|
انتصرت أمريكا وخسرت إيران !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1474 - 2006 / 2 / 27 - 09:52
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
رغم الخسائر الفادحة التي مُني بها العراقيون كل العراقيين في الأرواح والممتلكات ، ودور العبادة غبّ التفجير الذي تعرض له ضريح الإمامين : علي الهادي ، وابنه : الحسن العسكري عليهما السلام في مدينة سامراء العراقية ، فإن الوضع أخذ يميل الى الهدوء بشكل نسبي الآن ، وذلك لرفض العراقيين من كل الأطياف والمذاهب الدخول في حرب أهلية لا تبقي ولا تذر ، لكن أصحاب مخطط خلق الفوضى في العراق على مختلف مشاربهم وألوانهم لن يسلموا بهذا الواقع أبدا ، ولن يتخلوا عن أهدافهم في إغراق العراق ببحر من الدماء ، والدمار ، منعا للعراقيين من تشكيل حكومة وحدة وطنية قد تنقذ الناس في العراق من طوفان الموت فيه ، وإلهاءً للمارد الأمريكي الذي يتحين الوثوب على أصحاب ذلك المخطط الأسود الذي ينفذ على أيدي بعض المحسوبين على العراقيين مع الأسف. قبل أيام من تصاعد هدير أمواج الفوضى التي أغرقت العراق في الأيام القليلة الماضية ، والتي عاد فيها الغوغاء والشارع هما اللذان يتحكمان في ذاك البلد ، حيث غابت الحكومة بكل أجهزتها ، ووقفت هي ، وقوات الاحتلال ، متفرجة على نزف دماء العراقيين التي سالت في شوارع الكثير من مدنهم . قبل كل ذاك حملت وسائل الإعلام من الشرق الأوسط خبرا يقول إن هناك مخططا يهدف الى إغراق قوات الاحتلال الأمريكية في مستنقع من فوضى ستجتاح العراق من أقصاه الى أقصاه ، ولهذا ظل المراقبون السياسيون ينتظرون الكيفية التي سيفور بها التنور ، والساعة التي ستحل بها الكارثة ، تلك الساعة التي تمثلت بعد ذلك بتفجير ضريح الإمامين في سامراء ، مثلما أشرت الى ذلك قبل قليل ، عندها تفجر غضب أعمى من دون معرفة هوية من قام بالتفجير ذاك ، ولكن ، مع ذلك ، فقد انصب الاتهام على أهل السنة كل أهل السنة في العراق ، ودونما تميز ، وفات هؤلاء ، الذين حُرضوا على التظاهر ، وانساقوا على جهل منهم بهدف مخططي الفوضى الى ارتكاب أعمال مشينة ، لا تليق بهم كبشر ، أن الإمام علي عليه السلام قد رفض قتل قاتله ، عبد الرحمن بن ملجم حين هم نفر من العراقيين بقتله ، والإمام لما يزل ينزف دما ، قائلا لهم : دعوه ! فإن أنا عشت سأرى رأي فيه ، وإن أنا مت فاقتلوه ! ، نعم . لقد قتل من الشيعة العراقيين الكثير ، ودمرت لهم دور عبادة وبيوت ومحلات بيع وشراء ، وهم يعرفون حق معرفة من هم قاتلوهم ، هؤلاء الذين يأتي بالمقدمة منهم الزرقاويون ، ثم الصداميون ، ثم الأطراف الخارجية التي تعينهم على قتل الناس في العراق ، وليس الشيعة منهم فقط ، فلقد سقط أكثر من إنسان عراقي ، سني ، برصاص هؤلاء ، وربما سيسقط آخرون كذلك ، فهؤلاء لا يريدون لأحد من السنة أن يقف بوجوههم ، تماما مثلما لا تريد بعض التنظيمات الشيعية لأحد من الشيعة أن يقف معارضا لها في الفكر والرؤيا ، وهذا ما يفسره الهجوم ومحاولات الهجوم التي قامت بها مجاميع من الغوغاء في أيام فوضى المظاهرات التي قامت بفتوى من بعض رجال الدين ، على مقر الحزب الشيوعي ، وغيره من مقرات أحزاب أخرى ، جل أعضائها من أبناء الطائفة الشيعية ، وذلك في مدينة الشطرة من محافظة الناصرية ، ولا ينفع أصحاب تلك الفتوى القول بأنهم كانوا يدعون الى الاحتجاج على ما تعرض له ضريح الإمامين في سامراء من تفجير مدان من خلال التظاهر السلمي ، وها هم يرون رأي العين كيف وصل بهم وبالعراقيين ذاك التظاهر السلمي الذي تعمد بدماء العراقيين من كل الأطراف ، فبرقبة من تقع مسؤولية تلك الدماء التي أريقت في ساعات الفوضى ، والتي أعتبر أصحابها من الذين سقطوا في جوامع السنة والشيعة شهداء على حد ما أعلنه الجعفري عقب الاجتماع الذي ضم كل الكتل النيابية في بيته قبل ساعات من كتابة الأحرف هذه ؟ لقد فار تنور الفوضى ، وتميز بالغيظ ، والحقد الطائفي ، وصرنا نسمع في تلك التظاهرات شعارا يتردد منذ سنين في طهران وقم : ( مرگ بر أمريكا ) ! أي الموت لأمريكا ترجمة له من اللغة الفارسية الى العربية ، وعلى هذا فقد صار الهدف السياسي من استغلال العواطف المذهبية لدى الشيعة االعرب في العراق واضحا ، وصار واضحا كذلك أن تلك المظاهرات الاحتجاجية أريد لها أن تتحول الى خدمة أهداف إيران المعروفة في العراق ، ولكن على ما يبدو أن العراقيين ، وبعد ساعات من كل الذي حل بهم ، قد أدركوا النوايا الخبيثة التي أرادت أن تحيق بهم وبوطنهم ، تلك النوايا التي قصد منها إهلاك الناس في العراق ، وسفك دمائها من أجل أن تغرق أمريكا في مستنقع فوضى اسمه العراق ، مثلما تطمح الجمهورية الإسلامية ! في إيران الى ذلك ! والتي تسعى جاهدة الى تعطيل العملية السياسية الجارية في العراق ، وإبعاد ساعة الغضب الأمريكي عنها ، تلك الساعة التي بشر بها الرئيس الأمريكي قبل ساعات من كتابة أحرفي هذه ، حيث قال ، بعد أن خصص مبلغا قدره خمسة وسبعون مليون دولار في مسعى للإطاحة بالنظام الإيراني : ( لا يمكن للديمقراطية أن تقوم في الشرق الأوسط بوجود النظام الإيراني الحالي فيه ) . وعلى ذلك يبدو أن الأمريكان ، الذين يقفون بجيوشهم على حدود إيران الغربية والشرقية ، ويحيطونها بقواعد طيرانهم شمالا ، مثلما يحيطونها ببوارجهم الحربية جنوبا ، يدركون لعبة إيران تلك ، ولهذا فقد هبّ الرئيس الأمريكي ، جورج بوش ، الى هاتفه متصلا بأركان العملية السياسية في العراق ، وكان في الطليعة من هؤلاء السيد مسعود البرزاني ، وذلك من أجل العمل على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي هي مطلب الكثير من العراقيين ، فضلا عن أنها مطلب أمريكي كذلك ، هذا المطلب الذي وقفت إيران حائلا دون تحقيق ، ومن خلال اللوبي الإيراني العامل مع وخارج بعض التنظيمات الشيعية العراقية ، حيث ظل ذاك اللوبي واقفا بعناد ضد جمع العراقيين على طاولة واحدة ، رافضا جلوس ممثلي كتلة الائتلاف الشيعي مع ممثلي بعض الكتل الانتخابية الفائزة في الانتخابات التي جرت قبل أكثر من شهرين في العراق ، وذلك رغم كل الجهود الذي بذلها العراقيون من خارج تلك الكتلة ، وفي مقدمة هؤلاء العراقيين رئيس الجمهورية المنصرف ، جلال الطالباني ، الذي كان صاحب الصوت الأعلى من بين كل العراقيين في الأيام الأخيرة ، مناديا بضرورة قيام حكومة الوحدة الوطنية ، يشد من أزره في ذلك السفير الأمريكي ، خليل زادة ، الذي اتهمه أحد أهم أعمدة اللوبي الإيراني في النجف ، صدر الدين القبنجي ، خطيب الجمعة فيها ، بالطائفية ، حيث طالب الحكومة الأمريكية في غمرة تلاطم أمواج الفوضى تلك بضرورة استبداله برجل آخر ، ولكن الذي حدث أن جورج بوش ، ومن خلال مكالماته التلفونية ، التي جئت أنا على ذكرها من قبل ، قد أكد على ضرورة قيام حكومة وحدة وطنية في العراق تبتعد عن الطائفية وشرورها ، وهذا هو ذات المطلب الذي طالب به السفير الأمريكي ، خليل زاده ، والذي أتهم على أثره بالطائفية ، لأنه سني من أفغانستان ! والآن ماذا سيقول مطلقو الاتهام ذاك بعد إلحاح بوش على الجميع بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية عراقية بذات المواصفات التي تحدث عنها سفيره في بغداد؟ هل يستطيع صدر الدين القبنجي أن يقول بعد هذا أن جورج بوش طائفيا أم أنه سينتظر فتوى من الجمهورية الإيرانية ليأتينا بتصريح آخر ، يتفتق عن عبقرية جديدة في الرؤى السياسية ؟ لقد سار الاجتماع الذي عقد بين ممثلي جميع الكتل العراقية ، التي فازت بالانتخابات الأخيرة قبل ساعات من كتابة السطور هذه ، بهذا الاتجاه ، أي اتجاه تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، حيث ضم ذاك الاجتماع ، بالإضافة الى ممثلي كتلة الائتلاف الشيعي ، كتلة ممثلي القائمة العراقية الوطنية التي يتزعمها أياد علاوي ، تلك الشخصية التي حاولت إيران بكل ما أوتيت من القوة إبعادها عن المباحثات الدائرة بشأن تشكيل الحكومة القادمة في العراق ، وهذا إن دلّ على شيء ، فإنما يدل على هزيمة إيران وخسرانها ، وانتصار أمريكا ونجاحها في معركة جرت فصولها خلف الكواليس على مدى أشهر ، لكنها طفحت أخيرا على صفحات أمواج الفوضى التي جرت في شوارع العراق . والسؤال الآن هو هل تقبل إيران بهذه الخسارة أم أنها ستواصل سعيها في منع العراقيين من تشكيل حكومة تكون لأمريكا فيها اليد الطولى ؟ الجواب على سؤال كهذا ليس عسيرا على أي مراقب للأحداث التي تجري في العراق ، فإيران قد وطدت أقداما لها في العراق ذاك من خلال هذا الحزب ، أو تلك المنظمة ، وذلك بعد أن رصعت جباه هذه التنظيمات باسم الله نفاقا ، فهي والحالة هذي تستطيع أن تدفع هؤلاء الى تخريب أي عمل يتفق عليه العراقيون بعيدا عن إرادتها ، ولا يخضع لمشيئتها ، وإذا نكص أحد من هؤلاء في تحقيق أهدافها من هذا التخريب ، فإنها ستدفع بالآخر لمحاربته في شوارع المدن الشيعية ، وستكون الحرب هذه المرة ليس بين السنة والشيعة ، وإنما بين الشيعة والشيعة ، خاصة وإن هناك اتجاها شيعيا عربيا بدأ بالظهور العلني تصدره التيار الصدري ، وتيار الخالصي ، وذلك في اللقاء العلني الذي ضم التيارين مع ممثلي تيارات دينية من أهل سنة العراق ، وفي ضريح الإمام أبو حنيف النعمان في الأعظمية من بغداد ، حيث أدى الجميع الصلاة سوية فيه ، وهذا بالتأكيد سيزعج إيران وأتباعها في العراق الذين أرادوا نزع الهوية العربية عن شيعة العراق ، والاكتفاء بالهوية المذهبية . وعلى أساس من هذا ستكون الحرب التي ستشعل شرارتها إيران بين الشيعة غير مستبعدة ، خاصة وإن إيران تملك تجربة حرب سابقة ، أشعلتها بين شيعة لبنان أنفسهم ، تلك الحرب التي أدت الى أضعاف حركة أمل بقيادة نبيه بري ، والمجلس الشيعي اللبناني الأعلى بقيادة الشيخ عبد الأمير قبلان نيابة ، وذلك لحساب حزب الله اللبناني بقيادة حسن نصرالله ، وكيل علي خامنئي ، مرشد الجمهورية الإيرانية ، وهكذا أحكمت إيران قبضتها على الشيعة في لبنان ، لكنها لن تفلح في ذلك مع العراقيين أبدا .
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مضحك من مضحكات الوضع في العراق !
-
القراصنة (Vikingarna )
-
فرق الموت الصولاغية !
-
إيران بدأت زج الشيعة العراقيين في معركتها مع الغرب !
-
الأخبار في طوق الحمامة 3
-
الجعفري بمشيئة إيران الى رئاسة الحكومة في العراق ثانية !
-
الأخبار في طوق الحمامة 2
-
- الأخبار في طوق الحمامة - 1
-
مرام تجسيد للوطنية العراقية ونبذ للطائفية والعنصرية !
-
العراقيون : هجرة أخرى الى دول اللجوء !
-
نديم الجابري : الوزارة أم الموت والانسحاب !
-
نديم الجابري : الوزارة أم الموت والانسحاب* !
-
الإيرانيون يقتلون العراقيين في شط العرب !
-
الدفاع عن البيضة الإيرانية !
-
الكل ينادي : حكومة وحدة وطنية !
-
ظهور مئة وخمسين إماما منتظرا في طهران وحدها !
-
ملامح الحكومة الأمريكية القادمة في العراق !
-
الانتخابات العراقية خسارة للعراق وفوز لإيران ! سه
...
-
مرحى شيوعيي الناصرية !
-
البصرة تحت ظلال صدام !
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|