أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - حوار مع الله














المزيد.....

حوار مع الله


بسام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 5746 - 2018 / 1 / 3 - 08:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كانت الساعة الثالثة فجراً عندما توقف قلبي عن النبض. مُتُ بهدوء بين الناس الذين أحبهم ولم يكن هناك لا ألم ولا أسى. جئت الى هذه الدنيا وحيداً وتركتها وحيداً. كل ما تركتهُ خلفي لا يتعدى بعض الافكار التي كنتُ أتمنى أنها ستصلح حال الناس الذي أحبهم. لكن... لقد فات الأوان وها أنا ميت وكأنني لم أكون يوماً.

كيف عرفت أنني ميت؟ سمعت صوتاً ينادي باسمي منتصف الليل. بسام... بسام... حان وقتك. فتحت عيني، ففهمت أنني ميت لامحالة. فها هو عزرائيل بثيابهِ الحمراء ولحيتهِ البيضاء يجلس جواري في السرير ويخاطبني. لا أحد يراه او يسمعهُ سواي. فأنا الميت هنا بين الاحياء.

أجبت بدون تفكير، كيف عرفت أسمي ومن تكون أنت؟ رغم أنني أعرف الجواب على هذه الاسئلة مسبقاً، لكن الكلمات كانت تتسلل وكأنها ماء دافق من بحر الافكار الحائمة في محيط الموت الابدي. عزرائيل هز رأسهُ بهدوء وقال، لو أخذت درهماً واحداً كل مرة أحدهم يسألني هذا السؤال لأصبحت بغنى الله نفسهِ.

ضحكت في قرارة نفسي وأنا أتخيل عزرائيل يلبس اساور الذهب. لكنني تمالكت نفسي وسألتهُ، ماذا الآن؟ هل ستأخذني الى الجحيم؟

عزرائيل: هههههه، لا طبعاً!! سنذهب أولاً الى الله فهو يريد أن يقابلك.
بسام: الله، هل هو موجود فعلاً؟
عزرائيل: موجود مثلي ومثلك، لكنهُ كسول ويكلفني كل مرة يموت فيها أحد أن اذهب وآتي بهِ. كأنني لا شغل ولا عمل لي غير أن أقضي مشاويرهُ.
بسام: لكن إذا كان الله موجود، فهذا يعني أن مصيري الجحيم، لأنني دفعت بالآلاف وربما الملايين الى الالحاد؟
عزرائيل: ما هذا الكلام الفارغ، لا تدخلني بمشاكلك مع الله. لنذهب لهُ الآن فأنا لي حياتي ولا تحشروني بمشكالكم لطفاً.

أخرج عزرائيل جهاز الكتروني غريب من جيبهُ فيه شاشة مضيئة بالأزرق. كبس كبسة زر وإذا بنا ننتقل من مكان لمكان. كان الجو بارد جداً في المكان الجديد. فصرخت بعزرائيل. لماذا لم تقل إن الجو بارد هنا؟

عزرائيل: أففففف... أنتم يا بشر تموتون ولا تتنازلون عن وسائل الترفيه والتدفئة.
بسام: طبعاً... هذا حقي.
عزرائيل: ناقش هذا مع الله أنا ذاهب الآن.

كبس كبسة ثانية على جهازهِ فأختفي.

نظرت حولي فلم أرى شيء، سمعت أحدهم يناديني باسمي. بسام!!

بسام: الله؟؟ هل هذا أنت؟ أين أنت؟؟
الله: هنا... هنا... انظر للأسفل.

نظرت تحت قدمي فإذا بكائن غريب الشكل قصير القامة لا يتجاوز ارتفاعهُ الشبرين.

بسام: هل انت الله؟
الله: نعم... تشرفنا... وانت بسام كما أعلم طبعاً.
بسام: نعم... لكن.
الله: أرجوك لا تتمسخر من حجمي، فهذه اول عبارة يتساءل عنها البشر الذين اراهم هنا كل يوم.
بسام: لا... لا... عفواً. ليس الموضوع موضوع حجم، لكنني اضحك على صوت الآذان الذي ذبحونا بهِ 1400 سنة، الله أكبر!! وانت في الحقيقة بالكاد تصل الى ركبتي.
الله: هناك سوء فهم واضح. البشر يعتقدون بأن الله كبير وعملاق ومرعب.
بسام: الخطأ خطأ انت جعلتهم يعتقدون ذلك.
الله: أنا!!؟؟
بسام: نعم أنت، انبيائك الواحد تلو الآخر كانوا يحدثونا عن عظمتك وبهائك و و و... بالمناسبة بيتك بارد جداً. كيف يكون بارد ونحن في السعودية؟
الله: أولاً، لا أعرف عن أي انبياء تتحدث، ثانياً، نحن لسنا في السعودية والعياذ بي.
بسام: لكن... بيتك في مكة... أم هذه ايضاً افتراء عليك مثل حجمك؟
الله: ههههه... وهل من إله أو حتى ملاك سكران يرغب أن يسكن في صحراء؟
بسام: لكن... عفواً. مسكنك هنا في هذا الجو البارد ليس أفضل بكثير من الصحراء الدافئة. أين نحن؟ في السماء؟؟
الله: هههه ما هذه الخرافات؟ أي سماء وأي بطيخ؟ لا طبعاً نحن على كوكب الارض. بالضبط في القطب الجنوبي.
بسام: هذا يفسر درجة البرد الشديدة.
الله: نعم، التدفئة هنا صعبة قليلاً خاصة بعد أن تخاصمنا أنا وجبرائيل، وهو خبير بموضوع التدفئة كما تعلم، أما أنا فمنذ تركنا جبرائيل أدركت بأنني لا أساوي درهم بموضوع الصيانة المنزلية.
بسام: ولماذا تخاصمت أنت وجبرائيل؟ وما الخلل في التدفئة هنا؟ ربما أستطيع مساعدتك؟
الله: أنها قصة قديمة عمرها 2000 سنة عن فتاة وقعت في حبها، فخانني جبرائيل معها، لا داعي لفتح جروح الماضي. فأنا أقدر صداقة جبرائيل فعلاً، خاصة وأن البرد قارص الآن.
بسام: حسناً، فهمت... لا تقلق!! لن أمثل دور الطبيب النفسي، لكن!! ماذا تفعل هنا؟ وأين الجحيم والشياطين وكل هذا الكلام المرعب الذي ينتظرنا نحن الملحدين؟
الله: يا بسام ... يا بسام... دعك من الكلام الفارغ هذا والمزاح الآن. جئت بك الى هنا لأنني أريد أن أناقشك في موضوع هام وخطير. يتعلق بالبشرية!!
بسام: أنا ميت الآن... فماذا أستطيع أن أفعل للبشرية؟ وبما أنك لا تستطيع اصلاح مدفئة، فعلى الغالب أنت لا تستطيع فعل شيء للبشرية كذلك.
الله: موضوع الموت والحياة موضوع مبالغ بهِ جداً. صدقني.
بسام: كيف يا الله؟ اليس الموت هو النهاية الابدية؟
الله: يبدو أن أؤلاءك الذين أدعوا أنني ارسلتهم قد لعبوا في عقولكم!! ما هذه الكلام الفارغ؟
بسام: الذين يدعون؟؟ هل تقصد أنك...
الله: بالضبط...
بسام: لكن... ابراهيم... عيسى. موسى. محمد؟؟؟ الانجيل والقرآن؟؟
الله: مجانين ضحكوا عليكم وأنتم الاغبياء صدقتموهم
بسام: لا.. لا... الزم حدك يا الله، فأنا لم أصدق واحداً منهم. قصة وجودك كلها لم ترق لي وكان فيها الكثير من المغالطات المنطقية.
الله: لهذا أنت هنا الآن... أريد أن أناقش بموضوع مهم... دع الكلام الفارغ عن كم مجنون من البشر. فأنا أعرف البشر منذ بدايتهم وعدد المجانين بينهم يفوق عدد الذين عددتهم بكثير.
بسام: حسناً، هل لديك شيء دافئ نشربهُ؟ فأن البرد بدأ يخترق عظام روحي.
الله: جايجئيل سيأتي ببعض الشاي بعد قليل. تفضل أجلس.

فجلست.. وفتح الله فمهُ وقال...

_________________
البقية في الجزء الثاني!!



#بسام_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكلمة الافتتاحية لملتقى الملحدين العرب
- لماذا أشهر آنتوني فلو إسلامهُ
- ماذا لو أكتشفنا وجود الله بعد الموت؟
- ماهي المثلية الجنسية ولماذا نخاف منها؟
- خطر الإيمان بالسحر و الجن والله
- حول ندوة تهافت الفكر الالحادي
- ماهو مصدر الاخلاق؟
- كيف نعرف بأن الله غير موجود؟
- أعظم أسرار الدول العظمى وكيف تبنى هذه الدول
- ماهو سر أرتفاع نسبة الانتحار بين الملحدين؟
- جميعنا ملحدين... جميعنا مؤمنين
- ماهو الفرق بين الإخوان في مصر والقاعدة في العراق؟
- هل ترى عقلك أيها الملحد؟
- محاكمة الله بتهمة الاساءة للأديان
- هكذا مات الله
- الدليل ليس عداء للأديان بل أحتراماً للإنسان
- ليسقط الله و ليحيا الإنسان
- ماهي الغاية من وجود الله؟
- سقوط الدكتاتوريات وسطوع نجم الله
- الله يسكن في السماء أما الإنسان فيسكن حيث يريد


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - حوار مع الله