|
اسطورة حكومة الوحدة الوطنية 2
حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن-العدد: 1472 - 2006 / 2 / 25 - 10:58
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
اسطورة حكومة الوحدة الوطنية شاهدت امس الخميس ۱٦ شباط حلقة شيقة في الفضائية الديمقراطية جاء فيها العديد من النكات او المهازل اللطيفة تجبر الانسان على التعليق والكتابة عنها. كانت الحلقة حول القضية الساخنة التي تشغل بال كل عراقي هي "هل يمكن تشكيل حكومة وحدة وطنية تنقذ العراق من مأزقه الحالي؟" وكما هو مألوف في هذه الحلقات كان هذا السؤال هو السؤال الذي يكرره مقدم البرنامج عشرات المرات طالبا الجواب عليه من ضيوفه. وردت في هذه الحلقة كما اسلفت نكات طريفة لا يمكن للمرء تحاشي ذكرها قبل الدخول في بحث الموضوع الاساسي للحلقة. جاء في الحلقة تعريف جديد موسع للوطنية اورده مقدم البرنامج معتبرا جميع المشاركين في العملية السياسية وطنيين واورد مثالا على ذلك نوري السعيد. ففي راي مقدم البرنامج كان نوري السعيد، العميل البريطاني الذي كان واحدا من عميلين حازا من الحكومة البريطانية على لقب "سر" هما نوري السعيد وسماطس من جنوب افريقيا كان وطنيا لانه تجرأ وقال للوزير البريطاني "انا الذي احكم العراق وليس السفر البريطاني". وقد سخر ضيوفه من هذا الراي لانهم مجمعون على ان الوطني في العراق حاليا هو من يعارض الاحتلال. وظهرت في هذه الحلقة نكتة اخرى هي تحويل اصطلاح "فرق تسد" الى اصطلاح "ورق تسد". وقد قرأت عن مثال للسيادة عن طريق التوريق في احدى المواقع الالكترونية قبل ايام معدودة. فقد اتهمت احدى الصحف العربية احد قادة الحزب الشيوعي الكردي بانه انتقد الحكومة الكردية بانها ليست ديمقراطية. فرد الطالباني عليه في اليوم الثاني بانه لو كانت الحكومة الكردية غير ديمقراطية لاوقفت الاموال التي تقدمها الحكومة الكردية الى الحزب الشيوعي الكردي التي تبلغ مئات الاف الدولارات سنويا. فمواصلة توريق الحزب الشيوعي الكردي للسيادة عليه علامة من علامات ديمقراطية الحكومة الكردية. في اليوم التالي اعلنت قيادة الحزب الشيوعي تكذيب افتراء الصحيفة العربية وبينت انها على اتفاق تام وعلاقات وثيقة مع حزب الطالباني. وقضية الاموال التي يتسلمها الحزب الشيوعي من الطالباني موثقة تاريخيا. ففي التسعينات وجه احدهم سؤالا الى السكرتير الكردي للحزب الشيوعي العربي عزيز محمد عما اذا كان يأخذ الاموال (اي يتورق) من اميركا فاجاب ان الحزب الشيوعي لا يتلقى الاموال من اميركا وانما يتلقى الاموال من الحزبين الكرديين اي يحصل على فتات ما يتورق به الحزبان الكرديان من اميركا. وجاءت في الحلقة نكتتة على لسان اياد علاوي باطلاقه على الاجتماعات القائمة حول تشكيل الحكومة الجديدة "اجتماعات القوزي". وشاهدت في اليوم ذاته احد اجتماعات القوزي في الفضائية العربية ظهر فيها علاوي والى جانبه "الايسر طبعا" حميد موسى بنظرته المتفائلة المألوفة نظرا الى انه يمثل حزبا من المفروض انه حزب يساري ووقف الطالباني بطل بشت أشان الى يمينه ليعلنوا ومعهم جملة من اعضاء التكلتل الجديد عن الاتفاقيات الحديثة بين مختلف القوائم الانتخابية عدا الائتلاف والتي بلغ عدد المتآلفين فيها ٩۱ عضوا من اعضاء البرلمان القادم كما صرح احد ضيوف الحلقة واذا اضيفت اليهم القائمة الكردية يصبحون ۱٤۰ عضوا. وتحدث بعض الحاضرين عن مهزلة التصويت على اختيار الجعفري لرئاسة الوزارة بفرق صوت واحد وشككوا في صدق عملية التصويت والاشاعة بانها كاذبة. وقد رأينا الحكيم يتفاخر بان التصويت جرى بجو من المحبة والتفاهم رغم ان المصوتين ضد الجعفري كانوا النصف ناقصا واحد. ومن المهازل التي ذكرت في هذه الحلقة حديث احد المتصلين تلفونيا حيث اكد ان له صديقا لم يذكر اسمه حفظا على سلامته رغم انه موجود في القاهرة وثيق الصلة بعلاوي اكد له ان الجعفري حين التقى بالسفير البريطاني قبل سنة كان السؤال الاول الذي وجهه اليه "ماذا عن مشكلة الجنسية ولماذا تأخر الموضوع؟". لم اكن اعلم ان الجعفري يعاني من مشكلة منحه الجنسية البريطانية خصوصا وقد قرأت في احدى المواقع الالكترونية ان جميع ابنائه وبناته يقيمون في انجلترا وليس في المنطقة الخضراء. ولكن علاوي على ما يبدو لا يعاني من مثل هذه المشكلة. وظهرت في هذه الحلقة نكتة تسمية المنطقة الخضراء. فقد اشار احد الضيوف الى ان بعضهم أخذ يسميها المنطقة الدولية (اينترناشيونال زون)، نظرا الى ان العديد من ممثلي الدول الامبريالية موجودون في المنطقة وكل منهم يعمل علىاستغلال العراق لصالح بلاده. والنكتة الاخرى كانت ان الجعفري قرر القضاء على الطائفية بتحويلها الى مذهبية. وثارت ثائرة مقدم البرنامج على هذه العبارة وتساءل ما الفرق بين الطائفية والمذهبية. فاجابه احد الضيوف بان الحقيقة هي ان الانقسام الطائفي قد اكتمل في العراق وجاء دور التمييز المذهبي بين كل طائفة. جميل ان يستطيع المرء ان يهزل ويسخر من هذا المأزق الذي يعاني منه الشعب العراقي الى درجة ان يجيب احدهم على مشكلة عدم توفر ماء الشرب "فليشربوا الببسي كولا". فمن المأسي ما يضحك. لنعد الان الى الجد، الى بحث موضوع حكومة الوحدة الوطنية رغم ان عبد العزيز الحكيم قد لا يسمح لنا بمناقشة موضوع محسوم لديه كهذا. ماهي الشروط الضرورية لتحقيق حكومة وحدة وطنية؟ هناك استنادا الى تسميتها شرطان يجب ان يتحققا لكي يمكن الحديث عن حكومة وحدة وطنية هما الوحدة والوطنية. ما معنى كلمة الوحدة؟ تعني الوحدة اتفاق عدد من الفئات او الجماعات او الاحزاب او حتى الاشخاص على هدف معين يتفق كل الفرقاء على ضرورة تحقيقه. وامامنا عشرات التكتلات وكل تكتل يحتوي على عدد من المنظمات او الاحزاب. فما هو الهدف الواحد الذي يمكن ان يوحد جميع هذه الفئات في وحدة حقيقية؟ رأينا ان كتلة الائتلاف الحائزة على اغلبية الاصوات في الانتخابات تتألف من اربع منظمات كبيرة عدا المنظمات الصغيرة والشخصيات المستقلة. ورأينا ان هذه المنظمات الاربع تنافست كلها على تسمية رئيس الوزراء القادم. فقد اصرت كل منظمة على ترشيح احد قادتها لرئاسة الوزارة ولم يجر الاتفاق على تسمية الجعفري الا عن طريق التصويت حيث فاز بصوت واحد. فهل يمكن توحيد هؤلاء المعارضين للجعفري معه؟ شاع بعد التصويت ان حزب الفضيلة يزمع الانفصال عن الائتلاف. ولكن قائد حزب الفضيلة كذب ذلك كما كان قد كذب سابقا انسحابه من ترشيح نفسه لرئاسة الوزارة. وبين انه باق في الائتلاف طالما بقيت له الوزارات المتفق عليها. فماذا سيكون موقف حزب الفضيلة اذا تشكلت حكومة من غير الائتلاف وحرم حزبه من الوزارات المطلوبة؟ هل سيترك الائتلاف للانضمام الى الفئات الاخرى لكي يضمن الحصول على الوزارات المطلوبة؟ واذا فرضنا ان احزاب الائتلاف اتفقت بمحبة على البقاء كتلة واحدة بعد منح كل حزب عدد ونوع الوزارات التي يطلبها هل من الممكن الاتفاق مع جميع الكتل الانتخابية الاخرى على نفس الرئيس؟ لقد سمعنا منذ الان معارضة الكتلة الجديدة المؤلفة من اغلب اعضاء البرلمان عدا الائتلاف والقائمة الكردية معارضتهم لترشيح الجعفري وكل الدلائل تشير الى ان علاوي ينوي الحصول على رئاسة الوزارة بكل ثمن. وهل يوجد هدف سياسي او اجتماعي او اعماري او ثقافي يوحد جميع او اغلب اعضاء البرلمان بحيث يمكن توحيدهم من اجل تحقيقه؟ ان تجربة الوزارات السابقة تبرهن على عدم وجود هدف كهذا او اي هدف يأخذ مشاكل الشعب العراقي بنظر الاعتبار. قسمت الوزارات السابقة وفقا لطريقة بريمر في المحاصصة الطائفية وكان هم كل وزارة تحويل الوزارة الى مؤسسة عائلية وسرقة اكبر مقدار ممكن من الاوراق الاميركية والعراقية ونهب الثروات غير النقدية والممتلكات والاراضي وغيرها باسرع ما يمكن. فعلى اي هدف يمكن تحقيق الوحدة بين جميع الفئات؟ كان الهدف الموحد لجميع الوزارات السابقة هو هدف تحقيق اجندة الاحتلال الاميركي وابقاء الاحتلال الى ما شاء الله ومساعدة قوى الاحتلال على بناء القواعد العسكرية الضخمة التي يراد منها ان تبقى الى ابد الابدين ومشاركة الحكومة وقواتها الامنية جيوش الاحتلال في مداهمات المدن وحرب الابادة على المناطق التي توصف بالمناطق المتمردة تحت شعار وقانون مكافحة الارهاب وتوفير جميع المعاهدات والعقود التي تضمن استغلال النفط وسائر ثروات العراق لعقود قائمة. ان ما يسمى العمل على تحقيق حكومة وحدة وطنية ليس في الواقع سوى العمل على اخضاع العناصر الجديدة التي دخلت اللعبة السياسية في الانتخابات الاخيرة عن طريق التوريق المحلي والاميركي لالاتفاق مع الفئات القديمة على هذه الاجندة الامبريالية. والشرط الثاني لتحقيق حكومة الوحدة الوطنية هو الوطنية. فما هو تعريف الوطنية؟ هنا نجد تعاريف مختلفة للوطنية. فمثلا هناك من يعتبر الوطنية حركة المقاومة لنظام صدام التي كانت منظمة خارج العراق في اوروبا واميركا وايران وبعض البلدان العربية. هناك منظمات تألفت بالعشرات خلال فترة الحصار الاقتصادي على العراق. وكان على هذه المنظمات ان تحصل على التوريق من اجل مواصلة نشاطها المعارض لصدام. وقد لجأت اغلب هذه المنظمات المعارضة لصدام الى الولايات المتحدة من اجل توريقها ومساعدتها على معارضة صدام وقد لبت الولايات المتحدة طلبهم بسخاء اذ خصصت كما هو معروف مبلغ ٩٧ مليون دولار لهذا الغرض. وعبارة ورق تسد تتحقق هنا على افضل وجه. فالولايات المتحدة ليست مؤسسة خيرية تمنح الملايين للاشخاص لكسب الاخرة واقناع الله بارسالها الى الجنة. ان الولايات المتحدة تشتري باوراقها الخضراء عملاء ينفذون اهدافها واجنداتها لقاء هذه الاوراق. وتحقق للولايات المتحدة ذلك اذ قام المعارضون المتورقون بمساندة الولايات المتحدة في اجتياحها للعراق قبل الحرب ومرافقة جيوشها على الدبابات للاستيلاء على الحكم اثناء وبعد الاحتلال. نعم كانت هناك معارضة حقيقية نزيهة لصدام ولكن هؤلاء المعارضين لم يتدهوروا الى درجة الخنوع للتوريق الاميركي ولذلك لم يرافقوا الولايات المتحدة في احتلالها للعراق ولم يشتركوا في الحكومات التي عينتها سلطات الاحتلال. هل يمكن اعتبار هؤلاء المعارضين لصدام والموالين للولايات المتحدة والمتمولين بدولاراتها وطنيين واعتبار الحكومات التي يشكلونها ايا كانت حكومات ذات صفة وطنية؟ لا اعتقد ان انسانا عراقيا نزيها يستطيع الموافقة على اتهام مثل هذه العناصر بالوطنية. واذا كان هؤلاء العملاء للولايات المتحدة والخانعون لاوامر خليل زاده هم الفائزون الاساسيون في الانتخابات سواء منهم قائمة الائتلاف ام القوائم الاخرى التي تضم العناصر الموالية للولايات المتحدة من غير قائمة الائتلاف هم الذين يتفاوضون حول تشكيل الحكومة الجديدة فهل من الممكن ان نفكر في حكومة معارضة للاحتلال او حكومة تطالب الولايات المتحدة بالخروج من العراق حتى ولو بالكلام فقط؟ لا اظن ان حكومة كهذه يمكن حتى التفكير فيها في ظروف العراق الحالية. ولكن الانتخابات الاخيرة جلبت الى البرلمان بعض الشخصيات او القوائم التي تعلن عن معارضتها للاحتلال ومطالبتها بخروج المحتلين من العراق. وازمة الحكومة الحالية هي اقناع هؤلاء بالانضمام الى الجوق القديم على نفس المناهج السابقة الموالية للولايات المتحدة تحت شعار الوحدة الوطنية. ان الحديث عن حكومة وحدة وطنية ليس له اية سمة من سمات الوطنية. ان المقصود بحكومة الوحدة الوطنية هو حكومة وحدة لخدمة الولايات المتحدة وتحقيق سيادتها على الشعب العراقي. حكومة موحدة في اهدافها الداخلية في نهب ثروات العراق وتوسيع الفساد الاداري. ان رغبة الناس الطيبين وحلمهم بتحقيق حكومة وحدة وطنية في الحكومة القادمة ليس سوى اسطورة. فما هو شكل الحكومة القادمة واي اسم يمكن ان يطلق عليها؟ اعتقد ان الحكومة القادمة ايا كانت ومهما تغيرت شخصياتها يمكن تسميتها حكومة توافق لا وطني. هي حكومة توافق لان النقاش والمفاوضات في اجتماعات القوزي تجري من اجل تحديد حصة كل من الكتل وكل حزب من احزاب كل كتلة وكل شخصية بارزة في كل حزب من هذه الاحزاب من التوريق الدولاري ومن نهب املاك الدولة وثروات الشعب العراقي. فلا فرق بين ما جرى في تشكيل الحكومات السابقة وبين ما يجري في تشكيل الحكومة القادمة سوى ان في عملية تشكيل الحكومة القادمة دخلت جماعات لم تكن موجودة في الحكومات السابقة وبين بعض هذه الجماعات الجديدة هناك من يتحدث عن ضرورة خروج جيوش الاحتلال او جدولة مواعيد خروجها. وان التوافق مع هذه الجماعات قد يتطلب المزيد من هذه الامتيازات. وهي حكومة توافق لا وطني لان سياسة الحكومة القادمة ايا كانت هي كما كان الحال في الحكومات السابقة مقررة سلفا في السفارة الاميركية ولا دور لاية حكومة قادمة في وضع هذه السياسة. وجل ما يجري النقاش عليه في الاجتماعات هو اقناع الجماعات الجديدة في السير وفقا لهذه السياسة المقررة. وها نحن نرى نوع التكتلات التي تجري خلال مفاوضات تشكيل الحكومة القادمة. نرى ان القائمة العراقية، وهي ليست من الوجوه الجديدة في هذه المفاوضات اذ كل مكوناتها كانت مشتركة في الحكومات السابقة وهي تجري تحت قيادة اياد علاوي الذي سبق للشعب العراقي ان جرب سياسته "الوطنية" و"معاداته" لسياسة المحاصصة الطائفية وحرصه على توفير الخدمات للشعب العراقي ودوره الكبير في مساعدة قوات الاحتلال في محاربة الارهاب والقبض على الزرقاوي بتحطيم المدن وجعلها مقابر عائلية تدفن كل عائلة دفنا عائليا تحت انقاض دارها بالضبط كما اعلنه على شاشة التلفزة وزير الدفاع الحالي. وكل الصراع هو ان كان علاوي سينجح في تأليب الجماعات غير المنتمية الى الائتلاف وخصوصا القائمة الكردية ومنها العناصر الجديدة التي دخلت "العملية السياسية" من اجل حرمان قائمة الائتلاف من الحصة الرئيسية في تشكيل الحكومة القادمة او فشله في ذلك وكل ذلك يعتمد على ما سيقرره خليل زاده في نهاية الطريق. فعلاوي مصمم ربما بموافقة خليل زاده على ضمان رئاسة الحكومة الجديدة لنفسه وربما اضفاء صفة العلمانية او عدم المحاصصة الطائفية على حكومته. بينما تبنى الحكومة القادمة اذا نجحت قائمة الائتلاف استنادا الى الاستحقاق الانتخابي في تأليف الحكومة على اساس محاصصة طائفية صريحة وواضحة وتشكيل حكومة اسلامية شبيهة بحكومة ايران وهو المثل الاعلى للسيد عبد العزيز الحكيم. هل هناك امكانية تحقيق وحدة وطنية حقيقية؟ نعم يمكن تحقيق وحدة وطنية والشعب العراقي اليوم بامس الحاجة الى مثل هذه الوحدة. ولكن هذه الوحدة يجب ان تتحقق من الاسفل، من جماهير الشعب العراقي، وليس من الاعلى، من اتفاقات الاحزاب التي اثبتت خلال ثلاث سنوات عمالتها للاستعمار وخنوعها لارادة جيوش الاحتلال والحاكم الحقيقي للعراق القابع في القصر الجمهوري في المنطقة الخضراء. ان الوحدة الحقيقية تتطلب وجود شعار يمكن ان تتوحد على اساسه جميع القوى الجماهيرية. فبدون وجود شعار كهذا لا يمكن تحقيق اية وحدة. وهذا الشعار ليس سوى شعار استقلال العراق وطرد جيوش الاحتلال من العراق طردا تاما بما في ذلك ازالة القواعد العسكرية لجيوش الاحتلال. هذا الشعار هو الشعار الوطني الحقيقي للشعب العراقي في المرحلة التي يمر بها حاليا. وطرد المحتلين لا يمكن تحقيقه عن طريق طلب حكومة او مجلس برلماني من المحتلين ان يغادروا. فلم تقم الولايات المتحدة متحدية مجلس الامن باحتلال العراق وانفاق ما يقدر بالفي مليار دولار لكي تغادره بمجرد ان تطلب الحكومة منها ذلك. ان الولايات المتحدة احتلت العراق لكي تجعله مستعمرة دائمة وان تنهب جميع ثرواته النفطية وغير النفطية وتستخدم الشعب العراقي كقوى عاملة رخيصة وتستخدم الجيش العراقي الذي تدربه بالروح الاميركية في صيانة جيوش الاحتلال ومشاركته في القضاء على مقاومة الشعب العراقي واستخدامه كجيش مرتزقة في حروبها القادمة في الشرق الاوسط وفي غيره. ان تاريخ الاستعمار يثبت ان الاستعمار لا يمكن ان يتخلى عن اية مستعمرة عن طريق المفاوضات السلمية وطلب الحكومة المحلية منه التخلي عن استعمارها. والامر اكثر وضوحا اليوم حين اصبحت الولايات المتحدة الدولة العظمى الوحيدة الهادفة الى استعمار العالم كله اقتصاديا وسياسيا وعسكريا واعلاميا. ان الوحدة لا يمكن ان تتحقق الا على اساس الهدف الوطني، هدف مقاومة الاستعمار، ولهذا فهي وحدة وطنية. لقد اثبت الشعب العراقي منذ اليوم الاول لاحتلاله انه شعب لا يرضخ للاستعمار ايا كان وهو شعب يقاوم الاستعمار شانه في ذلك شأن جميع شعوب العالم. بل ان تاريخ الشعب العراقي يثبت انه لم ينقطع عن مقاومته للاستعمار في جميع ظروفه وهذا ما حدث بعد احتلال العراق الحالي. ولذلك فان هذه الوحدة، الوحدة حول هدف مقاومة الاستعمار وطرده، هي الوحدة الوطنية الوحيدة التي يمكن تحقيقها في العراق حاليا. بعد الاحتلال مباشرة هبت جماعات كثيرة بعضها بشكل منظم وبعضها الاخر ربما بشكل عفوي لمقاومة الاستعمار الجديد الذي دمر الدولة العراقية بجميع مؤسساتها. ان الاعلام الاميركي والعميل يعتم على اخبار المقاومة الحقيقية ويبرز اخبار الاعمال الاجرامية التي يقوم بها المحتلون ومخابراتهم وميليشياتهم وعملاؤهم ليتهموا بها المقاومة وليضفوا على المقاومة صفة الارهاب. ولكننا نسمع من بعض المطلعين المتحدثين في الفضائيات ومن بعض الاخبار التي تتسرب اشياء كثيرة عن المقاومة الحقيقية. والمحتلون وعملاؤهم ينكرون وجود المقاومة ويزعمون ان الشعب العراقي يدين بالشكر للجيوش التي حررته الى درجة اعلان بعضهم يوم ٩ نيسان عيدا شعبيا. ولكنهم من الناحية الثانية يعلنون عن اتصالات الولايات المتحدة او بعض عملائها بالمقاومة ويحاولون جرها الى المشاركة فيما يسمونه العملية السياسية اي عملية خدمة الاستعمار وابقاء وجوده في العراق. ما هي المقاومة؟ ان مقاومة الاستعمار يجب ان تتخذ جميع الاشكال الممكنة من اضرابات واعتصامات ومقاطعة العمل لخدمة المشاريع الاشتعمارية ومقاطعة البضائع والاضرابات العامة وقمة المقاومة هي المقاومة المسلحة التي يعتبرها اذناب الاستعمار ارهابا واعتداءا على القوات المتعددة الجنسيات لانها موجودة بطلب حكومي من مجلس الامن وفقا للشرعية الدولية. والحقيقة هي ان الشعب العراقي بدأ منذ اليوم الاول للاحتلال بالمقاومة بجميع اشكالها بما فيها المقاومة المسلحة. وقد اقضت هذه المقاومة المسلحة مضاجع جيوش الاحتلال وعملاء الاحتلال. فمن هي العناصر التي تقوم بالمقاومة. تشير المعلومات المتوفرة الى عناصر عديدة تقوم بمقاومة الاحتلال خصوصا بشكل المقاومة المسلحة. فهناك قوى منظمة من الجيش العراقي المنحل وهناك مجموعات فئوية دينية وهناك اعضاء حزب البعث وهناك اناس علمانيون ويساريون. ولذلك يعلن عملاء الاستعمار ان المقاومة هي من ازلام صدام او حرس صدام او من يريدون استعادة حكم صدام عدا الاتهامات بقدوم المقاومين من الدول المجاورة سوريا والاردن والسعودية وايران وان الشعب العراقي يناضل مع الاستعمار وعملائه ضد هؤلاء الارهابيين القادمين من الخارج. ان المقاومة هي من حق كل انسان شريف يشعر بظلم الاحتلال وبعبوديته واستغلاله ونهبه لثروات العراق ويشعر بالدمار الذي خلفه الاحتلال في البنى التحتية والخدمات والمواد الغذائية والسوق السوداء وغير ذلك. فمن حق اي جندي او ضابط سابق غيور على وطنه ان يقاوم الاستعمار بكل الوسائل الممكنة لديه ومن حق اي عضو من اعضاء حزب البعث يشعر بوطأة الاستعمار ويؤمن بضرورة مقاومته ان يقاوم ومن حق اية فئة دينية تعادي الاستعمار وتشعر بظلمه ان تقاوم بكل الامكانيات المتوفرة لديها. ولكن هذه المقاومات كلها لا تشكل وحدة وطنية ضد الاحتلال الا اذا توحدت، الا اذا كونت وحدة حقيقية, اي اذا اتفقت كلها على هدف واحد هو مقاومة الاحتلال. ان تحقيق الوحدة يتطلب ان يكون هناك اساس لهذه الوحدة. واساس الوحدة هو التخلص من كل الصفات الفئوية التي تقسم المقاومين الى فصائل متفرقة تعمل كل منها وفق خططها واساليبها. ان تحقيق الوحدة يتطلب من كل الجماعات والفصائل المتفرقة ان تتخلى عن صفاتها عدا صفة المقاومة. يجب ان لا تقوم الوحدة على اساس ديني او طائفي او حزبي او اي بقسيم فئوي. وبهذا الشكل يمكن تحقيق وحدة المقاومين بكل فصائلهم وفئاتهم وجماعاتهم على هدف واحد يجمعهم جميعا. اذ ذاك تصبح المقاومة المنظمة سلاحا بتارا لا تستطيع جيوش الاحتلال مهما عظمت ان تنال منها. على المقاومين جميعا ان ينسوا كل ما يفرقهم، ان ينسوا علاقاتهم الحزبية وعلاقاتهم الدينية وعلاقاتهم الاجتماعية ليتوحدوا على شعار وطني واحد هو مقاومة الاحتلال بجميع الوسائل وعلى راسها المقاومة المسلحة. على اساس هذه الوحدة الوطنية يمكن تحقيق قيادة حكيمة منتخبة من جميع المقاومين بدون تمييز ووضع الخطط الحكيمة التي بامكانها ان تقوض اركان الاستعمار بجيوشه الجرارة وبجيش عملائه الذين ينهبون ما يبقي عليه الاستعمار من ثروات العراق. يجب اتحاد جميع الفصائل على اساس شعار المقاومة بدون اي شعار اخر من شانه ان يفرق المقاومين ولا يوحدهم. هذا هو المفهوم الوحيد لعبارة الوحدة الوطنية. حسقيل قوجمان
#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكولخوزات ودورها في بناء الاشتراكية
-
ساسون دلال
-
الاستحقاقات الانتخابية والاستحقاقات السياسية
-
المنظمات المهنية والنقابية وانتماءاتها السياسية
-
سبب حل الجيش العراقي
-
اسطورة حكومة الوحدة الوطنية
-
نفقات الحرب ليست مجرد وسيلة لشن الحرب انما هي هدف من اهدافها
...
-
ملحق بمقال -حقوق الانسان وقوانينها- – كمال سيد قادر
-
حقوق الانسان وقوانينها
-
الاشتراكية لا تبنى على الفقر 4 واخيرة
-
صدفة جميلة
-
الاشتراكية لا تبنى على الفقر 3
-
الاشتراكية لا تبنى على الفقر 2
-
الاشتراكية لا تبنى على الفقر 1
-
من وحي كتاب سفر ومحطات - البعية للسوفييت ودور اليهود 2
-
ماركسية ام ماركسية لينينية؟
-
دور اليهود العراقيين في الحركات السياسية السرية
-
من وحي كتاب سفر ومحطات - التبعية للسوفييت ودور اليهود 1
-
التحول من مرحلة الثورة البرجوازية الى مرحلة الثورة الاشتراكي
...
-
من وحي كتاب سفر ومحطات - الطريق اللاراسمالي
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|