أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - -الألِفُ- الزائدة … عند فرسانِ الرحمة














المزيد.....


-الألِفُ- الزائدة … عند فرسانِ الرحمة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5704 - 2017 / 11 / 20 - 16:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عنوانُ المقال قد يثيرُ سؤالًا في ذهن القارى. لماذا لم استخدم تراكيب لغوية شهيرة مثل: (ملائكة الرحمة - رُسُل الرحمة)؟ والإجابة: ليس فقط لأنني لا أحب استخدام الكليشيهات الشهيرة الُمستهلَكة. بل لأن كلمتي: ملائكة، رُسل، لا تخدمان فكرةَ المقال. فـ"الملائكية" تحمل معنى "الفرض" لا الاختيار. الملائكةُ مجبولون على الخير، كما أخبرنا الموروث. فليس لهم حريةُ "اختيار": الخير أو الشر، الرحمة أو القسوة، مثلما نحن البشر. هم جنوُد السماء يسمعون فيطيعون. كذلك "الرسولية" تحملُ معنى "التكليف"، لا الاختيار. تعلمنا من الموروث أن لا رسولَ قد اختار أن يكون رسولاً. إنما اصطفته السماءُ من بين بني الإنسان، لكي يقدّم الرسالة التي "كُلِّف" بحملها، فالتزم بها.
"الفرض" و"التكليف" يحملان معنى: "الجبر" و"والإلزام"، وليس هذا طرح مقالي. اخترتُ "فرسان"، لأنها الأنسب. فالفروسية "قرارٌ" و"اختيار" من موقع القوة. يختارُ المرءُ أن يكون فارسًا، فلا يصنع الجمال من باب "الفرض"، أو "التكليف"، بل بمنطق الاختيار: "وهديناه النجدين"، والاختيارُ قوةٌ. تُضاف إليها قوى أخرى مثل الحكمة والبسالة والشهامة، وغيرها من صفات “الفارس".
بعد هذه الاستهلالة، أبدأ المقال.
إنه حرفُ "الألف" الزائد في خطاب الفرسان. ولهذا قصة. في جروب يجمعنا، نحن بعض مثقفي مصر من فنانين وأدباء وأطباء وموسيقيين وسياسيين، نجتمع دوريًّا في مكان ما. بعضنا يعتذر عن اللقاء لدواعي السفر، أو للمرض، أو غيرها من أعذار. لكن الطبيب "هشام الخياط"، كتب عذرًا عجيبًا ظللتُ أتأمل حروفَه طويلا. كتب يقول: “أعتذر عن حضور اللقاء لظروف مرضاى. وإن شاء الله أكون معكم في اللقاءات القادمة.”
ما هذا؟! لم يقل الطبيبُ: "لظروف مرضي"، بل لظروف "مرضاي"! عذرٌ يخصُّ "الآخر"! وحين نغيب لظرف "امتحانات أولادنا، أو مرضهم"، لا يكون أطفالُنا: "آخرَ"، بل هم جزءٌ منّا، وبالتالي فهو ظرفُنا نحن. لكن "مرضَى" الطبيب “آخر” بالنسبة له. قد يتغيب عنهم إن كانت حالتهم مستقرة، ولكن في الحالات الحرجة، ينسى الطبيبُ أصدقاءه ويغيب عنهم من أجل “الآخر المريض”.
أعجبني العُذرُ. فكتبتُ في الجروب ردًّا على عذره: نحن يا دكتور هشام نقول: “أعتذرُ عن الحضور لظروف (مرضي). وأنتم فرسان الرحمة تقولون: لظروف (مرضاي). في تلك (الألف) النحيلة: الزائدة في عذركم والناقصة في عذرنا، يكمن الفارقُ بين الَأثَرَة والإيثار. طوبى لكم.” الأثرة: حب الذات. والإيثار: حب الآخر.
الطبيبُ الذي يعالجُ مرضاه من منطق الإلتزام أو الواجب، يختلفُ عن الطبيب الذي يعالج مرضاه من منطلق الحبّ والرحمة وكراهة أن يتألم إنسانٌ. الأول طبيبٌ والثاني هو "الفارس".
بشكلٍ شخصيّ أنا مَدينةٌ للفارس "هشام الخياط"، أستاذ الكبد الشهير، ونجل الكاتب الشهير "رأفت الخياط"، لأنه اكتشف مرضي، وكذلك ومرض أمي الروحية "آنجيل غطاس"، فورًا، بعدما حار الأطباءُ شهورًا في تشخيص حالتها. وأشعر بالفخر حين أراه يحاضر في كُبريات مؤتمرات العالم حول كشوفه الطبيبة الجديدة حاملاً اسم مصر. فضلا عن كونه مثقفًا رفيعًا ومتذوقًا للأدب والموسيقى والتشكيل والنحت. وفي ذات السياق أقرُّ بأنني مدينةٌ لفرسان رحمة آخرين، مثل د. عادل عدوي أستاذ جراحة العظام ووزير الصحة السابق، ود. علي حجازي، وغيرهم ممن يمارسون الطبَّ من باب الإنسانية والإيثار، وليس من باب الوظيفة والأثرة. وتمتدُّ القائمةُ النبيلة حتى تصلَ إلى كلّ طبيبٍ عالجني منذ طفولتي وحتى اليوم. بل أنا مَدينةٌ للطبيب الذي أخرجني للحياة من رَحِم أمي. وهو بالمناسبة طبيب يهودي مصري اسمه "ليون ليشع”. وسأترك لخيالكم أن يرسم صورةً لأبي المتصوّف حافظ القرآن المستنير، الذي ذهب بزوجته الجميلة إلى طبيب "يهودي" لتلد على يديه. علمني أبي أن أحب كلَّ إنسان فوق الأرض دون أن أنظر إلى عقيدته؛ مادام الإنسانُ (طيبًا). والطِيبةُ، من الطِّيْبِ والشذا، تعني: الرحمة والتسامح والعدل والتحضر. وماذا أفعل مع الأشرار يا أبي؟ هذا في مقال قادم.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -المنيا- مهانةُ مصرَ … والسبب -قُبلة يهوذا-!
- عُبّادُ الوثن … عشّاقُ التماثيل
- عيد ميلاد البابا تواضروس
- خالد جلال يرفع مرآة ميدوزا في وجوهنا
- هل تذكرون الدكتور محمود عزب؟
- الفنون والسجون
- صناديقُ عمّ محفوظ
- جيشُنا العظيم أحبطَ حرقَ مصر
- صراعُ الخير والشر … عند أجدادنا
- سميرة أحمد ... خيوطٌ في حب مصر
- هل المسيحيُّ في ذمّتي؟!
- دمُ القسّ في رقبة هذا الرجل
- إني لأعجبُ كيف يمكنُ أن يخونَ الخائنون!
- عصفورٌ بلا حقيبة
- كيف ينجح الناجحون؟
- أنا اليومَ مشغولةٌ بلحظة فرحٍ لعيون الحجازية
- الزمن النظيف فوق الشجرة
- المنيا ... على مسافة السكة … شكرًا يا ريّس!
- نصير شمّة…. تِهْ موسيقى
- مثلثُ التفوق والإنسانية


المزيد.....




- الملكة رانيا والشيخة موزة وإمام الأزهر يشاركون بقمة حول الطف ...
- البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا ...
- هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
- قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
- الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
- عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل ...
- الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد ...
- قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل ...
- قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - -الألِفُ- الزائدة … عند فرسانِ الرحمة