انطلاق الرحبي
الحوار المتمدن-العدد: 1470 - 2006 / 2 / 23 - 11:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وماالحياة الدنيا إلا متاع الغرور
ياقوم انما هذه الحياة الدنيا متاع
اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد.
يبين الله لكم الايات لعلكم تتفكرون. في الدنيا والآخرة
لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي اللآخرة
وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان
ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن
ومن كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة
وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون
أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة
بل تؤثرون الحياة الدنيا. والآخرة خير وأبقى
أقرأ في قانون الزوجية العام الذي طرحه القرآن كأساس للخلق
(= الوجود المادي) واقف عند مفهوم الحياة في وجودها المادي
في وحدة الضدين : الدنيا والآخرة وتميزهما في الواقع الإجتماعي للإنسان. فأبدأ كما عملت في السابق بقراءة المفردات ودلالاتها اللغوية والمعرفية:-
حيي الحاء والياء والحرف المعتل أصلان: أحدهما خلاف الموت, والآخر الاستحياء الذي (هو) ضد الوقاحة.
فأما الأول فالحياة والحيوان, وهو ضد الموت والموتان, ويسمى المطر
حياً لأن به حياة الأرض. وتقول: أتيتُ الأرض فأحييتُها, إذا وجدتها حَيَّةَ النّبات غَضَّة.
دني الدال والنون والحرف المعتل أصل واحد يُقاس بعضه على بعض
, وهو المقاربة. ومن ذلك الدّنيُّ, وهو القريب, ومن دنا يدنو, وسميت
الدُّنيا لدنوّها, والنسبة إليها دُنياويّ, والدَّنيُّ من الرجال: الضعيف الدُّونُ
وهو من ذاك لأنّه قريب المأخذ والمنزلة. ودانيت بين الأمرين: قاربتُ بينهما.
أخر الهمزة والخاء والراء أصل واحد إليه ترجع فروعه, وهو خلاف التقدُّم أخذناه عن الخليل, فإنه قال: الآخر نقيض المتقدّم, والأُخُر نقيض القُدُم, تقول مضى قُدُماً وتأخَّرأُخُراً. وقال: وآخرة الرحل وقادمته ومؤخَّرالرَّحل ومقدَّمه.
وابن دريد يقول: الآخر تالٍ للأوَّل, وهوقريب ممّا مضى ذكره.
ابن فارس في مقاييس اللغة.
هذا ماتقوله مدرسة إنكار الترادف في اللغة العربية حول معاني المفردات: الحياة , الدنيا , الآخرة , وكما رأينا في الحلقات السابقة بأن القرآن أعطى لمفردات العربية بعدا دلالياً ومعرفياً جديدين فلنقرأ في الدلالات المعرفية الجديدة للحياة والدنيا والآخرة .
القرآن أخبرنا بحقيقة وجودية وهو أن الحياة جعلت من الماء أي أصل
الحياة المادية على الأرض من الماء , كما تقرر بأن الجعل=الصيرورة.
(وجعلنا من الماء كل شيء حي).وهكذا يقول العلم الحديث : حيث يوجد
الماء توجد الحياة. هذا هو الوجود العام للحياة مقابل النقيض لها وهو الموت وهومانقرأه في الكثير من آيات القرآن حول علاقة نشوء الحياة على الأرض بعد موتها وإحياءها بالماء المنزل من السماء . وهو مايمثل القانون الطبيعي( المادي) , أما الحياة الإنسانية فتمثل القانون العام في تميزه إنسانياً لأن الإنسان وجود مادي أيضاً فهو لايخرج عن قانون الجعل ( الصيرورة). فهوإذن صيرورة في سيرورة من الماء وجد وحيد الخلية وضمن خط قانون النشوء والتطور(=الصيرورة والسيرورة )=( السنة والجعل) بلغة القرآن حتى صار إنساناً.
وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهرا.
وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين.
ماجعلنا لبشرٍ من قبلك الخلد أفإن مت فهم خالدون.
أما الأبدية فهي الدين الذي منحه الله للإنسان( نفخة الروح) بتعبير القرآن وهي هي المعرفة أي معرفة الله وهي هي معرفة القانون العام للخلق ومعرفة الإنسان لنفسه بعد ذلك. ليصل الى قانون التسخير (= التملك المادي والمعرفي لقوانين الطبيعة والمجتمع) . وعلى هذا فأن سير التطور يمضي نحو الكمال لاكما يدعي من أصبح عاطلاً عن الحياة منذ قرون خلت. بأن الإنسانية في ضياع وانحدار .إنه الوهم عدو الحقيقة المادية والمعرفية ( دون كيشوت) لقد تحولت هذه الأمة المصيبة الى( دون كيشوت) القرن الواحد والعشرين فحارت الإنسانية ماذا تصنع بها وكيف تنقذها من هذا المرض الخطير؟!.
وهذا ماأفهمه من قول المعلم الثاني علي عليه الصلاة والسلام : إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا. العمل هو الإنتاج المادي والمعرفي( بناء المجتمع) فليكن عملك بحجم الأبد أي له بقية في الآخرين ينتفعون به بعد موتك وهو هو ( العمل الصالح) بتعبير القرآن. فلا أدري من أين جاءت مقولة (ذم الدنيا= العاطل عن الحياة) والذي يتمسك بها أتباع محمد عليه الصلاة والسلام وهوالذي جاء بما يحيينا !!.
لأننا نبذنا الجزء الأول من قول علي وراء ظهورنا وتمسكنا بالجزء الأخير أن نعمل لنموت غدا أي أن نعمل للموت وصناعة الموت وتركنا حياة الأبد!!. فكيف نوفق بين الإثنين؟!. سؤال أتركه للعاطلين عن الحياة لعلهم يعقلون!.
فالحياة الدنيا التي ينبذها العاطلون عن الحياة هي متاع الآخرة أي أن البقية من عمل الحياة الدنيا في الآخرة هو المتاع . فما هو المتاع : متع الميم والتاء والعين أصل صحيح يدل على منفعة وامتداد مدة في خير.1. أي بقاء المنفعة والخير للأجيال القادمة وهو مايميز الاقوام في البناء المادي والمعرفي فالقوم الذين يخلفون المتاع يحبهم الله ورسوله ويحبون الله ورسوله فلننظر فيما أخلفنا للأجيال بعدنا لنعرف من أي الفريقين نحن(من الذين أنعمت عليهم أم المغضوب عليهم ).
يقولون أن الدنيا مزرعة الاخرة حسناً أين زرعكم؟ كل ماعندنا ليس منا, كل شيء على الإطلاق . عن أي مزرعة يتكلمون, ماذا تنتج ؟!.القتل, التهجير, السجون, العنصرية, الطائفية, الظلم بكل أشكاله!!!!!. ويدعون بأنهم ( خير أمة أخرجت للناس) ينسبون عمل غيرهم لأنفسهم, فبعداً للقوم العاطلين الظالمين.
وبعد الغرور: من غرو وهو يدل على الإعجاب والعَجَب لحُسْن الشيء. من ذلك الغريُّ, وهو الحَسَن.2 . إذن الحياة الدنيا هي متاع الغرور أي المنفعة المستمرة العطاء والخير والذي تعجب الناس لحسنها فهل هناك وصف للحياة الدنيا أجمل من هذا فأنى تؤفكون.
أُواصل القراءة في آيات القرآن الكريم وهو يؤسس لمفهوم الحياة بوحدة الزوجين الدنيا والآخرة والتي من خلال قانون السيرورة والصيرورة تتطور حياة الإنسان نحو الكمال. يدعو القرآن الى العلم بأن الحياة الدنيا تشمل مجمل النشاط الحيوي للإنسان على المستويين المادي والإجتماعي وهو ماتُعَّرِفُهُ لنا الآية ( إعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد). يطلب منا القرآن العلم أي أن نميز الحياة الدنيا بتمييز مكوناتها ( اللعب واللهو والزينة والتفاخر والتكاثر في الاموال والاولاد) وهو ماتقوم عليه حياة الناس على الارض وهو تعريف شامل للنشاط الاجتماعي للإنسان , فالناس في حياتهم اليومية مابين اللعب والذي يمثل الحركة إثناء العمل أو خارجه واللهو : أصلان صحيحان: أحدهما يدل على شغل عن شيء بشيء, والآخر على نبذ شيء من اليد. فالأول اللًّهو, وهو كل شيء شغلك عن شيء فقد ألهاك.3 . أي وقت العمل.والزينة : من زين أصل صحيح يدل على حُسن الشيء وتحسينه. 4 أي الإبداع في العمل من خلال جودة المنتوج وتحسينه باستمرارعلى مستوى الإنتاج المادي وجمال الشيء وتحسينه على مستوى الشكل والمضمون أي
كل جديد تنتجة الإنسانية. مما يؤدي الى زيادة في النمو السكاني والدخل العام للمجتمع زيادة الثروة( المال) وهو ماتفتخربه شعوب الأرض وبه يقاس مستوى تطور البنى الإجتماعية . وهنا نفهم أسباب تخلف الأقوام الذين نبذوا اللعب واللهو والزينة والتكاثر والتفاخر وأصبحوا عاطلين عن الحياة بكل ماتعنيه من مآسي وآلآم لأنه الموت (موت المجتمعات الإنسانية ) وهو ماوصفه القرآن في مكان آخر حين تحدث عن قوم فرعون وكيفية موت مجتمعهم وتوريث ما عندهم لقوم آخرين فقال: فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين. وهذا هو حال أتباع محمد (ص) اليوم فأورث الله ماعندهم لغيرهم ( فما بكت...الاية).
أما الآخرة فهي ماتؤول اليه الدنيا آخر الجهد والبذل والعطاء المستمر للناس اليوم وغد وبعد غد. أي للأجيال القادمة وتلك هي الحياة يحدها قانون السيرورة والصيرورة
( السنة والجعل) في تطور تصاعدي نحو الكمال الإنساني وهو الفوزبلقاء الله وهوهو قول القرآن العظيم ( ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه).( ولتنظر نفس ماقدمت لغد). فمآل الحياة الدنيا هي الآخرة التي تتلوها بعد توفر كل الشروط الحياتية في خط السيرورة والصيرورة الاجتماعيتين وهو هو مجتمع الحرية والعدالة الإجتماعية بأرقى أشكالها مجتمع السلم فادخلوا في السلم كافة هذا مايطرحه القرآن من حل لمشكلة الصراع بين قوى الحرية والعدالة وقوى الإستعباد والظلم . مجتمع الآخرة : مجتمع دوام الخير, مجتمع الأخوة الإنسانية, مجتمع الذين لايريدون علواً في الإرض, مجتمع قرار المتاع ودوامه, مجتمع البِشْر والبِشارة , مجتمع القول الثابت( البحث عن الحقيقة),
مجتمع العقل, مجتمع الأجر والخير الكثير, مجتمع الحياة. فهل نريد حرث الآخرة ؟.
1,2,3,4(مقاييس اللغة)
#انطلاق_الرحبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟