|
هنا محطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5725 - 2017 / 12 / 12 - 20:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هنا محطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية تميم منصور وهي محطة البث الثانية – أو الاذاعة التي نشطت في فلسطين منذ عام 1941 ، توقف بثها في فلسطين عام 1947 ، وتوقف البث بصورة نهائية عام 1957 عندما كانت تعمل وتبث من جزيرة قبرص . محطة الشرق الأدنى : هكذا اتفق على تسميتها ، والشرق الأدنى هو المصطلح الجغرافي والتاريخي والسياسي الذي يضم القسم الغربي من قارة آسيا ، فقد اتفق المعنيون على تقسيم الشرق بسبب اتساع مساحاته إلى منطقتين ، هما الشرق الأدنى ، ويضم المناطق الغربية من قارة آسيا ، من حدود ايران ، العراق ، سوريا الكبرى ( سوريا فلسطين لبنان شرق الأردن ) الجزيرة العربية ، وتركيا . أما الشرق الثاني ، فهو الشرق الأقصى ، ويضم ما تبقى من مناطق قارة آسيا ، لكن حصل تغيير في العصر الحديث ، فقد استبدل اسم الشرق الأدنى ، باسم آخر هو الشرق الأوسط ، وقد اضيفت مصر إلى هذا الشرق ، مع العلم أن الغالبية العظمى من مساحة مصر يقع في قارة أفريقيا . وعندما أنشأت محطة اذاعة الشرق الأدنى ، كانت برامجها الى الناطقين بلغة الضاد في هذه المنطقة بصورة خاصة . يذكر الكاتب " فهمي شما " وهو من أوائل الذين عملوا في اذاعة الشرق الأدنى ، أنه دار لغط كبير واشيعت حكايات وقصص لها علاقة بإنشاء محطة اذاعة الشرق الأدنى . غالبية الروايات تشير بأنه مع نشوب الحرب العالمية الثانية ، بين الأنظمة الفاشية والنازية من جهة ، وبين الحلفاء من جهة ثانية ، شعر كل فريق منهم أنه يتحتم على كل واحد منهم اقامة منبراً اعلامياً ، اذاعياً ينقل فكره واخباره ومبادئه ، فبعد ان تأكد قيام ايطاليا بإنشاء محطة اذاعية تبث باللغة العربية سميت " راديو باري " قررت بريطانيا أن تُنشىئ محطة اذاعية عربية تبث أخبارها واخبار الحرب الطاحنة ، لأن بريطانيا كانت تعتبر العرب حلفاءها ، لأنها كانت تسيطر على غالبية المناطق العربية في الشرق الأوسط . من الأسباب التي شجعت بريطانيا على اقامة محطة بث ثانية بعد اذاعة " هنا القدس " قيام الاتحاد السوفياتي وفرنسا بإنشاء محطات للبث تذيع باللغة العربية عام 1939 . يجزم " فهمي شما " بأن اذاعة الشرق الأدنى أول ما انشأت في مدينة جنين بفلسطين ، بسبب تواجد قيادة القوات البريطانية ، وارادتها بريطانيا أن تكون سرية ، لكن مجال إنشاء محطة اذاعية معنية بالانتشار ، لا يمكن أن يتحقق في بلد صغير ، يبعد مئات الكيلو مترات عن أي ميناء أو أية مدينة كبيرة من مدن فلسطين ، فكان لا بد من البحث عن مدينة تتوفر فيها الامكانيات الفنية والمادية ، ويسهل فيها سبل الاتصال والمواصلات ، وسبل الصناعة والأفق الجغرافي والاجتماعي . وفي جنين كما يقول الكاتب تلك المدينة الصغيرة ، نشأت أول محطة ،وعمل بها خيرة رجال القلم والفكر والادارة والفن، فقد ضمت آنذاك الأديب الكاتب اسحاق موسى الحسيني ، والشاعر الوطني علي السرطاوي والكاتب راتب الشامي والاستاذ أحمد عسة من سوريا والاستاذ والمربي المعروف أحمد جرار . من بين الاجانب الذين بادروا الى اقامة اذاعة الشرق الأدنى رجل نيوزلندي الأصل ، انجليزي التبعية ، وهو رجل عسكري برتبة كولونيل مسلم الديانة يدعى " شمس الدين بن الحاج " مثقف ثقافة عليا ، أبلغ هذا النيوزلندي مستمعيه ، بان هذه الاذاعة ستكون عربية خالصة ، وسوف يكون جميع موظفوها عرب ، وهي من العرب وإلى العرب ليس فيها أجنبي غيري ، واعترف أمامهم بأن هذه الاذاعة ليست لبريطانيا وحدها ، بل هي لكل الحلفاء ، ونحن نريد أن نجعل من هذه الاذاعة عربية اسلامية جديرة بنشر التعاليم الاسلامية والعربية ، إلى جانب الاخبار والاحاديث والموسيقى العربية . بدأ العمل حثيثا في انشاء الاذاعة ، لكن أثناء البث واجهت العاملين في الاذاعة صعوبات ، منها تشويش اجهزة اللاسلكي في القاعدة البريطانية على أجهزة الارسال ، وعدم توفر قطع صغيرة الاذاعة بحاجة لها في مدينة جنين ، لذلك بدأنا نفكر بالانتقال الى مدينة كبيرة وعامرة في فلسطين ، أو الى امارة شرق الاردن . كانت هناك عدة احتمالات قمنا ببحثها، فالقدس كانت فيها اذاعة فلسطين الحكومية ولكن ماذا عن عمان ؟! أجرينا مقابلة مع الملك عبد الله ، رحب بالفكرة ، ولكن أجاب : طلباتكم الفنية لا تتوفر في مدينة صغيرة مثل عمان ، وهذه حقيقة لأن عمان لم تكن في حال عمراني متطور أفضل من جنين . اتجهنا في تفكيرنا الى مدينة حيفا ، قابلنا الكثير من رجالاتها ، أمثال طاهر قرمان ورشيد الحاج ابراهيم وغيرهم ، هنا أخفقنا أيضاً ، ذلك ان اليهود كانوا يسيطرون على الكرمل ، وما أحاط بالجبل آنذاك من اراضي وعمارات . اتجهنا بعد ذلك الى مدينة صفد لكننا اخفقنا مرة أخرى في تحقيق غاياتنا ، لان صفد كانت في تلك الايام لا تختلف عن جنين ولا عمان ، في النهاية تقرر أن تنقل الاذاعة الى مدينة يافا الفلسطينية ، ففيها جميع المتطلبات ، من كهرباء ومواد صناعية وغيرها . اتفق على اختيار اعلى نقطة في المدينة ، وهي " حي الحلوة " المطلة على البحر ، فيها بنايات لا بأس بها ، أثناء اقامة محطة البث أخذ الصهاينة يهددون ويتوعدون بانهم سوف يقومون بتدمير المحطة ، بعد مضي عدة أسابيع على العمل بإنشاء محطة الاذاعة ، أعلن رسمياً عن افتتاحها ، كانت المحطة بحاجة الى اعلام من رجال الأدب والدين والفن والموسيقى . من بين الذين ساهموا وعملوا في المحطة ، قدري طوقان والعالم عبد الحميد السائح والصحفي المعروف الشيخ عبد الله القلقيلي ، والاستاذة عيسى البندك ، والدكتور نقولا زيادة وهاشم الجيوسي ويوسف حنا ومحمود الخيمي وجورج خوري وغيرهم كثيرون ، أمثال الأديب طه حسين وابراهيم المازني وأحمد أمين والدكتور حسن ابراهيم حسن ، عميد كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول في مصر . ومن رجال الفن ، استقبلت محطة اذاعة الشرق الأدنى مطرب الجيل محمد عبد الوهاب وليلى مراد ، والمغنية اسمهان وليلى حلمي وفريد الأطرش والفنان نجيب الريحاني وفرقته وامينة رزق ويوسف وهبي وغيرهم من مشاهير الفن . من شرق الاردن عمل في المحطة ضياء الدين الرفاعي وبسام عازر وجميل حداد ومن فلسطين أيضاً أحمد جرار ومحمد الغصين وشفيق نبيل وصبري الشريف – كتبت عن صبري الشريف مقالات مطولة الأديبة غادة السمان ، حيث أصبح مخرجاً وتعاون مع المطربة فيروز- . ومن بين المذيعين الذين عملوا في الاذاعة الروائي الشهير منير شما وابراهيم عريقات ، وصبحي أبو لغد ، موسى الدجاني ومحمد بيبي الذي أصبح فيما بعد مديراً للقسم العربي في الاذاعة البريطانية . واجهت العاملين في الاذاعة صعوبات كبيرة ، تتعلق بحراسة الاذاعة استعانوا بهذا الأمر بالأمير عبد الله فأرسل لهم كتيبة من الجيش الاردني لحماية الاذاعة . يتبع
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هنا القدس (2) سيرة حياة بلاد ومثقفين وحياة اجتماعية واعدة
-
الاذاعات العربية في فلسطين زمن الانتداب
-
موقف الصحافة المصرية من الصهيونية في الفترة الواقعة ما بين س
...
-
موقف الصحافة المصرية من الصهيونية في الفترة الواقعة ما بين 1
...
-
بمناسبة مضي مائة عام على صدور وعد بلفور (2) اغتيال الوسيط ال
...
-
بمناسبة مرور مئة عام على وعد بلفور
-
صح النوم يديعوت احرنوت
-
عمرو موسى والرقص على حبال الانتهازية (2)
-
عمرو موسى والرقص على حبال الانتهازية
-
اتفاق اوسلو في عيون فلسطينية
-
اسرى الحرية بين فكي ميزانية عباس
-
لمحة من تاريخ أيتام الداخل الفلسطيني
-
صراع الأجيال الفلسطينية مع مناهج التعليم الصهيونية
-
من عربة بوعزيزي الى عربة محسن فخري
-
ثقافة الفساد في المجتمع الاسرائيلي
-
حبل من وراء الحدود
-
ايران كوبا الشرق الأوسط
-
غزة في انتظار حرب الكهرباء
-
عار الهزيمة لن يدوم
-
لا مصر بدون مواطنيها الاقباط ، ولا أقباط بدون مصر
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|