كلكامش نبيل
الحوار المتمدن-العدد: 5712 - 2017 / 11 / 28 - 22:17
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
كنت اشعر بالممل ليلاً ولم أرغب في قراءة كتاب طويل. بحثتُ طويلاً في ملفات الكتب المخزونة لديّ واذا بي أجد هذا الكتاب الصادر ضمن سلسلة كتب منسية Forgotten Books بعنوان "الاسلام: أو دين الأتراك" الذي كتبه المبشر إلوود موريس ويري (1843-1927)، وهو مبشر أميركي من الكنيسة المشيخية البروتستانتية عمل في الهند في القرن التاسع عشر.
يبدأ الكتاب – الذي قرأته بالانكليزية ويقع في 73 صفحة – بالحديث عن التفكير في طريقة لفهم الاسلام بسبب ما تسبب فيه من آلام للأرمن في جنوب تركيا، ليتحدث عن قرى تم تدميرها وقتل لرجال ونساء واستعباد للفتيات وضمّهن للحريم، وهو يتساءل عن السبب الذي قد يجعل شخصاً ما متديناً وقاسياً في الوقت ذاته. يتحدث ويري عن السيف الذي استخدم لهزيمة العدو او تحويل الناس الى الدين الجديد وهو يعتقد بأن هذا الجانب وجد صدىً له في نفوس الكثير من شعوب الشرق لتحقيق غاياته. يرى الكاتب ان الاسلام يميل لاخضاع الشعوب الواقعة تحت سيطرته بالقوة وان من يرفض ذلك يتعرض للقتل ومصادرة املاكه ويتم سبي أولاد ونساءه عنوة. وهو يتحدث عن ذلك لفهم أن الاسلام إيمان ما يقرب من 200 مليون شخص – في وقت تأليف الكتاب – وانه المنافس الأكبر للمسيحية. فنقرأ، "الاسلام قوة عظيمة يجب اخذها بنظر الاعتبار عند دراسة الوضع السياسي في الشرق". والسبب الثاني للكتاب هو اعتقاده بجهل المبشرين بهذا الدين وان فهمه ضروري لنجاح مهمتهم في الشرق.
في البداية يقول بأن الاسلام – حسب اعتقاد المسلمين - دين كل الانبياء وكل شيء بما في ذلك الجن والملائكة، وان معناه هو الخضوع او الاستسلام أو كما يراه المؤمن به وضع "عنقه تحت نير الرب". ولذلك يرى ان من التفكير في امكانية الاسلام والمسيحية الاشتراك في حرب واحدة ضد "الوثنية" معاً مجرد حلم ساذج بسبب تأكيد كل منهما على انه الحق الوحيد.
يتحدث ويري عن اركان الاسلام في البداية، وهي اربعة: القرآن والحديث والاجماع والقياس. فنقرأ عن القرآن بأنه "مكتوب على اللوح المحفوظ الاصلي" وأنه موضوع تحت عرش الرب وقد قام جبرائيل باستنساخه من هناك وانزاله. يذكر الكاتب قصة "اقرأ" بكثير من التفصيل وكيف ذهبت خديجة برفقة محمد الى ورقة بن نوفل – العالم بالمخطوطات اليهودية – ليخبره بأن ذلك هو ناموس موسى. يقول ويري ان القرآن مرّ بمراحل وانه شهد مغازلة لليهود ومدح لقديسي العهد القديم والصلاة الى اورشليم في الفترة المدنية، لكن ذلك تغير بعد ان رفض بني اسرائيل خطابه وتم التخلي عن اورشليم والتوجه للصلاة الى مكة. وفي الفترة اللاحقة كان هناك كلام طيب عن المسيحيين ومعجزات المسيح وتم فرض الصلاة والصيام أيضاً. لكن اغلب احداث القرآن مرتبطة بما حصل في حياة النبي. حيث يذكر بأن الغاء التبني اقترن برغبة النبي في الزواج من زوجة ابنه بالتبني وانه رفض ذلك في البداية قبل أن يؤكد القرآن فيما بعد الغاء التبني. ويقول بأن الكثير من عادات العرب قد تم الغاؤها بما في ذلك الاشهر الحرم. ونقرأ بأنه كان يتم "تعليق السيوف في الاشهر الحرم وقد يلتقي القاتل وابن المقتول بسلام" لكن بعض المسلمين هاجموا قافلة في هذه الاشهر ونهبوها. يقول ان الامر احدث ضجة في المجتمع قبل ان يتم اطلاق الاسرى – لكن الغنائم لم تتم اعادتها. نقرأ عن ذلك ما ترجمته كما يلي، "هذه هي طبيعة التجليات في هذا الكتاب، حيث تكون العلاقة وطيدة بين المسألة وتجليات القرآن وبين حياة وخبرة محمد لدرجة أن المعرفة بالأخيرة ضرورية لأي فهم ذكي للأولى."
عن جمع القرآن، نقرأ بأنه كان مكتوباً على سعف نخيل واحجار بيضاء، وانه قد تم حذف المتكرر منه وجمع ما كان يحفظه الحفظة، واجريت بعض التعديلات في عهد عثمان بن عفان. مع ذلك، لم يتم ترتيبه زمنياً بل بحسب طول النصوص. ويقول بأنه جذاب اللغة وله ما يشابه وقع أغنية مسحورة وان الايقاع اللغوي يجعل السامع لا يفهم ما يسمعه وينبهر باللغة، لكنه يقول بأن فيه الكثير من الحق بخصوص وحدة الإله والاعتماد عليه في الخلاص. يقول الكاتب بان القرآن لا يقرأ الا من قبل "النقي" فقط. يتكلم ايضا عن قاعدة النسخ التي تقتضي حذف كل نص قديم اذا ما كان هناك جديد يتعارض معه وان ذلك ادى لالغاء كل قديم بما في ذلك القول بنسخ الكتب الدينية السابقة للقرآن. ويذكر نصاً يتعلق باحراق مكتبة الاسكندرية لهذا السبب المتعلق بعدم الاهتمام بتراث الأقدمين، نقرأ:
The story is told of the Caliph Omar that,when asked what should be done with the celebrated Alexandrian Library, he replied: * If the books therein agree with the Quran they are not needed : if they are contrary to it they should be destroyed." This story illustrates the ordinary estimate of the Moslem for the Christian --script--ures.
عن الاحاديث، نقرأ بأنها جمعت بعد 200-300 سنة من وفاة النبي وهي تتضمن أشياء قالها، أو أمور فعلها في حضرة تلاميذه، أو امور قام بها التلامذة ولم يعترض عليها، أو تلك الأمور التي اعترض عليها. ويقول بأن التدقيق يركز على مقدار الثقة في الرواة وليس في الحدث نفسه. يقول ان الاحاديث تتضمن كل شيء تقريباً بما في ذلك نوع الخشب الذي تصنع منه فرشاة الاسنان. بعد ذلك يعرج ببطء على الاجماع – اي الاتفاق على تفسيرات معينة – ومن ثم القياس والذي يراه أول استخداماً للمنطق لكنه محدود مع ذلك ومقيد بفهم العلماء قبل قرون وليس مفتوحاً. ونقرأ عن ذلك:
Dogmatism in the worst sense of that term has obtained almost absolute supremacy over Moslem minds. A hierarchy of the Uluma´-or-learned doctors holds sway with a power rarely ever held by Pope´-or-college of cardinals in the Romish Church.
ويضيف بأن كل هذه السلطة تعرض كل من يعارض تلك التفسيرات للعقوبة والاتهامات وهو ما جعل كل شيء متحجر وغير مرن ولم يترك أي مجال للتطوير. نقرأ:
Clothed with all the authority of the temporal power this hierarchy is able to mete out the severest penalties upon any and all who should dare to call in question their conclusions in regard to any matter of doctrine´-or-practice. When the bastinado and the filthy dungeon fail to correct the contumacious, the bowstring and the axe avail.
يرى الكاتب ان ذلك يجعل من الصعوبة تغيير العلاقات بين الشرق والغرب، لان البعض لا يدرك ان هناك أمور لا يمكن تغييرها، وهو بالتالي لم يتوقع مجيء يوم يتم في الغاء تعدد الزوجات وتجارة الرق وغيرها من ممارسات. نقرأ،
They seem to be looking for a kind of Moslem millennium, when the dignity of womanhood will be acknowledged, when polygamy will be abolished, when the slaves will be set free and the accursed traffic in human flesh be ended, when reason and conscience shall be untrammeled and when Moslem and Christian shall kneel in loving embrace at the Mercy Seat. Such dreamers understand little of the religion of the Moslem.
ويعود ليؤكد بأن ذلك "لن يتحقق الا بمنع العبودية ومنع الاتراك والعرب من ملء حريمهم بالنساء".
عن الايمان، يعطي الكاتب نبذة عن فكرة الاله في الاسلام ورفضه لفكرتي التجسيد والثالوث وغيرها. ويرى بأن يضم جانب القوة المطلقة – اي انه ليس اله حكمة او محبة – بل اله قوة. ويؤكد أنه ليس هناك حرية للافراد وفق ذلك المنظور، وانه بثابة لاعب للعبة شطرنج وأنه يلعب بالعالم بدون اي اهتمام بالتضحية بقطع الشطرنج. على الصعيد الآخر هناك اله رحمة لكنها لا تشكل عنصراً اساسياً في المفهوم الديني. وان الايمان في الغالب نابع من "الخوف لا المحبة". بالنسبة للكتب الدينية الأخرى، يقول بأن المسلم يؤمن فقط بأنها وجدت يوما ما، لكنه لا يؤمن بما هو موجود منها اليوم. ويذكر ان المسلمين يؤمنون بوجود 144 الف نبي، لكنهم لا يعرفون سوى 28 نبي فقط بأسماءهم، وان الكل معصوم لكنهم ارتكبوا اخطاءً فيما عدا المسيح.
عن القيامة في المفهوم الاسلامي، نقرأ عن ظهور وحش بصفات غريبة تجمع بين عناصر حيوانات كثيرة مثل: الفيل والنعامة والايائل والاسد والنمر والقطة والكبش والجمل وغيرها - ى يظهر في مكة وله صوت بغل. ونقرأ عن الأعور الدجال وظهوره في سوريا مع 70 ألف يهودي وهو يمتطي بغلاً أبيض!. نقرأ عن تصويرات لعبور سلك رفيع واشخاص يبعثون على أشكال قرود وخنازير وأناس بألسنة طويلة ممدودة، فيما يمتطي المؤمنون جمال بيضاء مجنحة. نقرأ أيضاً عن الحور العين التي يقول بأنها القوة التي دفعت السراسنة ودراويش السودان والغازيين في افغانستان للحرب باستقتال، وان الحرب ميزة بالنسبة لهم لدخول الجنة.
بالنسبة للطقوس، يبدي ويري اعجابه بالصلاة التي يهتمون بادائها في أي مكان وأي زمان وأياً كان الوضع المحيط بهم. وعن الزكاة يقول بأنهم كرماء وعطوفين على الفقراء ومضيافين للرحالة والغرباء، حيث نقرأ:
To their credit it must be said they are generous and kind to the poor and hospitable to travelers and strangers. During the late war between the Turks and the Russians the Mohammedans of India contributed large sums for the relief of the sick and wounded among their coreligionists
وعن الحج، يقول أنه يضم كل الطقوس القديمة بما في ذلك تقبيل الحجر الاسود ويذكر نص لعمر بن الخطاب يعبر فيه عن عدم رغبته في تقبيله. ومن ثم ينتقل للجهاد، الفقرة الأكثر اثارة للجدل، والتي يرى بأنها كانت السبب في قتل الكثيرين عبر التاريخ والمبرر لمهاجمة أي أمة واستعبادها، حيث نقرأ:
It is under shelter of this doctrine that Mohammedans have always felt themselves at liberty to assault any nation´-or-tribe of unbelievers. It is under shelter of this principle that Arab slave-hunters practice their bloody work in Central Africa and Turks ruthlessly slaughter Christians in Armenia.
نقرأ عن ما تعرضت له النساء في جنوب تركيا، والاخبار التي ترد للغرب، وكيف أنه لم يحتج عليها احد في العالم الاسلامي. نقرأ:
Especially in Talu, Severek, Malatia, Arabkir and Choonkoosh many women and girls were taken to the soldiers barracks and dishonored. Many, to escape such dishonor, threw themselves into the Euphrates, and some committed suicide in other ways.
يتكلم عن الذين يسوغون التبريرات، وهو شيء غريب ان نقرأ عنه منذ قرن من الزمان، وكأن التاريخ يكرّر نفسه. نقرأ:
This has ever been the favorite missionary agency of Islam. When certain apologists for Islam institute a comparison between the relative success of Moslem and Christian missions they ought in all fairness to compare and then care- fully catalogue the means used by these missionaries and the moral results of their work.
بعد ذلك، يتحدث ويري عن وجود 150 طائفة في الاسلام، ويعطي نبذة عن العلويين، ومن ثم الصراع السني الشيعي ويقول بأن الحرب بين تركيا وفارس جزء من ذلك النزاع التاريخي. ويتحدث عن ظهور طائفة وهابية جديدة في الهند والجزيرة العربية وأن لها تأثير مخيف لكنها تعرضت للهزيمة على يد محمد علي، حاكم مصر. يعطينا الكاتب نبذة عن المعتزلة – الليبراليين العقلانيين – ويتطرق للحديث عن الصوفيين.
يركز الكاتب على أن الشعوب المسلمة في الغالب لا يمكن أن توالي حكومة غير مسلمة، وهو يذكر ذلك مع خضوع مصر والهند للسطيرة الغربية وغيرها من أجزاء العالم الاسلامي. يذكر ويري وجود أمور أخلاقية جيدة في الاسلام، مثل منع اكل لحوم البشر وقتل الاطفال وتعليمهم الى حد ما ومحاربة المشروبات والسرقة والقتل وغيرها. لكنه يذكر أموراً أخرى سيئة منها تعدد الزوجات والطلاق ووجود الإماء وتجارة الرق والحروب المقدسة.
في النهاية، الكتاب قصير ودسم، وقد أنهيته في ليلة واحدة. أتمنى ان يكون هذا التلخيص مفيداً لكم.
#كلكامش_نبيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟