هيام محمود
الحوار المتمدن-العدد: 5733 - 2017 / 12 / 20 - 22:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عندما بدأتُ الكتابة في الموقع , كان مطلبي الوحيد من القراء والكتاب وهيأة الحوار : "دعوني أتكلّم" , لم يأتِ ذلك الطلب من فراغ لأنّ "المنع" كان ولا يزال العقبة الأساسيّة التي تعترضني في كل خطوة في حياتي وأراه أساس الداء والعقبة الأهم في حياة الجميع بما فيها "حياة" مجتمعاتنا "الميّتة" اليوم . هذا المنع إمّا يكون "مباشرة" كمنع نشر كتب بعض الكتاب أو منعهم من الظهور في الإعلام المرئي والمسموع , أو يكون "غير مباشر" و "تحصيل حاصل" ومن ذلك عدم قدرة أغلب من اِكتشفوا الحقيقة على التصريح بها "مباشرة" إلى شعوبنا حتى لو مُكّنوا من الظهور على الفضائيات ومُنحوا حقّ الكلام بكل حريّة .
المكان الوحيد الذي أستطيع فيه الكلام بكل حريّة بعدَ "المُقرّبين" هو النّات , وهو حقّ فريد و "متعة" استثنائية لا يُقدّران بثمن , هذه "المتعة" يعرفها الأحرار الذين خرجوا من الأوهام وأرادوا إخراج المخدوعين من كهوف الظلمات والجهل والبداوة , هؤلاء الأحرار وإن اختلفتْ أفكارهم وانتماءاتهم يتّفقون على مبادئ أساسية "لا تُناقش" أهمّها على الإطلاق فصل الدين عن السياسة وتطويره ليستجيب لمُتطلبات العصر , ومن كلامي سأستثني من هؤلاء الأحرار كلّ المُدافعين عن بقاء تسلّط الدين في كل مناحي حياة البشر : هؤلاء لا علاقة لهم لا بحرية ولا بعلمانية ولا بهذه "المتعة" التي أتكلّم عنها , هم إمّا مجرّد مؤمنين "حقيقة" وهؤلاء لطيبتهم وسذاجتهم لا يستطيعون ولا يصلحون للنهوض بوطنٍ مُستعبَدٍ , أو مجرّد مرتزقة يُدافعون عن مصالحهم التي يكفلها لهم استمرار تفشّي الجهل والخرافة والفكر الميتافيزيقي الأسطوري عامّة .
وبالرغم من ذلك سمحتْ إدارة الموقع بوجودهم وهو سلوك "رشيد" لم يُدرك كنهه كل الذين طالبوا بحظرهم : إذا لم يُعبّر الموقع عن الواقع فلا قيمة له , وواقع مُجتمعاتنا فيه أقوالُ هؤلاء بل تقريبا لا يُوجد غيرها ! وُجود هؤلاء سيُعلِّمهم "غصبًا" عنهم ثقافة قبول الآخر والترفّع عن الكثير من أخلاقياتهم المنحطّة كالسبّ والتّشهير بالآخر والأهمّ من ذلك كلّه تجاوز ثقافة "التكفير" وهي أخطر ما جاءتْ به أديانهم "التوحيدية" من عقائد إجرامية والتكفير يُساوي "القتل" ماديّا كانَ أو معنويًّا .
"دعوني أتكلّم" : أي "لا تُكفّروني" , والتّكفير على النّات "تكفير معنوي" تكون نتيجته الحظر و "المنع" والمنع = القتل , أنا بينكم "فكر" أريده أن يصل وإن كان "جلّه" مُوجَّها إلى أفراد قلائل , "فكر" يصطدم مع كل شيء موجود في عالمنا ويُجافي أغلب المبادئ والرّكائز التي بُنِي عليها وأهمّها بالطبع لن يكون شيئا آخر غير "التقديس" والتقديس حَجْرٌ على الفكر و "مَنْع" له .
كتبتُ كثيرا للمُتديّنين طالبة منهم عدم تكفيري ووضّحتُ أنّ نقد أديانهم وبأشدّ الطرق لا يعني التحريضَ عليهم وهو مطلبٌ صعبٌ جدا خُصوصا عند المسيحيين الذين تعوّدوا على أوهام عظيمة تُردّد حتى من بعض الملحدين , عكسَ المُسلمين الذين "تعوّدوا" أكثر على نقد دينهم ورموزه ( أتكلّم عن الموقع ) . بعدَ توضيح هذه "العقبة" مع المُتديّنين , بقتْ عندي أخرى أهمّ وهي هيأة الحوار : كنتُ شبه "متأكّدة" أنها لن تقبل "منهجي" لأنّه منهج "مستفزّ" إلى أبعدِ الحُدود , هنا وصدقًا قلتُ بيني وبين نفسي : لن ألوم الهيأة إذا رفضته وسأنسحب دون أيّ مشكلة , لكن حصل العكس .
مهما كانتْ "حدّته" , منهجي لا يدعو إلى "عنف" أو "إقصاء" للمُتديّنين أو العروبيين أو غيرهم ممّن أختلف معهم , ثم له مُبرّرات كثيرة كعِظم الأوهام التي يسبح في مستنقعاتها أغلبُ "سُكّان" بلداننا مثلا لا حصرا , وهذه نقطة تُحسبُ لهيأة الحوار وليس لأنّها حصلتْ معي بل لأنّها وحسب ما لاحظتُ "منهج" للهيأة مع كتّاب آخرين كثيرين فيهم حتّى المُتديّنون وأيضا مَنْ "يُعادون" وينقدون الماركسية وبكل حدّة , وهو بالنسبة لي تأكيد على "علمانية" هيأة الحوار وعلى "خروجها" من "بداوة" الماركسية التي في أتباعها "دواعش" لا يقبلون أيّ كلمة فيها وفي رُموزها وفي تاريخها ؛ وقد قلتُ سابقا في هذا الصّدد أنّ المشكلة الرئيسية في الأديان وغيرها من الإيديولوجيات تكمنُ في البداوة التي تَسحق الفردَ لصالح قبيلته وتَنسف أيّ مجال للنقد وبالتالي تمنع التطوّر والتقدّم , ولإيصال هذا الهدف إلى المُتديّنين وصلتُ إلى حدّ تصوير الإلحاد وكأنّه "دين" وقلتُ أقوالا كثيرة فيه أغضبتْ منّي بعض "أبناء العشيرة" .
هيأة الحوار تعلم أن هدفي ليس "إلقاء الورود" لكن ليعلم ذلك القارئ إن فاته , فأنا لا أُجامل أحدا ولا يعني ذلك إنكار الحقيقة , وأنا هُنا أقول ما حدثَ معي "شخصيّا" في تجربتي القصيرة ككاتبة في الحوار . إذن المُهمّ عندي منَ الذي تَقدَّمَ إلى الآن , هو "فهم" الهيأة لمنهجي الذي إذا فهمه أحدٌ بطريقة "سطحية" لن أنجُ من الإتّهام بـ "العنصرية" و "الفاشية" ضدّ كلّ شيء ! لأنّي تقريبا لا أنتمي إلى أيّ إيديولوجيا أو "قبيلة" , وهذا الإتّهام هنا على النات يعني "التكفير" الذي يعني "المنع" والمنعُ "قَتْلٌ" .
الأهمّ من هذا كلّه هو و "حسب ما فهمتُ" , فهم الهيأة لأهميّة مُخاطبة الفرد حتّى وإن كانتْ الرسالة تخصّ واحد من مليون كما هي رسالتي في أغلب كتاباتي وصدقًا هنا أنا لستُ متأكدة من ذلك لكن وبما أنّ ما أكتبُ حظيَ بالإهتمام من الهيأة فأكيد فُهِمَ المغزى منه وأقصد بالأخص ما أكتبه في ذلك المكان الجميل "محور الأدب والفن" , وهذا يستحقّ الثناء خصوصا إذا علمنا أنّ آلاف المقالات تصل إلى هيأة تضُمّ بِضْعَة أفراد وهو دليل على مدى تفانييهم و "إيمانهم" برسالة "الخلاص" الحقيقي لشعوبنا المستعبَدة تحت نِيرِ التّجهيل والتّدجين وأيضا للفرد الذي غالبًا ما يُهمَّش بما أن قضايا المجموعة / القبيلة "أهمّ" وهو فكر بدوي أصيل يجب محاربته وفضحه : هكذا فهمتُ "سلوك" الهيأة تجاه كتاباتي .
أمرّ الآن إلى إقتراح "وحيد" أراه مهمًّا جدّا , وأرجو من هيأة الحوار التفكير فيه جيدا , هذا الإقتراح يتعلّق بحدود "حرية التعبير" التي لي فيها رأيٌ يُخالِف الهيأة , ولا أظنّ أنّ أحدا يستطيع "الجزم" في هذه المسألة لذلك سأقول رأيي بـ "إيجاز" ولكم القرار ؛ سأتكلّم عن الكتاب المُتديّنين الذين لا خلاف معكم على ضرورة وجودهم في الحوار لكنّ المشكلة تبقى : كيف ؟ وسأتكلّم بكل صراحة ودون أقنعة فأنا أخاطب هيأة تجاوزتْ أوهام الأديان والآلهة , ولا حاجة لي للتذكير أنّ سبب "تخلفنا" الرئيسي هو أديانهم وليس إلحادنا ولادينيّتنا .
أثنيتُ على "علمانيتكم" فيما مرّ , لكني سأسألكم : هل العلمانية تسمح بنشر الخرافة ؟ والجواب للأسف كما هو معروف : نعم ! بما أن أساسها الأهمّ هو "حرية العقيدة" لكنْ : ألا يحق لي المطالبة بـ "إستثناء" ؟ وقد إستثنيتم التوجه اليساري في سياستكم ومن ذلك مثلا قول السيد رزكار عقراوي في إحدى ردوده على القراء بخصوص المقال المنشور بمناسبة الذكرى السادسة عشرة لتأسيس الموقع , حيث قال : ( إن الهوية اليسارية للحوار المتمدن تعتبر احد أهم ركائزها ولا يمكن تغييرها أو المساومة عليها ) , ورأيي : "نعم" ! أطالب بـ "إستثناء" وحيد وهو إعادة النظر في المقالات التي تدّعي "إعجازا" "علميا" في القرآن وغيره وفي كل المقالات التي تُروِّج لأسطورة "آدم وحواء" والتي ضررها عظيم على حقائق علمية لا يناقشها اليوم إلا سكان الكهوف المُغيَّبون "تمامًا" .
انشروا لمن يُروِّج لخرافة "التصميم الذكي" لكن أبعدوا عن القراء خرافة "آدم وحواء" , وكما تعلمون فقد "طوّر" المُتديّنون أراجيفهم ووصلوا إلى "مستوى" لا يذكرون فيه نصوصهم الدينية ولا يقولون بقصة "آدم وحواء" بل يصفون "التعقيد" بطريقة "علمية" ثم يحشرون إلههم المزعوم وغائيته , وهو كلام يُمكن "قبوله" في بلداننا اليوم كـ "أخفّ الأضرار" .
قد يُقال أن قصة "آدم وحواء" أصل ثابت في الإيديولوجيا العبرية وخصوصا في المسيحية التي "بنيت" عليها , فكيف يُمنع الكلام عن ذلك في موقع "يزعم" العلمانية ؟ والجواب ليس من عندي بل من عند كثير من المُتديّنين الذين لا يرون في هذه القصة إلا قصة "رمزية" لا تتعارض مع قبولهم لحقائق العلم ولا "تضرّ" إيمانهم في شيء , وهو قولٌ - وإن علمنا بطلانه - يُساهم في تطوير دينهم ولا يضرّ مسيرة العلوم في بلداننا كما قلتُ .
وبالنسبة لخرافات الإعجاز التي "تقريبا" تخصّ المسلمين - رغم وجود "بعض" الدجاجلة المسيحيين الذين يزعمون ذلك أيضا - , عندنا مسلمون كثر يرفضونها ومع ذلك هم مسلمون ولم يتركوا دينهم ! ترهات الإعجاز هذه "هجومٌ" غيرُ مُبرَّرٍ على العلوم وعلى المنهج العلمي في التفكير لا يمكن قبوله , بالإضافة إلى أنه سرقة ونهب لأموال ووقت وعقول السذج من المسلمين , فكيف يمكن قبول الترويج لمعاداة العلم والمنهج العلمي في موقع الحوار ؟ تقولون أنّكم ضدّ دعوات العنف والعنصرية , ألا ترون أنّ التّرويج لِمَا تقدّم ذكره عنفٌ وعنصريةٌ وإرهابٌ ضدّ العلم لا يسنده أيّ دليل إضافة إلى أنّ المُتديّنين ليسوا في حاجة إليه ؟!! ما الفرق بين الزّعم أنّهم "شعب مختار" و "نور العالم / ملح الأرض" و "خير أمة" وبين الزعم والترويج لكل تلك الأساطير التي تنسف العلم ومنهجه نسفًا ( عند المتدينين ) ودون أي دليل ؟ دليلهم طبعا هو : "هو كده !" و "الله / الرب / الكتاب قال !" .
ثم , أليسوا يقولون أنّ كتبهم "كتب هداية وليست كتب علوم" كما يزعمون , فلماذا يُعادون العلوم ؟ وأسأل هيأة الحوار هنا حول تصنيفها للكتاب أنّهم "تنويريون" : هل التّرويج لنسف الحقائق العلميّة "تنوير" ؟ نستطيع أن نقبل ما يقوله كثير من المُتديّنين "الكيوت" من آراء تدعم ثقافة الإختلاف واحترام الآخر وتدعو للعلمانية والديموقراطية , لكن لماذا نفس هؤلاء يتوخّون منهج الدّجل والترويج للخرافة في العلوم ؟ لماذا لا تنشر لهم هيأة الحوار ( فقط ) ما "يصلح" لعلمانيةٍ حقيقيةٍ ؟
أَنَسِي هؤلاء عصر الأنوار وأنْ لا علمانية دون علوم حقيقية ومنهج وتفكير علمي حقيقي والأديان لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالعلم , فكيف إلى اليوم لا يستحون ويدّعون أنّ فيها ليس علوما فحسب بل "إعجازا" ؟ العلمانية وقع إرساؤها في الغرب بعد أن نسف كوبرنيكوس خرافة مركزية الأرض وثباتها التي قالتْ بها كل الأديان فهل سنُرْسِي علمانيّتنا المنشودة على نسف العلم والمنهج العلمي بترهات "الإعجاز" المزعومة وبخرافة "آدم وحواء" التي بدورها نسفَها داروين بعد أن نسفها المنطقُ السّويّ ؟ وأيّ مجتمع عقلانيّ هذا الذي سنصل إليه وهم يزيدون النَّصَّ قداسة على قداسة بالزعم أنه "أعجز" العلوم التي "كلّها" دُوِّنَتْ فيه ولم يقع إكتشافها بسبب غباء البشر وقصر عقولهم وعدم تدبّرهم للنّصّ ؟ أيْ تنزيهُ النّصّ عن "أيّ" قُصور أو خلل واتهام العقل وليصلح حال هذا العقل عليه بالعمل على فهم النّصّ لإستخراج دُرره وعلومه المزعومة ! أليس هذا هو المنهج السلفي الأصولي الظلامي الذي يُهين العقلَ ليعيش النّصّ ؟ وأيُّ تنويرٍ هذا والعقل يُكبَّل بقيود النّصّ ؟ أليس التنوير أنْ لا سلطة على العقل / "كن جريئا في استخدام عقلك ( كانط )" ؟ ومن ذا الذي يستطيع الكلام عن "تنوير" دون النقد المباشر للنّصّ ؟ أليست العلمانية "كُلًّا" لا يتجزّأ , مُكوَّنًا من مجموعة مبادئ أهمّها "علم حقيقي" ينسف الخرافات و "تنوير" ينسف قلاع النّصّ و "تحرير" للفرد من سلطة "القبيلة" ليستطيع الإبداع والخلق ؟ وهل "القبيلة" هذه شيء آخر غير "النص" وسدنته ؟
كانتْ بعض أسئلة ويبقى غيرها الكثير , وهم يعرفون جيدا الإجابات عنها لكنهم يستخفون بها ليُواصلوا بثَّ سمومهم وإن ظهروا بمظهر "المُجدِّدين" في الدين , فالوهم كبير ولا أمل في أغلبهم أن يتحرّروا منه بالكلية ومع ذلك سأقول : انشروا أوهامكم كما تريدون لكن ابتعدوا عن العلم ! وبالمناسبة سأقول "رأيي الشخصي" هنا حيث لا يمكن بأي حال من الأحوال إعتبار مُتديِّن أنه "علماني" أو "تنويري" وهو بأيّ طريقةٍ كانتْ يدعو إلى "إلحاق الضرر" بالعلم أو يدعو إلى معاداة الفلسفة أو يدعو إلى بقاء تسلّط رجال الدين , وعليه سأقول ودون أيّ حرج أنّ القرآنيين مثلا لا علاقة لهم بالتنوير "الحقيقي" لأن النقاط الثلاثة الكارثية "عندهم" :
بالنسبة لسلطة رجال الدين : ألم تلاحظوا مثلا أنّهم "يفتون" ؟ ما الفرق بينهم وبين المؤسسات الدينية "الرسمية" إذن ؟ أليست الفتوى نسفا مباشرا للعقل ؟ ثم , أليس الدين شأنا شخصيا بين "المخلوق" و "خالقه" كما يدّعون ؟ فأين "حرية الضمير" وهم ينتصبون بين هذا "المخلوق" المسكين و"خالقه" المزعوم ؟ / أمّا معاداتهم للفلسفة فيكفيني من الأمثلة المذكورة ذكر معاداتهم للعقل وتكبيله بالنّصّ في تجارة الإعجاز التي يَدْعون إليها , والفلسفة "عقل" حرّ وليست "لاهوتا" أو "علم كلام" يُذَلُّ فيه العقل ويُستَعبَد لخدمة النّصّ وللدفاع عنه كما يفعلون .
ولمن سيزعم من المُتديّنين أنّ الملحدين "يحتكرون" العلوم , أقول : زعمك غير صحيح لأنّ أعدادا كبيرة جدّا من المسلمين والمسيحيين تتّفق معي في قولي حول المثالين الذيْن تكلمتُ عنهما , وأقول له : طَوِّرْ إيمانك أحسن من عبادتك للحرف ! ولمن سيقول أن مطلبي يتعارض مع حرية التعبير أقول : فليكن ! ما دُمْتَ غصبًا عن العالم أجمع تريدها معزة ولو طارتْ ! وأُذكّرك أنّ الإبتعاد عن معاداة العلوم لن يضرّ دينك في شيء لكنّ تشبّثك بحرفيته يُعتبر عقبةً أمام تطوّر دولنا وجامعاتنا ومجتمعاتنا فماذا تختار ؟
قد تقول هيئة الحوار أن قبول إقتراحي سيفتح الباب أمام الملحدين لمطالب أخرى شبيهة وسيمسّ ذلك بحرية التعبير وعلمانية الموقع , وأجيبُ أن مطلبي ليس حكرا على الملحدين بل كثير من المُتديّنين سيوافقون عليه , وهو "إستثناء" وحيد يحقّ لهيأة "ماركسية" والماركسية "علم" قبل أن تكون إيديولوجيا , يحقّ لها أن تفرضه على المُخرِّفين الذين لا يريدون إلا العيش في الكهوف . وكمثال سأقول لكم : ما رأيكم مثلا في كاتب يرسل إليكم مقالا عن "منافع" بول البعير أو عن "صحة" إخراج الشياطين من "الملبوسين" وتصديق الطب الحديث بذلك ؟ هل ستنشرون له ؟ أم أنكم ستمنعون وستقولون أن هذا الهراء خطر على صحة أجساد البشر قبل أن يكون خطرا على عقولهم ؟ أنا سأقول لهذا الكاتب : اشكرْ دينك وادعو إليه كما تشاء لكن ابتعدّ عن العلم ! وهو مطلب أراه "بسيطا جدا" و "مشروعا" ولن يرفضه من المُتديّنين إلا السلفيون وعباد النصوص في كلّ دين , وهؤلاء الذين تجاوزهم الزّمن لا أتصوّر أنّ رأيهم يستحقّ أن يُلتَفت إليه خصوصا أنّهم لا يعترفون بكلّ المبادئ التي نَصْبُوا إلى الوصول إليها جميعنا وإن زعموا أنّهم يحترمونها .
ولمن سيزعم من المُتديّنين أنّ مطلبي "خوف" و "عجز" عن الإجابة عن ادّعاءات الإعجازيين ومُروِّجي أسطورة آدم وحواء , أقول : لماذا لا ينشر الموقع للدّواعش ؟ هل ستنقصنا الحجّة لردّ كلّ إدعاءاتهم وهدم كل أسس إرهابهم وإجرامهم ؟ ولمن سيقول ما الرابط ؟ سأقول : كلهم دواعش ! فهذا يقتل البشر وهذا يقتل العلم وهل قتل العلم إلا قتل لكلّ البشر حاضرهم ومستقبلهم ؟! ومن حقّ الموقع ألا ينشر لهم ولن يمسّ ذلك من مصداقيته وعلمانيته إلا عند هؤلاء "الكهوفيّين" الذين لا قيمة لآرائهم , فليسكنوا ويمرحوا في كهوفهم لكن ليكن ذلك بعيدا عن كل من إختار الحياة في النور .
#هيام_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟