أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - نتيجة لعبة شد الحبل بين أمريكا وطهران .. تقرر مستقبل العرب!















المزيد.....

نتيجة لعبة شد الحبل بين أمريكا وطهران .. تقرر مستقبل العرب!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1473 - 2006 / 2 / 26 - 08:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"اللبنانيون لديهم قدرة على جذب الانتباه .. إحرموهم من هذه الرغبة العارمة".
تبدو هذه العبارة لأول وهلة، ومن خلال القراءة السطحية والمتعجلة والمتربصة، صادرة عن شخص يحب مشاكسة أشقائنا اللبنانيين. لكنها ليست كذلك على الإطلاق، بل لعلها على النقيض تماماً تأتى من باب عشق بلاد الأرز وسبر أغوار أهلها الذين هم أهله.
فما بالك لو عرفت أن قائل هذه العبارة لبنانى أصيل، هو المفكر الدكتور غسان سلامة، أحد أبرز الرموز الثقافية اللبنانية والعربية، وأحد أفضل العقول فى عصرنا.
ولكى لا تسئ فهم هذه العبارة الساخرة، يجدر توضيح السياق الذى قيلت فيه.
قالها غسان سلامة أثناء حوار خصب أجراه مع كوكبة من أعضاء المجلس المصرى للشئون الخارجية الذى يرأسه السفير عبدالرءوف الريدى، جرى يوم السبت الماضى بالقاهرة، فى معرض إجابته عن سؤال عن السياسة اللبنانية وتطوراتها الدراماتيكية الراهنة.
أما شرحها فهو أن أرباب السياسة اللبنانيين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها ونجحوا فى جذب أنظار العالم كله إلى شئونهم التى راح ضحية لصراعاتها الداخلية وصراعاتهم مع سوريا بضعة عشرات من القتلى بينما مات فى دارفور 300 ألف شخص قضوا نحبهم فى ظل تجاهل عالمى!
وعلى أى حال فان هذه كانت مجرد ملحوظة على هامش تحليل عميق لحال عالمنا العربى قدمه غسان سلامة بأسلوب جذاب وبالغ الرشاقة.
التحليل يبدأ برصد عناصر ثلاثة أساسية تتميز بها المنطقة العربية.
العنصر الأول هو الموقع الجغرافى الذى يجعل من المنطقة العربية قلب عملية التواصل بين الشرق والغرب منذ التاريخ القديم حتى اليوم . ورغم تقدم تقنيات الاتصال فان هذا الموقع الجغرافى مازال يكتسب أهميته.
العنصر الثانى هو المخزون الكبير من النفط والغاز الكائن فى المنطقة . وبسبب تطورات كثيرة سياسية واقتصادية سيتحول النفط للمرة الأولى إلى "سلعة استراتيجية" من الطراز الأول، كما أن النفط يحول منطقتنا إلى سوق كبيرة تتجاوز إمكانياتها، ستستقبل مزيداً من الرساميل سواء من الفوائض الجديدة للبترودولارات (نتيجة للارتفاع المتصاعد لأسعار النفط) او العودة المرتقبة لرءوس الأموال العربية الموجودة فى الخارج.
العنصر الثالث المميز للمنطقة العربية هو إنتاجها التاريخى للأصول الرمزية، وبالذات للأديان السماوية. ورغم ان هذا الأمر لا يعالجه خبراء السياسة الدولية فإنه يفرض نفسه من حيث أن كون المنطقة مهد ديانات مهمة يجعلها موضع اهتمام مليارات من البشر فى العالم بأسره وليس موضع اهتمام أهلها فقط.
وعلى سبيل المثال فان مستقبل القدس لا يهم الفلسطينيين فقط بل يهم ملايين المسلمين والمسيحيين، فضلاً عن اليهود، فى سائر أنحاء العالم.
كذلك الحال فى العراق، حيث العتبات المقدسة لا تهم شيعة العراق وحدهم بل كل الشيعة فى العالم.
ونفس الوضع ينطبق على الحرمين الشريفين فى مكة والمدينة، اللذان هما قبلة المسلمين فى قارات الدنيا كلها.
هذه الشحنة الرمزية، إلى جانب مركزية الموقع، ومخزون النفط والغاز محرك الحضارة الانسانية، تؤدى إلى حقيقة مهمة جداً هى أن منطقتنا تعنى للعالم أكثر بكثير مما يمكن أن نتحمله. لأن موقعنا إذا كان مهما وقدرتنا على حماية هذا الموقع ضعيفة، فان ما هو إيجابى لا يصبح محايداً بل يتحول إلى عامل سلبى أو نقطة ضعف.
وبعبارة أخرى فان اختلال معادلة أهمية الموقع وضعف القدرة على حمايته تجعلنا نتحمل وزر التدخلات الأجنبية المتلمظة للسيطرة على الشحنات الرمزية المشار إليها آنفاً او النفط الذى تحدثنا عنه، لأن أصحاب الدار عاجزين عن حمايتها وغير قادرين عن حماية هذا الموقع.
وانطلاقا من خصوصية المكان – إذا أستعرنا عبارة أستاذنا جمال حمدان "عبقرية المكان" بتصرف – يستنتج غسان سلامة أن ما يميز هذه اللحظة التاريخية هو هشاشة المنطقة أمام التدخلات الأجنبية.
وفى هذه اللحظة التاريخية يظهر إصطفاف جديد للقوى
قوى ساعية لتغيير الوضع القائم.
وقوى تحاول الابقاء على الأمر الواقع.
وقوى "التغيير" تضم الولايات المتحدة وإيران.
اما قوى "التثبيت" فتضم النظم العربية وتركيا وإسرائيل.
وهذا الاصطفاف الجديد ينطوى على مفارقات ملفتة للنظر.
أولها أن الولايات ظلت زهاء ستين عاماً ضامنة للاستقرار والاستمرار فى المنطقة . لكنها منذ 11 سبتمبر 2001 تحولت من ضامنة للاستقرار إلى الراغب فى "التغيير" للمنطقة وخريطتها وتوازناتها، رغم أن مضمون هذا "التغيير" مازال محاطاً بالغموض والتناقضات والتأرجحات.
ثانياً: أن انتقال أمريكا وإيران من موقع القوى الراعية لاستقرار المنطقة إلى موقع القوى الراغبة فى "تغييرها" يضعنا أمام معضلتين:
1- هذا الاصطفاف الجديد يجعل قوى "التغيير" غير عربية، ويجعل قوى تثبيت الوضع القائم قوى عربية فى الأساس، والأعجب أنه يجعل اسرائيل مع النظم العربية فى نفس الكفة لأنه يبدو أن الوضع القائم فى مصلحتها.
2- المعضلة الثانية هى أن أمريكا تريد التغيير فى اتجاه، وإيران تريد التغيير فى اتجاه معاكس.
3- وعلى أى حال .. فانه يمكن تلخيص الصراع الرئيسى فى المنطقة بأنه صراع بين "التغيير" و"التثبيت"، ثم أن هناك صراعاً ثانياً داخل قوى التغيير يسير فى اتجاهين متنافرين.
وفى إطار الديناميات السياسية المتعددة الموجودة بالمنطقة تبقى الدينامية الأمريكية – الإيرانية أهمها وفقاً لهذه الرؤية الاستراتيجية.
وهذه الدينامية الأخيرة لها عدة ساحات:
1- الساحة النووية: وإيران تسعى لامتلاك هذه القدرة النووية انطلاقاً من نظرتها لنفسها باعتبارها قوة آسيوية قبل أن تكون إسلامية. وهى تمضى فى هذه الساحة بقوة لادراكها أنه من الصعب على الغرب إجهاض مسعاها من الناحية العملية لأن معظم منشآتها تحت الأرض، وبعضها الآخر موجود فى قلب مناطق مأهولة بالسكان، ومعظمها موزع على مساحة شاسعة. ثم إن إيران – على عكس العراق – لديها إمكانيات واسعة لرد الأذى فى أكثر من موقع.
2- الساحة العراقية: فالتنافس فى العراق على أشده، لكن هناك من المؤشرات ما يؤكد أن إيران لها النفوذ الأكبر فى مجالات كثيرة، بينما تمارس امريكا نفوذها على الطبقة السياسية الجديدة ومن خلال وجود 140 ألف جندى يشكلون جيش الاحتلال، فضلاً عن نوع من التفهم الضمنى لدورها فى العراق حتى من بعض القوى التى كانت معارضة لغزوها للعراق (مثل ألمانيا). لكن إيران تتمتع بنفوذ سياسى – رغم ذلك – من خلال عناصر شيعية عراقية وثيقة الصلة بها نجحت فى الانتخابات التشريعية الأخيرة، وأيضاً من خلال المقاومة السنية المسلحة التى تزودها إيران بالمال والسلاح.
3- الساحة الفلسطينية: وقد سمع العالم تصريحات الرئيس الإيرانى الجديد أحمدى نجاد حول مستقبل إسرائيل والتشكيك فى الهولوكست. وقد استقبل الكثيرون هذه التصريحات بقدر من التندر. لكن بعد تسعة أشهر على انتخابه يجب إعادة النظر فى هذه التفسيرات السطحية. حيث تبدو هذه التصريحات جزءاً من استراتيجية مدروسة لرفع مستوى الاستفزاز.
ويبدو أنه لا يجب رؤية نتيجة الانتخابات الفلسطينية الأخيرة بمعزل عن السلوك الأيرانى.
4- الساحة السورية: حيث كان التحالف الإيرانى – السورى هو أقوى التحالفات. وقد أدى هذا التحالف إلى طرد الاحتلال الإسرائيلى من جنوب لبنان. وبدون هذا التحالف الإيرانى السورى كان مستحيلاً أن يتحقق ذلك.
وهذا التحالف مازال صلبا حتى هذه اللحظة، ولو ان طبيعته التى كانت تتسم بالندية فى السابق أصبحت تميل لصالح إيران على حساب سوريا بسبب التطورات السورية – اللبنانية.
وعبر هذه الساحات الأربع تجرى المناوشات بين القوتين الأساسيتين الساعيتين لـ "تغيير" المنطقة، أى بين أمريكا وإيران.
وبطبيعة الحال فان لكل قوة منهما نقاط ضعف كثيرة، مثلما لها نقاط قوة. ونقاط القوة الأمريكية معروفة سياسياً وعسكرياً أما الورقة الأساسية فى يد إيران فى مواجهة الامبراطورية الأمريكية فهو تأفف معظم دول العالم من الجبروت الأمريكى. وهناك سيناريوهات متعددة لنتائج الصراع الاستراتيجى بينهما على المنطقة. لكن السيناريو الأسوأ – بالنسبة لنا – هو "صفقة" بين واشنطن وطهران.
***
هذه هى خلاصة الرؤية الاستراتيجية التى قدمها لنا الدكتور غسان سلامة، وهى رؤية ليست فوق مستوى الجدال بل إنها تغرى بالأخذ والرد والنقاش المثمر.
لكن لا أظن أن أحداً يختلف مع أحد أهم استنتاجاتها الرئيسية، ألا وهى أن مستقبل العرب غير مشرق على الأطلاق طالما أنهم "متمسكين" بموقع "المفعول به".. المسلوب الإرادة السياسية .. الذى لا يطمح إلى الانتقال إلى موقع "الفاعل"، وإذا حاول أن يكون فاعلاً فان أقصى طموحه أن يلعب على التناقض بين اللاعبين الأصليين. هكذا فعل عندما حاول الاستفادة من اللعب على الحبال بين الروم والفرس، ثم بين أمريكا والاتحاد السوفيتى، وأخيراً .. وليس آخراً .. بين أمريكا وإيران.
وياله له من مصير!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل استرحت الآن يا سيادة الوزير؟!
- قانون -عشش الفراخ-!
- الدكتورة كوندوليزا.. وسهامها المراوغة!
- الرئيس الكذاب
- بعد رسوم الإساءة صور التعذيب!
- سولانا يذرف دموع التماسيح فى القاهرة .. لا تصدقوه
- حلف شمال الاطلنطى فى ميدان التحرير .. يا للهول
- سفينة -السلام- الدامس
- كيف تحول الاحتجاج علي الإساءة للرسول.. إلي إساءة للإسلام؟
- مصر والسودان لنا.. والدنمرك إن أمكنا!
- إعدام جمعية أهلية تجاسرت على الدفاع عن هوية مصر الثقافية (2- ...
- غيرة ماجد عطية علي الأقباط.. دفاع عن المسلمين وعن مصر
- هند الحناوى .. فريسة محمود سعد .. أيضاً
- مع الاعتذار لعادل إمام التجربة الدانماركية
- حل مشاكل النوبيين.. اليوم وليس غداً
- لماذا كل هذا الفزع من فوز »حماس«؟
- المسألة ليست مصير جمعية أهلية.. بل مصير وجه مصر الثقافى
- تشيني غادر حدود أمريكا.. إذن توقعوا مصيبة وشيكة!
- أزمة بيت الحكم الكويتي.. جرس إنذار للجميع
- النخب العربية في مواجهة تحديات تجديد الدماء!


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - نتيجة لعبة شد الحبل بين أمريكا وطهران .. تقرر مستقبل العرب!