الناصرة
للفعل راح في اللغه معنيان , وكل معنى مرتبط بأصل الألف في هذا الفعل الأجوف المعتل ….
فإن كان ا صل الألف فيه واوا، كأن نقول: راح يروح , كان معناه ذهب في المساء ليلفه الظلام
وأن كان أصل الألف ياءا , كأن نقول : راح يريح، كان معناه أخرج ريحا تزكم الأنفاس ويأباها كل الناس .
لعل في هذه المقدمه اللغويه ما يعرفنا بالنتيجه التي ستقودنا اليها "مجموعة أوشقتس" من خلال فكرها ورؤيتها كما عبرت عنها قي وثيقتها التأسيسيه. هذا الفكر الذي لم يعد مجرد فكر بل أصبح فكرا وممارسة، مما يزيد في خطورته ودفعه بشعبنا المنكوب الى الروحان في غياهب أوشفيتس فلسطينية جديدة أو الريحان والتعفن قي غياهب أفكار وممارسات هذه المجموعة.
جميل جدا أن يكون الأنسان متعاطفا مع أخيه الأنسان يتألم لألمه ويأسى لأحزانه ولديه من النخوة ما يدفعه لدفع الكوارث عن أخيه الأنسان، لكن من حق نفسه عليه، وشعبه عليه، أن يشعر ويتفاعل مع مأساته، هو والكوارث التي حلت به ويقف شامخا متحديا حرب الأبادة والتصفية الجسدية اليومية لأبناء شعبه قبل أن يحس بألم غيره من الشعوب. الوضع الطبيعي أن ينتصر الإنسان لنفسه ولشعبه، لا أن ينتصر لجلاده . "مجموعة أوشفيتس" في وثيقتها التأسيسية ، لم تر في حرب الأبادةالتي تشن على شعبنا العربي الفلسطيني وعلى لشعوب الأمة العربية والأسلامية سوى " ظلال سوداء" وذلك بالرغم من أنها أعترفت أن هذه تهدد "مواطنتنا الشرعيه وحتى وجودنا".
"مجموعة أوشفيتس" ترى أنه بالرغم من كل ما فعله ويفعله بنا الآخر يجب علينا أن " نفهم ونتفهم الطرف الآخر". نفهم ونتفهم الذين قتلونا وشردونا !!! هدموا قرانا وبيوتنا ولا يزالون حتى اليوم يقتلون ويهدمون. لا تزل آلات بطشهم تقتل العشرات يوميا وتسحل الأطفال في الشوارع، تهدم المنازل على رؤوس أصحابها. حتى مقدساتنا وتاريخنا وحضارتنا لم تسلم منهم. أنظروا الى حي القصبه في نابلس، الى الكنائس والمساجد التي هدمت، أنظروا الى كنيسة المهد والأقصى والكتب المقدسه التي دنست، كل هذا لم تره مجموعة أوشفيتس أكثر من " ظلال سوداء "! العالم يقدم قاده إسرائيليين الى المحاكم بتهمة إرتكاب جرائم حرب وإبادة شعب ونحن الضحيه يجب أن نغفر له! نحن الضحيه يجب أن نغفر لمرتكبي مجازر دير ياسين وعيلبون، وعيلوط واللد الخ ... الضحيه يجب أن تغفر لقاتلها ولذابحها وأن "تفهمه" وتتفهم " دافع جريمته بحقها كي لا تتهم بأنها " تسعى لتكرار جريمه النازيه بحق الشعب اليهودي " ( كما ورد في الوثيقه).
الضحيه يجب أن تعطي الشرعيه لقاتلها ........ يجب أن تغفر له فعلته معها .....! فهو ضحية غيرها .....! أية إنسانيه هذه .....؟ إلى أين ستقودنا هذه المطالب ؟... واضح، إلى أوشفيتس فلسطينية.... يجب على الضحية كما ترى " مجموعة اوشفيتس" أن " تتكاتف معهم في خندق واحد ضد من يسعى لتكرارها " من العرب والمسلمين !! الضحيه في خندق واحد مع القاتل ! الحمل الجريح المنكوب مع الذئب القاتل والناكب في حظيرة واحدة !
تقول المجموعة في وثيقتها التأسيسية: " فلا يمكن للشعبين ] الفلسطيني واليهودي .م .م.[ أن يتخليا عن طريق العداء وسفك الدماء، ألآ اذا صار كل منهما يفهم ويتفهم الآلام والمخاوف التي دفعت الطرف الآخر الى خط النار والحرب والمواجهة" .
أنا أسأل المجموعة: من الذي سفك دم من ؟ من الذي قدم من كل بقاع العالم ليقتل ويشرد شعب من أرضه ووطنه ؟
من الذي دفع بالشعب الآخر الى استعمال حقه المشروع في الدفاع عن نفسه ووجوده ، وبيته وحضارته ؟ من الذي أنكر حتى وجود الآخر ؟
كيف يمكن أن يطلب من شعب "غير موجود" أن يغفر ويتفهم الشعب المنكر لوجوده ؟ يغفر له ويتفهمه عماذا ؟ عن إنكار وجوده وذبحه ... من الذي يجب أن يقهم ويتفهم الطرف الآخر؟ القاتل المقتول على أيد غير أيدي القتيل، أم على القتيل أن يستسلم ويشكر القاتل لآنه قتله وأراحه .... ؟
ألا ترى المجموعه أنه يترتب على الآخر أن يعترف قبل كل شيئ بمسؤوليته عن نكبة الشعب الفلسطيني وأن يتوقف عن عمليات الذبح والقتل والدمار والنهب التي أصبحت تتم في كل ثانيه ؟!
لماذا لم تطالب مجموعة أوشفيتس الطرف الآخر بأن يفهم ويتفهم الحق المشروع للفلسطينيي في الدفاع عن أرضه ووطنه حياته وكرامته ؟ لماذا لم تطلب منه أن يتخلى عن القتل والدمار وتركت له "مسؤولية القرار والخيار ... في هذه المهمة المقدسة" كما يسمونها !!! أتفق مع المجموعة أن تراثنا الديني والقومي العريق ضرب أروع ملاحم التسامح والتآخي، ولكني أسأل من الذي يجب أن يتسامح مع من، فالتسامح يكون من طرفين. أنا أقهم أن يطلب، بحق أو بغير حق من الشعب الفلسطيني أن يتسامح مع الآخر عما أقترفه الآخر من جرائم بحقه، ولكن عماذا سيسمح الآخر؟ هل سيسمح للفلسطيني " ذنبه ووقاحته " لآنه وقف يدافع عن وجوده وينفض عنه غبار النكبه التي تسبب له بها الآخر ؟
من حقنا أن نتساءل لماذا أختارت هذه المجموعه هذا التوقيت لتنفيذ برنامجها ؟ هذا الوقت الذي يباد فيه شعبنا بأعترافهم، ويطلبون منه: أن يغفر لمنفذي أبادته ؟ في وقت يحاكم فيه بعض منفذي حرب الأبادة الى محكمة دولية، تخرجه هدة المجموعة من الشعب الضحية وتطلب له الغفران والتسامح ؟ لماذا هذا التوقيت وفي ظل الحرب المعلنة على العراق والشعوب المستضعفة والتي تتهدد المنطقه كلها بتغيير خارطتها الجغرافية السياسية والديموغرافية، وخطر تنفيذ جرائم ضد شعبنا في ظل هذه الحرب يتزايد ويتصاعد يوميا؟ هل هي محاوله لإعطاء شرعية وأرضية أخلاقية لكل ما يرتكب وأرتكب بحق شعبنا من جرائم؟
هل هناك أيد رخيصه تحرك هذه المجموعة؟ أم أنهم يتحركون من أجل مكاسب شخصية؟
أتحداهم أن يجيبوا وبوضوح جوابا واحدا: التوقف عن متابعة مشروعهم والاعتذار لملايين الضحايا من أبناء شعبنا والشعوب الأخرى، ضحايا من يطلبون منا أن نتفهم جريمته بحقنا ونغفر له!
قد يتسامح شعبنا في "هفوة" هذه المجموعه ( أتمنى أن تكون هفوة ) ولكنه لن يسمح لهم بالإستمرار في هذه "اللعبة" الخطرة في وقت يذبح فيه الشعب الفلسطيني كل ساعة وتهدم منازله ويشرد أهله، في وقت تتكالب فيه قوى عظمى على خيرات وحضارة أمتنا العربية، في وقت يحاكم فيه قاده من إسرائيل على جرائم حرب أرتكبوها بحق الشعب الفلسطيني. لن يسمح ولن يتسامح لن ينسى ولن يغفر لهم.
إن كانت هناك بقية من خميرة ضمير أو دماء في وجوه العديد ممن وقعوا هذه الوثيقه يجب عليهم أن يفهموا الى أين قادوهم طوعا أو تغيببا لوعيهم وماضيهم، يجب عليهم فورا أن يعتذروا، أن يتوقفوا: ويعلنوا أنسحابهم.
واليوم أقضل من الغد ....
**********
كنعان