|
من قتل اطوار بهجت؟
حامد سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 1473 - 2006 / 2 / 26 - 12:07
المحور:
الصحافة والاعلام
لست فتاحا للفال، ولا املك تخت رمل كي اعرف من قتل الصحفية الجميلة والزميلة الحبيبة والاخت العزيزة اطوار بهجت، لكني املك مساحة من المعلومات مرتبطة بواقع اعمال العنف المستشرية في العراق اليوم، كضريبة لحرية اردنا الحصول عليها من نظام صدام حسين الذي كان اكثر عنفا ولكن اقل فضحا لان مراسلي الاخبار الذين كانوا يعملون في العراق اذا سمح لهم كان عليهم الدخول من خلال المركز الصحفي في وزارة الاعلام العراقية الى دوائر المخابرات الصدامية كي يتعلموا لا طبيعة عمل المراسل بل كيفية تبيض وجه صدام ونظامه الذي مات فعليا منذ لحظة غزوه للكويت اواخر التسعينات من القرن المنصرم، كانت اطوار بهجت مراسلة ومقدمة برامج جميلة في الفضائية العراقية وكانت مضطرة وربما عن قناعة او عن وظيفة ان تداهن النظام السابق، بل لقد بقيت لاخر لحظة تقرأ خطب الحكومة التعبوية السمجة، ذات مرة (بعد التحرير) سألتها لماذا فعت ذلك؟ قالت: يعطوني ورقة ويقولون لي اقرأيها، ماذا اقول لهم؟ صدقت يا صديقة، ماذا تقولين لهم؟ ماذا تقولين للصحاف؟ ماذا تقولين لحامد يوسف حمادي البشع؟ ماذا تقولين لبرزان؟ ماذا تقولين لوطبان؟ ماذا تقولين لطرزان؟ انتهى النظام واطوار النشطة حد اللعنة تبحث عن عمل، وجدت نفسها في قناة الجزيرة بمساعدة بعض من زملائها القدامى الذين عملوا معها في الفضائية العراقية، وبدأت عملها، ولانها من منطقة سنية، ولانها ابنة سني، ولانها ربما هائلة الجمال، تفادت الوقوع الا في احضان الحقيقة، غطت احداث النجف ومدينة الصدر بحماية جيش المهدي نفسه بشجاعة قل لها نظير، رغم ان هذا الجيش كما أي شيعي في العراق يكره قناة الجزيرة الفضائية، الا ان اطوار تمكنت من اسر قلوب المقاتلين البسطاء باخلاقها وجمالها وهدؤها والاهم ثقتها بنفسها حتى اذا ما اغلق مكتب الجزيرة في العراق جلست اطوار في البيت او حضرت مؤتمرا هنا او هناك دون ان يكون لها الحق في طرح سؤال الا اذا كان لاشباع فضولها الصحفي فقط، كان الساسة العراقيين يحبونها ويبتسمون لها دائما، بعد ذلك حصل ما ليس بالحسبان اذا عرضت قناة الجزيرة وقبل يوم واحد من الانتخابات العراقية الاخيرة برنامج (الاتجاه المعاكس) وقد تفوه احد ضيفي البرنامج بما لا يليق على شخص السيد السيستاني، قامت الدنيا في العراق واضطرب الشارع الشيعي لان السيد السيستاني مهما لا للعراق فقط بل للعالم كله الذي يراهن على الهدوء في العراق من خلال شخصيته الهادئة القليلة الكلام، التوفيقية على العموم، وجدت اطوار نفسها بين ناريين، بين نار البقاء في هذه القناة الواسعة الانتشار والتي تدفع لها مرتبا جيدا حتى والمكتب متوقف عن العمل بقرار غبي من الحكومة العراقية، وبين نار الشيعة، الشيعة الذين قد يقتلوها لانها تعمل في هذه القناة التي مست رمزا شيعيا مهما، ماذا تفعل المسكينة؟ قدمت استقالتها من القناة تضامنا مع الشارع الشيعي، سألتها يومها: لماذا يا اطوار؟ قالت اخاف ان يقتلوني.. وعادت اطوار من جديد تبحث عن عمل وهي الصحفية الدؤبة النشطة مثل نحلة ووجدت اخيرا ضالتها في قناة لا تقل اهمية عن قناة الجزيرة وربما يحبها العراقيون اكثر من الاولى، قناة العربية، وفرحنا لاطوار، اطوار حقيقية تعمل في قناة حقيقية، ولكن، من كان يدري ان عملها هذا سيأخذ بيديها الناعمتين الى حيث الملائكة... من كان يدري انها سوف لن تكمل الشهر الاول في عملها لتستلم مرتبها الاول كي تضعه بيد امها الارملة او ان تشتري هدية لاختها الصغيرة والوحيدة؟ مان كان يدري ان مجرما لا يمتلك أي ذرة رجولة سيوقفها في الطريق ليزرع طلقاته الخسيسة في صدرها البض وفي وجهها الطفولي؟ من كان يدري ان هذه الانسانة الشفافة التي كانت حذرة وهي تعمل في قناة صدام البائسة، وحذرة وهي في الجزيرة، لن يكون حذرة وهي في العربية؟ والله يا اطوار لو كنا ندري كنا منعناك بكل ما نملك من توسلات لا من قوة، لاننا نعرفك، لا تستسلمين امام القوة.. اليس كذلك؟ رحلت اطوار، السؤال الذي ظل يصرخ وراء جثمانها الذي انتهك في تشيعه: من قتلك ياملتقى الرافدين؟ كما كتب عنك احدهم.. انا اقول من قتلك؟ ليس الشيعة بالطيع لان هؤلاء حموك مرة ويدينون لك بالاحترام لموقفك النبيل والشجاع من قناة الجزيرة التي لمست مقدسا من مقدساتهم. وليس الاكراد طبعا، لان هؤلاء لا يستطيعون الدخول الى سامراء التي تعج بالبعثيين والتكفيريين. من اذا؟ انهم من قلنا ان المنطقة تضج بهم، التكفيريون الذين يرون الى قناة الجزيرة منبرا حرا لهم، انت دون ان تدرين وجهتي طعنة لكبرياء هذه القناة ومن تخدم، كيف لم تنتبهي لهذه النقطة؟ ويحك، انت ذكية، كان عليك ان تصمتي ياحقيقية اللسان، بقتلك الان انظري المكاسب التي حصل عليها اعداء الحب: 1- اتهموا الشيعة بقتلك في محاولة لتبرير سقوط حكومة الجعفري. 2- وجهوا درس قاسي لكل من يريد ان يترك قناة الجزيرة ويذهب الى منافستها العربية، او العبرية كما يطلقون عليها. وهم قد صفوا من قبل علي عبد العزيز وعلي الخطيب كما فجروا مقر هذه القناة نفسه في عملية بشعة لاتنم عن أي شجاعة 3- وجهوا رسالة الى السيد السيستاني ولكل شيعي عراقي بان من يساند هذا الرجل الصموت مصيره الموت. 4- وجهوا رسالة الى الإعلاميين باننا قوة لا يمكن ان يستهان بها، لدينا قلوب من القسوة بحيث انها قادرة على ان تقتل هذا الجمال كله، جمالك يا اطوار.
جمالك يا اطوار، ياعراقية العينين يا نصف سنية ونصف شيعية وعراقية بالكامل، سنفتقدك، لا اشك بذلك والموت لمن اوقف فيك طموح العرائس. وداعا صديقتنا جميعا
#حامد_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|