أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الشعوب القديمة وتشابه الأساطير















المزيد.....

الشعوب القديمة وتشابه الأساطير


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5727 - 2017 / 12 / 14 - 21:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يُجمع علماء علم الإنسان ( أنثروبولوجيا) أنّ جدود جدود البشرية، الذين سطــّـروا أول فصل فى تاريخ المجتمعات الإنسانية، على مسرح كوكب الأرض، خلقوا معتقداتهم، التى تطوّرت إلى عقائد تــُـلخـّص نظرتهم إلى الطبيعة المُحيطة بهم، ثمّ الانتقال إلى مرحلة خلق تصوريتجاوزالطبيعى إلى (ما وراء الطبيعة) وهى المرحلة التى شهدتْ ميلاد فكرة ال (توتم) Totem وأنه ((حيوان خرافى لاوجود له يعتقد أفراد العشيرة أنهم انحدروا منه)) وكذلك اخترعتْ الشعوب القديمة معتــقد ال (تابو) أى الأشياء ((المقدسة الـتى لايخطرعلى الناس الاقتراب منها خشية تدنيسها مما يُعرّض الشخص نفسه للخطر)) ويرى العالم الكبيرسيجموند فرويد فى كتابه عن (التوتم والتابو) أنّ أقرب ترجمة للكلمة هى ((الخوف المقدس)) وقد أخذتْ هذه المعتقدات فى النموإلى أنْ وصلتْ (عبرآلاف السنين إلى فكرة خلق الآلهة، فى المجتمعات الإنسانية القديمة. وأنّ دورهذه الآلهة يرتكزعلى محوريْن: آلهة لجلب الخيروأخرى لتجنب غضبها. وفى طورآخرمن أطوارالبشرية، وكتطويرللجانب الميتافيزيقى الذى شغل البشرمنذ فجرالتاريخ الإنسانى، ابتكرجدودنا المصريون القدماء، فكرة البعث ووجود حياة أخرى بعد الموت. وفكرة الحساب والثواب والعقاب..إلـخ أى أنّ البشرية قطعت آلاف السنين كى تــُـدعّم معتقداتها فى الغيبيات التى تدرّجتْ من ال (توتم) إلى ال (تابو) إلى الأساطيرإلى الأديان.
ويحفل تاريخ الإبداع الأدبى بالعديد من الأعمال التى تجلى فيها دورالدين فى حياة الفرد والمجتمع، بدءًا من الإنتاج الأدبى الذى تركته الشعوب القديمة وحتى لحظتنا الراهنة.
ولم تكن مصادفة أنّ ما ورد فى كتب الديانة العبرية (اليهودية/ المسيحية/ الإسلام) عن بعض الأحداث الخارقة للطبيعة (مثل الطوفان) وردتْ فى تراث بعض الشعوب قبل كتب الديانة العبرية، والمثال الأشهرلذلك ماورد فى ملحمة جلجامش البابلية. وكما ورد ذكرالطوفان فى ملحمة جلجامش، ورد ذكره أيضًا فى ملحمة (اتراحاسس) بل إنّ الأساطيرالتى كــُـتبتْ حول جلجامش وصلتْ إلى بلاد اليونان عن طريق الفينيقيين، فكلا البطليْن من أصل إلهى، وكلاهما اتخذ صاحبًا وصديقــًا حميمًا: انكيدوبالنسبة لجلجامش، ويولوس Iolaus بالسبة إلى هرقل، وأنّ سبب الكوارث بالنسبة لكل منهما المرأة: عشتاربالنسبة لجلجامش، والإلهة هيرا بالنسبة إلى هرقل. وكل من هرقل وجلجامش تغلبا على قتل الأسود وعلى الثيران السماوية المقدسة. وكما عثرهرقل على العشب السحرى للخلود، كذلك حدث مع جلجامش. وكما زارهرقل جزيرة الموت، كذلك أبحرجلجامش عبر(بحرالموت) وكما ارتدى هرقل جلود الأسود كذلك فعل جلجامش. ومن رأى الباحث (روبرت كريفز) أنّ هوميروس استقى الكثيرمن أحداث ملحمة جلجامش بالنسبة إلى أحد أبطال الالياذة (أخيل) حيث أنّ صديق أخيل (بتروكلوس) هوالمقابل لصديق جلجامش (أنكيدو) وأم أخيل (الإلهة ثيتس) تـُقابل أم جلجامش (الإلهة البابلية ننسون)
يرى بعض علماء الآثارأنّ أحدث نسخة من ملحمة جلجامش ترجع إلى القرن السابع قبل الميلاد وهوالزمن الذى يرجع إليه القسم الأكبرمن نصوصها، فى الألواح الطينية التى تـمّ العثورعليها فى داركتب الملك الآشورى (آشوربانيبال- 668- 626 ق.م)
قصة الطوفان فى ملحمة جلجامش وتشابها مع الديانة العبرية:
فى السطرالأول ذكركاتب الأسطورة البابلية ((ركب جلجامش وأور- شتابى فى السفينة. أنزلا السفينة فى الأمواج. وبلغ أور- شنابى (مياه الموت) وقال لجلجامش: حذارأنْ تمسّ يدك مياه الموت. وكان (أوتو- نبتشم) قد أبصرالسفينة من بعيد..فأخذ يخاطب قلبه ويقول: علام دمرت (صورالحجر) الخاصة بالسفينة؟ (باقى النص تالف) ثم ورد فى النص الواضح، قال أوتو- نبشتم لجلجامش: إنّ الموت قاس لايرحم. متى بنينا بيتــًا يقوم إلى الأبد؟ متى ختمنا (= حرّرنا) عقدًا يدوم إلى الأبد؟ وهل يقتسم الأخوة ميراثهم ليبقى إلى آخرالدهر؟ وهل تبقى البغضاء فى الأرض إلى الأبد؟ (وهذا البيت يقابله ما ورد فى سفرالجامعة 9: 5- 6) وهل يرتفع النهرويأتى بالفيضان على الدوام؟ ولم يكن دوام وخلود منذ القدم (وهذا البيت فى ملحمة جلجامش يقابله ما ورد فى سفرالجامعة 1: 4- 11) إنّ الأنوناكى (= مجمع الآلهة) الآلهة العظام تجتمع مسبقــًا ومعهم (ماميتم) صانعة الأقدار، تــُـقـدّرمعهم المصائر. قسّموا الحياة والموت (قارن سفرالتثنية 30: 19) إنّ الآلهة العظام قد حملتهم قلوبهم على إحداث الطوفان. اجتمعوا وكان معهم أبوهم (آنو)
وبعد عدة أبيات ذكركاتب الأسطورة: اسمع يا كوخ القصب وافهم يا حائط. يا رجل (شروباك) يا ابن (أوبار- توتو) قوّض البيت وابن لك فلكــًا (= سفينة) (قارن سفرالتكوين 6: 14) تخلّ عن مالك وانشد النجاة. انبذ المُـلك وخلــّص حياتك. واحمل فى السفينة بذرة كل ذى حياة (قارن سفرالتكوين 6: 19- 20) وسينزل عليكم وابلامن المطرغزيرًا. ومن مجاميع الطيروعجائب الأسماك..وفى المساء سيُمطركم الموكل بالزوابع بمطرمن قمح. واحضروا إلىّ أضاحى من ماشية مراعى البرارى..وتـمّ بناء السفينة فى اليوم السابع..فكان عليهم أنْ يُبـدّلوا ألواح القاع فى الأعلى وفى الأسفل..إلى أنْ غطس فى الماء ثلثاها..وحملتُ فيها كل ما أملك..وكل ما عندى من فضة ومن ذهب..وحملتُ فيها كل ما كان عندى من المخلوقات الحية (سفرالتكوين 6: 21- وفى القرآن- سورة هود- من 37- 45) ثم يواصل كاتب أسطورة جلجامش قائلاعلى لسان بطله ((وأركبتُ فى السفينة جميع أهلى وذوى قرباى.. وأركبتُ فيها حيوان الحقل وحيوان البر(انظرسفر التكوين 7 : 7- 8) وضرب لى الإله شمش موعدًا وقال لى: حينما ينزل الموكل بالعواصف فى المساء مطرالهلاك..ادخل فى السفينة واغلق بابك.. وبلغتْ رعود الإله (أدد) عنان السماء فأحالتْ كل نورإلى ظلمة..وحطمتْ الأرض الفسيحة كما يتحطم الكوز. وظلتْ زوابع الريح تهب يومًا كاملا..وازدادتْ شدة فى مهبها حتى غطتْ الجبال.. وفتكتْ بالناس كأنها الحرب..وصارالأخ لايُبصرأخاه..وحتى الآلهة ذُعروا من عباب الطوفان.. فهربوا وعرجوا إلى سماء (آنو) واستكان الآلهة وربضوا كالكلاب خارج الجدار..وصرختْ عشتاركما تصرخ المرأة فى الولادة..انتحبتْ سيدة الآلهة وناحتْ بصوتها الشجى: وا حسرتاه..لقد عادتْ الأيام الأولى إلى الطين..لأننى أنا نطقتُ بالشرفى مجمع الآلهة..لقد سلطتُ الدمارعلى شعبى.. سجدتُ وجلستُ أبكى..وتطلعتُ إلى حدود سواحل اليم (= المياه) فرأيتُ جزيرة واستقرُالفــُـلك على جبل (نصير) ولما حلّ اليوم السابع أخرجتُ حمامة وأطلقتها..طارتْ الحمامة ثم عادتْ (أنظرسفر التكوين 8 : 8-10) رجعتْ لأنها لم تجد موضعًا تحط فيه..وأخرجتُ السنونووأطلقته..وعاد لأنه لم يجد موضعًا يحط فيه..ثم أخرجتُ غرابًا وأطلقته (انظرسفرالتكوين 8 : 7) فذهب الغراب ولما رأى المياه قد انحسرتْ..أكل وحام وحط ولم يعد..وعند ذاك أخرجتُ كل ما فى السفينة إلى الرياح الأربع.. وقرّبتُ قربانـًا..وسكبتُ الماء المقدس على قمة الجبل (انظرسفرالتكوين 8 : 19- 20) وعند ذاك فتح الإله (ننورتا) فمه وقال للبطل (أنليل) من الذى يستطيع أنْ يُديرمثل هذا الأمرغير(إيا) أجل إنّ الإله (إيا) هوالذى يعرف خفايا الأمور..وقال الإله (إيا) للبطل (إنليل) أيها البطل أنت أحكم الآلهة..فكيف لم تــُـبصرعباب الطوفان؟ حمّـل صاحب الخطيئة وزرخطيئته..ولكن ارحم..ولوأنكَ بدلامن إحداثك الطوفان سلطتَ السباع..فقلــّـلتَ بعض الناس وبدلامن الطوفان لوأنك أحلــّـلتَ القحط فى البلاد.. وبدلامن الطوفان لوأنّ إيرا (إله الوباء والطاعون) فتك بالناس))
(اعتمدتُ على ترجمة الباحث العراقى طه باقر- مديرية الثقافة العامة بالعراق- عام 1971- أما بالنسبة للتشابهات العديدة بين ملحمة جلجامش والعهد القديم فيمكن الرجوع إلى سفرالتكوين من الإصحاح 6- الإصحاح 9- وكذلك بعض إصحاحات سفرالحامعة وسفرالتثنية. أما فى القرآن فيمكن الرجوع إلى السورالآتية: هود، المؤمنون، الشعراء، العنكبوت، الفرقان، الذاريات، النجم، القمر) ولكن أهم ما فى هذه التشابهات تلك القسوة التى حلــّـتْ بالبشر، بسبب خطيئة البعض– كما جاء فى الأسطورة وكما جاء فى كتب الديانة العبرية- فإذا كان البعض قد أخطأ وارتكب (الخطيئة) فلماذا يكون العقاب الجماعى؟ خاصة وقد جاء فى الأسطورة أنّ الإله (إيا) قال لبطل (لإنليل) ((حمّـل صاحب الخطيئة وزرخطيئته)) وهوذات المعنى الوارد فى القرآن ((ألا تزروازرة وزرأخرى)) (النجم/ 38) ورغم هذا الكلام الصريح عن (المسئولية الشخصية) فإنّ القرآن وردتْ به عدة آيات أنّ (الله) هوالذى بيده الهداية أوالضلال ((فيضل الله من يشاء ويهدى من يشاء)) (إبراهيم/4، وسورة النحل/93) أما كاتب أسطورة جلجامش فقد وقع فى التناقض الشديد عندما كتب على لسان الإله (إيا) لبطله: لوأنك بدلامن الطوفان كنتً سلطتَ السباع فقلــّـلتَ من عدد الناس، أو أرسلت القحط والطاعون إلخ، والسؤال البديهى هو: ما الفرق بين قتل الناس بالطاعون أوالسباع أوالقحط؟ وبين الطوفان؟ وهكذا كان الإبداع البابلى (خاصة فى أسطورة جلجامش) شديد التناقض وشديد القسوة بالإنسان، ثم جاءتْ كتب الديانة العبرية وكرّرتْ أسطورة الطوفان، وهوما يؤكد على وجود علاقة بين تراث الشعوب القديمة والديانة العبرية.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرد على السيد (متابع)
- هل تتحرر الأوطان دون حرية المواطنين؟
- كيف يكون قتل الناس بأمر إلهى؟
- الإسلام والعروبة وجهان لمجتمع البداوة
- مجتمع انتفاضة يناير2011 الذى تم اجهاضه
- اليسار المصرى بين مرحلتين
- هل يمكن القضاء على العنف فى ألعاب الرياضة؟
- لماذا وافق ضباط يوليوعلى تصويرفيلم ضد مصر؟
- أثر الطب النفسى على علاج المرضى
- العلاقة العضوية بين أمريكا والإرهاب
- أعداء مصر وبناء الأهرام
- هل التبشير بدين يستدعى الاحتنلال الاستيطانى؟
- لماذا الربط بين عبدالناصروصلاح الدين الأيوبى؟
- تخاريف عصرية حول سجن النبى يوسف
- لماذا لايقتحم المبدعون المصريون التراث المسكوت عنه؟
- سيجموند فرويد والديانة العبرية
- اليمن ومقصلة العروبة
- الأحزاب السياسية قبل يوليو1952 (1)
- ما سركراهية الأصوليين لباب أسباب النزول؟
- من مؤسس الدولة الدينية؟ عبدالناصرأم السادات؟


المزيد.....




- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الشعوب القديمة وتشابه الأساطير