رشاد الشلاه
الحوار المتمدن-العدد: 1475 - 2006 / 2 / 28 - 10:33
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
زفّ رئيس الوراء العراقي الدكتور إبراهيم الجعفري يوم السادس والعشرين من شباط، أي بعد مرور ثلاثة أيام على الفعلة اللئيمة بحق قبة روضة الإمامين العسكريين في سامراء، زف بشرى إلى الشعب العراقي و محبيه مفادها أن "لا يوجد في العراق شيعي ضد سني أو سني ضد شيعي أو مسلم ضد غير مسلم... يجمعنا جميعا العراق." وكان زفاف هذه البشرى بحضور بعض القادة السياسيين من الشيعة والسنة ومشاركة رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البرزاني، ولا ادري هل سيصدق العراقيون ومحبوهم هذه البشرى وهم يودعوا القبور يوميا ضحايا القتل على الهوية و الفتنة الطائفية التي لم تخمد منذ شهور عديدة في مختلف مناطق العراق حيث تشهد نزوحا يكاد أن يكون جماعيا داخل الوطن والى دول الجوار والعالم، لجماعات شيعية وسنية ومسيحية هربا من جحيم الحقد الطائفي والديني و الاختطاف والتصفية.
إن التستر على الاحتراب الطائفي والديني، أو التبسيط في طرحه بل وتجاوزه بأمنيات وردية ذاتية، لا يلغي وجوده المر، فهو كمن يعالج مرض السرطان بالمسكنات، والصراع الطائفي الجاري في العراق سرطان فتاك يتطلب علاجا سريعا وناجعا، وعلى القادة السياسيين الاعتراف بان هناك واقعا طائفيا تأصل قبل الغزو الأمريكي في حملة إعلامية منظمة هدفت إلى تقسيم العراقيين تعسفا إلى كرد وعرب سنة وشيعة، وكأن شيعة العراق لا قومية لهم، وتجسد هذه التقسيم في أحزاب وتشكيلات سياسية طائفية سنية وشيعية قبل الغزو، وبعده عملت هذه الأحزاب والتشكيلات على تسييس جماهيرها طائفيا واستغلالهم لمآربها الأنانية الضيقة على حساب خلاص البلد من محنة الحقبة الديكتاتورية وتبعات انهيارها على يد القوات العسكرية الأجنبية.
ولم يكن سقوط مئات الضحايا، و انتهاك عشرات الأماكن المقدسة، بسبب رد الفعل وتداعيات جريمة سامراء المنكرة ليحدث بهذه السعة لو لم يتأصل الاحتقان الطائفي و يتصاعد، مع غض الطرف عن التصدي له، بل كان هناك إصرار وما يزال على التمسك بالاستحقاق الطائفي بأعذار واهية شتى، مقترنا بعدم تقدير مدى خطورته على الجميع من متطرفين ومعتدلين وجميع أبناء العراق والمنطقة، ففور إذاعة خبر فاجعة الضريح المقدس في سامراء وقبل التيقن من مسؤولية الجهة التي تقف خلفه، سارع المتصارعان الطائفيان المتطرفان إلى اتهام الجهات المساندة لكل منهما في تبعية مسؤوليته. ليظل المواطن العراقي في حيرة من أمره، وليبقى الفاعل الحقيقي عراقيا كان أو "ضيفا" وافدا من خارج الحدود، هو المنتصر في هذه الجولة الطائفية.
إن واحدة من أهم أسباب تأزم النعرة الطائفية وتفشيها إضافة إلى التدخل الإقليمي السافر، هو عدم تصديق المتطرفين السنة ومسلحيهم بأن الطائفة السنية قد فقدت امتياز السلطة، وهي الأقلية، وبمقابل ذلك سوء إدارة الأغلبية الشيعية للسلطة السياسية في البلاد وعدم استطاعتها كسب الآخرين وطمأنتهم، بل وارتهان قادتها لرغبات المتطرفين منهم ولمسلحيهم الذين حولوا السواد الأعظم من كادحي أبناء شعبنا إلى لطّام بكاء صباح مساء.
#رشاد_الشلاه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟