أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - كلكامش نبيل - رسالة الى المؤرخ والصديق عمر محمد - أدمن عين الموصل














المزيد.....

رسالة الى المؤرخ والصديق عمر محمد - أدمن عين الموصل


كلكامش نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 5752 - 2018 / 1 / 9 - 03:29
المحور: سيرة ذاتية
    


الى صديقي عمر محمد - ادمن عين الموصل:

عرفتك منذ سنوات بعد حوار عابر في صفحتي ميسوبوتاميا عن نابليون والحملة الفرنسية على مصر. كنت مثقفا وراق لي حوارك مع اننا لم نتفق في الرأي في البداية، ربما كحال الكثير من الاصدقاء في بادئ الامر. استمرت معرفتنا في التعمق بعد ذلك يجمعنا في ذلك الاهتمام بالتاريخ، مع انك كنت تهتم بالاستشراق والتاريخ الاسلامي والمعاصر، فيما كانت أنا كلكامش القابع في عصور ما قبل الميلاد. بمرور الوقت، اكتشفت شغفنا المشترك، الموسيقى الكلاسيكية وانفتاحنا على كل الحضارات والثقافات. توطدت صداقتنا مستمدة الهامها من عقلين متنورين قد يختلفان في بعض الرؤى لكنهما متقاربان في نهاية المطاف. كنت غامضا، ولا تزال، في كثير من الاحيان لكنك تفرض على الجميع احترامك وأن يجلّ الآخرون غموضك ذاك. في مطلع عام 2014، كنت اخطط للكتابة عن الانتخابات وآراء الاكاديميين بهذا الصدد. كنت مثلي سعيداً ومتفائلاً بأن عصر التنوير قد اقترب وان هناك املاً في ان يتقدم حزب مدني الى سدة الحكم. لكن الحلم انهار بسرعة لنجد بأن مساحات شاسعة من شمال غرب العراق قد سقط بيد قوى الظلام في ذلك الصيف الحزين. كتبت لك في حينها لاطمئن عليك لكنك اختفيت. بعد فترة، شاركت معنا كلمات حزينة ملؤها الأسى على مدينتك وما أصابها. لمتنا في حينها لاننا حاولنا التسويق لقرب عصر الأنوار قبل ان نكتشف بأن الظلام يحيط بنا بشدة أكبر. كنا نحلم بانقاذك في وقتها ولكن من دون جدوى. لن انسى ابدا ثقتك الكبيرة وانت تخبرني قبل اشقاءك بانك ستطلق صفحة "موريس ملتون" و"عين الموصل". لقد خشيت كثيرا في وقتها يا صديقي. شعرت بأنني سأتحمل مسؤولية كبيرة ولكنني تعهدت مع نفسي بأن أكون قدر تلك المسؤولية. لا أزال اتساءل عن سبب ثقتك، هل كنت تشعر بدموعي على نينوى وآثارها وسنجار؟ هل كنت تعرف بأنني أعبد بيت نهرين حد التقديس؟ ومن يعبد بلاده لا يخون أحداً أبداً كما قالت لي صديقة ذات مرة اخبرتني عن اسرار حبها الذي انهاه اختلاف الدين.

واصلنا المراسلات وكتبت ما باستطاعتي محاولا نقل الصورة والتحشيد لمساعدة وطننا في التخلص من قوى الشر. اخبرت زميلتي أورسولا ليندسي عنك وابدت اعجابها بثقافتك بعد اطلاعها على الصفحة. لا أزال اذكر كيف قالت، "هل هو مؤرخ؟ اكاديمي؟ انه شخص مثقف وتحليلاته عميقة. انه يقرأ لحنة آرندت وغيرها". لقد ادمعت عيني يا صديقي عندما ذهبت بشجاعة لتعلق الصليب وتضيء الشموع في الكنيسة التي انتهكها تنظيم داعش. اخبرت الزميلة بأنك قد انقذت مخطوطات سريانية وانها وصلت الى برّ الأمان أيضاً. كنت مثالا يعيد لي توازني بأن هناك خير على الدوام في كل مكان وان ساد الظلام. كنت ذلك الشاب الذي يقول بأن الايمان بالتعايش والتسامح لا يزال موجوداً. كانت لنا صديقة غاضبة على كل ما يجري، لكنها لم تستطع ان تغضب منك. قالت في فورة غضب، "الجميع سيئون! لو كان الامر بيدي لقضيت عليهم جميعاً!" ثم استدركت وقالت، "سننقذ صديقنا عمر فقط!" قلت لها، "هناك الآلاف مثله يا عزيزتي!" كانت تنفجر غضبا لكنها لم تستطع الا ان تتذكر طيبتك.

لم اتصور بأننا سنلتقي، لكن ذلك تحقق في أرضٍ غريبة. اذكر كل ما اخبرتني به عن تجربتك الرهيبة تلك. جولتنا وحديثنا عن المستشرقين والمؤرخين وما اصاب تاريخ المدينة والعراق من ألم. لم نستطع التقاط صورة تخلد لقاءنا الأول على ارض الواقع ولم استطع ان اتحدث لاحد عن ذلك اللقاء في حينها، كعادتي وانا اشارك يومياتي. اذكر نظرتك الحزينة وانت تخبرني عن صديق طفولتك الذي شكّ فيك وهددك بالقتل. لم أستطع ان أهوّن عليك في حينها، لقد خانتني الكلمات، لكنني شعرت بعمق بذلك الألم ولا أزال استشعره. أتذكر جلوسنا في ظلال كنيسة "آيا ترايادا" وكيف انني آمنت بأننا سنجلس بسلام جلستنا تلك يوما ما في بغداد أو الموصل لنشرب نخب الحرية. كنت مؤمنا بصديقي الذي تحدى الظلام وكان يستمع الى تشايكوفسكي والارهابيين يقيمون في البيت المجاور له. كنا متشابهين في حب وطننا ورسالة السلام والفكر وحب الموسيقى، لكن هناك فرق واحد بيننا، انت تمتلك الشجاعة وروح المغامرة. سألتك في حينها ان كان هناك ما يمكن اصلاحه، لكنك قلت لي بأن الامر غير قابل للاصلاح.

استمرت صلتنا وتعمقت صداقتنا وقد اخذت اطارا آخر، العمل من أجل التغيير وانقاذ وطننا الذي نحب. اذكر وصيتي لك بأن تطلب من اسحاق بيرلمان أن يؤلف عملاً موسيقيا من أجل وطننا ومن أجل نينوى. لست ادري ان كان سيستجيب لنا يوماً. تحاورنا مجدداً مساء اليوم، التاسع من كانون الثاني، بعد فترة سادت فيها اتصالات بالرسائل فقط – وقد سعدت بهذا الاتصال. ستبقى مصدر فخر دائم لنا واقول لك، "لقد دخلت التاريخ وكل من تكلم عنك بسوء يتكلم عن جهل أو حسد". لقد كتبت هذه السطور على عجالة ولم أذكر كل ما أريد ذكره، لكنني متأكد بأنك ستواصل وسنشهد التغيير الذي ننشده يوما ما، وبمشاعلنا سيعود المشرق مشرقاً.

مودتي واعتزازي الدائمين
الثلاثاء 9 كانون الثاني 2018-6767



#كلكامش_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رومانسية سوداوية - قراءة في -أزهار الشر- للشاعر الفرنسي شارل ...
- المنفى والوجود واللغة - قراءة في المجموعة الشعرية -مديح الطا ...
- تأملات في الإنسان والوجود والإلوهية - قراءة في كتاب -تصوف- ل ...
- اطلالة على قصور اسطنبول - قصر بيلارباي
- مآثر السريان في المشرق - قراءة في كتاب عصر السريان الذهبي لف ...
- رؤية محايدة لمشاهدتي الأولى لفيلم الرسالة
- الاسلام في عيون مبشر أميركي - قراءة في كتاب -الاسلام أو دين ...
- ابحار في فهم الذاكرة والنوستالجيا – قراءة في رواية -الجهل- ل ...
- إطلالة على الأدب الأرمني - قراءة في المجموعة القصصية -عندما ...
- تفكيك المبادئ والمواقف – قراءة في رواية إدوارد والله للكاتب ...
- بعث بدائي ورغبات مكبوتة - قراءة في كتاب علم نفس الجماهير لسي ...
- فيلم لعبة المحاكاة: دروس في تقبل الاختلاف
- آسيا الصغرى وإيران - جسور بين الحضارات
- الفردوس المفقود - العراق في عيون الرسام الإنجليزي دونالد ماك ...
- بغداد في عيون مبشر إنجليزي في ثلاثينيات القرن التاسع عشر
- الأيديوجيات الشمولية – خطر محدق وخوف مبرر
- انتهاء عصر المراة الدمية - قراءة في مسرحية بيت الدمية لهنريك ...
- حوار الأمس واليوم - قراءة في كتاب -محاورات برتراند راسل-
- قصص لا تستحق النشر – تجربة لدعم شباب الكتاب العراقيين
- متى نموت؟ - قصيدة


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - كلكامش نبيل - رسالة الى المؤرخ والصديق عمر محمد - أدمن عين الموصل