|
يد الإرهاب تختطف الزميلة أطوار بهجت
نضال حمد
الحوار المتمدن-العدد: 1475 - 2006 / 2 / 28 - 10:33
المحور:
الصحافة والاعلام
لم تكن الصحافية الشابة أطوار بهجت من أي فصيل سياسي عراقي أو من أية مجموعة دينية من الجماعات الطائفية التي تتناحر سرا وعلانية. ولا كانت انعزالية أو طائفية بل كانت عراقية واستشهدت عراقية الهوى والانتماء ومن أجل وحدة وتماسك العراق.. ولإعلاء صوت الكلمة وحرية التعبير في تلك البلاد المحتلة من قبل غرباء أجانب وغرباء من داخل البلد.
استشهدت أطوار بهجت كمن سبقها من شهداء الكلمة والخبر والصورة برصاص قتلة وأوباش يعبثون بمصير العراق وشعبه. لكن موت صحافية وإعلامية لن يبدل من حقيقة وصدق الرسالة التي يحملها أهل الإعلام والصحافة في زمن الأقزام ومماليك النخاسة وعلوج مشروع الشرق أوسط الكبير.
أطوار بهجت تموت ليحيا العراق في كلمات إعلامييه الذين يدافعون عنه بطرقهم الخاصة وأساليبهم المبتدعة. تموت مع زملائها في يوم عاصف بالأخبار العراقية المقلقة.. تموت أطوار ويظل العراق في صراع الجهات يقف على خط التماس ليدافع عن أمة أرادوا لها النسيان أو الفناء ..
أطوار بهجت شهيدة الكلمة الحرة والخبر الساخن في زمن صارت فيه أخبار بلاد الرافدين الأكثر سخونة في العالمين.. في هذا الزمن الذي تتحكم بمجرياته يد الإرهاب الغريبة، يد السياسة الأمريكية الصهيونية، ويد التشدد والعصوبية المحلية والإقليمية. لم يعد للصحافيين من أمثال شهداء وشهيدات الكلمة، سوى ان يحملوا أرواحهم على أكفهم ليمضوا بها في مهاوي الردى، مقتنعين بما انشده الشاعر الفلسطيني الشهيد عبد الرحيم محمود في معارك الدفاع عن فلسطين العربية ضد الاستعمار البريطاني والغزو الصهيونية. وقد رفعت أطوار بهجت راية عبد الرحيم محمود دون أن تردد أبياته التي كانت تحفظها عن ظهر قلب "اما حياة تسر الصديق واما ممات يغيظ العدى"... مضت الصبية الإعلامية ولم تعد ..
كانت حياة أطوار القصيرة تسر كل الأصدقاء والزملاء وتغيظ الأعداء الكثر ، من أعداء الكلمة وحرية التعبير إلى أعداء الوحدة الوطنية العراقية والقومية العربية، وصولا للذين احتلوا العراق ودمروه ونشروا فيه الفوضى والإرهاب وحكم الطوائف والعصابات والعملاء. أعداء الإنسانية والبشرية،مجرمي أبو غريب وغيره من مسالخ البشر وأوكار الموت والإذلال والتعذيب والإرهاب باسم يد العدالة "الإلهية" البوشية الزائفة. هؤلاء الذين اغتالوا مراسلة العربية حاليا ومراسلة الجزيرة سابقاً مع رفيقيها ، أرادوا توجيه رسالة إلى الإعلاميين بأنهم هناك يقفون بالمرصاد لمن لا تروق لهم أخباره و أفكاره أو طريقة عمله. وأنهم جاهزون لقتل كل من يتفوه بالحقيقة أو يصور للعالم ما الذي يجري على ارض السواد.
رغم معرفة الشهيدة أطوار بكل تلك الأمور وبالخطر الذي ينتظرها في مهمتها الصعبة في مدينة سمراء التي هي مدينتها ومكان طفولتها وتربيتها ودراستها خلال سنوات عمرها القليلة إلا أنها أصرت على الذهاب إلى هناك من أجل نقل الحقيقة وحث العراقيين على عدم الانجرار وراء الفتنة الطائفية خاصة بعد التفجيرات الأخيرة التي استهدفت مراقد شيعية مقدسة في المدينة (ضريح الإمامين علي الهادي وحسن العسكري) والتي شهدت سابقا تدمير مأذنتها الشهيرة من قبل الاحتلال الأجنبي وعملائه.هذا بعدما نهبوا آثار العراق كلها.
ان قناعات أطوار وشجاعتها ونبل صدقها في عملها كان العامل الرئيسي في قرارها السفر إلى سامراء بالرغم من نصائح الأصدقاء لها ولمرافقيها بعدم السفر إلى هناك نتيجة خطورة الوضع. لكن عشق الشهيدة لعملها كان أكبر من أن يوقف اندفاعها نحو سامراء التي تمثل جزءا هاما من التاريخ الملحمي العراقي. أطوار قالت لزميلتها هدير الربيعي قبل التوجه إلى سامراء أنها من أهل المدينة ولا يمكن لأحد أن يمسها بسوء ويجب أن تسعى لإخماد الفتنة الطائفية .. وقد تكون الشهيدة أطوار على حق لأن الذين قتلوها ورفاقها لازالوا مجهولي الهوية وقد لا يكونوا من سامراء .. ولا ندري من أين هم ومن هم ولمن يعملون ويقدمون خدماتهم. هؤلاء ليسوا أكثر من مجموعة عملاء وإرهابيين يعملون أما لصالح أعداء العراق أو من أجل مصالح شخصية أو محلية ضيقة. وفي نهاية الأمر هم قتلة وأوباش ومجرمون مع سبق الإصرار والترصد.
أطوار بهجت التي نشأت في الجزيرة واستشهدت مع العربية أرادت أيضا ان ترسل رسالة للإعلام العربي تطالبه فيها ان يكون على قدر المسئولية وان يلتزم الموضوعية والمهنية في تغطية الأحداث وأن يكف عن لعب ادوار لا تخدم الجمهور ولا ترقى لمستوى المسئولية الملقاة على عاتق الوسائل الإعلامية. فأطوار بهجت الشهيدة مع رفيقيها الشهيدين تلتحق بركب وقافلة شهداء الصحافة العربية والعالمية في العراق المحتل. وهي ما كانت ولن تكون ورفيقيها آخر الشهداء في حقل الصحافة والإعلام. فقبلها ودعت كل من العربية والجزيرة شهداء آخرين سقطوا فداء الكلمة والتعبير في ميادين بلاد الرافدين وفوق ارض السواد .
ودعت الصحافة العربية الشهداء طارق أيوب من الجزيرة الذي استشهد بقصف أمريكي لمقر مكتب الجزيرة في بغداد يوم 8 ابريل-نيسان 2003. ومن الجزيرة أيضا الشهيد رشيد حميد والي الذي عمل كمساعد مصور في قناة الجزيرة الإخبارية القطرية. و كذلك جمال توفيق سلمان في 25 أغسطس 2004 وكان يعمل مصور لحساب جريدة غازيتا فيبورتشا البولندية.والمصور الفلسطيني البارز مازن دعنا الذي كان يعمل لصالح وكالة رويتر للأنباء. والإعلامي الجزائري منير عمران الذي كان يعمل كمنتج حربي لتلفزيون الدولة البولندي في 7 مايو ومعه اغتيل أحد أشهر الصحافيين الحربيين البولنديين فلاديمر ميليفيتش الذي كان صادقا وواقعياً في تغطيته للأخبار من فلسطين خلال الانتفاضة الثانية. وكذلك شهداء فضائية العربية مازن الطميزي ، علي الخطيب ، علي عبد العزيز. بالإضافة لعشرات شهداء الصحافة من العراقيين والأجانب الذين قضوا في العراق. ولا ننسى أيضا تعرض الزملاء أحمد منصور ، كاظم جواد ومثنى إبراهيم لمحاولة قتل. واعتقال الاحتلال للزملاء ماجد حميد وعبد القادر السعدي في الفلوجة. وكذلك عملية تفجير مبنى العربية في بغداد ومؤامرة خطف مذيعة العربية نجوى قاسم.وننهي بمؤامرة بوش بلير لقصف مقر الجزيرة العام في قطر ..
#نضال_حمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البيت الفلسطيني يتسع للجميع .. لكن
-
حماس كسبت الشعب وتخطت أول امتحان
-
مخيم عين الحلوة ... جمل المحامل
-
شعب فلسطين في الضفة والقطاع يحررهما من الفساد والظلام .. فمت
...
-
وداعاً سنة 2005 ، سلاماً سمير 2006
-
مؤسسات ( م ت ف) بين - الأوسلة- و -العبسلة- ...
-
مات الملك عاش الملك
-
كارين لينستاد مناصرة لفلسطين أم عميلة للموساد ؟
-
وداعاً سوزان سونتاج
-
ليس دفاعا عن نايف حواتمة
-
ريم بنا وكاري بريمنيس
-
الفنان سامي حواط يحط رحاله في اوسلو
-
نون ، ألف ، باء ، لام و سين .. نابلس جبل نار فلسطين
-
كأس النرويج
-
عار في غزة
-
نم يا محمد
-
لم يعد لارسن صديقاً...
-
عائلة كورنيف اليهودية
-
مارلون براندو ،محامي للهنود وملعون من اليهود
-
في ذكري غسان كنفاني : أين أم سعد؟
المزيد.....
-
في روما.. يختبر السيّاح تجربة جديدة أمام نافورة -تريفي-
-
لغز مرض تسمم الحمل الذي حير العلماء
-
-بايدن قد يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته- -
...
-
قلق على مصير الكاتب صنصال إثر -اختفائه- بالجزائر بظروف غامضة
...
-
هل نحن وحدنا في الكون؟ ماذا يقول الكونغرس؟
-
مشاهد لآثار سقوط صواريخ لبنانية في مستوطنة كريات أتا (صور +
...
-
-حزب الله-: إيقاع قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح
-
مشاهد لـRT من موقع الضربة الإسرائيلية لمنطقة البسطة الفوقا ف
...
-
مجموعة السبع ستناقش مذكرات التوقيف الصادرة عن الجنائية الدول
...
-
لماذا يضاف الفلورايد لمياه الصنبور وما الكمية الآمنة؟
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|