|
عن تلك الايام البعيدة!
سليم نزال
الحوار المتمدن-العدد: 5749 - 2018 / 1 / 6 - 19:47
المحور:
سيرة ذاتية
عن تلك الايام البعيدة!
سليم نزال ! كان مؤتمر اسرائيل و المسالة الفلسطينية اول مؤتمر ذات طابع دولى اشارك فيه.الحقيقة انى لم اكن مدعوا للمشاركة فيه كمحاضر .مثلما لم يسبق لى ان شاركت لا كمحاضر او مشارك فى هذا النوع من المؤتمرات, و ليس لدى اى خبرة فيها . و قد منحت وقتا قصيرا لكى اتحدث ضمن البرنامج الامر الذى اسعدنى .حضر هذا المؤتمر محاضرون عرب من فلسطين و لبنان و كذلك محاضرون اسرائيليون و اوروبيون و امريكان . و الحقيقة انها كان فرصة كبيرة لى لان اتعلم و التقى و اسمع افكارا و رؤى و اراء و تصورات من المحاضرين سواء عبر المحاضرات او عبر اللقاءات الاجتماعية التى كانت تتم فى اوتيل اوروبا .و لقد كنت حريصا ان اظل معهم طوال مدة المؤتمر و فى اللقاءات الاجتماعية التى كانت تتم بعد المؤتمر . انا بطبيعتى محب للفكر و الثقافة و احب ان التقى او استمع لمفكرين اصحاب رؤى. الجلسة مع مفكرين و مثقفين اصحاب رؤى تتيح للمرء ان يطرح اسئلة و يناقش الافكار و ان يتعلم . .والحقيقة انى اميل اقل للقاء رجال صحافة او سياسة .و الصحافيون المثقفون ثقافة عالية ليسوا بكثرة و ذات الامر مع رجال السياسة . . لكن يوجد بالطبع رجال سياسة من اصحاب رؤى عميقة .فى المنطقة العربية اعتقد ان الحبيب بورقيبة فى تونس كان رجل السياسة العربى الوحيد الذى كان يملك قراءات و رؤيا عميقة و فكر مستقبلى . كان له افكار مهمة حول التقدم لم تزل تصلح فى راى حتى الان .اما سائر الزعماء الثوريين (و دعك من انظمة الصحراء البدوية فى الجزيرة العربية) , فقد كانوا نسخا بهذا القدر او ذاك من النجاح و الفشل عن الظاهرة البيرونية فى الارجنتين التى هى مزيج من فكر قومى مع خليط عسكرى و تداخلات عائلية . . لقد جاء لزيارة النروج العديد من الشخصيات العربية و العالم ثالثية التى التقيت بعضها فى اطار ندوات كانت تنظمها وزارة الخارجية النرويجية مثل اللقاء مع الرئيس اللبنانى الاسبق امين الجميل حيث جرى بيننا حوار صريح فى اعقاب الندوة حول العلاقة اللبنانية الفلسطينية .و لكنى ارتاح اكثر لمحاضرات مفكرين مثل المفكر المصرى الماركسى سمير امين من جماعة الماركسية الجديدة الذى قدم محاضرة مهمة . و كذلك الباحثة المصرية نوال السعدواى .فمع اشخاص من هؤلاء يعود المرء الى البيت و هو يحمل زادا فكريا جديدا .اثناء محاضرة سمير امين سمعت لاول مرة افكاره حول المركز و الاطراف .و كانت تلك افكار جديدة على رغم انى عشت الكثير من الوقت فى اجواء الماركسية اللينينية .اشتريت بعدها باعوام كتابا باللغة الدانماركية حول جماعة الماركسية الجديدة و قرات عن افكارهم. اتوقف هنا قليلا لاتحدث عن المؤتمرات.اعتقد ان كل مؤتمر يساهم بقدر ما فى انضاج تجرية الانسان, و انا اتحدث هنا عن المؤتمرات ذات الصبغة الدولية التى تتم فيها مشاركات من محاضرين من بلدان عدة . و الفائدة تاتى سواء عن طريق ما يسمعه المرء من محاضرات او من خلال اللقاءات العديدة و الافكار الكثيرة التى يسمعها المرء من المشاركين و الصداقات الجديدة .و لقد اتيحت لى الظروف فى اوقات لاحقه ان اشارك و احاضر فى عدة مؤتمرات فى اوروبا و خارج اوروبا .و الحقيقة انى كنت حين اعود من المؤتمركنت احتاج لبعض الوقت لكى اهضم الافكار و الرؤى التى سمعتها خلال المؤتمر .و اعتقد ان هذا امر طبيعى لان المرء يلتقى فجاة بحوالى خمسين شخصا خلال فترة وقت لا تتعدى الثلاثة ايام و يسمع عشرات الافكار و المقترحات و يحتاج لوقت لينظمها او يغربلها فى عقله. . كان هذا المؤتمر اول لقاء لى باسرائليين من المشاركين فى المؤتمر و هم ممن يؤيد قيام دولة فلسطينية فى الضفة و القطاع .كان منهم صحافى لا اذكر اسمه و هو الصحافى الذى قابل ياسر عرفات اثناء حصار بيروت .كما كان هناك اخر اعتقد ان اسمه يوسف و هو يهودى مصرى الذى اخبرنى كيف كان الجيران المصريين من الاقباط و المسلمين فى الاسكندرية يهتمون به خوفا عليهم من رد فعل على ما كان يقوم به اليهود من مجازر العام 48.و الشخص الوحيد الذى اتذكره منهم كان ليا تسمل لانها محامية اسرائيلة معروفه بدفاعها عن السجناء الفلسطينين .و كان لى معها عدة لقاءات كان فيها الكثير من المرح .و لكنها احرجتنى ذات مرة عندما قالت لصديقة كانت معى طوال الوقت انتبهى منه ان عنده زوجه.و قصة هذه الفتاة قصة طريفة.كانت فتاة فائقة الجمال الى حد يلفت نظر اى شخص يراها .و كانت من النوع الذى يعتقد انها عاشت من قبل اى ممن يؤمنون بتناسخ الارواح.و قد اخبرتنى اننا كنا معا فى حياة سابقة.احترت هل اصدق ما تقول ام لا خاصة انى لا اعرف فى مثل هذه الامور . لكن بعد وقت عرفت انها فعلا تؤمن بما تقول.بل صرت امزح معها قائلا لا بد اننا التقينا فى الموزامبيق او فى نيبال.انا لا اؤمن بهذه الامور لكن احترمت ما تعتقده لكن ضمن حدود بالطبع. و هى لم تحاول ان تتعدى الحدود التى وضعتها لكن وجودها معى كل الوقت كظلى اثار بعض التساؤلات الصامتة او غير الصامتة لكنى كنت اتجاهل ذلك .قلت للمحامية لليلا تسمل ضاحكا انتم اليهود لا تعرفون سوى التخريب ! بعد بضعة سنوات على المؤتمر كنت التقى بامراة كانت تاتى دوما الى اللقاءات حول فلسطين .و ذات مرة تحدثت معها فقالت لى انها كانت فلسطينية من بيت لحم فى حياتها الماضية .و كانت هذه المراة تعمل مضيفة طيران .تذكرت الصديقة القديمة و ابتسمت. من اهم الشخصيات التى تعرفت عليها فى المؤتمر كان اللورد كارادون مندوب بريطانية فى الامم المتحدة عام 67 و صاحب مشروع القرار 242 الشهير و الذى استمرت الاتصالات بينى و بينه هاتفيا و عبر الرسائل حتى قبيل وفاته.و ما زلت اتذكر يوم قرات عن وفاة زوجته و اتصلت به هاتفيا لتعزيته حيث قال لى بالحرف الواحد قلبى مكسور ! قلت للورد كارادون ذات مرة .انت كنت حاكما عسكريا على نابلس فى ثلاثينيات القرن الماضى و تعرف ان فلسطين لنا الا تشعر بالذنب تجاهنا الان بسبب ما فعلته حكومة بلدك.قال انه لا يشعر بالذنب ثم صار يتحدث عن تعقيدات الاوضاع السياسية..و اثناء اللقاء طلبت من اخ فلسطينى مقيم فى السويد ان يلتقط صورة لنا ففعل و وعدنى ان يرسل لى الصورة و لم يفعل ذلك.
من الذين قابلتهم ايضا كان المفكر ابراهيم ابو اللغد.و كان اول شخص يلفت نظرى الى ثورة الظاهر عمر الزيدانى فى فلسطين فى القرن الثامن عشر ..كان الظاهر عمر زعيما اقطاعيا مثله مثل الامير فخر الدين المعنى فى جبل لبنان .مع فارق هام ان فخر الدين قام بحركة ضد الدولة العثمانية فى عز قوتها ,اما فى زمن الظاهر عمر فكانت الدولة العثمانية فى مرحلة التراجع.مثلما سمعت من ابو اللغد تعبير جديد هو الشعوب الفلسطينيه بمعنى ان الفلسطينيون توزعوا و عاشوا خلال الفترة الاخيره فى ظل انظمة حكم مختلفه الذى ترك اثاره عليهم و اعتقد ان ابو اللغد كان محقا فى هذا التعبير الى حد كبير. مثلما التقيت المحامى الفلسطينى رجا شحادة الناشط فى مجال الدفاع عن حقوق الانسان فى فلسطين .كان من الواضح انه صاحب تجربة مهمة فى مجال حقوق الانسان .قدم لى كتاب من تاليفه .لم التق به من يومها لكنى اقرا بين حين و اخر اخبارا عن نشاطاته فى هذا المجال . كانت تلك المرحلة ضمن ما اسميته مرحلة التكوين فى مسيرة حياتى الجديدة . كنت اشعر ان قدراتى فى مخاطبة الاخر الغربى لشرح قضية شعبى تتطور اكثر فاكثر . كما كنت اشعر ان هناك الكثير من الامور التى على ان اتعلمها فى مسيرى الحياة الجديدة و ان الفرصة باتت متاحة
#سليم_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن الهند و فلسطين
-
كان يوما رائعا !
-
فى الثقافة !
-
عندما يصبح الشاعر رجل سياسة بعيد النظر !
-
بداية مرحلة علمنة الفكر القومى العربى
-
الاسباب التى اعاقت ظهور الاسلام السياسى خلال القرن الماضى ؟
-
مراجعات فى التاريخ!
-
الحرب القذرة التى تخوضها السعودية!
-
من الظلم تحميل بلد صغير مثل لبنان فوق طاقته!
-
فى ذكرى ولاده البير كامو
-
كلاشينكوف و ام كلثوم فى المملكة العربية السعودية
-
قبل تجتاح تونس!
-
عن جائزة نوبل للسلام!
-
هناك شىء عفن فى دولة الدانمارك !
-
هل انت من عفار ام من عيسى ؟
-
عن ابى يوسف الفران.اخبار جديدة
-
فى ذكرى رحيل ادوارد البى
-
فلنتدرب على معرفة الحقيقة!
-
عن لقاء اميرة من زمن العصر الامبراطورى
-
يا له من يوم رائع !
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|