|
عم.. يتنافسون؟
عبد الإله بوحمالة
الحوار المتمدن-العدد: 1476 - 2006 / 3 / 1 - 11:03
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
شيء واحد عام يكمن وراء طرح هذا التساؤل الاستنكاري.. إنه التطلع إلى نوعية ومضامين البرامج السياسية التي ستدافع عنها الأحزاب المغربية بمختلف ألوانها في انتخابات 2007 ـ وقد باتت على الأبواب ـ في ظل ما لحق نشاطها الفكري من جمود وتيبس وإفراغ للمضمون، وفي ظل الصورة الباهثة التي قدمتها عن نفسها بنفسها من خلال غليان الصراعات الداخلية والتشظيات والانقلابات التي لم تفتر طيلة السنوات القليلة الماضية.
إنه السؤال، بدرجة أولى، عن اللغة السياسية التي ستعتمدها الأحزاب لتقنع كتلة ناخبة فقدت الثقة.. ودرجة حرارة الصدق والمصارحة في نبرتها.. والوعود التي يمكن أن تقدمها من جديد.. وتساؤل عن آليات التعبئة والتحفيز التي يمكن أن تتوسل بها لمخاطبة الجماهير واستقطابها وقد بات الكل يدرك أن الجراب أضحى خاويا وأن "الخرق اتسع فعلا على الراقع".
إنني أتساءل عن التبريرات التي ستجترحها بعض الأحزاب الممارسة للشأن العام حاليا.. عن عجزها الواضح أمام مجمل المطالب والانتظارات الاجتماعية التي وعدت بتحقيقها قبل سنوات وعن فحوى إجابتها عن حالة "الكلاكاج" العام "claquage" التي تسري في كل القطاعات الحيوية بالبلاد.. عن معدل النمو والإنعاش الاقتصادي الموعودين.. ومشاريع التنمية والإقلاع ومخططات البناء والإصلاح.. عن أي محاولة ناجحة قامت بها للخطو في اتجاه تجاوز دوامة الأزمة وتضميد بنيات النزيف الاجتماعي بما فيها من فقر و"هشاشة"! وتهميش وبطالة وهجرة سرية.. وعن أي محاولة ولو بسيطة لخلخلة بنيات الاستنزاف بما فيها من فساد ورشوة وارتجال وهدر للمال العام..
أتساءل عما تبقى في جعبة هذه الأحزاب من حجج لإقناع شباب فتحت عيونه عن آخرها على عاهات العمل السياسي الحزبي وأمراضه المزمنة وهو لا يتنفس إلا اصطناعيا وبمساعدة الدولة.
من يا ترى من الأحزاب السياسية، سيجرؤ مستقبلا على رفع شعار الإصلاح والتغيير والمناداة به مرة أخرى كما في السابق؟. هل هي الأحزاب التي خرجت من الحكومة قبل 98، وكان خروجها تحت طائلة تحقيق هذا الشعار البراق بالذات بعد سنوات طويلة من الإقامة الجبرية؟. ثم توارت في الظل لمدارات أعراض وأعطاب شيخوختها. أم هي الأحزاب التي كانت وقتها في المعارضة وتغنت به كشعار في موقعها ذاك، لكن حينما عهد بالأمر إليها في نهاية المطاف على سبيل المنحة، اكتفت بتطبيق تغييرات ميكانيكية شكلية استبدلت الوجوه والأشخاص والكراسي و"الحواشي" ولم تغير من عمق السياسات وجوهر التوجهات والاستراتيجيات والبرامج شيئا يذكر؟.
ثم بمنطق العرض والطلب أو بمنطق السوق أقول: أية قيمة ستكون للبرامج السياسية الحزبية المقبلة في ظل غزارة العارضين وتشتت المشهد وإعراض الزبائن المستهدفين؟. وما الجدوى التي ستكون من ورائها إذا جاءت هذه البرامج، كما في التجارب الماضية فضفاضة وهلامية ومليئة بالمبالغات والوعود والنوايا ومتشابهة إلى حد الاستنساخ؟. أية قيمة عملية ستكون لها إن فرضت إكراهات اللحظة التنافسية الشرسة تقديمها من جديد من خلال تحالفات مفبركة لأحزاب معروفة بتجاذباتها القاتلة في إطار الواحد المنسجم فما بالك بها في إطار التعدد الترقيعي الهجين؟.
ثم عن أي مشروع ستدافع الأحزاب السياسية ذوات الخلفية الإسلامية؟. وتحت أي شعار؟. هل يمكنها مثلا أن تستثمر يافطة "الإسلام هو الحل" وقد أصبحت شعارا فعالا في ظل الواقع السياسي المشحون الذي تعيشه الدول العربية والإسلامية هذه الأيام؟. وهل سيكون بمستطاعها ترجمة هذا الشعار إلى مشروع اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي عام أم ستوظفه كطاقة للاستقطاب ودغدغة مشاعر المؤمنين ليس إلا.
ثم أخيرا، ماذا يمكن أن ننتظر من برامج سياسية تقدمها أحزاب وليدة على عجل في مضمار العملية الانتخابية القادمة وهي حينها، في المعظم، لن تتجاوز عمر السنة، من وجودها القيصري الملتبس بدون امتداد لا في التاريخ ولا في الجغرافيا وبدون سند فكري ولا وضوح سياسي أو حتى مذهبي، بل ربما بدون هياكل وأطر وتنظيمات حقيقية على الأرض؟. هي تساؤلات عامة وغيرها كثير، ما كانت لتطرح لو أن الأحزاب عندنا تولي اهتماما بسيطا بتحليل مجال اشتغالها لتتبين معطياته الاجتماعية والاقتصادية قبل كل استحقاق انتخابي على الأقل.. لكن العادة جرت بحكم استحكام بنيات الارتجال وعقليات التقليد والاستسهال ان تستعد الأحزاب لكل شيء ولأي شيء إلا أن يكون برنامجا سياسيا واضحا ومتكاملا وعقلانيا.. وفوق هذا وذاك أصيلا من بنات أفكار الحزب واختياراته وليس مستنسخا من هنا وهناك.
#عبد_الإله_بوحمالة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطاب التشغيل في المغرب: الهروب بلغات متعددة
-
من المعارضة إلى المشاركة_تحولات السلوك السياسي الحزبي في الم
...
-
الأحزاب السياسية في المغرب
-
تخلف جهل.. وحضارة جهالة
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|