أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فؤاده العراقيه - تأملات في مفاهيمنا المعكوسة















المزيد.....

تأملات في مفاهيمنا المعكوسة


فؤاده العراقيه

الحوار المتمدن-العدد: 5713 - 2017 / 11 / 29 - 19:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بين حانة ومانة ضاعت أعمارنة ,حيث عين الله الساهرة لحمايتنا , وعين الشيطان الساهرة لإيقاعنا في براثن شره , احتار المؤمن العبد الذليل ما بين الرحمن والشيطان ولأي منهما يتبع بعد أن لُقِن منذ الصغر على أن يكون تابعاً لأحد باستثناء عقله وقناعاته , فالطفل عليه أن يتبع أفكار والديه إلى حد الطاعة ومن دون أي نقاش , وأن يسلّم بفرض معتقداتهم ودياناتهم عليه , والمرأة تابعة لزوجها إلى حد السجود , والرجل تابعا للسلطة إلى حد الخنوع .
هكذا تدور بنا الدائرة حول الطاعة والسجود والخضوع والتلقين والتبعية لغاية ما صار الإنسان لدينا ضعيفاً وتابعا لغيره ومن دون استطاعته لإن يتبع عقله وما تمليه عليه ذاته , تابعاً لموروث أجداده وساكنا عليه وبالتالي تم إلغاء ذلك الكنز الذي يمتلكه وهو عقله الذي صار لا يستخدم منه إلا جزء صغير جدا ومن ثم أهمل الباقي , فما عليه سوى أن يتعلم كيفية تطبيق ما يمليه عليه الآباء من تعليم وتكرارا يوميا بعد أن صارت الطاعة والخضوع واجبة عليه ومن الصفات الإيجابية له , بل هو يتجمل بها ويفتخر, وخصوصاً الأطفال والنساء , فالتفكير والجدل وعدم الرضوخ لديهم من علامات الشيطان, ففُرضت الطاعة على الطفل قبل المرأة وعلى المرأة قبل الرجل, هذا في الوقت الذي فيه يجب أن يكون التركيز على بناء الطفل قبل أن نبني الكون من حولنا , فهو جيل المستقبل الذي سنعمّر به الخراب , ومن ثم نأتي على المرأة التي يقع على عاتقها الحمل الأكبر في مجتمعاتنا من التربية والاعتناء بهذا الجيل , وأخيراً الرجل , هذا فيما لو أردنا ان نتمايز كما نفعل اليوم , ولكننا حددنا للطفل ما هو مسموح به ومن يتجاوز المسموح يكون العقاب والحصار مصيره .
نعلم بأن الله خلق الشيطان ليختبر به أيمان عبده الذليل الذي عليه أن يسلّم أموره لأفكار مقدّرة له سلفاً وصارت لنا عادات دون إعطاء حق للسؤال فيما لو كانت تتناسب مع زمننا وتطوره فهي ثوابت مطلقة , فيولد العبد الذليل وسط هذه المجتمعات التي فرضت عليه تلك الأفكار دون أن يحق له الشك ولا حتى التفكير فضمر عقله وتوقف من إنتاج الجديد , وتبعه ضمور الضمير لديه تدريجيا .
الخوف يعترينا لشعورنا بأننا مراقبون والشيطان الذي يسكن فينا لا قدرة لنا أحيانا على ردعه بحكم الممنوع الذي يحاصرنا والذي فاق ما هو مسموح به لنا وخصوصا النساء اللواتي سيكونون وقوداً لنار سعير الآخرة , بهذا الخوف والرضوخ تبلّد تفكيرنا وتعودنا على تزييف أشكالنا الحقيقية إلى ان توصلنا لنسيان شكلنا الحقيقي .
ثم تأتي الطاعة العمياء والرضوخ التي صارت لنا راحة أبدية وأخلاق عالية وان كان ما نقوم به دون قناعة , والسؤال والتفكير والشك هما من صنع الشيطان , ولكن رغم هذا فنفوسنا أمارة بالسوء ومسكونة بالشياطين دوما والشياطين لا تعرف طريقها إلى غيرنا من الشعوب بل وتفوقنا على الشيطان وصرنا نتسابق معه , وهكذا توصلنا لبعض من حلول نعزّي بها انفسنا ونخفف عنها فامسكنا بمنافذ عُدّت لنا مسبقا ومن ضمنها التكفير عن الذنوب بطرق كثيرة منها إعطاء حفنة ضئيلة من النقود للفقراء وجمع النقود لصرفها على الحج والعمرة وهكذا .
نحن ندفع الصدقة لندفع البلاء عنّا فقط , فلابد أن نربح من أفعالنا كما تعلّمنا منذ الطفولة , فكل ما نفعله من خير سنكافئ عليه بالجنة , وأن أخطأنا سينالنا عقاب شديد لا قدرة على تحمّله بنار الآخرة التي تتوعد بنا , فنعطي الصدقة لنأخذ البديل الأكبر منها (صدقة قليلة تمنع بلاوي كثيرة) رغم معرفتنا بأن هذه الصدقة القليلة لا تسد رمق واحتياج الفقير وهي بمثابة قطرة له من بحر , لكن تفكيرنا انصب بقالب عدم التفكير بأفعالنا طالما هي فرائض واجبة علينا, فلا يهم أن سدينا رمقه أو حلينا له أزمته , المهم نحن , ونحن المهم , أما الضمير فلقد أهملناه إلى حد الضمور فلم يبقى منه شيء يذكرسوى اسمه ,والحساب عند الله والعقاب والثواب في انتظارنا دوما وهناك من يتربص لنا بالمرصاد وكل أفعالنا مقدّرة ومكتوبة , مكتوب لنا أن نعطي الصدقة لفلان لكي نحصل على أضعافها فقط , ومن بقي لديه جزء من الضمير سينام مرتاح البال, بالإضافة إلى تصوره بأنه سيأخذ البديل عنها بالجنة ,ضرب عصفورين بحجر واحد , أي سيكون هو المستفيد من تصدّقه بمعنى هو يتصدق لأجل نفسه فقط .
فما أسهلها من حياة , حيث يلّقن الطفل في مراحل حياته الأولى بشيء يريدون له في ان يتركز بلا وعيه بقول لا اله إلا الله وسيفلحون في تثبيته في قاع العقل لديه لأجل ان لا يفكر بشيء سوى بلا اله إلا الله من خلال التكرار دون فسح المجال له للتفكير, ومن ثم يكون دليلهم ذكر الله فور ما ينال أي منهم أذى غير مفكرين بأن الكلمة سكنت باللاوعي ...هكذا استعبد تفكيره وشُلّ عقله .
وأي مهزلة هذه التي تجعل من حياتنا معكوسة فبدلا من أن نوقظ ضمائرنا نخدّرها لنرتاح ونسكن السكون الأبدي , وأي معنى يبقى لحياة ساكنة دون أن نضيف لها فكرة أو جديد , دون أن ندوّن ولو ملاحظة بسيطة عنها أو نتأمل بأحداثها واسبابها , فمهما كانت الفكرة بسيطة فهي ستكبر بتوالي الأيام والأفكار , وستشكل افكار نافعة وجديدة .
لكننا نسير بالاتجاه المعكوس وكل موقف نقول عنه سبحان الله دون تفكير ولا بحث ولا حتى تأمل فيه وذلك للعقل الذي تعوّد الغفلة عن معطيات الحياة دوما .
هنالك مواقف لا تُحصى تستوجب التأمل بها ولكننا نمر عليها مرور الكرام , أو نستخف بمن يتأملها وننعته ب (فايخ وبطران) بمعنى مُعافى ولا هموم لديه , ومن ضمن هذه المواقف
شخص مسن ومعدوم لا حول له ويعاني من امراض عديدة
طفل شحاذ يتسول
امرأة تتعرض للإهانة وسلب للكرامة يوميا
شخص يعبر الشارع وتدهسه سيارة ويموت
مرض مميت يصيب أحد الورعين
الألم الذي يتعرض له الحيوانات دون سبب سوى عشوائية الطبيعة
وتأملتُ موقف صغير من ضمن هذه المواقف العابرة
حين سمعتها تصرخ وقد زاد صراخها من وحشة المكان
هناك تقرفصت حيث الزمهرير والنفايات
ورائحة العفونة والسكون يُخيّمان
حيث أضافا على المكان رائحة تشبه رائحة الموت
كانت تصرخ وهي تجلس القرفصاء منزوية بين تلك الجدران
ربما خوفا من أذى الإنسان
ففكرت كعادتي بهذا الإنسان
وكيف تم إعدام الإحساس لديه وصار يعيش في توهان
توهان قاده لهاوية صارت واضحة للعيان
وبعيون ثقبتها الحقيقة باتت الغالبية تعترف بها ومن على لسانها تصرخ وتقول
نحن شعوب متخلفة ولا نفع ولا فائدة مرجوة منها ومصيرها للنسيان
وأنا أتأمل هؤلاء المغيبين وكأنني غبت عن الواقع وعنها لبرهة من الزمان
ولكنها أيقظتني بصرخة الم وجوع فانتبهت لوجودها ولتوسلات عيناها الخائفتان
ولبضعة لقيمات تسد بها رمقها هي متأملتان
فأيقظني موائها
نعم أنها قطة , كائن حي ومع الإنسان هي سيان
هي ليست مُجرّد قطّة كما يقولون عنها ولكنها روح تتعذب وتتألم بلا ذنب ارتكبته, تعاني من الحر والبرد والجوع والألم والخوف إضافة لغدر الإنسان عندما يرغب في الانتقام من مخلوق لا حول له ولا قوة حيث لا يجد غير هذا الحيوان يُمارس عليه ساديته لمجرد انه لا يستطيع الدفاع عن نفسه ليسليها ويرفّه عن مكنوناتها .
انتبهت لوجودها ولتوسلات عيونها المتأملة لكنني لم أجد منفذ لأرمي لها بتلك اللقيمات التي كانت تُمثّل لها كل أحلامها وحياتها التي تشبه اليوم حياة الكثيرين من الناس بعد أن اقتصرت على غرائزها .
رمقتها بنظرة متأملة ومتألمة لروحها ولأرواح الكثير من الحيوانات وتساءلت عن أسباب هذا العذاب الذي يتكبدوه دون أي معنى ولا مغزى يُذكر سوى عشوائية الطبيعة وعبثها لا أكثر من ذلك .
فكيف نقضي على الفقر والعهر والظلم ونخفف الأمراض ونقلل من الشقاء ؟ كيف نستغل الذكاء ونقهر العبودية ونتذوق طعم الحرية ؟؟



#فؤاده_العراقيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعديل أم تخريب لقانون الاحوال الشخصية العراقي
- الخروج عن المالوف
- صيادلة أم مافيات دواء ,أطباء أم قصاصي رؤوس
- ما بين التحريم والتحليل
- لا غايات تُبرر بوسائل مغلوطة
- هل هي روح صديقتي أم هي الذكرى ؟
- للذين صفّقوا وهلهلوا للانتصارات أقول لهم
- قانون تعدد الزوجات ومحاولة العودة لسوق النخاسة والسمسرة بالن ...
- اليوم يوم للمرأة ودلال .. وغدا سيكون قهرها حلال
- ملخّص لرحلة حياة انسان عربي
- أنا لا اصلي صلاتكم
- حوار مع أحد المغيبين
- جرائم ترتكب بالخفية بحق الغالبية وأخص منهم النساء
- لا بدّ من زوجة أخرى
- جرائم تُرتكب بحق النساء
- ذات اصيل موحش
- كعادتنا كل عيد اضحى
- حكاية امرأة من بين ملايين النساء
- حوار مع احدى المحجبات عن الحجاب وأسبابه ونتائجه
- لحظات ما قبل الاحتضار


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فؤاده العراقيه - تأملات في مفاهيمنا المعكوسة