاتي ضربة الختام هنا مغايرة للمالوف الحياتي المنطقي وهذا يحسب لصالح المعالجة الفنية للقصة المذكورة تحت عنوان طفولة مستعادة
ماكنة الأحلام :
وترد في قصة (صناديق عتيقة)مفردات مثل غيوم كأنها قطن أهملة (النداف) في نهاية يوم مضني و أحيانا الصناديق العتيقة إلى عالم الغموض والأسرار، حيث (تسافر العيون إلى الشاطي ،ودمية على شكل قارب قد يحملها الشراع إلى جزيرة آمنة )من تراها تكون هذه الدمية ؟ ومكانة هذه الأحلام الهروبية الباحثة عن الانعتاق من كابوس انكسار الصواري ؟(فالنسوة لم يعد لهن عباءات يتشبث بها الصغار وربما تفتحت في ذلك الصباح الندي صناديق كثيرة وغرف أقفلت منذ دهور) وتشبة ثنائية القلم _ المبراة بطلة قصة (أنا قلم الرصاص) (..كانة يشبهني..احزانة، كآبته،سلامة،خجلة).وكانة غريب يستلقي بين المهجرين من أقلام الحبر قلم يرتمي بين أحضان الورقة ينام بين طياتها ،تنتابه الهواجس والأسلة ويباع بثمن بخس) قلم منزه عن توقع قرار الإعدام والمعاهدات الجائرة (الورقة مغناج ملساء لعوب، ماذا لو هجرته إلى قلم حبر مذهب؟)صراع مع الوجاهة الذهبية الزائفة يؤكد اندثار الزمن في برهة حياتنا الزائلة:: سعيا وراء أهداف مخذولة .(كل يدور حول شجرة في ليلة ميلادها)هذا الهم الشكسبيري عن لعبنا الأنوار في مسرح الحياة ترصدة قصة (أمنيات مستمرة)..(لكن الأشجار لاتفكر ولاتدور ،إنها تسير إلي الأعلى ) وبإحساس عبثي تتسابق عقارب الساعة لتودع أخر دقاق العام ، الذي كان قبل عام هو العام الجديد أية قضية فولاذية مقفلة تتحكم بمصائر الأبطال !؟
وبضربة ختامية يسأل السارد سؤال مباشرا :
ولكن ماذا عن الشجرة ؟
في هذا الختام المقصود , يلفت السارد نظر القارئ إلى الطبيعة السردية نفسها . وفي قصة الهمرات تحت الرؤوس يلوذ السارد بقلبه ليواجه الهمرات والأسلاك الشائكة .
( قلبي .. يا قلبي هل املك إلا أن أدعوك قلبي واعود إليك لنواجه الهمرات) الأرض تسكنها الغربه ما أن يخطو السارد خطوة بعد الأعمدة الكونكويتية والاسلاك خطوة إلى الاتجاه الآخر يكون في حضن الوطن (بدت السماء قطيفة سوداء مزيفة بالكرستال تنتظر يدا شاعرية تصنع منها فستان سهرة )وببوح مباشر يضيف السادة (أسلاك تميز سماءهم عن سمائنا) في (ميدوزا عراقية)عند قلبي _ يقول السارد _ (أربع ممالك عتيدة الصمت الألم ، الحسرة والحزن
قصة الغزاة :
وثمة ( جسور) مسالكها سانحة على مد (الصبر)(طرق تسير فيها جحافل لا تفرقها إلا... إلاسماء..)وهي تشبة قلوب تسورها الإضلاع التي تنوء بحملها ومشاكساتها للحفاظ على نواتها في الصد والمقاومة، مقترحة لتعويذة تحول الهمرات إلى ترب تدوسه الأحذية العابر حتى تهب رياح الخريف علية ،فيتناثر كانة لم يكن ويوغل السارد في قصة بعنوان (تكملة لم تكن خارج سياق النص ) في متابعة قلب ظن بنفسه مزارا مقدسا وهو(يلعب دور اللسان في فم الدنيا) ويغربل السارد في قصة (الغزاة) الشتاء من جديد ( ويلملم الشتاء سريعا إطراف ثوبه الرصاصي ، وقرر الرحيل قبل أوانه) أو جملة: (وأصوات المجنزرات شقت هدوء المكان ) الغزاة_ إذا_ في الشوارع، وفي القلب ولكن كيف تصيب الدبابة الهدف ونبض راميها يتجاوز العد خوف وفزعا..جسور تفضي بنا إلى ساحة تنتظر البديل..وهي تسقط بفعل القصف،ولا تشدها خطوات العاشقين:: جسور ترمح مثل خيول تهجر المضمار, فتتسابق مع المبدع للفوز بحياة بديلة ربما، أم أنها تدفعها للتلاشي في تخوم الجنون وسط خراب المدائن المقدسة... قصص من فرط شجنها , دمجت الأسطوري باليومي,ونسغت شظايا الواقعة والوثيقة بمصير قلق.. ابناء ينحدرون من شرائع, وقامات ضوء تتدفق إلى فضاء حر,فتصنع احتفالات للعائدين,والمغتربين القلقين على واجب وطن، تحاصره الظلمة, فتنتصر فيه غنائية السرد على سواها
#عقيل_مهدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟