|
الطريق المسدود ... هل إسرائيل أكثر أمناً الآن؟
ادوارد سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 17 - 2001 / 12 / 25 - 15:38
المحور:
القضية الفلسطينية
20 كانون أول 2001
الطريق المسدود ... هل إسرائيل أكثر أمناً الآن؟
بقلم: د. إدوارد سعيد
"تضيق بنا الأرض، تحشرنا في الممر الأخير، فنخلع أعضاءنا كي نمر .. إلى أين نذهب بعد الحدود الأخيرة؟ أين تطير العصافير بعد السماء الأخيرة؟"، هكذا كتب محمود درويش إثر خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت في سبتمبر/ أيلول 1982.
وها نحن بعد 19 سنة نرى أن ما حصل للفلسطينيين في لبنان وقتها يتكرر الآن في فلسطين نفسها، لقد حشرت إسرائيل الفلسطينيين منذ بدء انتفاضة الأقصى في سبتمبر/ أيلول 2000 في لا أقل من 220 "غيتو" صغيراً منفصلاً، أخضعتهم مراراً وتكراراً لحظر التجول، أحياناً لفترات تصل إلى أسابيع، حيث لا يستطيع أحد -لا الأطفال أو المسنون أو المرضى أو الحوامل أو الأطباء أو التلاميذ- التنقل من دون الوقوف ساعات طويلة أمام النقاط الأمنية الإسرائيلية وتحمل الإهانات المتقصدة من الجنود الإسرائيليين الأفظاظ. وهناك لحظة كتابتي هذه السطور مئتا فلسطيني لا يستطيعون الحصول على غسل كلى، لأن الإسرائيليين، لأسباب أمنية، يمنعونهم من الذهاب إلى المراكز الطبية. لكن هل كتب أحد من ألوف المراسلين الأجانب عن الوحشية التي وصل إليها الجنود الإسرائيليون، الذين يشكل تدريبهم على قمع المدنيين الفلسطينيين الجزء الأساسي من واجباتهم العسكرية؟ لا أعتقد ذلك.
ولم تسمح إسرائيل لياسر عرفات بمغادرة مكتبه في رام الله لحضور الاجتماع الطارئ لمنظمة المؤتمر الإسلامي في قطر في العاشر من الشهر الحالي، وقرأ واحد من مساعديه الكلمة التي كان سيلقيها في الإجتماع، وكانت طائرات إسرائيل وجرافاتها دمرت قبل ذلك بأُسبوع مطار غزة وطائرتي الهليكوبتر القديمتين التابعتين لعرفات، من دون وجود جهة أو قوة تستطيع اعتراض هذه العملية أو وقفها، التي لم تكن سوى واحدة من الغارات اليومية التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين. مطار غزة -المدخل الوحيد المباشر إلى الأراضي الفلسطينية- وهو المطار المدني الوحيد في العالم الذي دمر قصداً منذ الحرب العالمية الثانية. وقامت طائرات "إف 16" (وهي من مكرمات أميركا لإسرائيل) في شكل متواصل، في عمليات مشابهة لما حصل في غرنيكا أثناء الحرب الأهلية الإسبانية، بقصف مدن الفلسطينيين وقراهم بالقنابل والرشاشات وقتلت الكثير من المدنيين وعناصر الأمن ودمرت الممتلكات (وليس هناك جيش أو سلاح جوي أو بحري فلسطيني لحماية السكان).
كما استعملت هليكوبترات "أبااتشي" الهجومية (هي بدورها من مكرمات أميركا) صواريخها لاغتيال 77 شخصاً من القيادات الفلسطينية بتهمة أعمال إرهابية مزعومة، منها ما يفترض أنه حصل في الماضي والقسم الآخر منها على سبيل التوقع. وتتمتع مجموعة مجهولة الهوية من مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية بصلاحية تحديد ضحايا عمليات الاغتيال، بموافقة الحكومة في كل من الحالات كما نفترض، وأيضاً بموافقة أميركية عامة. كما قصفت هذه الهليكوبترات مقرات السلطة الفلسطينية، الأمني منها والمدني. وفي ليل الخامس من الشهر الحالي اقتحم الجيش الإسرائيلي مقر دائرة الإحصاء المركزية في رام الله واستولى على أجهزة الكمبيوتر وغالبية الملفات والتقارير، ماحياً بذلك سجل الحياة العامة الفلسطينية بأسره تقريباً. وكان الجيش نفسه، في ظل القائد نفسه، دخل بيروت الغربية في عام 1982 واستولى على وثائق مركز الأبحاث الفلسطيني قبل تدمير المبنى، بعد ذلك بأيام قليلة جاءت مجزرتا صبرا وشاتيلا.
كانت هناك أوااخر الشهر الماضي عشرة أيام من الهدوء النسبي أنهاها شارون عمداً عندما أمر باغتيال محمود أبو هنود، وهو أحد قادة "حماس". وكان شارون واثقاً أن ذلك سيعيد الهجمات الانتحارية -وهو ما حصل بالفعل- معطياً جيش إسرائيل الذريعة للعودة إلى قتل الفلسطينيين. ويجد الفلسطينيون، بعد ثماني سنوات من المفاوضات العقيمة، أن نسبة البطالة وصلت إلى خمسين بالمائة، فيما يعيش 70 في المائة منهم تحت خط الفقر، أي على أقل من دولارين في اليوم، وتستمر يومياً من دون رادع مصادرة الأراضي ونسف المساكن، وأيضاً التركيز الإسرائيلي على تدمير الأشجار والبساتين. وعلى الرغم من أن نسبة قتلى الفلسطينيين تصل إلى خمسة أضعاف الإسرائيليين، فإن الجزار العجوز شارون يؤكد بوقاحة أن إسرائيل ضحية للارهاب نفسه الذي يمارسه بن لادن.
النقطة الجوهرية في كل هذا أن إسرائيل تواصل احتلالها اللاشرعي للأراضي منذ 1967، وهو الاحتلال الأطول في التاريخ والوحيد من نوعه في عالم اليوم. هذا بالتأكيد هو العنف الأصلي والمستمر الذي تستهدفه كل أعمال العنف الفلسطينية. ومن بين الأمثلة على إغفال الكثيرين لهذه النقطة أن وفداً من الاتحاد الأوروبي طالب الفلسطينيين في العاشر من الشهر الحالي بوقف العنف -بالتزامن مع مقتل طفلين فلسطينيين، عمرهما 3 و13 سنة،في قصف طائرات الهليكوبتر لمخيمات اللاجئين في غزة. وما يفاقم من الوضع أن تعبير "الإرهاب" بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول الماضي يُستعمل لتشويه المقاومة المشروعة للاحتلاتل العسكري وطمس أية علاقة، سببية كانت أم مجرد سردية، بين قتل المدنيين (وهو ما عارضته دوماً) وثلاثين عاماً من الاحتلال والعقوبات الجماعية.
السؤال الواجب إلى كل "خبير" غربي يندد بـ"الإرهاب" الفلسطيني هو: كيف يمكن تناسي واقع الاحتلال أن يؤدي إلى وقف الإرهاب؟ الخطأ الكبير الذي ارتكبه عرفات -نتيجة الإحباط وسوء المشورة- كان محاولة التوصل إلى صفقة مع المحتل عندما فوض نجلي أُسرتين فلسطينيتين مرموقتين التحادث مع الموساد عن "السلام" في الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم في كمبريدج عام 1992، ذلك بأن المحادثات اقتصرت على أمن إسرائيل، من دون أي ذكر لأمن الفلسطينيين، ومع إغفال تام لكفاح شعبه من أجل إقامة دولة مستقلة. والواقع أن أمن إسرائيل وحده، من دون اعتبار لأية قضية أُخرى، أصبح الأولوية المعترف بها دولياً، وهو ما سمح للجنرال زيني أو خافيير سولانا بـ"وعظ" منظمة التحرير الفلسطينية مع صمت كامل في ما يخص الاحتلال، لكن فائدة إسرائيل من تلك المحادثات لم تزد في شكل يذكر على ما جاءت به للفلسطينيين، وكانت غلطة الإسرائيليين تصورهم إمكان إخضاع الفلسطينيين عن طريق خداع عرفات وبطانته واجتذابهم إلى محاادثات لا نهاية لها، مع تنازلات ضئيلة هنا وهناك.
إن نتيجة كل سياسة رسمية إسرائيلية كانت مفاقمة الوضع بالنسبة لإسرائيل. ويكفي للبرهان أن نسأل إذا كانت إسرائيل الآن آمنة ومقبولة أكثر مما كانت عليه قبل عشر سنوات.
لا بد بالطبع من إدانة العمليتين الانتحاريتين الرهيبتين (والغبيتين كما أرى) على المدنيين في حيفا والقدس في أوائل الشهر الحالي، لكن إذا كان للإدانة من معنى، علينا وضع هاتين العمليتين في سياق اغتيال أبو هنود قبل أيام من ذلك، إضافة إلى مقتل خمسة أطفال فلسطينيين في غزة بلغم زرعه الإسرائيليون عمداً هناك، ناهيك عن المسلسل المستمر في تدمير المساكن وقتل الفلسطينيين في أنحاء غزة والفة الغربية واقتحام المدن والمخيمات بالدبابات وغير ذلك من المحاولات، على مدار اليوم والساعة طيلة 25 سنة، لمحق التطلعات الفلسطينية، ولا بد لهذا النوع من المحاولات اليائسة أن يؤدي إلى نتائج سلبية، لعل أسوأها الضوء الأخضر الذي بدا أن جورج بوش وكولن باول أعطياه إلى شارون عندما كان في واشنطن في الثاني من الشهر الحالي (ما ذكرنا تماماً بالضوء الأخضر الذي أعطاه وزير الخارجية الأميركي آنذاك الكسندر هيغ إلى شارون في مايو/ أيار 1982). وترافق هذا الدعم مع التصريحات الرنانة المعتادة التي تحول شعباً يرزح تحت الاحتلال، بقائد ضعيف سيئ الحظ، إلى قوة عدوانية عالمية عليها أن تجلب "مجرميها" لمواجهة العدالة، في الوقت نفسه الذي كان فيه الجنود الإسرائيليون يدمرون في شكل منظم البنية الأمنية الفلسطينية التي يفترض لها أن تقوم بتلك الاعتقالات.
عرفات الآن محاصر من كل جانب، والمفارقة أن ذلك نتيجة رغبته الجارفة في أن يكون كل شيئ لجميع الآخرين، الأصدقاء منهم مثلما الأعداء. وهو من جهة بطل مأساوي، ومن الثانية شخص متعتر. لكن ليس هناك اليوم فلسطيني يمكنه إنكار قيادة عرفات لسبب بسيط هو أنه زعيم فلسطيني، وبهذه الصفة، وعلى الرغم من ثرثرته وأخطائه، فإن مجرد وجوده يثير غضب غلاة الصهاينة مثل شارون، وأيضاً مسانديه الأميركيين. إن سلطة عرفات، عدا وزارتي الصحة والتعليم، فاشلة تماماً. وينبع ما فيها من الفساد والوحشية من أسلوب عرفات (الذي يبدو اعتباطياً لكنه مدروس بعناية) في جعل الكل يعتمد على كرمه. فهو المسيطر الوحيد على الموازنة، وهو من يقرر عناوين الصفحات الأولى للصحف اليومية الفلسطينية. والأهم من كل ذلك أنه يوجه الأجهزة الأمنية الـ12 أو 14 تحت إمرته (هناك من يقول أن العدد الحقيقي 19 أو حتى عشرين) في شكل يضمن تضارب بعضها مع بعض، ويخضع كل من هذه الأجهزة المستقلة لرئيسه المباشر وفي الوقت نفسه لعرفات شخصياً، ولم يقم أي منها بخدمة تذكر للفلسطينيين عدا اعتقالهم كلما أراد عرفات أو إسرائيل أو الأميركيون ذلك. وكان المفترض للمجلس المنبثق عن انتخابات 1996 ألا يستمر أكثر من ثلاث سنوات، لكن عرفات يماطل في إجراء انتخابات جديدة، خوفاً مما ستكشفه من تراجع خطر في سلطته وشعبيته.
وكاان هناك تفاهم بين عرفات و"حماس"، منذ التفجيرات التي قامت بها الأخيرة في يونيو/ حزيران، يقوم على وقف الهجمات على المدنيين الإسرائيليين مقابل السماح للأحزاب الإسلامية بالعمل بحرية. ونسف شارون الاتفاق عندما اغتال أبو هنود. ودفع ذلك "حماس" إلى الرد، مما أعطى لشارون مبرر الإطباق على عرفات، بمباركة أميركية. وبعدما دمر الجيش الإسرائيلي أجهزة الأمن والسجون والمكاتب وحاصر عرفات في مقره وجه إليه شارون عدداً من المطالب، عارفاً أنه لا يستطيع التنفيذ (المذهل أنه، على الرغم من قلة الوسائل المتاحة، تمكن من التجاوب جزئياً). ويعتقد شارون بغباء أن التخلص من عرفات سيمكنه من عقد سلسلة من الاتفاقات المنفصلة مع القيادات المحلية وتقسيم 40 بالمائة من الضفة الغربية وغزة إلى كنتونات صغيرة ومعزولة عن بعضها يسيطر الجيش الإسرائيلي على حدودها، ويجهل كثيرون كيف يفترض لهذا أن يوطد أمن إسرائيل، لكن المؤسف أن أصحاب القرار ليسوا من بين هؤلاء الكثيرين.
يترك هذا ثلاثة لاعبين أو ثلاث مجموعات من اللاعبين، اثنتان منها لا قيمة لهما في حسابات شارون العنصرية، فهناك أولاً الفلسطينيون أنفسهم، والكثير منهم على درجة من الصلابة والوعي السياسي تمنعهم من القبول بأي شيء يقل عن الانسحاب الإسرائيلي بلا شروط. إن سياسات إسرائيل، مثل السياسات العدوانية عموماً، تؤدي إلى عكس النتيجة المطلوبة، أي أن القمع يولد المقاومة، وينص القانون الفلسطيني في حال رحيل عرفات على أن يخلفه في المنصب مدة ستين يوماً رئيس المجلس التشريعي "أبو علاء" (شخص من بطانة عرفات بلا موهبة تذكر أو شعبية، سوى لدى الإسرائيليين المعجبين بـ"مرونته"). ولا بد أن تشهد المرحلة الانتقالية صراعاً على خلافة عرفات يشارك فيه آخرون من حاشيته، مثل أبو مازن، إضافة إلى إثنين أو ثلاثة من القادة الأمنيين (المعروفين بالكفاءة) مثل جبريل الرجوب في الضفة الغربية ومحمد دحلان في غزة. لكن ليس لأي من هؤلاء منزلة عرفات أو شيء مهما كان ضئيلاً من شعبيته (التي ربما تلاشت الآن).
النتيجة المتوقعة فترة من الفوضى، وعلينا أن نواجه حقيقة أن وجود عرفات كان دوماً المحور الذي تنتظم حوله السياسة الفلسطينية، المهمة إلى حد كبير إلى ملايين العرب والمسلمين.
لقد تسامح عرفات دوماً مع تعدد التنظيمات، بل ساند التعدد. وأدار فيما بينها لعبة التوازنات لضمان عدم بروز أي منها على حساب تنظيمه "فتح". لكن تبرز الآن تنظيمات أُخرى علمانية على درجة عالية من النشاط والالتزام، كرست نفسها لإقامة نظام ديمقراطي في الدولة المستقلة المزمعة، وليس للسلطة الفلسطينية سيطرة على هذه التنظيمات، ويجب القول أنه ليس في فلسطين من يريد الانصياع لطلب إسرائيل وأميركا وقف "الإرهاب"، على الرغم من الصعوبة في التفريق لدى الرأي العام ما بين المغامراتية الانتحارية والمقاومة الفعلية للاحتلال، التي ستستمر ما دامت إسرائيل مستمرة في قتل الفلسطينيين وقمعهم صغاراً وكباراً.
المجموعة الثانية من اللاعبين تتكون من قادة العالم العربي الذين لهم مصلحة في بقاء عرفات، على الرغم من تضايقهم الواضح منه. إنه أذكى وأشد مثابرة منهم، ويعرف أن له مكانة خاصة في أذهان شعوبهم، وله علاقات متميزة مع طرفين سياسيين رئيسيين: الطرف القومي العلماني من جهة والإسلامي من الجهة الثانية. ويشعر هذان بأنهما يتعرضان إلى هجوم، على الرغم من أن الطرف الأول لا يحصل على اهتمام يذكر من قبل جحافل الخبراء والمستشرقين الذين يعتبرون بن لادن، وليس الكثيرين من العرب العلمانيين، المسلمين منهم وغير المسلمين، الذين يكرهون كل ما يمثله بن لادن، الوجه الحقيقي للإسلام، ونجد في فلسطين مثلاً أن الاستطلاعات الأخيرة كشفت عن تقارب في التأييد لعرفات و"حماس" (ما بين 20 - 25 في المائة لكل منهما)، فيما لا تدعم الغالبية أياً منهما، (مع ارتفاع شعبية عرفات أخيراً نتيجة الحصار الذي ضربته عليه إسرائيل). ويتكرر نفور الغالبية من الطرفين في بقية البلاد العربية، حيث يستنكر المواطنون في الوقت نفسه فساد السلطة الفلسطينية ووحشيتها، وكذلك تبسيطات المجموعات الدينية وتطرفها، التي يهتم أكثرها بالسيطرة على السلوك الشخصي أكثر منها بانتاج الكهرباء وتوفير العمل.
ومن المحتمل أن ينتفض العرب والمسلمون على حكوماتهم عندما يرون العنف الإسرائيلي يطبق بقبضته القاتلة على عرفات وسط لا مبالاة الحكام. ومن هنا ضرورته للمشهد السياسي الحالي. ولن تبدو مغادرته طبيعية إلا عند بروز قيادة جماعية جديدة من الجيل الجديد من الفلسطينيين. أنا واثق أن هذا التطور سيحصل، على الرغم من عدم إمكاني التكهن بموعده.
المجموعة الثالثة من اللاعبين تشمل الأوروبيين والأميركيين وغيرهم، وأعتقد، بصراحة، أنهم لا يعرفون ما يعملون. إنهم يتوقون إلى التخلص من المشكلة الفلسطينية، ولا يضيرهم إقامة دولة فلسطينية، شرط تكفل طرف غيرهم بالمهمة. فضلاً عن ذلك انهم يجدون صعوبة في التحرك في الشرق الأوسط من دون إلقاء اللوم على عرفات أو إدانته أو إهانته أو إغفاله أو تحريضه أو الضغط عليه أو .. تمويله. إن مهمة الاتحاد الأوروبي والجنرال أنتوني زيني تخلو من أي معنى، ولن يكون لها تأثير في شارون وجماعته. واستنتج ساسة إسرائيل، وهم محقون، أن الحكومات الغربية عموماً تساندهم وأن بإمكانهم الاستمرار في العمل كما يحلو لهم مهما استمر عرفات وبطانته في استجداء العودة إلى المفاوضات. في المقابل، بدأت المجموعات التي تبرز ببطء في فلسطين والشتات في تعلم واستعمال التكتيكات التي تضع العبء الأخلاقي على الغرب وإسرائيل، وتتعامل مع الحقوق الفلسطينية وليس مجرد وجود الفلسطينيين، ونجد في إسرائيل مثلاً عضو الكنيست الجريء عزمي بشارة قد حُرم من حصانته البرلمانية وسيقدم للمحاكمة. السبب؟ تأييده لحق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال، ودعواته إلى أن تكون إسراائيل مثل بقية دول العالم، دولة لكل مواطنيها، وليس اليهود منهم فقط. إنها المرة الأولى التي يوجه فيها الفلسطينيون تحدياً رئيسياً في ما يخص حقوقهم داخل إسرائيل (وليس في الضفة الغربية) وذلك أمام أنظار الجميع. وفي الوقت نفسه، أكد المدعي العام البلجيكي استعداد محاكم بلاده للنظر في تهم جرائم الحرب بحق شارون. وتستمر حالياً في شكل منظم تعبئة الرأي العام العلماني الفلسطيني، الذي سيتوصل بالتدريج إلى تأييد يتجاوز ما للسلطة الفلسطينية. كما ستتم قريباً استعادة موقع التفوق الأخلاقي من إسرائيل، عندما يعود التركيز على الاحتلال وتدرك أعداد متزايدة من الإسرائيليين استحالة الإستمرار إلى ما لا نهاية في احتلال يستمر منذ 35 سنة. فضلاً عن ذلك، فإن من المؤكد أن توسيع حرب أميركا على الإرهاب سيقود إلى المزيد من الاضطرابات، أي أن محاولات الإخماد ستزيد من تأجج الأوضاع، وإلى درجة قد تستعصي على الاحتواء. المفارقة الجلية هي أن عودة الاهتمام بالوضع الفلسطيني نبعت من حاجة الولايات المتحدة والأوروبيين إلى إدامة التحالف المعادي لـ"طالبان".
#ادوارد_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قمة كوب29: الدول الغنية ستساهم ب 250 مليار دولار لمساعدة الد
...
-
حدود العراق الغربية.. تحركات لرفع جاهزية القطعات العسكرية
-
وقف الحرب في لبنان.. فرص الاتفاق قبل دخول ترامب البيت الأبيض
...
-
أرامكو ديجيتال السعودية تبحث استثمار مليار دولار في مافينير
...
-
ترامب يرشح أليكس وونغ لمنصب نائب مستشار الأمن القومي
-
بالفيديو.. منصات عبرية تنشر لقطات لاشتباكات طاحنة بين الجيش
...
-
Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
-
-القاتل الصامت-.. عوامل الخطر وكيفية الوقاية
-
-المغذيات الهوائية-.. مصادر غذائية من نوع آخر!
-
إعلام ألماني يكشف عن خرق أمني خطير استهدف حاملة طائرات بريطا
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|