أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - روح التدين 1















المزيد.....

روح التدين 1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5714 - 2017 / 11 / 30 - 20:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


دروس من روح الدين
تساؤلات وإشكاليات تكشف الدليل الذي يقود الإنسان ككائن مفكر ومسئول وخاضع للسؤال ومطلوب منه الإجابة والتفسير والتبرير والتعليل, وتجعل منه حالة غير مستقرة ومستفزة تبحث عن أي وسيلة تعيد له السلام العقلي أولا وتبعد عنه شبح الخيبة والفشل, لذا فهو كلما يتعمق في فهم جزئية تفتح له هذه العملية المزيد من الأبواب المشرعة التي تحيط بمداركه وتجعله في صراع بين القبول اللا أبالية وأمضاء بقية الفترة الوجودية للتمتع بملذات الحياة والانخراط في التنازع الضروري للبقاء, أو التوقف عند نقاط محددة ليثير العقل ويستولي على مفاتيح ضرورية تقوده لإجابات أيضا محددة وصريحة أو تكسب قناعته بمستويات تتدرج من الاحتمال الظني لليقين القاطع بها.
أصل الصراع الوجودي الذي يعيشه الإنسان وبمنتهى الجرأة هو صراعه مع الدين كطرف حاكم ومع الطبيعة كطرف متجبر, وخياره بين الخضوع لهما والتطبع تحت سطوة الخوف والرغبة وبين أصله الطبيعي الباحث عن التفلت الفطري عن الضابط واستسهال الحياة بما يعرف باللا مسئولية ألطبيعية, هذا الصراع الذي لا ينتهي هو مجرد البداية التي تجر ورائها الكثير من الإشكاليات والتي لم يتعرض لها كائن في الوجود غير الإنسان, لأنه يحمل بين تراكيب تكوينه علة لا تنتهي في إثارة القلق الفكري وترسم له أثر كل سؤال حيرة, وتأخذه كل مجال يضعه بين ما هو كائن وما هو مفهوم وأمامه فسحة تكبر كلما أكتشف مقدار من العلم لتضيق عليه الحرية التي يتمتع بها مؤقتا مع كل أكتشاف جديد .
فهو ككائن مختار يريد والدين يريد والطبيعة تفرض أحكام بدية تتناسب مع قدرته على إدارة الوجود, وسعة تدبيره لوسائل الفهم والتكيف معها, ولكنها تصبح عدوة أو نقيض لا يحتمل إن لم يستطيع إدراك مفاتيح اللعبة ويسيطر بعقله على عالم المجهول والمغيب منه تحديدا بالعلل أو بالأسباب, فعاش مشتتا بين صراع وتنازع إرادات كل منها تعده بشيء جميل وتحرمه من شيء أجمل وتكشف عن وجهها الغاضب في حالة عدم الامتثال, هنا الإنسان يريد الحياة الممتعة بدون ألتزامات تحد من تفلت طبيعي عن الضبط ويرغب بالجنة ويتمنى أن تكون الطبيعة أكثر كرما معه في عطاء الوجود وتمنحه فرصة أطول للتمتع فيها .
هذه الأمنية سهلة الافتراض ولكنها صعبة التحقق فكلما تعرف الإنسان على قواعد النزاع والتنازع والصراع وأدرك حدود طاقته ومقدار الفعل الذي يمنحه مساحة أكبر في المناورة والأنتقال صار بمقدره أن يتجنب الكثير من الخسائر وحالات الفشل, هنا عليه أن يكون مهيئا بالدوام على أن يكون مراقبا وملاحظا ومنتقدا وخالقا ما يمكنه أن يدافع عن وجوده, هذه الحالية تستوجب منه أن يكون ذا فاعلية عقلية لا تحد بحدود ولا تقف عند حاجز العجز أو عدم المقدرة, لأنه بذلك أيضا يعلن فشله وانزواءه على أن يصبح لاعب مهم ويتحول إلى مجرد وسيلة بيد لاعبين آخرين, هم من يحدد مصيره وسيرورته الوجوديه ولكونه في جزء من حالاته الواعية يرفض هذه النتيجة التي خاض غمار البحث والنقد والاكتشاف والخلق.
مفاهيم وأفكار عديدة رافقت وجود الإنسان وتنبه لها وإن كان لا يملك تفسير مقنع عنها لكنه في الأخر أستسلم لفكرة ما, هو خلقها أو دست له من ضمن منظومة المعرفة, سواء بشكل مباشر أو من خلال الدعوات الدينية والرسالات أو من خلال تجربة الأخر ومفهومه الخاص, بالنتيجة أنه أمن بها وأزداد يقينا بالنتائج كلما فشل في إدراك العكس من خلال عجزه من التخلص من الفكرة الأولى, في قصة النبي إبراهيم الخليل الواردة في القرآن الكريم هناك نظرية ساقها النص الديني وفتح فيها الباب مواربا في تعليمه للإنسان كيف له أن يواجه أسئلة الوجود وإن كان متحصلا على بعض القناعات التي تشكل في شكه المستدام علة بحث وعلة تقصي عن الحقيقة مهما كانت النتائج .
هنا في الرواية واجه النبي قبل أن تصل له القناعة التي أستسلم لها بالأخر مشكلة الأنتماء للقيم المرعية أو الفطرية بما فيها المقدس والمحظور, ليس لأنه بحاجة لها كضرورة أنية تتماهى مع أطلاعاته أو حدسه من أنه مقبل على مرحلة تحول فكري عميق, ولكن أيضا هي نتاج واقع حقيقي يتعمد استفزاز العقل, ولكونه ولد في بيئة تهتم بهذه المحددات الدينية "أصنام ومعابد " وعلاقة بينية وتنشد لها وبها وعليها أن تقدم أجوبة تصبح أكثر وجوبيه وضرورية كلما حاول أن يتقرب من هذه المحددات, ليكتشف وجوده هو لا وجودها هي, لذا نجد أن السؤال المطروح إبراهيميا كان لماذا لا يأكلون لماذا لا يشربون لماذا لا يتحركون, كان يرى أنها عديمة الحركة الموت أقرب لها من الحياة ولا يمكن أن يطلب من ميت جواب, لذا تركها أيضا بلا جواب وأخذ يبحث عن الحركة عن الحياة المتجددة الغير جامدة.
كان القرار لديه التخلي عن هذه العلاقة الميتة الجامدة التي لا تجيب ولا تفسر له ولا تبرر تساؤلاته الذاتية, حاول أن يخرج منها إلى عالم حدد له شروط خاصة, منها أنها يجب أن تكون أولا حية ومتحركة ومجيبة ومستجيبة للخطاب الذاتي, ولكن ليس على أساس رفض فكرة الأخر السابق بل في ضمن إطارها ولكن تحت شعار أخر وبذات الهدف, أي أن إبراهيم لم ينكر قاعدة الغيب والمجهول المعظم ولا معادلة الخالق والمخلوق, لكن كانت محاولة فريدة منها أنها تتجاوز التقليد العقلي الديني, ولكنه لم ينجح من التخلص من الشبكة المحيطة بالعقل والتي نمت تحت ضغط أن الخالق المكون الأكبر الأعظم هو الفوق المتخفي وراء المجهول الأبدي المتستر بستار المطلق واللا محدود, وعاد ليبحث ضمن هذه الشبكة المنصوبة عن حقيقة عقلية نجح في أن يستدل على فضاء أكبر للعقل مع ربط المدى الذي منحه لعقله بالتحرر أن يكون ضمن حدود المعقول والممكن فعاد لذات النقطة التي أنطلق منها, وهنا سجل فشله الأول مع نجاح تقليدي ممكن.
وهذا الفشل المتوقع بدأ عندما أختار نفس القوانين والقواعد التي أوصلت صاحب الفكرة التي تخلى عنها وثار عليها دون أن يمنح نفسه أفتراضات متعددة وخيارات مستقلة في مساراتها وفي أشكال النمطية التي تقوده للبحث, بهذا ضيع الفائدة من المحاولة ولم يتجرأ أن يخرج عن فكرة الخالق والمخلوق والعابد والمعبود والتي من الصعب على نص ديني أن يصرح للعقل أن يخترقها نحو مدى أبعد, فأعطى نتيجة أجمالية مبهمة بنيت على منطق كلي غير برهاني مع أنه أستخدم منطق البرهان في تفنيد الفكرة السابقة لكن التقدير العقلي كان يشير على الإنسان أن يستلهم التجربة الإبراهيمية للدراسة والكشف ليس فقط للمتابعة بل لبيان أن عقل الإنسان قادر أن يخترق المنطق السائد والذي تم تغليفه بالاستحالة أو بالحرم المقدس.
نحن لا ندين النص الديني على هذه النتائج التي تمخض عنها فعل إبراهيم وما نتج عنها أو ما أشارت له بالنص كحقيقة نهائية, وبأي صورة فهو لديه مشروع عقلي مقبول وطبيعي يحاكي منطق إنساني مبني على أن العقل الإنساني التقليدي في الأخر سينتهي بالعجز عن مجاراة ومماحكة الافتراضات الدينية الصعبة, عندما تطرح موضوعا معقدا وجذريا للفهم على أساس ما يجب وما هو الأوجب, لذا لا نستغرب النص التالي (أعبد ربك حتى يأتيك اليقين).



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوائر مغلقة
- الأرهاب والتطرف بين علم الأجتماع وعلم النفس
- الجري وراء كوابيس غير محتمله
- المدنية الأجتماعية ودور النخبة في أرساء مفاهيم التغيير الأجت ...
- الأصلاح الأجتماعي وقضية الأصلاح الديني 2
- الأصلاح الأجتماعي وقضية الأصلاح الديني
- الأصلاح الأجتماعي وضروريات البناء المعرفي
- كلمة بداية
- (عدالة ومسئولية ومشاركة) شعارنا للمرحلة القادمة
- واقع العمل السياسي والحزبي في الأحزاب الدينية في العراق
- قررت أن أعرف ربي ح1
- قررت أن أعرف ربي ح2
- واقع الإسلام وواقع المسلمين
- تجربة الخلق والمصير
- مفهوم الظلم ودلالاته
- الحياة وتجربة ما بعدها
- العقل العربي ومسئولية الفكر
- سر المعرفة ...كلمة السر
- مصطلحات فكرية
- محاولة في تعرية العقل


المزيد.....




- لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور ...
- -لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا ...
- -بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا ...
- متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
- العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
- مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
- وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما ...
- لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
- ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - روح التدين 1