|
أزمة الرسوم الكاريكاتورية و الازدراء بالعقيدة المسيحية في مصر وسياسة المكيالين
سليم نجيب
الحوار المتمدن-العدد: 1477 - 2006 / 3 / 2 - 10:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أولا –بادئ ذي بدء- نود أن نقرر أنه من منطلق مبادئنا المسيحية، نحترم كل المعتقدات والأديان ونشجب ونستنكر كل ما يسئ أو يهاجم المعتقدات الدينية. فهكذا علمنا كتابنا المقدس "أحبوا أعدائكم باركوا لاعنيكم".
لقد شاهدنا على شاشات الفضائيات غوغائية الاحتجاجات المتأسلمة على الرسوم الكاريكاتورية عن نبي الاسلام. مع ملاحظة أن تلك الرسوم ظهرت منذ شهر سبتمبر الماضي الا أن المظاهرات الهمجية اجتاحت معظم البلاد الأوروبية والعربية بمباركة وتشجيع الدكتاتوريات العربية وحكامها.
ما دخل الاحتجاجات الغوغائية بحرق الكنائس في العراق ولبنان وقتل راهب مسيحي تركي وتهديد العالم بالحرق والنسف والارهاب وقطع الرؤس.. الخ. انها لهي خطة اسلامية لارهاب العالم بأن الاسلام يسود ولا يقهر وكأننا في حالة حرب الأديان. ان المسايرات الحكومية للموجة الغوغائية وما يرافقها من عدوان على المسيحية تخدم الحكومات الاسلامية والعربية لكي تلهي شعوبها.
ان الحكومات العربية الدكتاتورية مثل مصر- ليبيا- سوريا- السودان- السعودية- ايران- تريد تصريف الغضب الشعبي عن طريق مظاهرات التأجيج. ان هذه الحملات الهستيرية التشنجية غرضها الهاء شعوبها وخدمة أغراض تلك الحكومات لتقوية مراكزهم في السلطة.
يا سادة،
ان الاحتجاج يكون بطريقة متحضرة قانونية من خلال القضاء والرد الصحفي وليس بحرق السفارات والكنائس والأفراد والتهديد بالارهاب.
لقد رأينا على شاشات الفضائيات سيادة الرئيس مبارك يطالب الأمين العام للأمم المتحدة بسرعة استصدار قانون دولي لحماية الأديان من الازدراء بها.
ونحن من جانبنا نقول مرحبا بهذا القانون الدولي الذي يحرم الازدراء بالأديان بشرط تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل في أرض مصر وسائر البلاد العربية والاسلامية لأن هذه الحكومات لا تعترف رسميا وفعليا بالأديان السماوية المسيحية واليهودية وتعتبر أصحاب هاتين الديانتين من الكفرة المشركين الضالين وما نعيشه في مصر كاقباط مسيحيين يؤيد ما نقوله.
يا حضرات السادة،
نسوق لحضراتكم –على سبيل المثال لا الحصر- ما يلاقيه الأقباط في مصر يوميا من الازدراء بالمسيحية في بلادنا: 1- هل سمعتم هذا الدعاء المتكرر من أئمة المساجد في نهاية كل خطبة جمعة على "الكفرة –أعداء الاسلام- المشركين.. الخ.. كل الدعاء سب وطعن وقذف في المسيحيين والمسيحية. والرد المعروف آميـــــــــــن. 2- "ان الله غفور رحيم يقبل توبة أي انسان يدين بدين الحق وأما من لا يدين بدين الحق فهو كافر ولا يقبل الله توبته" (القناة الثانية عصر الثلاثاء 31 أغسطس 1999 – برنامج "فتاوى وأحكام" وضيف البرنامج فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر). 3- الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي كان له برنامج خاص في التليفزيون المصري لعدة سنوات وظل يهاجم ويتهكم ويزدري بالعقيدة المسيحية وكتابنا المقدس بصفة ممجوجة ولقد كافأه سيادة الرئيس مبارك بتقليده قلادة النيل نظير خدماته.. وبلائه بلاء حسنا. 4- هناك أعمال درامية تعرض على شاشات التليفزيون المصري تزدري بالمسيحية وتسئ الى المسيحيين مثل "لن أعيش في جلباب أبي"، مسلسل "أوان الورد" ومسلسل "يا رجال العالم اتحدوا"، ومسلسل "أماكن في القلب" وفيلم "بحب السيما" ومسلسل عن "عمرو بن العاص". كل هذه المسلسلات والبرامج نعتبرها مسيئة لنا ولعقيدتنا وايماننا المسيحي. 5- في معرض القاهرة الدولي للكتاب كان هناك عشرات من الكتب التي تهاجم المسيحية وتزدري بها وهي معروضة على الملأ نهارا جهارا تهاجم عقيدتنا المسيحية وتتهم المسيحية بالشرك وتقول أن المسيحية دين الوثنية. وها هي بعض هذه الكتب: أ- العقائد الوثنية في الديانة النصرانية ب-أمة بلا صليب ج-اسلموا تسلموا د-لماذا كسروا الصليب ه-الاله الذي لا وجود له و-النصرانية من الواحد الى المتعدد ز-الجنس في العهد اليهودي القديم ح-الكنيسة والانحراف ط-الشماس الذي أسلم هذه الكتب جميعها تحمل رقما صادرا من الهيئة القومية لدار الكتب 6- وماذا عن صحيفة الأهرام شبه الرسمية الحكومية التي تنشر أسبوعيا مقالات استفزازية مسمومة متعصبة للدكتور محمد عمارة والكاتب فهمي هويدي والمستشار طارق البشري وعلى رأسهم الشيخ زغلول النجار وهو قمة التعصب واليكم بعض نماذج تعصبية نشرها في الأهرام: أ- "ونظرا لضياع أصول الرسالات السابقة كلها وتعرض ما بقى من ترجمات منحولة الى قدر هائل من التحريف الذي دفع بأهل الكتاب الى الشرك بالله والى عدد من الوثنيات القديمة والمعتقدات الباطلة.. الخ" (الأهرام 24 يناير 2005). ب-"وتؤكد سورة الأنعام معرفة أهل الكتاب بأن القرآن الكريم هو كلام الله وعلى الرغم من ذلك فهم لا يؤمنون به، انطلاقا من ظلمهم لأنفسهم وخسرانهم لها وتصف السورة الكريمة افتراءهم الكذب على الله وتكذيبهم بآياته بأنه من أبشع صور الظلم للنفس وتشير الى مواقف الحسرة والذلة والمهانة التي يقفها هؤلاء المشركون يوم القيامة وهم يسألون:.. أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ثم لم تكن فتنتهم الا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين" (الأنعام 22-23) (الأهرام 24 فبراير 2003) ج- وتؤكد الآيات في سورة الأنعام مرة أخرى "أن أهل الكتاب يعلمون أن القرآن الكريم هو كلام الله ولكنهم –على الرغم من ذلك يصرون على الضلال" (الأهرام 24 فبراير 2003). د-وتختم سورة الأنعام وتندد "بالذين حرفوا دينهم من أهل الكتاب وصاروا شيعا ويكذبون بعثة سيدنا محمد فتقول:- "ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ليست منهم في شئ انما أمرهم الى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون" (الأنعام 159) (الأهرام 24 فبراير 2003). ه-وفي ايجاز معجز وصفت الآيات الجنة وجعلتها عقبى الذين اتقوا، وجعلت عقبى الكافرين النار. وتشير الى أن من المفروض أن يفرح أهل الكتاب بالقرآن الكريم الذي تكاملت فيه كل الرسالات السماوية السابقة –ولكن من متعصبيهم من ينكره أو ينكر بعضه (الأهرام 21 فبراير 2005). و-اليقين بالقرآن الكريم وحيا خاتما منزلا من رب العالمين على خاتم أنبيائه ورسله وأنه كتاب معجز في كل أمر من أموره لأنه كلام رب العالمين وأنه الحق وما سواه الباطل (الأهرام 21 فبراير 2005).
يا حضرات السادة،
من الملاحظ أن المشرع المصري قد خصص الباب الحادي عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات للجنح المتعلقة بالأديان الذي تضمن المادتين 160-161 منه، وفيهما حدد عقوبات الحبس أو الغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه مصري ولا تزيد عن خمسمائة جنيه وتكون عقوبة الحبس الذي لا تزيد مدته عن خمس سنوات اذا أرتكبت الجريمة تنفيذا لغرض ارهابي وحدد فيها الأفعال الاجرامية الآتية:- "كل من شوش على اقامة شعائر ملة أو احتفال ديني خاص بها أو عطلها بالعنف أو التهديد، وكل من خرب أو كسر أو أتلف أو دنس مباني معدة لاقامة شعائر دين أو رمز أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء الملة".
وكذلك المادة 98 فقرة ا من قانون العقوبات تؤثم الازدراء بالعقيدة الدينية وتعاقب بالحبس ستة شهور الى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة جنيه الى ألف جنيه مصري.
وبعد كل ما ذكرناه ورغم الشكاوي العديدة من الأقباط لسيادة النائب العام لاعمال قانون الازدراء بالأديان المطبق –المفروض- في مصر المحروسة.. لا حياة لمن ينادي. فيبدو أن هذا القانون يطبق فقط للازدراء بالدين الاسلامي، أما الديانة المسيحية فهي "متروكة على البحري" لمن هب ودب من المسلمين أن يهاجموها وهم في حماية الدولة.
وبالرغم من كل ذلك لم نقم بالمظاهرات الهمجية ولا غير الهمجية ولم نطلب الاعتذار من أحد والا لكنا طلبنا الاعتذار للقرون الأربعة عشر منذ غزو مصر الى يومنا هذا.
لذلك نقول للنظام في مصر قبل أن تطالبوا الأمم المتحدة باستصدار قانون دولي للازدراء بالأديان، امنعوا واستنكروا ما يكتب ضد المسيحية في مصر ونقوا المقالات والبرامج التليفزيونية ومناهج التعليم من الطعن والشحن واحترموا الآخر وطبقوا مبدأ المعاملة بالمثل. وكفاية سياسة المكيالين المطبقة في مصر في عهدكم الزاهر.
وخير الختام تلك الآية من كتابنا المقدس من الانجيل حسب متى البشير "يا مرائي أخرج أولا الخشبة من عينك أنت. وعندئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك" مت5:7.
د. سليم نجيب رئيس الهيئة القبطية الكندية دكتوراه في القانون والعلوم السياسية محام دولي وداعية لحقوق الإنسان - قاض سابق عضو اللجنة الدولية للقانونيين بجنيف Fax: (514) 485-1533
#سليم_نجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول جريمة الأقصر
-
تمخض الجبل فولد فأرا
-
التمثيل النيابي للأقباط بين الأمس واليوم
-
من يعتذر لمن؟ – اللي اختشوا ماتوا
-
ترشيحات الأقباط وانتخابات مجلس الشعب
-
من زرع حصد
-
حول المواطنة وحقوق الأقباط
-
حرية العقيدة في الاسلام وفي مصر في ضوء المواثيق الدولية لحقو
...
-
خطاب مفتوح الى سيادة الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر
...
-
تحية اجلال وتقدير وشكر وامتنان
-
عالمية حقوق الإنسان
-
بيان الهيئة القبطية الكندية بشأن قضية الكشح
-
خطاب مفتوح الى سيادة الرئيس محمد حسني مبارك
-
رؤية الهيئة القبطية الكندية في الاصلاح السياسي والثقافي في م
...
-
مواطنون مصريون مسيحيون محرومون من الصلاة في أرض مصر
-
نتمنى للحوار المتمدن كل الازدهار والنجاح المستمر من أجل نشر
...
-
أين الأمن والأمان لفتيات أقباط مصر؟
-
تفجر الأوضاع فى مدينة أسيوط الأحداث بالتفصيل
-
نحو إصلاح سياسي شامل في مصرفصل الدين عن سياسة الدولة العلمان
...
-
القضاء المُسَيَس فى مصر ... إلى متى وإلى أين يأخذنا
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|