|
الاسلمة والمعرفة
بهاء الدين محمد الصالحى
الحوار المتمدن-العدد: 5705 - 2017 / 11 / 21 - 03:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الاسلمة والمعرفة سرت عدوى فى الفكر العربى وهى عدوى أسلمة العلوم بمعنى رد كل الاكتشافات العلمية الحديثة بناء على تأويل نص معين فى القرأن الكريم ، وقد جاء ذلك التوجه بناء على عدة محددات : 1-يعكس الامر نوع من عدم الثقة بالنفس وكذلك ضعف الايمان وكأن العلم سيهدم عرش الدين فى حين ان الله لم ينزل القرأن كتابا علميا تفصيليا ولكنه منهج فكر وتثبيت روحى للرسول ومن بعده اتباعه وكدليل علمى على صدق العقيدة وذلك من خلال بعض الاحكام العامة بما يشبه القوانين العلمية التى تحكم حركة الكون وبالتالى كان لزاما على المسلمين من خلال تعدد مستويات قراءة النص القرأنى أن يبحثوا هم عن تطبيق ذلك القانون العلمى بعنى ان النص القرأنى قد نزل بالكليات لتصبح نبراسا للعقل المسلم للعمل فى مسارب الحياة ، ولكن الواقع المتخلف للبحث العلمى فى عالم المسلمين الشرق وليس الغرب القائم على منهج علمى متحرر عقليا ، وكذلك تراجع المنتج العلمى فى العالم الاسلامى كانتاج معرفة وليس تطبيقات معرفة ، قد خلق نوع من الغيرة أو الشعور بالدونية تجاه ذلك المنتج العلمى الجارف القادم من الغرب والقادر على تثبيت مفردات جديدة متعلقة بالنظرة النفعية للحياة وبالتالى يحدث تطور يتباين فى واقع الناس مع ذلك التراث المعرفى النابع من جبال الفتوى المتراكمة والتى تعيد الحركة السلفية اجترارها واعادة ترتيبها مع وضوح لى الواقع لصالح النص والامر الذى تم ترسيخه هو احلال النص التفسيرى كبديل للنص المقدس وكاننا نسرق الحاضر لصالح الماضى . 2- الامر فى حقيقته يعد محاولة ساذجة لبث الطمأنينة لدى اتباع الفهم السلفى النصى والمسيطرون على خريطة الاعلام السياسى الاسلامى ، وذلك لان صلاحية النص التفسيرى وليس النص المقدس هو اساس اجتذاب اتباع جدد قادرين على بث التجديد فى صلب الحركة والتى تعد اساس عقدى لمملكة الثروة النفطية وبالتالى فأن الاساس الفكرى لدولة الثروة العربية الحديثة والقائمة على فكر عمره قرنان من الزمان محمى اجتماعيا من خلال ديموجرافية أل الشيخ وكذلك كم الهجوم المطبعى لفتاوى ابن تيمية الذى كان رائدا فى عصره ولكن الاتباع الحاليون فعلوا به كما فعل قوم نوح بيعوق ونسرا ، وذلك فى مواجهة جماعة مجتمعية احتكت بالغرب من خلال البعثات التعليمية وحدوث نوع من التطوير للمرجعية الفكرية او تطعيمها بمناهج بحثية جديدة كعين اضافية تهدد الرسوخ الاجتماعى للقائمين على امر الفتوى فى بطريركية السلفية النصية . 3- يعكس الامر خلل فى الاولويات فالقرأن كنص محفوظ واحد بعيد عن النص التفسير المتوارث والقائم على نظرة عجيبة من خلال استعباد معرفى لجيل دون أخر من خلال المقولة الفكرية ( خير القرون قرنى ------) وماترتب على هذا الفهم المعرفى من قداسة للنص التفسيرى القريب العهد بنزول الوحى والسماع والرؤية لسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وسيادته قائمة على مجموعة المناهج والاداءات المعرفية التى ارساها سلوكا ونقلها لنا الناقلون على قدر وعيهم المعرفى المرتبط بحياة الصحراء وبالتالى يحدث تطور بعد تدخل امم اعتنقت الاسلام ولها تراث حضارى افاد فى تطوير النص التفسيرى للقرأن الكريم ولكن سرعان ماأنطبع القهر السياسى للأمويين على واحدية النص التفسيرى ومن هنا فأن شبهة المخالفة تؤدى الى ظهور مصطلحات جديدة مثل التزندق والشعوبية وهى مصطلحات نحتاج للبحث حول الملابسات التاريخية التى جسمتها كمعطى فكرى . 4- الازدواجية التى ادت الى ظهور فهم مشوه للاسلام لان النص التفسيرى هو نوع من الاجتهاد الاجتماعى لفئة متمايزة وهو معبر اصلى عن المحددات العقلية التى تربى عليها المفسرون ولذلك تجد تفسيرات الاوائل اكثر رحابة وسعة للعقول من تفسيرات متأخرى الحنابلة المجسمون . ومن هنا فأن فهم البداية الهامة للوحى من خلال كلمة أقرأ وبالتالى فأن القراءة هنا هى فعل المعرفة الاساسى ، ولأن منتج المعرفة الاساسى يتم من خلال رأس المال الفكرى وهو القرأن الكريم وصحيح الحديث رواية ومتنا وفق نص القرأن والاخذ بتحفظ من تفسيرات المجتهدون لمحاولة الفهم والتى جاءت بناء على معضلات حياتية لاتتشابه فى تفصيلاتها ولا شروط انتاجها الاجتماعى مع الواقع المعاش هو الادق حتى لايؤدى الخوف المرضى على الاسلام من التطور العلمى الى حالات احتقان اجتماعى وحالات تبادل تكفير وكأنها رياضة لسانية نلوكها كما نلوك العلكة ونلقيها ، وهو امر ينتج على الخلط بين النص المطلق والتجريبى النسبى ممثلا فى العلم ، وكذلك الهروب من ضرورة تعدد مستويات القراءة كنوع من التمهيد المعرفى لتعدد مستويات الحكم على الاشياء كمقدمة للديمقراطية المبتغاة وأرساء منظور معرفى يساعد على قراءة جيدة للمستقبل . وسيبقى النص معجز لاحتفاظه بروح الخالق الحافظ له والذى يتجاوز بذاته ادراكات خلقه .
#بهاء_الدين_محمد_الصالحى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نسويق الافكار
-
قانون الاحتياج
-
رب ضارة نافعه
-
لغة الدين
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال
...
-
الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت
...
-
تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ
...
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|