فهد العراقي
الحوار المتمدن-العدد: 1471 - 2006 / 2 / 24 - 10:58
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
إستيقظ العراقيون صباح يوم الأربعاء الموافق 22/2/2006 على خبر نزل عليهم كالصاعقة وأقصد هنا العراقيون الأشراف والمثقفين وهم الآن قلائل !! .
الخبر هو تفجير ضريح الأمام علي الهادي عليه السلام فقد قام مجموعة من المأجورين ممن باعوا حتى شرفهم في سبيل بعض الدولارات ولا يعرف أحد من العراقيين أصلهم ولا أشكالهم بزرع عبوات تفجيرية وسط الضريح ونسفه مما أدى الى حدوث أضرار جسيمة فيه وفي بناءه والضرر الأكبر الذي سببته تلك العبوات هو الدمار الذي حصل داخل نفوس العراقيين وأقصد بهم الشيعة بالتحديد .
فقد أجبر هذا العمل الدنيء على خروج الآلآف من الشيعة في تظاهرات وهم يهتفون بهتافات مخيفة تبين مدى الرغبة بالإنتقام والإقتصاص من سنة العراق , وهو أمر واقع وحقيقي فقد قام هؤلاء ( المتظاهرون ) بحرق أكثر من جامع للسنة وليس هذا فقط بل وحتى نهبها !!! , بحجة دفاعهم عن ( مقدساتهم ) التي يقومون هم بسرقتها كما فعل جيش المهدي في النجف ومازال من سرقة للمقتنيات الأثرية والتاريخية النفيسة التي كانت موجودة في الصحن الحيدري الشريف وتهريبها الى أسيادهم في إيران !!! .
وهذه التظاهرات وعمليات السرقة والنهب لم تحصل بشكل عفوي ولكن مخطط ومدبر لها مسبقاً من قبل ( قادة ) الشيعة مثل الحكيم وإبنه والصدر والجعفري والجابري ومن لف لفهم وعلى رأسهم مشكلة الله العظمى السيستاني .
حيث قام هؤلاء بصب الزيت على النار ودفع الإتهامات كلها الى الطائفة السنية في حين إن الحكومة والوزارات والقوات الأمنية والجيش والمخابرات والشرطة والبرلمان والمليشيات وكل مفاصل الدولة والقسم الأكبر من عصابات الإغتيال والجريمة والخطف والإغتصاب بل وحتى الملائكة والرسل وكتبهم هي بيد الشيعة .
أنا هنا لا أدافع عن السنة لأن موقف ما يسمى بهيئة علماء المسلمين كما يطلق عليها والتي تعتبر من أبرز ممثلي السنة في العراق ( كما تراه فضائية الجزيرة ) كان ضعيفاً جداً وأنا على ثقة بأن من يتبعها ويؤمن بقراراتها وفتاواها من السنة هم اقل من 5% من الطائفة كلها , وكذلك الأمر بالنسبة لبقية الأحزاب السنية فلم نر إلا شجب وإستنكار كما يحصل في الدول العربية مع فلسطين .
ومما جعل صورة الإرهاب تلتصق بالطائفة السنية هي عدة عوامل مثل :-
- التشنج الموجود داخل نفوس أهل السنة من سيطرة الشيعة على الحكم لأنهم على قناعة ولا يمكن تغيير هذه القناعة أبداً بأن كل الشيعة تابعين لإيران , وإيران لها أطماع إستعمارية في العراق .
- تفشي ظاهرة المسلحين وإنعدام الأمن في المناطق السنية مثل الموصل والأنبار وديالى وسامراء وتكريت مما أدى بحديثي العهد بالسياسة وتحليلاتها من الشيعة بإتهام كل سني بتهمة الإرهاب والإخلال بالنظام والأمن في البلد .
- مقارنة البعض من أهل السنة الزمن الحالي بزمن صدام من الناحية الأمنية والإستقرار مما يثير الشيعة ويستفزهم .
- معارضتهم الدائمة لكل ما يرد على ألسنة القادة السياسيين الشيعة مما جعلهم قطب معارضة واضح للحكومة التي يسيطر عليها الشيعة .
- إستخدامهم لفظة المقاومة كثيراً ووصفهم المسلحين الذين يقومون بالعمليات العسكرية أي كان نوعها بـ (المجاهدين) .
- أغلب فريق الدفاع عن صدام هم من السنة إذا لم يكونوا كلهم .
- الدعوة لجلاء القوات الأجنبية من العراق وهذا المطلب يطالب به القادة الشيعة ولكن بشكل خجول .
- إنزعاجهم من جهتين رئيسيتين موجودتين في العراق وتسيطران على أغلب الأجهزة الأمنية والعسكرية ومراكز صنع وتنفيذ القرار وهما ( فيلق بدر ) و ( حزب الدعوة الإسلامية ) الذين يتهمهم السنة بالعمالة لإيران .
فلو حاول شخص معين من المطلعين على الوضع العراقي تفسير ما حصل يوم الأربعاء من فوضى ودمار وسرقة ونهب وشعارات هزيلة وحاقدة ومواقف حكومية ضعيفة ومتذبذبة لتوصل الى نتيجة واحدة و واضحة وهي إن شيعة العراق حاقدين على سنته والعكس صحيح وإذا ثبت هذا الشيء فإن العراق متجه نحو الهاوية وأقصد بها الحرب الأهلية التي إن بدأت ( لا سمح الله ) لن يستطيع إيقافها لا السيستاني ولا الضاري ولا الجعفري ولا علاوي ولا حتى الأمريكان أنفسهم و الذين هم من يمهد لها ويضع أسسها وأساساتها في العراق .
وفي الحقيقة نستطيع أن نقول إن الحرب الأهلية قد بدأت بوادرها منذ يوم الأربعاء من خلال إحراق مساجد السنة من قبل الميليشيات الشيعية في كل من محافظات بغداد والديوانية والبصرة وسامراء والمواجهات الدامية بين افراد ( الزعيم ) المراهق مقتدى الصدر وأتباعه الجهلة وبين أفراد وأعضاء الحزب الإسلامي السني المتهتك في المحافظات المذكورة أنفاً , وما يستدعي الإستنكار الفعلي هو ما جرى في الديوانية حيث قام بعض المرتزقة من جيش المهدي بالهجوم على بيوت للسنة في المحافظة بقصد ترحيلهم من هذه المناطق بأي وسيلة حتى لو تطلب الأمر إعدامهم وقد أدت هذه المحاولة إلى إندلاع مواجهات مسلحة بين السنة والشيعة في الديوانيةسقط فيها عدد من القتلى والجرحى من الطرفين .
ما الذي يحصل في هذا البلد ألم يشبع العراقيون من أنهار الدم التي كانت و مازالت تجري , ألم يتعضوا مما حصل في لبنان و نيجيريا و يوغسلافيا وغيرها من الدول التي أتت عليها وعلى أهلها الحروب الأهلية .
ألم يستيقظ العراقيون بعد من حلمهم بالقائد الضرورة الذي بدأت كل طائفة تمهد له , فالشيعة لديهم ( الصدر , الحكيم , السيستاني , الجعفري ) والسنة لديهم ( الضاري , مثنى الضاري , قادة ما يسمى بالمقاومة ) وهناك أيضاً ( من يحلم بعودة صدام المقبور ) , كل يبحث عن راعي له وكأنهم أغنام يجب أن تقاد وحسب .
متى يشعر العراقيون بأنهم من بني البشر وبأن لهم الحق في الإعتراض والتفكير والمجادلة والبناء والتطور والحياة بشكل عام كما يحياها بقية البشر الأسوياء .
متى سيتمكنون من الوصول إلى نقطة إتفاق فيما بينهم بواسطة الحوار لا بالشجار .
متى سيبنون حريتهم ويمارسون حقهم في الحياة الحرة الكريمة .
متى سيفهمون بأن التسامح هو أساس الدين وليست القبور وقببها أو الشيوخ وفتاواهم أو الجوامع والحسينيات .
متى يعلمون بأن هنالك آية قرآنية تبين وبوضوح حق الإنسان بالحياة على الأرض بسلام وأمان وبالقيمة السامية للروح البشرية وبالخطأ الفادح الذي يرتكبه من يغتال ويقتل ويشرد الأطفال ويرمل النساء ويزرع الحزن في قلوب الأحباب والأصدقاء بدون حق , هي :
( مَنْ قَتَلَ نَفساً بغيرِ نَفسٍ أو إفسادٍ في الأرضْ فَكأنَما قَتَلَ الناسَ جَميعَاً ) .
متى يستطيع العراقيون الإعتراف بمدى الفرق بينهم وبين باقي شعوب المنطقة والعالم من ناحية التعايش الإجتماعي والتطور الأخلاقي السليم ونكران الذات والعمل على دفع عجلة التقدم في البلاد .
متى يستطيع المرء أن يرى أطفاله في العراق يترعرعون في ظل الأمن والحياة الطبيعية والمستقرة وليس على أصوات الإنفجارات والمواجهات المسلحة والإغتيالات الدنيئة .
متى نسمع من ( القادة ) السياسيين والدينيين وأمراء الحرب العراقيين ( من الطائفتين ) كلمة تطمئن الإنسان العراقي بدل المراوغة والعناد والنفاق والتضليل وبدل التهديد والوعيد والمطالبة بأخذ الثأر من الطرف الآخر بالإغتيال والتفجير والتحقير والتشهير وبدل اللطم و التطبير وبدل الصراع و الإقتتال فيما بينهم على بقايا طعام موائد الأمريكان والدول المانحة .
وكما يقول الشاعر الراحل نزار قباني في إحدى قصائده التي يصف بها العرب :
يتقاتـلون على بقايـا تمـرةٍ فخناجرٌ مرفوعةٌ وحرابُ
قبلاتهم عربيةٌ من ذا رأى فيما رأى قبلاً لها أنيــابُ
#فهد_العراقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟