أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - قحطان المعموري - ما الذي يقصده ماركس بعبارة -الدين أفيون الشعب- ؟














المزيد.....

ما الذي يقصده ماركس بعبارة -الدين أفيون الشعب- ؟


قحطان المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 5707 - 2017 / 11 / 23 - 09:35
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


رونالد بوير

ترجمة : قحطان المعموري

أفيون الشعب ، ربما هي الفكرة الأولى التي تتبادر إلى الذهن عندما يتطرق أحدهم الى موضوعة "الماركسية والدين". على الفور، يقفز الى ذهننا ما نعرفه عن الأفيون: إنه ببساطة الدواء الذي يبلّد المشاعر ويخفف الألم، ويعطي شعوراً زائفاً من الرفاهية و يؤدي في نهاية المطاف إلى الموت المبكر. بكلمات أخرى ،هو مسكّن للألم ، لكنه لا يعالج مصدرالألم – إنه يشبه كثيراّ تعليق لينين من أنه ( الخمر الروحي) . لكن هل نحن ً نعرف حقاً ما الذي يعنيه الأفيون في نص ماركس؟ . إن مراعاة السياق التأريخي الذي استخدم فيه ماركس هذه الإستعارة يعطينا صورة مغايرة تماماً. في إنكلترا وخلال القرن الثامن عشر، كان يُنظر الى الأفيون كونه نعمة ونقمة على حدٍ سواء. كان بالنسبة للكثير من الفقراء دواء رخيصاً وفعالاً ، كما يجد فيه الشعراء والفنانون مصدراً لإلهامهم. أما اللوردات التجاريون للإمبراطورية البريطانية فقد كان يشكّل لهم الجزء الكبير من مصادر ثروتهم وسلطتهم. لكن مع كل ذلك ، كان يٌنظر إليه كمشكلة كبيرة ، لاسيما مع زيادة الإهتمام في نهاية القرن بالتركيزعلى خصائص الإدمان الموجودة فيه والنزعة للتعامل مع أعراضه وليس مع جوهر امراضه إضافة للآثار المدّمرة لسياسات الأفيون الإستعمارية ( خصوصاً في الصين).وبالتالي فإن الأفيون كان إستعارة متناقضة جداً في الإستخدام.

إن السياق النصي لهذه العبارة المعزولة من شأنه تعزيزهذا المعنى . في مقدمته الموجزة لكتابه "مساهمة في نقد فلسفة الحق عند هيغل " الذي نشرعام 1844، يكتب ماركس : ( المعاناة الدينية هي، واحدة من أشكال التعبيرعن المعاناة الحقيقية والإحتجاج ضد هذه المعاناة. الدين هو تنهيدة الإنسان المضطهد ، هو قلب العالم الذي لاقلب له ، هو روح الظروف التي لا روح لها ، إنه أفيون الشعب).

لقد جاءت العبارة الشهيرة - أفيون الشعب - في نهاية هذا النص، ولكي نفهمها فإننا نحتاج إلى الأخذ بنظرالإعتبارالجمل التي جاءت قبلها . يوضح ماركس بأن المعاناة الدينية قد تكون تعبيراً عن معاناة حقيقية ، وأن الدين ربما هو الحسرة والتنهيدة ، إنه القلب والروح لعالم لا قلب ولا روح له . لكنه أيضاً إحتجاج ضد تلك المعاناة . المعاناة الدينية هي تحدي للمعاناة الحقيقية، إنها توجه أسئلتها الدائمة ، لماذا نحن نعاني؟ . بكلمات أخرى ، لقد سمح ماركس هنا بدور إيجابي للدين بكونه إحتجاجاً . كيف يمكن للدين أن يكون إحتجاجاً ؟ لقد كان ماركس مدركاً من أن الأديان تحاول أن تقدم بديلاً أفضل لحياتنا الراهنة . إن هذا البديل يمكن أن يكون في السماء أو ربما في المستقبل. ولكن تخيُل البديل الأفضل لحياتنا الراهنة يشكل في ذات الوقت نقداً لهذه الحياة. إن الدين وبطريقته الخاصة ، يقول ، بأن هذه الحياة ليست بالجودة التي يمكن أن تكون عليها ، وبالتالي وفي حقيقة الأمر فإن هذه الحياة هي إحدى هذه المعاناة .

أخيرا، نحن بحاجة إلى الأخذ بنظر الاعتبار ممارسات ماركس نفسه، لأنه يستخدم أحيانا الأفيون للأغراض الطبية. لقد تناول ماركس الأفيون في التعامل مع مرض الكبد الذي كان يعاني منه ، ومشاكل الجلد (الدمامل)، اوجاع الاسنان والعين والأذن والسعال، وهلم جرا إضافة الى العديد من الأمراض التي جاءت نتيجة للإرهاق، وقلة النوم ، وبسبب النظام الغذائي السيئ، والإنقياد للتدخين وأكواب القهوة التي لا نهاية لها. دعونا نقدم مثالاً واحداً من أمثلة كثيرة. في عام 1857 ، كتبت جيني زوجة ماركس إلى انجلس بخصوص حالة واحدة من حالات وجع الأسنان التي مر بها ماركس:

(إن الصداع يلازم جارلي ـ كما يسميه أولاده ـ أينما يكون ، إضافة الى آلام في الأذن والعين و في الحنجرة ، والله يعلم بآلامه الاخرى .لاحبوب الأفيون ولا قطران الفحم فَعَلا شيئاً مفيداً له).

يبدو بأن إستخدام ماركس شخصياً للأفيون قد أثرفي استخدامه للإستعارة بوصفه للدين. إنه يساعد في إيقاف الألم ، وربما يساعد في التعافي حتى من المرض، لكن لا يمكن في نهاية المطاف إستخدامه في التعامل مع مشاكله ومعاناته الأعمق .إن ( الدين افيون الشعب ) لا تعني أبدا أن الدين هوالخداع والتضليل. بل يعني بأن الناس يتحولون إلى الدين للخروج من ألم الوجود، وعليه فإن واجبك ليس لإلقاء الدروس عليهم بل لتغييرمقدارالألم الذي يعانون منه.



#قحطان_المعموري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة إكتوبر والأممية - جون فوست
- مائة عام على ثورة إكتوبر ... هل من صلة بعالمنا اليوم؟ توم كر ...
- دور النساء في الثورة الروسية 1917 - ماري ديفيز
- هل أفرزت ثورات الربيع العربي قيادات نسوية فاعلة ؟؟ - بقلم: ن ...
- جورج أورويل حياة في رسائل
- نحوتأسيس قناة تلفزيونيه يساريه عراقيه
- ألا يستحق المثقفون العراقيون ( العرب) من الأكراد منحهم حقيبة ...
- إنتخبوا ( الطبيب الجوال ) .... إنه القول والفعل
- عندما تصادر المحاصصة الحزبية إرادة الأغلبيه
- قائمة ( مدنيون ) وأخواتها........قائمة التغيير والبناء
- هل يفلح مجلس النواب في الخروج من عنق زجاجة المحاصصه ؟؟؟
- هل من رؤيه عراقيه حقيقيه للأتفاقيه الأمريكيه العراقيه بعيداً ...
- صرخة بنت الرافدين المدويه...... لاتنسوا من نحن !!!
- التوافق المنقوص
- أيها ( الشيوعي ) الأخير ..... إنه ليس وقت الشماته
- عن التوسع العمودي في اليسار العراقي ....مرة أخرى
- قناة الجزيره .......واللعب على الحبال
- التوسع ( العمودي ) لليسار العراقي
- الحركه الطلابيه العراقيه....تأريخ حافل و نضالات مشهوده
- أسئلة الأستاذ رزكار عقراوي ..... هل تخص الحزب الشيوعي العراق ...


المزيد.....




- مساواة “السما?” (SMAG) و”السمي?” (SMIG) لا تزال حبراً على ور ...
- الدعارة [في معجم النسوية النقدي [*]
- نضال مستمر من أجل تحقيق التغيير المنشود
- مسيرة احتجاجية باتجاه منزل نتنياهو للمطالبة بوقف الحرب وعودة ...
- اعادة الاسلاميين الى جحورهم هو الرد على اغتيال الشيوعيين وال ...
- نصب تذكاري في كاراكاس تخليدا لانتصار الجيش الأحمر السوفييتي ...
- رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، يسائل ...
- إضراب عاملات وعمال شركة “سينماتيكس” (SINMATEX) للخياطة في بر ...
- -14 مليون بطل ووسام خالد-.. كيف كرّم السوفييت أبطالهم؟
- المزارعون في جنوب أفريقيا: بين أقصى اليسار الأفريقي وأقصى ال ...


المزيد.....

- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي
- نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم ... / بندر نوري
- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - قحطان المعموري - ما الذي يقصده ماركس بعبارة -الدين أفيون الشعب- ؟