|
هل سينجح راهول غاندي في المهمة؟
عبدالله المدني
الحوار المتمدن-العدد: 5737 - 2017 / 12 / 24 - 11:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السؤال، عنوان المقال، هو سؤال الهند الكبير هذه الأيام، بل منذ لحظة انتخاب الشاب راهول غاندي ( 47 عاما) مؤخرا على رأس حزب البلاد التاريخي الأشهر الذي تأسس قبل 132 سنة، وكان وراء استقلال الهند، وتأسيس ديمقراطيتها الصامدة، والذي حظي بقيادتها على مدى عقود متواصلة دون منافس حقيقي عدا سنوات قصيرة.
وسبب هذا السؤال الكبير هو أن حزب المؤتمر تراجعت شعبيته كثيرا في السنوات الماضية بدليل عدم تمكنه من حصد مقاعد برلمانية كثيرة في آخر انتخابات عامة على المستوى القومي في سنة 2014. ففي تلك الإنتخابات لم يحصل إلا على 44 مقعدا من مقاعد مجلس النواب ( لوك سابها) البالغ تعدادها 545 مقعدا، فكانت تلك الواقعة بمثابة هزيمة نكراء له لم يتجرعه من قبل. ولعل ما ساهم في زيادة جرعة الألم والهزيمة أن غريمه المختلف عنه في كل شيء وهو حزب «بهاراتيا جاناتا» القومي كسح الانتخابات بصورة غير متوقعة ونال حصة الاسد من المقاعد ( 206 مقاعد) ليحكم الهند وينفذ أجنداته السياسية دون متاعب.
وقتها عزا مراقبون كثر الأسباب لجملة من العوامل: منها تفشي الفساد في أروقة حزب البلاد التاريخي بعد رحيل قادته الكبار الأفذاذ منذ اغتيال سيدة الهند الحديدية أنديرا غاندي على يد حارسها السيخي في أكتوبر 1984، ومنها أيلولة قيادة الحزب إلى الهندية الكاثوليكية من أصل إيطالي «سونيا غاندي»، ومنها عدم إكتراث الحزب كثيرا بالأمور الاقتصادية والمعيشية للسواد الأعظم من الهنود، ناهيك عن عامل مهم آخر هو نجاح حزب المعارضة الرئيسي في تحقيق نجاحات اقتصادية مذهلة في ولاية غوجرات التي حكمها على مدى عقدين متواصلين من خلال رمزه «ناريندرا مودي» رئيس الحكومة الهندية الحالية والذي لم يتردد في استخدام ذلك الإنجاز في القفز إلى السلطة من خلال انتخابات عامة حرة ونزيهة.
يمكن القول أن الطريق غير معبد أمام راهول لإعادة الوهج الغائب لحزبه وإستعادة السلطة من بهاراتيا جاناتا في الانتخابات العامة القادمة ليس لأن الرجل شاب تنقصه الخبرة السياسية التي كانت تتمتع بها جدته أنديرا ومن قبلها جده الأكبر جواهر لال نهرو فقط، وليس لأنه قليل التعليم فحسب ( فهو درس في جامعات هندية وأمريكية وبريطانية عريقة وتخرج منها حاملا ليسانس الآداب وماجستيرالفلسفة)، وإنما أيضا بسبب وجود شخصية سياسية ماكرة وذات شعبية طاغية وعالمة بخبايا السياسة الهندية ودهاليزها مثل مودي على رأس الحزب المنافس، خصوصا وأن الأخير تمكن خلال السنوات القليلة الماضية من إحداث ثورة في سياسات الهند الداخلية والخارجية، وحافظ على موقعها كقوة إقليمية ودولية صاعدة.
إلى ذلك لا يخفى على المراقب لأحوال الهند أن حزب المؤتمر لم يعد ذلك الحزب المتماسك كما كان في معظم سنوات ما بعد الاستقلال. فالانقسامات تعصف به، وهناك من رموزه من قبل بزعامة راهول على مضض لأنه كان يفضل شخصية قيادية أخرى من داخل أروقته أو على الأقل شقيقة راهول الكبرى (بريانكا فادرا) التي تملك خبرة أكبر من أخيها في كيفية تحريك الجماهير ودغدغة عواطفها وإثارة مشاعرها خصوصا وأنها تذكرهم بجدتها الراحلة أنديرا في بدايات مشوارها السياسي. أما راهول فهو لئن كان صاحب شخصية طيبة وقريبة إلى القلب بحسب وصف صحيفة «فاننشال تايمز» البريطانية، فإنه من جانب آخر شخصية صامتة وخجولة، وهذه صفات لا تصلح لمن يريد خوض المعارك والجولات الانتخابية الجماهيرية في بلد كبير كالهند تتصادم فيه الجهويات والأعراق والثقافات العديدة المتباينة.
وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أن راهول حاول مؤخرا تفادي هذا الخلل في شخصيته بكثرة الظهور في المحافل الإعلامية والسياسية وتعمد بناء العلاقات الشخصية والسياسية مع رموز المجتمع السياسي الهندي، خلافا لما درج على قوله طويلا من أنه يكره السياسة والاضواء ويفضل عليهما الحياة الهادئة ورياضة الكريكت ذات الجماهيرية الطاغية في شبه القارة الهندية، وهذا ما أكده ذات مرة الاقتصادي والفيلسوف الهندي الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد لسنة 1998 «أمارتيا سن». غير أنه على الرغم من هذا الانقلاب في حياته، والذي يذكرنا بما حدث لوالده «راجيف غاندي» بعيد اغتيال والدته أنديرا، فإن أمام راهول اليوم تحديين عليه مواجهتهما باقتدار إن أراد أن يحقق شيئا لحزبه في الانتخابات العامة القادمة المقرر إجراؤها عام 2019. التحدي الأول هو إثبات قدراته السياسية الشخصية من خلال تطوير ثقته بنفسه والتدرب أكثر فأكثر على الظهور كخطيب مفوه قادر على استمالة الناخبين، ومتمكن في الوقت نفسه من تسديد لكمات موجعة ضد منافسيه. والتحدي الثاني هو إعادة بناء حزب المؤتمر وهياكله المتصدعة ورص صفوف رموزه، مع بناء تحالفات أو تفاهمات مع الأحزاب السياسية الأخرى المتضررة من أجندات حزب بهاراتيا جاناتا القومية.
لكن من يدري ؟ فقد تنقلب كل التوقعات رأسا على عقب ويحقق راهول المستحيل. نقول هذا لأن بلدان جنوب وجنوب شرق آسيا عودتنا دوما على المفاجآت لجهة اختيار حكامها، حيث تغلب العاطفة على التوجهات الاقتراعية للجماهير، خصوصا إذا ما كان المرشح شخصا مثل راهول الذي يعج مشواره بالآلام إبتداء من إغتيال جدته وانتهاء باغتيال والده على يد متطرفة تاميلية في ديسمبر 1989، ومرورا باللغط الذي دار حول أصل والدته.
---------- رابط الموضوع + صورة راهول غاندي http://www.alayam.com/Article/courts-article/408062/%D9%87%D9%84-%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%AC%D8%AD-%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%88%D9%84-%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D9%85%D8%A9-%D8%9F.html?vFrom=mpLWT
#عبدالله_المدني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متاعب ما بعد الملكية.. النيبال نموذجًا
-
ماذا تريد واشنطون من نيودلهي؟
-
قائد الدبلوماسية الإماراتية في سنوات التكوين الأولى
-
هل نجحت زيارة ترامب الآسيوية؟
-
هدى الغصن.. أول مديرة تنفيذية في تاريخ «أرامكو»
-
الشاعر المتمرد على الصمت المنافق
-
نصر بطعم الهزيمة
-
ماذا وراء الدعوة لانتخابات مبكرة في اليابان؟
-
شارع الملك خالد.. شانزليزيه الخبر والمنطقة الشرقية
-
مأزق واشنطن مع طهران وبيونغيانغ
-
نفته بريطانيا من مصر فعاد إلى لندن سفيرًا للسعودية
-
فارس النغم الكويتي أقسم ألا يلمس العود!
-
ولا تزال الهند تقدم النماذج والمفاجآت
-
العتيقي.. وزير كويتي أصوله قرشية وأجداده نزحوا من نجد
-
الجماعات المتطرفة تهدد وحدة أندونيسيا وتنوعها
-
رائد الفنون التشكيلية في السعودية
-
أسباب اللهاث الصيني وراء أفريقيا
-
الأب الروحي للأغنية السعودية.. قلبه بالمحبة مبتلى
-
ما الذي يحمله المستقبل لروسيا اقتصاديًا؟
-
شاهدته ولا تعرفه
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|