|
إهانة أنجيلا ماركال و الدعوة فى بولونيا إلى - محرقة للمسلمين -
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 5728 - 2017 / 12 / 15 - 01:11
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
إهانة أنجيلا ماركال و الدعوة فى بولونيا إلى " محرقة للمسلمين " جريدة " الثورة " عدد 521 ، 11 ديسمبر 2017 December 11, 2017 | Revolution Newspaper | revcom.us http://revcom.us/a/521/awtwns-angela-merkel-humiliation-and-call-for-muslim-holocaust-in-poland-en.html
[ مسيرة للفاشيّين في بولونيا ما الذى تعنيه أفكار مثل أفكار حزب " البديل من أجل ألمانيا " بنامجيّا و إنتشرت في الجارة بولونيا حيث جرى يوم عيد الإستقلال ( 11 نوفمبر ) الإحتفاء بالذكرى بتنظيم مسيرة غير مسبوقة في مرحلة ما بعدالحرب إعتبارا لندائها للإبادة الجماعيّة و للمشاركين من عدّة بلدان أوروبيّة أخرى و كذلك لحجمها ( 60-90 ألف شخص ) . و لم تدع بتبجّح فقط إلى " أوروبا بيضاء " فقط من خلال " محرقة للمسلمين " ، بل وعدت أيضا بعقاب عنيف لقادة البولونيين و الوروبيين الحاليين ( و رمكال في المصاف الأوّل ) لخيانة " الحضارة الأوروبيّة ". و في تعارض مع القيم الديمقراطيّة البرجوازيّة، صدح بعض المشاركين في المسيرة بشعارات و رفعوا رموزا تعود إلى الماضى ، إلى الحروب الصليبيّة الأولى ( 1095) التي شنتها الكنيسة الكاثولكيّة عندما جمّع النلاء جيوشا و غوغاء شرعوا في إرتكاب المجازر ضد اليهود في أوروبا ثمّ تجّهوا إلى القدس أين ملؤوا الشوارع بجثث السكّان المسلمين . الإنفجار المنفلت من عقاله لهذا الرهط من الكراهيّة الذى يميّز " البديل من أجل ألمانيا " في درجة بسيطة في شكل أكثر حذر تبنّته حكومة غختارها ترامب لتتماثل معه بجعل بولونيا أول محطّات رحلته إلى أوروبا في جويلية الماضى . و قد ردّد شعارات و مواضيع صرّح بها بصوت عالى ترامب ذاته عندما أشار إلى كون " المسألة الجوهريّة في زمننا هذا هي إن كانت للغرب إرادة البقاء على قيد الحياة " .كما دعا ترامب البولونيين على القتال من أجل " الأسرة و الحرّية و الوطن و الإلاه " معربا عن أنّ " كلّ بوصة أخيرة من الحضارة جديرة بالدفاع عنها بحياتكم " . و على غرار ترامب ، لا ينعرج حزب القانون و العدالة الحاكم لبولونيا الذى إعتبر وزيره الأوّل مسيرة 11 نوفمبر " مشهدا جميلا " ، منعرجا حادا نحو اليمين فحسب بل يجرى كذلك تغييرا أساسيّا في نظام الحكم بواسطة ، ضمن إجراءات أخرى ، وضع اليد على السلطة التشريعيّة و على وسائل الإعلام ... في بولونيا ، من المحرّكات الجوهريّة للحزب الحاكم الأساسي للعودة إلى" بولونيا الكاتوليكيّة " للقرون الوسطى ، كان المنع الكامل الإجهاض ( من أجل الإلاه و المزيد من الأطفال البولونيين ) ، و الحال أنّ الإجها في بولونيا بعدُ إلى حدّ كبير أكثر محاصرة من معظم بلدان العالم . و يستمر ّ هذا الموضوع كأحد أهمّ محاور الصراع المحتدم بين طرفين . فقد وقع التخلّى عن تمرير قانون منع الإجهاض في السنة الفارطة لمّا غرتدى ملايين النساء و الرجال الأسود مساندة منهمك لإضرابات في المعاهد و في مواقع العمل . و جدّت مسيرات نساء جماهيريّة في فرسوفيا و عدّة مدن أخرى . و مع ذلك ظلّت مسيرة 11 نوفمبر دون معارضة بإستثناء معارضة مجموعة صغيرة لكن شجاعة جدّا من النساء اللاتى رفعن يافطات كتب عليها " لنوقف الفاشيّة " . ] ------------------------------- " الإمبريالية تعنى إحتكارات و مؤسسات ماليّة ضخمة تتحكّم فى الإقتصادات و الأنظمة السياسية – و حياة الناس – و ليس فى بلد فقط بل عبر العالم قاطبة . الإمبريالية تعنى إضطهاد المستغِلّين الطفيليين لمئات الملايين من الناس و إجبارهم على العيش فى بؤس لا يوصف. و يمكن أن يتسبّب أصحاب رأس المال المالي فى جوع الملايين فقط بالضغط على زرّ حاسوب و بالتالي تحويل كمّيات هائلة من الثروة من مكان إلى آخر. و الإمبريالية تعنى الحرب – الحرب لإخضاع مقاومة المضطهَدين و تمرّدهم و الحرب بين الدول الإمبريالية المتنافسة – إنّها تعنى قدرة قادة هذه الدول على أن يملوا على الإنسانيّة دمارا لا يصدّق و ربّما دمارا شاملا ، بالضغط على زرّ . الإمبريالية هي الرأسمالية فى مرحلة حيث تناقضاتها الأساسيّة قد بلغت مستويات تفجّر هائلة . لكن الإمبريالية تعنى أيضا أنّه ستوجد ثورة – نهوض المضطَهَدين للإطاحة بالمستغِلين و الجلاّدين – و أنّ هذه الثورة ستكون صراعا عالميّا لكنس الوحش العالمي ، الإمبريالية . "( كتاب بوب أفاكيان ،" الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ) -------------------------- ملاحظة ناشر جريدة " الثورة " : لقد أدخلنا عدّة تعديلات على المقال الأصلي و ذلك قصد مساعدة القرّاء غير المعتادين على المواضيع الهامة المناقشة هنا فأضفنا قسما عن بولونيا وضعناه بين معقّفين و هوامشا و عناوينا فرعيّة . ---------- " أخبار عالم نربحه "، 29 نوفمبر 2017 لقد هزّت المفاجأة و زعزعت كامل أوروبا حينما ضاعف و أكثر حزب " البدل من أجل ألمانيا " نتائجه السابقة في الانتخابات الفدراليّة في شهر سبتمبر و دخل البرلمان الألماني . و لسوء الحظّ ، رأى عديد الناس هذا المنعج في الأحداث عل أنّه غير عادي ضمن نظام يصلح نفسه بنفسه . كيف يمكن أن يكون للفاشيّين تأثير عميق و مديد فى بلد دفعوا به بعدُ إلى الكارثة في الحرب العالميّة الثانية ؟ لقد غذّت الأربعة أحزاب التي حكمت ألمانيا في إطار تحالفات متنوّعة منذ الحرب الآمال بتقديم تنازلات لمطالب " البديل من أجل ألمانيا " المناهضة للهجرة للتمكّن من قطع الطريق على دعوة " البديل من أجل ألمانيا " و أن تدعم السياسة الوسطيّة و تحول دون المزيد من الإستقطاب . لكن العكس هو الذى حصل . فلم تستطع المستشارة الألمانيّة جلا ماركال أن تجمّع قوى تحالف حاكم جديد ما أفرز أكبر أزمة سياسيّة جدّية تشهدها ألمانيا منذ خروجها من أنقاض الحرب ز و كانت التداعيات أبعد مدى لأنّ ألمانيا مثّلت عامودا أساسيّا في افستقرار السياسي في أوروبا . و يودّ الكير من الناس رؤية ماركل " الأم " تصح " قائدة العالم الحرّ " بديلا لكلّ ما يمثّله ترامب. و قد كانت ب جدال الممثّلة الأبرز للإشتراكيّة - الديمقراطيّة و التوافق السياسي الليبرالي الذى ساد في الغرب منذ الحرب ، وهو نظام يسعى ترامب و أمثاله إلى تدميره . المشكل ليس أنّ لا حزب من الأحزاب السائدة كسب الأغلبيّة أو حتّى أنّ جميعهم قد خسروا عديد الأصوات لفائدة " البديل من أجل ألمانيا ". المشكل الأهمّ هو أنّ كامل المشهد السياسي السائد يواصل نزيف الشرعيّة . لا يهمّ ما قد تستنبطه ماركال لتعالج الأزمة الحكوميّة الراهنة ، فإنّ عدم قدرتها و يأسها يكشفن الدرجة التي أمسك بها ط البديل من أجل ألمانيا " بالمبادرة . إنّه يفرض على ألحزاب الأخرى أن تردّ عليه و أن تتبنّى أجزاءا من برنامجه و خطابه ، خشية أنّه في حال عدم القيام بذلك قد يزداد فقدنهم للثقة فيهم و تعزيز الثقة في الفاشيين أكثر . و بالمقابل ، يصبغ هذا الشرعيّة على الفاشيين و يغذّى نهمهم و شرههم الكبيرين للسلطة . و هذه الديناميكيّة هي التي تحرّك الآن التطوّرات السياسيّة . لقد إنطلق حزب " البديل من أجل ألمانيا " كحزب " مشكّك في أوروبا " ، ينقد " كونيّة " الإتحاد اللوروبي لعدم خدمته خدمة أفضل لمصالح"نا". و هذا التركيز على البلاد لا يمكن في ها إفطار إلاّ أن يعني مصالح الرأسماليين – الإمبرياليين الإحتكاريين الذين يسيّرون البلاد ، تحوّلت للتركيز على " الأمّة " سواء حدّدت ب " الجرمانيّة " كما وضع ذلك بعض الإيديولوجيين الأكر تهذيبا ضمن الأحزاب الحاكم ، أو " الدم " كما يفضّل ذلك الفايّون الذين يحنّون إلى أيّام النازيّة . و لا تهمّ المواضيع الخرى العزيزة على قلوب الأحزاب الأخرى ( مثل إهانة ألمانيا ، الإعتماد المحسوب على الفحم الحجري المتّسخ ) ، فقد نجح " البديل من أجل المانيا " في جعل الهجرة المسألة المحوريّة للمشهد السياسي برمّته . و بينما أفكار مشابهة لتلك التي لدى " البديل من أجل ألمانيا " قد كرّسها بعدُ إيديولوجيّو الأحزاب الحاكمة ، فإنّ الفاشيين قد أخرجوها من الضبابيّة و وضعوها في الواجهة : الناس الذين لا يشبهون" نا " لا مكان لهم في ألمانيا أو على التراب الأوروبي ... القيم الرجعيّة و صعود الفاشيّة ردّا على كلّ هذا ، يحاجج بعض الناس على المستوى الأكاديمي وفى الشوارع بانّه من " الطبيعي " للبشر أن يخشوا وجود أناس لا يشبهون"نا" . و تقريبا جميع المعلّقين سيقولون لكم بانّ إهانة ماركال " سببها " قرارها سنة 2015 القبول بمليون مهاجر. و يتجاهل هذا البعدُ الديماغوجي للسياسة الراهنة . فبينما صارت المانيا موطنا لعديد المهاجرين أكثر من بولونيا ، فإنّ أكثر أتباع ط البديل من أجل ألمانيا " من مناطق ذات عدد أقلّ نسبيّا من المهاجرين . و في بولونيا ، هناك بالكاد بضعة مهاجرين وحتّى عدد المسلمين أقلّ بكثير . لا يشرح الوجد الجسدي للجانب صعود الفاشيّة . و في الوقت نفسه ، صحيح أنّ المؤشّر الأساسي للعالم الإمبريالي اليوم . – إنقسام العالم إلى مفترس و فريسة – قد أضحى لا يُطاق بحيث أنّ الملايين من أفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينيّة يخاطرون بالأحرى بالموت بدلا من القبول بالمستقبل الذى يمكن أن يُوفّره لهم بلد تضطهده الإمبرياليّة . و هذا ، بدوره ، يعدّ تهددا لأمن أوروبا و إستقرارها . ثمّة أزمة حقيقيّة في الهيمنة الإمبرياليّة ، و من أهمّ تبعاتها في البية الفوقيّة و في الأفكار و أنماط التفكير المناسبة مع تنظيم المجتمعات . في مقال حديث عنوانه " إنّها الثقافة أيّها الغبياء " ، يستخدم المؤرّخ تيموثي غارتون آش سبر آراء و تحليل لإحصائيّات خاصة بتصويت ألمانيا لدحض رؤية أنّ نجاح " البديل من أجل ألمانيا " يمكن أن يفسّر بالوضع الصعب للإقتصاد.و بالرغم من أنّ مكامن القوّة توجد في ألمانيا الشرقيّة سابقا ، مكان محروم بفعل العولمة الإمبرياليّة ، فإنّ ط البديل من أجل ألمانيا " كسب مساندة ذات دلالة من جميع مقاطعات البلاد بإستثناء مقاطعة واحدة . و يعتبر معظم مسنديه أنّ وضعهم الاقتصادي " جيّد " أو " جيّد جدّا ". و عوضا عن مواضيع متّصلة بلمحفظة ، أهمّ مشاغلهم هي ضعف القيم التي يشعرون أنّها يجب أن تكون قاعدة وحدة المجتمع الألماني ، " الوطن و الأسرة و الدين "- مواضيع أساسيّة بالنسبة للقاعدة الإجتماعيّة لترامب في الولايات المتحدة . إلى المدّة الأخيرة ، مركال ، إلى جانب قادة أساسيين أوروبيين آخرين ، ( و الجهاز المركزي للاتحاد الأوروبي ذاته ) شخّصوا الفضاء الأوروبي على أنّه مع " تعدّد الثقافات " ، أي مع فكرة أنّ مجتمعاته ينبغي أن ترحّب بالناس من الثقافات المختلفة و تتتسامح معهم . و هناك نفاق و عمى كبيرين تجاه قمع طرق تكريس ذلك . ففي فرنسا ، لعقد مقارنة ، تدافع كافة الحزاب السياسيّة عن أنّ الأجانب يجب إدماجهم في الثقافة السائدة . لكن في كلّ من ألمانيا و فرنسا ، مسألة مفتاح هي طبيعة الثقافة السائدة و المخاطر التي يطرحها ضعفها . لقد إشتكى الفاشيّون في الغرب و بإستمرار من أنّ القوى الديمقراطيّة الليبراليّة التي حكمت النظام الإمبريالي لم تكن صارمة بما فيه الكفاية في التعاطى مع القوى الجهاديّة الرجعيّة المعارضة لها ، لا سيما في الشرق الأوسط . فأثناء حملته الإنتخابيّة ، زمجر ترامب مرارا و تكرارا بأنّ " أوباما ضعيف ! " و لوّح مهدّدا بإستخدام التعذيب . إلاّ أنّ هؤلاء الرجعيين لا يفرّقون للمغالطة كذلك بين الإسلام عامة و اللأصوليّة الرجعيّة و الجهاد و ينظرون إلى الأصوليّة الإسلاميّة على أنّها كلّ شيء يعتقدون أنّه على الغرب أن يكون عليه و لكنّه ليس كذلك : مجتمعات خاضعة إلى السلطة التقليديّة ، يوحّدها الدين ، و قائمة على " الأسرة " ( الأبويّة / البطرياريكيّة و العلاقات الجندريّة التقليديّة و غيرها من العلاقات الإضطهاديّة ) وهي مصمّة بعدوانيّة على إعادة تشكيل العالم على تلك الصورة . و قد دعا بعض الفاشيين في الولايات المتحدة حتّى إلى " شريعة بيضاء " ، و بمعنى خاص أن تُفرض على النساء العودة إلى المنازل و الخضوع إلى سلطة الزوج . ى البلدان الإمبريالية و كذلك البلدان المهيمن عليها ، صعود نظرات للعالم أكر تطرّفا حتّى ردّ فعل على تقويض أنماط الحياة المتناسبة مع ما يسمّى ب " القيم الأسريّة " بحكم سير النظام الإمبريالي العالمي و تسريع تداعيات العولمة ، و جعل الأحياء و المناطق و المجتمعات حول العالم تشعر بانّها فاقدة لهويّتها لدى عديد السكّان . و التغيّرات في هكلة الأسرة و موقع النساء عامل من العوامل الأكثر تاثيرا و العميق الأثر . و على سبيل المثال ، خرج عدد كبير من النساء من المنازل – و هذا يصحّ تماما على بولونيا حيث تشكّل النساء غالبيّة الملايين الذين توجّهوا إلى ألمانيا و المملكة المتحدة / بريطانيا و مناطق أخرى للعمل ، مخلّفين وراءهم الآباء و غيرهم من الرجال . هذا تغيير من أهمّ التغيّرات في حياة النساء و الرجال ما جعل نمط حياتهم في نزاع مع القيم البطرياركيّة التي تربّوا على الإعتقاد فيها . ذات النظام الإضطهادي يقف وراء الفاشيين و الأحزاب الحاكمة القائمة حتّى قبل صعود " البديل من أجل ألمانيا " بمدّة طويلة ، كان الإيديولوجّيون المرتبطون بالأحزاب الحاكم لألمانيا يناقشون الحاجة إلى " ثقافة قياديّة ألمانيّة " في تعارض مع ما قيل على أنّه قيم إسلاميّة ( " لسنا البرقع " كما وضع ذلك وزير الداخليّة الألمانيّة ). ثقافة " نحن " ه تتحدّد بذات القوميّة الألمانيّة و النموذج البطرياركي الألماني الذى يدعو إليه الفاشيّون مصّاصي الدماء بأكثر وحشيّة . هذا هو سبب لماذا الأحزاب السائدة ليست قادرة على التنافس تنافسا جيّدا على القلوب و الذهان في ألمانيا و في بولونيا و في غيرهما من الأماكن . فهي تمثّل ذات النظام الرأسمالي الإضطهادي الذى يؤبّد العلاقات الإضطهاديّة بين الناس ، و كذلك ، هي مهيمنة إلى أقصى درجة ليس بعدم الحفاظ فحسب بل بتوطيد هذه العلاقات و القيم و التفكير الذين يعكسونهم و يعزّزونهم أيضا . في حين أنّ التنوير الذى يقال إنّه قوام " الثقافة القائدة " في ألمانيا مرتبط بعناصر أساسيّة من التقدّم الإنسانيّ مثل العقل و العلم و فصل المجتمع عن تحكّم الكنيسة ، فإنّه قد جلب يضا إنتصار الرأسماليّة في أوروبا و فسح المجال لأوروبا و شمال أمريكا يفرض العبوديّة و سلب معظم شعوب العالم . مقع ألمانيا في العالم ، قريب من قمّة أكبر المفترسين في العالم ، و الحاجة إلى التقدّم بهذا الموقع عبر الإضطرابات الراهنة و المنافسة في صفوف القوى العالميّة ، ليس نقطة خلاف جوهريّة بين السائد و الفاشيين . و يعدُّ مقبولا في صفوف الأوساط الحاكمة نقاش مدى تحرّر ألمانيا من " عبء " ماضيها ( عبء " الذنب " لكي تستطيع التحرّك مثل القوى المنتصرة في الحرب العالميّة الثانية كالولايات المتّحدة و فرنسا ، التي بوسعها أن ترسل فيالقا و تستخدم أسلحة الدمار الشامل دون خشية الرأي العام المحلّى ) . فقط أنّ " البديل من أجل ألمانيا " يقطع خطوة أبعد بالدعوة إلى تشريف " المكاسب " العسكريّة الألمانيّة في الحروب العالمية . كان مندوبوهم يرتدون شارات صفراء تضامنا مع الجيش الألماني عندما إلتحقوا بمناصبهم في البرلمان الألماني . لذا هناك تواصل كامن بين هذه المواقف و الخطابات لكن هناك أيضا إختلافات هامة . و من دواعى الإختلاف أنّ الفاشيين يبحثون ليس عن إنقاذ جميع ما هو أكثر رجعيّة فحسب في " الثقافة القائدة " اليوم ، و إنّما جعلها تتماشى أكثر مع ما قد قامت به فعلا الإمبرياليّة الألمانيّة ، و الأكثر جوهريّة ، ما سيترتّب عليها على الأرجح الآن القيام به . المعاملة الأوروبيّة للمهاجرين – لا إنسانيّة على نطاق واسع سببب وجود ماركل و الفكر الألماني السائد غير مجهّزين بدجة كبيرة للإنتار على الفاشيين سياسيّا و في مجال الأفكار أمر واضح بصفة خاصة إذا نظرنا إلى كيف أنّ ماركل – و أوروبا – قد تعاملا مع الهجرة ، سواء بالمعنى الإجرائي و الإيديولوجي الكامن وراءها . فقط لنكون واضحين ، قرار ماركل الأصلي بقبول مليون وافد على ألمانيا كان يستند إلى حاجيات الطبقة الحاكمة الرأسماليّة – الإمبريالية الألمانيّة في بلد يواجه إنخفاض نسبة ولادات و تقلّص في عدد السكّان . " القيم الأسريّة " الألمانيّة تشجب الأمّهات العاملات . و مع ذلك يحتاج المشغّلون الألمان إلى مليون آخر من العمّال سنويّا . و فضلا عن ذلك ، من الأصعب على هؤلاء الإمبرياليين أن يفرضوا قوّتهم عبر العالم دون المزيد و المزيد من الألمان . و تدّعى الأحزاب الحاكمة الآن أنّه عليها أن تحدّد من الهجرة لإعتبارات إنسانيّة ( و إلاّ فإنّ الفاشيّين سيصعدون إلى السلطة و سيكون حكمهم أسوأ ). لكن الواقع هو أنّ ألمانيا ، شأنها شأن القوى الأوروبيّة الأخرى ، مسؤولة عن أغلب اللاغنسانيّة المتعذّر فهمها على نطاق واسع ، المستهدة لملايين الناس من غير الأوروبيين الذين لهم الكثير من الأسباب كما لهم الحقّ في السفر بحثا عن شيء أفضل مثل ملايين الذين غادروا منازلهم و عائلاتهم في بولونيا و ألمانيا الشرقيّة ، حتّى و إن لم يقع ينذهلوا بمعنى مسموم من الإستحقاق. و إلتحقت ألمانيا أيضا بشكها الخاص من التجارة بالبشر لمّا إقترحت دفع المال لتركيا عن كلّ مهاجر يرحّل من أوروبا . و الأسوأ مركّز في ليبيا أين أفرزت الفوضى الناجمة عن التدخّل الإمبريالي الخبيث إلى تفتّت الدولة المركزيّة . و خلق هذا شرخا في جدار الدول التي دعّمها الغرب مقابل منع مواطنيها و آخرين من مادرة الموانئ الجنوبيّة للبحر الأبيض المتوسّط . و الآن أرست القوى الأوروبيّة و لولايات المتّحدة حكومة عميلة في العاصمة الليبيّة ، طرابلس ، ( ما يطلق عليه حكومة الوفاق الوطني ) بدعم بعض أمراء الحرب على حساب آخرين . و عقب إيقاف عمليّات البحث و الإنقاذ و تجريم المنظّمات غير الحكوميّة و الناس العاديين الذين يسعون إلى إنقاذ المهاجرين من الغرق في عرض البحر ، أقام هذه الحكومة العميلة في ليبيا " حرس سواحل " على ما يبدو مسيّرا من قبل بعض ذات المليشيات التي أثرت سابقا بفضل نقل المهاجرين إلى أوروبا على قوارب تكون عادة غير آمنة أو مصيدة . مهمّتهم الجديدة المدفوعة الأجر هي إبقاء المهاجرين بعيد عن إيطاليا و بقيّة أوروبا . و بالتنسيق مع السلط الأوروبيّة ، يطلق " حرس السواحل " النار و يغرق قوارب المهاجرين في المياه الدوليّة . و الذين يتمّ القبض عليهم في البحر أو الموانئ – و هم يعدّون ما يناهز المليون شخصا- يحجزون في معسكرات حكوميّة " رسميّة " أين يتعرّضون إلى الضرب و الجوع أو يحوّلون إلى مليشيات " خاصة " تعمل في المناطق الحكوميّة . و عادة ما يطالبون بالفدية او يباعون كالعبيد تماما . و مرّة أخرى ، تعيد أوروبا الأفارقة السود إلى العبوديّة ، ليس على قوارب تعبر المحيط الأطلسي و إنّما بسياسات تؤدّى إلى النتيجة عينها – بينما تسمح لهم بإدّعاء نظافة اليد . لقد داست ألمانيا و بلدان أخرى بعدُ قوانينها الخاصة و القوانين الدوليّة الضامن لحقّ اللجوء السياسي للفارّين من الحروب و الأنظمة المجمة ، حتّى و إن كانت هذه القوانين ، بالتمييز بين اللاجئين و المهاجرين ، ترسم خطّا سخيفا و لاأخلاقيّا بين أنواع من البشر يفرّون جهنّم ليست من صنعهم هم . حينما تكون القوى السياسيّة السائدة قد رسّخت أنّ بعض البشر بحكم الولادة لهم حقوق و ليس لغيرهم حقوق و أنّ حياة البعض فحسب مهمّة ، عندئذ يجرى تقسيم البشر إلى بشر و دون البشر. و يتمّ الإبحار في منطق إبادة جماعيّة مهما كانت النوايا . و في نهاية المطاف ، يصبغهذا الشرعيّة على الفاشيّين الذين يريدون معالجة النفاق الإمبريالي بالدعوة الصريحة إلى الإبادة الجماعيّة . و ليس بمقدور الأنظمة الديمقراطيّة – البرجوازيّة أن تكون كثر فعاليّة في إيقاف صعود القوى الفاشيّة لأنّ نظامها ذات بسيره و تناقضاته و قيمه الكامنة المعلنة و غير المعلنة ، يدفع نحو هذا الصعود . و السؤال هو : ما الذى سيعوّض النظام الإضطهادي القديم ؟ تداعى النظام السياسي و الاجتماعي و الإيديولوجي الذى عرفه معظمنا طوال حياتنا لا رجعة فيه . و السؤال هو ما الذى سيعوّضه . ليس لممثّلى ذك النظام أيّة حلول لأزمات النظام الذى أنشأوه. قيمهم عمليّا إضطهاديّة ومنافقة إلى أقصى الدرجات . و لهذا ، يفتقرون هم أنفسهم إلى الحماس أو الإرادة الحقيقيين لمواجهة الفاشيّة . و قد حان وقت التخلّص من الأوهام القائلة بأنّ هذه القوى يمكن أن تُدفع إلى " القيام بالشيء الصحيح " أو بانّ اللعب ضمن قوانين الإطار السياسي القائم سيوقف هذه الديناميكيّة . مواجهة و إلحاق الهزيمة بصعود القوى الفاشيّة و السمّ الذى تنشره مهمّة تقع على عاتقنا نحن – على عاتق كافة الذين يقرّون بالخطر الداهم الذى يمثّلونه و الذين ينهضون بمسؤوليّة إيقاف صعودهم عبر المقاومة الجماهيريّة المنظّمة . و كجزء لا غنى عنه من هذا ، هناك حاجة حيويّة إلى المضيّ إلى جذور لماذا يحدث هذا الجنون و كيف ينمو جراء النظام الرأسمالي- الإمبريالي العالمي ، و لنشر وعي واقع وجود حلّ حقيق لكلّ هذا ، حلّ يخدم مصلحة الإنسانيّة و الكوكب – سبيل لتنظيم شعوب العالم يمكن أن يضع نهاية لجميع العلاقات الإضطهاديّة بين الناس و تحرير القدرات الإنسانيّة . و هذا ممكن بالإسترشاد برؤية و علم الشيوعيّة الثوريّة التي تقّم بها بوب أفاكيان . لذا ملحّ في منتهى الإلحاح أن نوقض أكبر عدد ممكن من الناس و ننظّمهم و نستنهضهم للرجّ على تمايل الجناج اليميني ، كجزء من النضال في سبيل تغيير العالم تماشيا و المصالح افستراتيجية و الجوهريّة للمضطهَدين و الإنسانيّة قاطبة . ----------------------------------------------------------------------------
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشيوعيّة ليست - طغيانا طوباويّا - بل هدفا قابلا للتحقيق و ه
...
-
موقف الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة من نقل ترامب لل
...
-
دكتاتورية البروليتاريا : ألف مرّة أكثر ديمقراطيّة ... بالنسب
...
-
من يدافع حقا عن التحرر الوطنيّ و ما هو مفهوم الأمميّة- مقتطف
...
-
دحض الأكاذيب الكبرى المشوّهة للشيوعيّة (4) الكذبة 4 : الشيوع
...
-
دحض الأكاذيب الكبرى المشوّهة للشيوعيّة (3) الكذبة 3 : كانت ث
...
-
دحض الأكاذيب الكبرى المشوّهة للشيوعيّة(2) الكذبة 2 : لأنّ ال
...
-
مع دخول النازيين الجدد البرلمان الألماني و إنعطاف الحكومة إل
...
-
الولايات المتّحدة الأمريكيّة : إعدادات لتحرّكات جماهيريّة في
...
-
دحض الأكاذيب الكبرى المشوّهة للشيوعيّة(1) : طبيعة الإنسان تق
...
-
كاتالونيا و مصالح الإنسانية-[ فهم أعمق]
-
أسس وحدة المنظّمة الشيوعيّة الثوريّة ، المكسيك
-
بصدد البرجوازية و - الطبيعة الإنسانية - و الدين : الردّ الما
...
-
أسطورة الأسواق الحرّة فى مقابل الإشتراكية الحقيقية – من الجز
...
-
موت الشيوعية و مستقبل الشيوعية - مقتطف من كتاب - ماتت الشيوع
...
-
ما الذى لا يقال لنا لكن نحتاج إلى معرفته بشأن المخاطر الجديد
...
-
مقدمة الناشر و تمهيد بوب أفاكيان لكتابه - ماتت الشيوعية الزا
...
-
مقدّمة الكتاب 28 ، - ماتت الشيوعية الزائفة ... عاشت الشيوعية
...
-
الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) بصدد
...
-
متابعات عربيّة - كتاب : متابعات عالمية و عربية – نظرة شيوعية
...
المزيد.....
-
رسالة جديدة من أوجلان إلى -شعبنا الذي استجاب للنداء-
-
صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 31 مارس 2025
-
حزب التقدم والاشتراكية ينعي الرفيق علي كرزازي
-
في ذكرى المنسيِّ من 23 مارس: المنظمة الثورية
-
محكمة فرنسية تدين زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في قضية ا
...
-
القضاء الفرنسي يدين زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان باختلاس
...
-
م.م.ن.ص// في ذكرى يوم الأرض: المقاومة وجرح الكون النابض
-
محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ضي
...
-
في ذكرى يوم الأرض: شعب يستشهد محتضنا أرضه لن يُهزم
-
مسيرات بإسبانيا تضامنا مع فلسطين بذكرى يوم الأرض
المزيد.....
-
الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة:
...
/ رزكار عقراوي
-
متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024
/ شادي الشماوي
-
الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار
/ حسين علوان حسين
-
ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية
/ سيلفيا فيديريتشي
-
البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية
/ حازم كويي
-
لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات)
/ مارسيل ليبمان
-
قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024
/ شادي الشماوي
-
نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم
...
/ بندر نوري
-
الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية
/ رزكار عقراوي
المزيد.....
|