نبيل قرياقوس
الحوار المتمدن-العدد: 5746 - 2018 / 1 / 3 - 22:45
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أغتيال القاضي رحيم العكيلي وسط بغداد
كان ذلك في نهاية عام 2008 حين قابلت رئيس هيئة النزاهة في العراق القاضي رحيم العكيلي كمندوب صحفي حيث نشرت جريدة الزمان حينها كامل تفاصيل تلك المقابلة .
خلال تلك المقابلة التي استغرقت زهاء الساعة والنصف ، انتابني شعور خاص جدا لم أحس به خلال لقاءاتي الصحفية مع العديد من مسوؤلي الدولة بعد عام 2003 .
وجدت في كلام هذا الرجل ثقافة متطورة في فهم مجالات حقوق الانسان ، مثلما وجدت ان هذا الرجل يدرك الكثير من الحلول القانونية والمنطقية والمتطورة للتصدي للواقع الفاسد الذي تمر به كل مفاصل الدولة العراقية .
لم أجد في هذا الرجل ما نجده أو نحس به في معظم المسوؤلين العراقيين بعد 2003 وما نزال ، فالرجل فاهم لمعنى ( العدل ) وصادق في اقواله ، وأمين في مهنته ، وحريص على أداء واجباته ، ويمتلك دماغا متميزا ومتطورا يحاول به صنع وتوظيف القانون من أجل العدل ومن أجل خدمة كل أنسان عراقي دون تمييز ، فالقانون عند هذا الرجل ليس هو الهدف وأنما الهدف عنده هو العدل وحقوق الانسان وفق المنظور الحديث والمتطور ، وما القانون سوى الوسيلة المناسبة التي يجب تطويرها بأستمرار للوصول الى هدف تحقيق أقصى ما يمكن من حقوق الانسان .
خرجت من لقائي مع هذا الرجل وانا في حالة حزن كبير لم أحس به عند لقائي بأي مسوؤل سابق ، وكان جُلّ حزني يَتَرَكزُ في ما سيوؤل اليه حال مثل هذا الانسان العادل والشجاع وهو يشغل موقع المسوؤل عن محاصرة ومحاربة الفساد في دولة تتنازعها ايادي الصراعات المصلحية السياسية ، دولة مشلولة بكاملها بداء الفساد ،
حاولت بعد ذلك اللقاء البحث مزيدا عن هذا القاضي ، لمعرفة المزيد عنه وعن تاريخه الوظيفي قبل 2003 ، وكان أفضل مجال للبحث عنه هو المواطنين العراقيين الذين عمل وحكم بينهم قبل 2003 ، فوجدت ان الأغلبية تمتدح هذا الانسان وقد عمل حينها في محاكم الاحوال الشخصية في بغداد ، فهو كان القاضي النزيه والشريف الذي نادرا ما أشتكي احدا من ظلمه او من تجاوزاته .
نعم ، بعد لقائي بالقاضي رحيم العكيلي ، توقعت أن أسمع ذات يوم بخبر أغتيال هذا الرجل مع دموع مصطنعة للتباكي عليه ، الا أني أعترف لكم بأني لم يخطر على بالي بأن يتم أغتيال هذا الرجل مع الاصرار على مصادرة كل امواله المنقولة وغير المنقولة ، لا بل معاقبته بعد كل ذلك بتجويع زوجته واطفاله وحرمانهم من استلام الراتب التقاعدي الاصولي والخاص بمعيلهم الوحيد .
أغتيال القاضي رحيم العكيلي وظيفيا هو أحد الصور البارزة لكامل المشهد العراقي بعد 2003 !!
نبيل قرياقوس
3-1-2018
#نبيل_قرياقوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟