لماذا يشعر المواطن السوري بالاشمئزاز من انتخابات مجلس الشعب؟

مروان رفيق صباغ

الحوار المتمدن-العدد: 413 - 2003 / 3 / 2 - 08:58
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

أخبار الشرق - 1 آذار 2003

سؤال يتبادر إلى الذهن عندما تلمح نظرات الاشمئزاز في عيون المواطنين السوريين وهم ينظرون إلى صور المرشحين لانتخابات مجلس الشعب المعلقة في كل مكان، وعندما تلمح نظرات الشماتة في لافتاتهم التي مزقتها الأمطار والرياح العاتية فلم تبق منها إلا أسمال مهترئة هنا وهناك .. لماذا الاشمئزاز ولماذا الشماتة؟!

إذا عدنا إلى الدور التشريعي السابع وقارنّا بينه وبين هذا الدور الثامن فسنجد الفارق مئوياً بين الدورين، والسبب ليس حماساً أو فتوراً فحسب، بل هو موقف شعبي عام من هذه المسرحية الممجوجة التي تصر النخبة الحاكمة على تكرارها، رغم فشل العرض السابق، وظهور بطل المسرحية الذي اعترض على "الإجراءات القانونية لتنصيب الرئيس" كممثل هزلي بعد أن دربه المخرج على أداء دور تراجيدي.

ففي الدور التشريعي السابق كانت وعود الاصلاح في أوجها وبرامج المرشحين (وخصوصاً رياض سيف وعارف دليلة) أشبه بإعلان لبداية مرحلة جديدة من العمل الديمقراطي في سورية، وكان السوريون يتداولون تلك البرامج بحماس قل نظيره لأنه كانوا يوقنون بأن الجمود الذي يسود حياتهم لا بد وأن يمضي إلى متحف التاريخ باعتباره فترة عصيبة لا بد من تجاوزها.

وفعلاً بدا الأمر وكأنه يسير باتجاه الوضع الطبيعي الأمثل مع قيام بعض أعضاء مجلس الشعب باداء دورهم في الرقابة على المؤسسات التنفيذية وكان الناس يتداولون هذه الأمور وكأن عهد "البسطار العسكري" قد ولى إلى الأبد، فظهرت المنتديات وعلت وتيرة الاحساس بالمواطنة، وكان بعض أعضاء مجلس الشعب الموقر في طليعة هذه المنتديات مشاركة وحضوراً.

ولكن .. لا داعي لإكمال القصة لأننا نعيش فصولها يوماً بيوم.

تم تكميم الأفواه وزج أعضاء مجلس الشعب الذين رفعوا أصواتهم منادين بالإصلاح في السجون، أما الآخرون من أعضاء المجلس الذين تضامنوا معهم فقد هُددوا في مصالحهم وأرزاقهم.

كل ذلك، ولم يغب عن البال مشهد تغيير الدستور في خمس دقائق وتفصيله على مقاس الرئيس الجديد. وكل ذلك أيضاً وإصرار القيادة السياسية في هذا البلد على إعادة ترشيح رئيس المجلس السابق الذي يذكر الناس بكل ما هو سيئ في تاريخ سورية منذ أكثر من ثلاثين عاماً.

وجوه المرشحين هي ذاها، ولافتاتهم هي ذاتها، وشعاراتهم هي هي. والنتيجة أيضاً ستكون هي هي .. فلماذا لا يشعر المواطنون بالاشمئزاز إذاً؟

__________

* باحث متعاون مع معهد الشرق العربي - لندن

 

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات