|
لماذا فشل -العلاج بالصدمة- فى مصر ؟!
سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.
(Saeid Allam)
الحوار المتمدن-العدد: 5736 - 2017 / 12 / 23 - 13:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
على ضوء الشموع الحزينة، يستقبل الناس الذين سبق ان ملئهم الامل ونشوة النصر، مع 25 يناير 2011، ثم استيقظوا بعد حين ليجدوا حلمهم وقد تحول الى كابوس .. وهذا حالهم، يستقبلون الذكرى السابعة لانتفاضة 25 يناير 2011 .. ولكن، هناك دائما امل.
.................................
بالرغم من اتخاذ السلطة الحاكمة حالياً فى مصر للخطوات الازمة لتحقيق "الصدمة الاقتصادية"، للخروج من الأزمة المزمنة التى يعانى منها الاقتصاد المصرى لسلطة يوليو الممتدة، الا انها فشلت، حتى الان، بسبب انانيتها الطبقية والفئوية، واصرارها على الاستحواذ منفردة على كل السلطات؟!
وبالرغم من ان السلطة قد اختارت اللحظة المناسبة، وفقاً لنظرية "العلاح بالصدمة"، لاحداث "الصدمة الاقتصادية"، المتمثلة فى حزمة من الاجراءات الاقتصادية والمالية شديدة القسوة والمفاجئه، والمدعومة سياسياً وامنياً واعلامياً. تلك اللحظة المناسبة التى كان فيها المجتمع المصرى يعانى من اضطرابات سياسية هائلة، تمثلت فى صراع وجودى بين انتفاضة شعبية واسعة وعميقة وممتدة، بدءاً من 25 يناير 2011، وبين قوى اجتماعية متنفذة، عتيقة وخبيرة، مقاومة للتغيير، او ما يسمى بقوى "الثورة المضادة".
الصراع بين هاتين القوتين خلق حالة من القلق والخوف وكثيراً من الرعب، الذى ساد المجتمع، والذى وصل الى ذروته فى تكفير قطاعات من الجماهير للثورة وترحمها على ايام رأس النظام الذى اسقطته منذ قليل!. هذه الانتكاسة التى غذاها عدم توفر قيادة واعية ومنظمة معبرة بشكل حقيقى عن المطالب الحقيقية لجموع المنتفضين، وغذاها ايضاً، نجاح القوى المضادة فى تعميق مظاهر الانفلات الامنى، وانتشار العنف العشوائى والمنظم، وتنظيم الاختناقات المتتالية فى الاحتياجات التموينية والحياتية الاساسية للمواطنين. عندها توفرت الظروف المناسبة ليتحقق، عن طريق "الصدمة والرعب"، ما لم تستطع سلطة يوليو الممتدة ان تحققه من قبل.
وبالفعل بعد انتهاء المرحلة الاولى، من خطة الامتصاص التدريجى لـ"تسونامى" 25 يناير 2011، بالتخلص اولاً من الاخوان فى 3 يوليو 2013، بعد سنة "اضحوكه" من الحكم، بعد ان تم استخدامهم، كالعادة، لأداء دورهم، - المحدد من قبل -، فى اجهاض تطور الانتفاضة الى ثورة، وذلك بعد ان كان قد تم التخلص فى 11 فبراير، من مشروع الوريث المدنى، فى الانقلاب الناعم، "انقلاب القصر". عندها بدأت المرحلة التالية، حيث اصبح مسرح العمليات مجهز للأجهاز دفعة واحدة على الخطوات المترددة من عملية التحول من الاقتصاد الموجه مركزياً الى اقتصاد السوق الحر، تلك الخطوات المترددة التى بدأها السادات، ثم تراجع عن سرعة وكثافة انجازها بعد انتفاضة 18 و 19 يناير "ايضاً" 1977، ولكنه استمر من بعدها فى تنفيذ تلك الخطوات ولكن بشكل تدريجى، كما فعل مبارك من بعده. ثم جاءت ساعة الحسم لانجاز كل الخطوات دفعة واحدة، "الصدمة الاقتصادية"، على ايدى ثوار يناير المغدورين برفقاء "الثورة"، وبأعداء الامس والغد!.
لقد شكلت جملة من الاجراءات القاسية السريعة والمتلاحقة فى السياسة والاقتصاد والامن والاعلام، حزمة واحدة معدة باحكام لضمان تنفيذ ما لم يتم تنفيذه من قبل، دفعة واحدة، وبدون مقاومة تذكر، انها سمات "العلاج بالصدمة" الذى لا يمكن مباشرته الا فى الحالات التى يكون فيها المجتمع فاقد توازنه، سواء بسبب كارثة طبيعية او حرب اهلية او اضطرابات سياسية واسعة.
"اللى عايز الدح ما يقولش اح" !
يهدف العلاج بـ"الصدمة الاقتصادية" الى اتاحة "كل" السوق المحلية امام الاستثمار الخاص، المحلى الكبير او الدولى العابر للحدود، ورفع يد الدولة كلياً عن التدخل فى المسار الاقتصادى، وتركه تماماً لقانون السوق الحر، العرض والطلب، ووقف كل دور حمائى للدولة، وذلك بخصخصة كل انشطة وثروات المجتمع المادية والبشرية، وفتحها امام رأس المال العابر للقارات ووكلائه المحليين، عن طريق اعتماد التجارة الحرة او السوق الحرة، وفقا لشروط اتفاقية منظمة التجارة العالمية، المحكومة من احتكارات رأس المال العابر للحدود.
بالرغم من كل المجهودات التى تبذلها السلطة الحاكمة من اجل جذب الاستثمارات الاجنبية، خاصة المباشرة منها، الا انها لا تأتى!. لا تأتى لان السلطة قد خصخصت الخصخصة، فقد خصخصت "الصدمة الاقتصادية" لنفسها!، لقد نفذت الجانب الاول من السياسة النيو ليبرالية الاقتصادية، التى يقع عبئها كله على كاهل الجماهير، وذلك بتحرير سعر صرف الجنيه المصرى، وتحرير سياسة تسعير السلع والخدمات، واوشكت على الانتهاء من التخلص النهائى من التزاماتها الاجتماعية، من دعم المواد الغذائية ودعم الطاقة، وقلصت من نفقاتها الحكومية الى حدها الادنى فى العمالة والاجور، وقلصت من موازنة الخدمات، المخفضة اصلاً، خاصة فى مجالى الصحة والتعليم ..
بذا فقد انجزت السلطة، الغالبية العظمى من الجانب الذى يتحمل عبئه المواطنيين، ولكنها فعلت العكس من ذلك، فى الجانب الآخر، الجانب الذى يخصها هى، حيث توسعت باسم الدولة فى الدخول فى مجالات جديدة من الانتاج والخدمات، بالاضافة الى المجالات التى تحت يدها من قبل، اى بدلا من ان تخصخص مؤسسات انتاج السلع والخدمات للاستثمار الخاص وفتح السوق امام التجارة الحرة، جناحى النيو ليبرالية الاقتصادية، قامت بخصخصة النيو ليبرالية الاقتصادية لنفسها!.
لن تأتى الاستثمارات المباشرة الا مع الخصخصة لخارج سلطة الدولة وليس لداخل سلطة الدولة، ذلك وفقاً لسوق حرة للتجارة الحرة، وفقاً للشروط الاحتكارية للاحتكارات المالية العالمية المتمثلة فى الصندوق والبنك الدوليين. "اللى عايز الدح ما يقولش اح"!.
الاثار السلبية لتوسع دور المؤسسة العسكرية، سواء الدور المباشر او الغير مباشر !
فى الوقت الذى تسعى فيه السلطة لاستعادة وجذب السياحة الخارجية، وكذلك لاجتذاب الاستثمار الاجنبى، خاصة المباشر، نجد ان السلطة تتبنى فلسفة دعائية، خاصة خارجياً، تؤكد على ان "مصر تحارب الارهاب نيابة عن المنطقة والعالم"!، حيث لا تفوت فرصة فى اى محفل دولى او نشاط قيادى دولى والا اكدت وكررت نفس الفلسفة!. بالطبع هناك اهداف من التمسك بهذه الفلسفة تسعى السلطة الى تحقبقها، الا انه لا يمكنك تحقيق هدفين متناقضين فى نفس الوقت. "عايز سياحة واستثمارات فى ظل امن وامان، ولا عايز دعمك لمحاربة الارهاب فى ظل انعدام للامن والامان"!.
ان التواجد والتوسع المباشر او الغير مباشر للمؤسسة العسكرية فى قطاعات عديدة، خدمية او انتاجية، لابد وانه تلقائياً، يقلص من دور القطاع الخاص فى هذه القطاعات!، القطاع الخاص الذى يقرأ منه الاستثمار الاجنبى مناخ الاستثمار الحقيقى فى اى بلد، قبل ان يقرأه من التشريعات الورقية.
وكذلك لان امكانيات اى دولة هى امكانيات محددة وليست لانهائية، فالبديهى ان يكون هناك جدول اوليات لاحتياجات المجتمع، اذاً السؤال دائماً، ليس عن اهمية او عدم اهمية المشروعات القومية الكبرى التى اسرع النظام فى تنفيذها، وانما السؤال عن موقعها فى جدول اوليات احتياجات المجتمع، وليس اوليات واحتياجات السلطة!. [email protected] http://www.facebook.com/saeid.allam http://twitter.com/saeidallam
#سعيد_علام (هاشتاغ)
Saeid_Allam#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رئيس مصر القادم، ماذا انت بفاعل ؟!
-
استنساخ -جبهة الانقاذ-، لانقاذ من ؟!
-
الازمة المصرية، كفرصة ذهبية !
-
-الاخوان-، نجم انتخابات 2018 بلا منازع !
-
السقوط الثانى ل-شفيق--مسخرة-، !
-
هل شفيق، خطوة الى الامام، ام خطوتان الى الخلف ؟!
-
لمن -ضحى- السيسى بشعبيته ؟!
-
جريمة -الابادة الجماعية- الرائعة !
-
شرين وخيانة الوطن ولصوص الفن !
-
-الرباعية المصرية-، -خارطة انقاذ مصر-.
-
انتخابات رئاسية -سابقة التجهيز-، لا جديد !
-
هل حقاً -السيسى- يسير بمصر الى دولة مدنية ديمقراطية حديثة ؟!
-
رئيس عسكرى، ذو خلفية عسكرية !
-
دستور مصر، دستور دولة دينية بامتياز !
-
هل يرحل -السيسى- بعد -صفقة القرن- ؟!
-
-فوبيا- اللجان الخاوية !
-
تعديلات دستور -حسن النية-: السيسى، رئيس -منزوع الدسم-!
-
التعديلات الدستورية وتسلق شجرة السلطة:
-
تعديلات دستورية، ام انقلاب دستورى ؟!
-
اعلان فوز السيسى فى انتخابات 2018 !
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|