أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - جدل القوة والحق : ( 4 ) موسى الخائف الذى يحمل الحق فى مواجهة فرعون المتوحش















المزيد.....

جدل القوة والحق : ( 4 ) موسى الخائف الذى يحمل الحق فى مواجهة فرعون المتوحش


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 5732 - 2017 / 12 / 19 - 01:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



جدل القوة والحق : ( 4 ) موسى الخائف الذى يحمل الحق فى مواجهة فرعون المتوحش
مقدمة : نضع أسئلة ونرد عليها
س 1 ـ لماذا أرسل الله جل وعلا موسى الى فرعون وليس الى المصريين ؟
ج 1 :لأن المصريون كانوا لا حول لهم ولا قوة . جعلهم الاستبداد والطغيان الفرعونى جسدا بين الحياة والموت ، مجرد جسد تسير عليه مركبات الفرعون الحربية . ولأنه الطاغية المتحكم الذى يملك التصريح لبنى اسرائيل بالخروج مع موسى ولأن بنى اسرائيل لا يمكنهم مغادرة مصر إلا بأمره أرسل الله جل وعلا موسى لهذا الفرعون .
س2 ـ هل يعنى هذا أن الله جل وعلا إعترف بفرعون الطاغية ملكا على مصر ؟
ج 2 ـ نعم . إن الله جل وعلا إعترف بفرعون ملكا على المصريين طالما رضى به المصريون ملكا ولم يثوروا عليه . لو ثاروا عليه فالمعنى أنهم غيّروا ما بأنفسهم من خضوع وخنوع وإستضعاف ، وعندها فإن الله يؤكد هذا التغيير ، فالله جل وعلا هو القائل : (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) ( 11 ) الرعد ) . الأمر هنا مثل الهداية والضلال . إذا أراد الفرد الهداية هداه الله جل وعلا وزاده هدى. إذا أراد الضلال أضله وزاده ضلالا. هى مشييئة الانسان فى البداية ثم تعززها مشية الرحمن . سواء فى الهداية والضلال أو فى مشيئة النفس العزة والكرامة أو مشيئتها الخنوع والخضوع .
س 3 ـ الله جل وعلا هو القاهر فوق عباده . وهو جل وعلا الذى يستطيع تدمير فرعون . وقد أرسل موسى وأخاه هارون بالحق دون قوة فى مواجهة فرعون الذى إحتكر القوة . وقد زوّد موسى بآيات معجزة أبهرت فرعون ، فلماذا لم يزوده بقوة قاهرة يهزم بها فرعون ؟
ج 3 ـ الله جل وعلا هو القائل ردا على من إتخذ المسيح إلاها : ( قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً )(17) المائدة ) . وهو جل وعلا القادر على أن يستبدل قوما بغيرهم ، وهذا ما أنذر به الصحابة فقال : (هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد ) . تدمير فرعون وقومه أمر يسير على رب العزة . والله جل وعلا أهلك القوم الكافرين فى عصر نوح وهود وصالح وشعيب . فرعون وقومه هم آخر من أهلكهم الله جل وعلا ، وقد جعل منهم عبرة . ومن العبرة أن يكون هناك دور لموسى وهارون عليهما السلام ، وأن يعطى جل وعلا لفرعون آيات من نوعين : آيات يمكن لفرعون أن يؤمن بها لو أراد . منها آيات الترغيب ، مثل العصا التى تحولت ثعبان ويده التى تبدو بيضاء للناظرين :( فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) الأعراف )، ثم جاءت آيات التهديد عندما لم يؤمنوا : (وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمْ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمْ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (135) الاعراف) وبعد نكثهم كانت الآية الأخيرة بفلق البحر وإغراقهم : (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67 ) الشعراء ). بهذا تكون الحجة على فرعون . ولهذا فإنه حين أعلن إسلامه عند الغرق لم يُقبل منه ، وفى هذا عبرة ودرس للناس جميعا ، قال جل وعلا : (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) يونس ) . وفى نهاية الآية الكريمة نعرف الغرض والهدف ، كان جسد فرعون الذى قذف به التيار ورآه بنو اسرائيل آية لمن جاء بعد فرعون ، كما إن قصة فرعون فيها عبرة لمن يخشى كما جاء فى سورة النازعات (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26)) .
س 4 :هذا بالنسبة لفرعون وقومه . فماذا عن موسى وأخيه هارون ؟
ج 4 : وعده ربه جل وعلا أن يحميه هو وأخاه هارون وجعله عضدا له . ونستشهد ببعض الآيات :
1 ـ ( قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35) القصص ) هنا وعد بأن فرعون بكل سطوته فلن يصل الى موسى وأخيه .
2 ـ وفى آيات أخرى كان تأكيد الرحمن جل وعلا لموسى وهارون أنه جل وعلا معهما يسمع ويرى : ( قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46 ) طه ) ( قَالَ كَلاَّ فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) الشعراء ) . وقد طمأنه ربه جل وعلا بأنه سيحميه من فرعون فى مطاردة فرعون له : (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخَافُ دَرَكاً وَلا تَخْشَى (77) طه ) ، لذا فإن موسى حين لحق به فرعون بجيشه واصبح محاصرا بين البحر وفرعون قال له أصحابه : ( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) الشعراء ) ، فرد عليهم قائلا : (َّ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) الشعراء ) .
3 ـ وهذا يجيب على سؤال ضخم : لماذا لم يقم فرعون بقتل موسى وهو داخل مملكته ويبدو أنه تحت سطوته وفى إمكانه أن يقتله بسهولة . بل إن فرعون هدّد فعلا بهذا : (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ (26) غافر ) فاستعاذ موسى عليه السلام بربه جل وعلا : ( وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) غافر ) وتصدى الرجل المؤمن من آل فرعون يعارض الفرعون :( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) غافر ). الجواب إن قدرة الله جل وعلا القاهر فوق عباده هى التى حالت بين فرعون وتنفيذ تهديده .
س 5 : نتصور النبى موسى غاية فى الشجاعة حين واجه فرعون الطاغية فى عُقر داره .
ج 5 : على العكس . كان خائفا . بل إن موسى هو النبى الوحيد فى القصص القرآنى الذى لازمه الخوف فى تحركاته . كان شخصية بشرية طبيعية متأثرة بالظروف التى نشآ فيها وصبغت شخصيته . فقد رضع لبن الخوف من أمّه ، وكانت تربيه تحت رعاية فرعون المتوحش . وكبر وهو يعرف قومه الذين ينتمى اليه ، ووضع قومه بالنسبة لفرعون . أى نشأ فى خوف وفى وجل يتوقع الخطر فى أى لحظة ، لذا كان بدافع طبيعى يتصرف دفاعا عن النفس ، ويتصرف بالغضب ، ثم يهدأ ، وقد يستغفر . ونعطى أمثلة :
1 ـ دخل المدينة فوجد رجلا مصريا يتقاتل مع رجل من قومه ، وبالطبع يعرفه ضمن معرفته بقومه ، والرجل الاسرائيلى أيضضا يعرف موسى لذا إستجار به ، فضرب موسى المعتدى فقتله ـ بلا قصد . واستغفر ، ولازمه الخوف ، سار خائفا يترقب : ( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ ) (18)القصص ) ، وحذّره رجل من أن (الأمن المصرى ) فى المدينة يتآمر على قتله وأنه لن ينجو منهم إلا بالهرب ، فهرب من المدينة خائفا يترقب : ( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21) القصص ).
2 ـ وحين ذهب الى الرجل الصالح فى مدين وقصّ عليه قصته كان لا يزال خائفا ، فطمأنه الرجل الصالح وقال له : ( لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) القصص ).
3 ـ وحين كلمه ربه جل وعلا بالوادى المقدس طوى فى جبل الطور أمره ربه جل وعلا أن يلقى عصاه ليُريه آية معجزة ، فتحولت العصا الى حية تسعى تهتز فى الظلام ، بلغ به الخوف أنه إنطلق هاربا دون أن يلتفت الى الخلف ، وناداه ربه جل وعلا يطمئنه : ( وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنْ الآمِنِينَ (31) القصص )( وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلنمل ) .
4 ـ وتجلى خوفه ـ هلعا ـ حين أمره ربه جل وعلا أن يذهب الى فرعون يطلب منه أن يرسل معه بنى اسرائيل ولا يعذبهم . كان من ردّه : ( قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) الشعراء ) َ(قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) القصص ). وبعث الله جل وعلا معه أخاه هارون ، فأصبح الخوف من فرعون مزدوجا : ( قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46 ) طه ).
5 ـ وفى مباراة السحر كان موسى متأثرا ببيئته المصرية التى تعتقد فى السحر . والسحر ليس قلبا للأشياء كأن يتحول القط الى فيل ، بل هو مجرد خداع بصرى يقع فيه من يعتقد فى السحر فيتصور القط فيلا . السحرة أوهموا الناس أن حبالهم وعصيهم قد تحولت الى ثعابين ، فسحروا أعين الناس واسترهبوهم : ( قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) الاعراف ) ، تعرض موسى لنفس التأثير ، وأصابه الخوف ، لولا أن تداركته رحمة ربه جل وعلا : ( فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) طه )
6 ـ إندفاعه فى الغضب هو الوجه الآخر للخوف ، وقد قال عن نفسه : ( وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي ) (13) الشعراء ) . ونتصور أن صدره كان يضيق كثيرا بأفعال بنى اسرائيل ، ومنها عبادتهم للعجل حين تركهم فى مصر وذهب الى جبل الطور حيث ميعاد ربه جل وعلا . رجع فوجدهم قد عبدوا العجل ، وقد استهانوا بهارون عليه السلام. إشتد غضبه وعصف بأخيه هارون . قال جل وعلا : ( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِي الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) الاعراف ) (قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلاَّ تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) طه ) .
س 6 : كيف يتفق خوف موسى مع قوله جل وعلا عنه : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14 ) القصص )
ج 6 : الحكم والعلم هو ما يخص الرسالة والنبوة . وهذا تعليم الاهى لكل رسول. ويتجلى هذا فى:
1 ـ توبته حين قتل خطأ الرجل المصرى ( قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (17) القصص )
2 ـ هدأ بعد غضبه من قومه وأخيه حين عبدوا العجل ( وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154) الاعراف ) ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151) الاعراف ) .
3 ـ تعلمه الهدوء من النبى الصالح الذى جاءت قصته معه فى سورة الكهف .
4 ـ وفيما عدا ذلك فقد أدّى موسى عليه السلام رسالته ، واستحق أن يقول عنه ربه جل وعلا : ( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) طه ) (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) طه ) (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً (51) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً (52) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً (53) مريم )



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدل القوة والحق : ( 3 ) : رد على تعليقات على المقال السابق
- جدل القوة والحق : ( 2 ) فرعون موسى إحتكر القوة وإحتكر الزعم ...
- عن برنامج ( لحظات قرآنية ) : نداء الى الأحبة من أهل القرآن
- جدل القوة والحق فى رؤية قرآنية : ( 1 )
- شاهد على بضعة أشهر من حكم ولى العهد السعودى:محمد بن سلمان ( ...
- قبل السقوط : ألا من رجل مؤمن من ( آل فرعون / آل سعود ) يكتم ...
- متى ستسقط المملكة السعودية ؟
- القاموس القرآنى : عظم / عظام
- الدين السماوى الالهى والدين الأرضى الشيطانى : ردُّ موجز
- ( نشأة الدين الوهابى فى نجد وانتشاره فى مصر ) الكتاب كاملا
- ( وَأَرْضاً لَمْ تَطَئُوهَا ) ( الأحزاب 27 )
- لماذا أنت ؟
- لمحة عن توظيف الشعر والشعراء
- ( وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ )
- مدخل لعلم جديد فى القرآن الكريم : ( الجملة الاعتراضية ) : ( ...
- مدخل لعلم جديد فى القرآن الكريم : ( الجملة الاعتراضية ) : ( ...
- يسألونك عن ( التّقية )
- ثقافة الكذب.. المصرية
- شيخ الأزهر مجرم حرب.. فماذا عن الرئيس السيسى ؟
- هؤلاء الهجّاصون .!!


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - جدل القوة والحق : ( 4 ) موسى الخائف الذى يحمل الحق فى مواجهة فرعون المتوحش