أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - منهج التحليل الثقافي رؤية نقدية -2















المزيد.....

منهج التحليل الثقافي رؤية نقدية -2


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 5701 - 2017 / 11 / 17 - 11:51
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



أشرنا في مقال سابق في عرض لكتاب د. محمد جلال هاشم عن: منهج التحليل الثقافي : رؤية نقدية، أنه يحاول أن يطرح منهج التحليل الثقافي بديلا للمنهج الماركسي ، وليس هناك مشكلة في ذلك ، ولكن ليس علي حساب تشويه المنهج الماركسي وعرضه بطريقة خاطئة، فضلا عن أنه ينكر وجود الطبقات والصراع الطبقي، ويقدم عرضا مشوها للمفهوم المادي للتاريخ باعتباره منهج قاصر عن دراسة الواقع؟.
هل المفهوم المادي للتاريخ قاصر عن دراسة الواقع؟.
أشار انجلز في مؤلفه "انتى دوهرينغ " (1877) الى أن الماركسية تحولت إلى علم باكتشاف المفهوم المادي للتاريخ ونظرية فائض القيمة التي كشفت سر الاستغلال الرأسمالي .
بهذين الاكتشافين تحولت الماركسية إلى علم ، بحيث يصبح الواجب تطويرها في كل الاتجاهات ، ولأن العلم لايعرف النهائية والاكتمال ، فان تجديد الماركسية عملية مستمرة ، وتنبع من منهجها الديالكتيكي الذي ينظر للظواهر في حركتها وتطورها وشمولها وتحولها وتغيرها الدائم ، وعليه فإن التجديد كامن في طبيعة ومنهج الماركسية النقدي والثوري .
كان اكتشاف ماركس للمفهوم المادي للتاريخ نقطة تحول مهمة في تطوير علم الاجتماع ودراسة التاريخ، فما هو المفهوم المادي للتاريخ؟.
انطلق ماركس في الفهم المادي للتاريخ من حقيقة بسيطة وهى الناس قبل أن يمارسوا السياسة والفن والدين عليهم أن يوفروا احتياجاتهم الأساسية من : مأكل ومشرب وملبس ومأوى ، ولكى يتم ذلك عليهم أن ينتجوا ، ولكى تتم عملية الإنتاج لابد من توفير وسائل الإنتاج والعمل البشرى، وأثناء عملية الانتاج تنشأ علاقات بين الناس تسمى علاقات الإنتاج تتعلق بالملكية والتوزيع ، حول البنية التحتية للمجتمع التى تتكون من قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج تنشأ بنية فوقية تتعلق بأفكار الناس السياسية والدينية والفلسفية والفنية . الخ . وحدة البنية التحتية والفوقية أطلق عليها ماركس التشكيلة الاجتماعية .
على أن العلاقة بين البنية التحتية والفوقية معقدة ومتشابكة وذات تأثير متبادل ، صحيح أن البنية التحتية لها تأثيرها على البنية الفوقية ، ولكن البنية الفوقية أيضا لها تاثيرها في البنية التحتية ، فالعلاقة ديالكتيكية بحيث يصبح من الصعب الحديث عن أدنى وأعلى وخاصة في مجتمعات ما قبل الرأسمالية .
هذا أيضا يقودنا الى العلاقة بين الوجود الاجتماعي والوعي الاجتماعي والتى ذات تأثير متبادل ، صحيح أن الوجود الاجتماعي يحدد الوعي الاجتماعي، ولكن الوعى الاجتماعي يؤثر في الوجود الاجتماعي ويعمل على إعادة تشكيله .
أشار انجلز في خطابه على قبر ماركس : أنه مثلما اكتشف دارون قانون تطور الأنواع بالانتخاب الطبيعي ، اكتشف ماركس قانون تطور المجتمع البشري ، فقبل ماركس كان علماء الاجتماع يرجعون تطور المجتمع البشري الى أفكار الناس ، ولكن ماركس انطلق من العكس ، من الإنتاج المادي وإعادة انتاج النوع البشري باعتبار ذلك القوى الحاسمة في تطور المجتمع البشري .
ومنذ اكتشاف ماركس حدثت تطورات كثيرة في علوم الاجتماع والآثار والتاريخ والأنثروبولوجيا وغيرها أثرت الفهم المادي للتاريخ ، مثلما حدثت تطورات في علم البيولوجيا أثرت وطورت نظرية دارون حتى اكتشاف الشفرة الوراثية في عصرنا الحالى . كما حدثت تطورات في علوم الفيزياء والفلك والجيولوجيا ، كان لها الأثر الكبير في تطور تلك العلوم و الفكر البشري . فما أن تظهر نظرية تفسر ظواهر معينة ، حتى تظهر ظواهر جديدة تحتاج لنظرية جديدة لتفسيرها وهكذا تطورت النظريات والعلوم .
في علم الاجتماع على سبيل المثال: كانت مساهمة عالم الاجتماع مورغان الذي درس المجتمعات البدائية للهنود الحمر بعد أن عاش وسطهم لمدة عشرين عاما ، استند انجلز على تلك الدراسة في مؤلفه : أصل الدولة والعائلة والملكية الخاصة (1884) ، والذي أشار فيه إلي أن الدولة هى نتاج تطور المجتمع في لحظة معينة بعد تفكك المشاعة البدائية وظهور الملكية الخاصة ، أو بعد ظهور المجتمعات الزراعية الرعوية ، كما أشار فيه إلى التقسيم الاجتماعي للعمل بين المرأة والرجل في المجتمعات البدائية حيث يذهب الرجال الى الصيد ويقوم النساء بالعمل المنزلى من نسيج وإعداد الطعام، وتربية الأطفال، والتقاط الثمار، وصيد الحيوانات الصغيرة غير المؤذية .
أشار أيضا الى المساواة بين المرأة والرجل في المجتمعات المشاعية البدائية ، وبتفكك المجتمع البدائي وظهور المجتمعات الطبقية بعد اكتشاف الزراعة والرعي ظهرت عدم المساواة بين الرجال والنساء ، وكان ذلك أول هزيمة لجنس النساء في المجتمع البشري .ومنذ دراسة انجلز تلك تطورت الدراسات التى تناولت قضية تحرير المرأة بمدارسها المختلفة .
وبعد مورغان تطورت دراسات الثقافات للمجتمعات البدائية ، مع الاختلاف النابع من ظروف كل مجتمع ، ولكن السمة العامة تؤكد صحة المفهوم المادي للتاريخ والذي كان هاديا ومرشدا لدراسات كثيرة حول النوع ، ودراسة العلاقات المتبادلة والمتشابكة بين الاقتصاد والدين والسياسة وانظمة القرابة التى تتداخل فيها العلاقة بين البنية التحتية والفوقية للمجتمع . وقد تناول الماركسي ارنست ماندل في مؤلفه ( النظرية الاقتصادية الماركسية ) أمثلة كثيرة من دراسات معاصرة في علوم الأثار والاجتماع والأنثروبولوجيا وثقافات المجتمعات البدائية ، أكدت صحة المفهوم المادي للتاريخ الذي اتخذه ماركس كمرشد له في دراساته وأبحاثه مثل: رأس المال .
كما أنه من الخطأ تعميم اللوحة الخماسية التي أشار اليها ماركس لنشأة وتطور الرأسمالية في أوربا ( تشكيلة بدائية ، رق ، اقطاع ، رأسمالية ،اشتراكية ) على كل التاريخ البشري ، في حين أن ماركس كان يعارض تحويلها إلى نظرية فلسفية وتعميمها على كل بلدان العالم ، وأشار الى ضرورة دراسة خصوصية كل مجتمع بذهن مفتوح وبطريقة مستقلة ، وفي هذا الإطار أشارماركس في مؤلفه ( مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي ) إلى نمط سادس خاص ببعض بلدان الشرق ( الصين ، مصر ، الهند ، . الخ ) ، يتمايز عن الأنماط المشار لها في لوحته الخماسية ، أطلق عليه نمط الانتاج الآسيوى ، وهو يتعلق بملكية الدولة للأرض والرى مقابل خراج يدفعه الفلاحون للدولة . وقد حاول بعض الماركسيين تعميم نمط الإنتاج الآسيوى على كل البلدان غير الاوربية وهذا أيضا غير صحيح ، والسليم هو الدراسة المستقلة لكل مجتمع بذهن مفتوح لمعرفة واقعه وخصوصيته .
الجانب الآخر الذي انتقده انجلس في كتاباته الأخيرة اعتبار الاقتصاد هو العامل الوحيد الحاسم في التغيير ، فإلي جانب الاقتصاد هناك عوامل أخرى: دينية ، قومية ، سياسية ، تقاليد كل بلد وشخصيات القادة فيها تسهم في التغيير ،صحيح أن للاقتصاد دور حاسم ولكنه ليس الوحيد . أما الماركسي انطونيو غرامشي : فقد طور ملاحظة انجلس ، وأشار الى أنه من الصعب تحديد أى العاملين الاقتصادي أو الثقافي هو الحاسم في التغيير ، وأن الثقافة ضرورية لبناء القاعدة الاجتماعية نفسها ، وأن النظام الرأسمالي لايعيد إنتاج نفسه بوسائل اقتصادية أو بالقهر ، وانما يعيد انتاج نفسه بوسائل ثقافية ايضا ، وبالتالى من المهم التأثير الثقافي والاخلاقي للطبقة العاملة وأن يكون لها مثقفين عضويين مرتبطين بها ، كما انتقد المفهوم المبتذل للمادية الفلسفية التى تلغي دور الانسان والممارسة بإسم الحتمية التاريخية وتلغي التفكير النقدي ، وأشار إلى أن التاريخ ليس له معنى الا بارتباطه مع التاريخ الانساني ، كما أشار ماركس ان الانسان ليس نتاج سلبي للبيئة ، بل يسهم في إعادة تشكيل البيئة نفسها .
النقطة الثانية التى ركز عليها انجلز : أن المفهوم المادي للتاريخ ليس بديلا لدراسة تاريخ كل بلد على حدة بهدف معرفة واقعه وخصائصه بذهن مفتوح ، وليس حشره في المخطط المسبق للوحة الخماسية أو نمط الانتاج الآسيوى أو اى مخطط ايديولوجي مسبق .مثل هذا الفهم ضار باالمفهوم المادي للتاريخ. أى أن الماركسية منهج لدراسة الواقع بذهن مفتوح بدون تصورات مسبقة بهدف معرفته واستيعاب سماته وخصائصه والعمل على تغييره الي الأفضل.
بالتالي أن المفهوم المادي للتاريخ لا يمكن أن يكون قاصرا عن دراسة الواقع، كما أشار د. محمد جلال هاشم ، وخلاف الراي لا يفسد للود قضية.



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة أكتوبر الاشتراكية : التجربة والدروس
- الذكري ال 64 لتأسيس الجبهة الديمقراطية للطلاب السودانيين
- طبيعة الدولة في الحكم الثنائي : 1898- 1956
- الذكري ال 53 لثورة أكتوبر 1964
- المفهوم الماركسي للاشتراكية
- منهج التحليل الثقافي : رؤية نقدية
- الذكري المئوية لثورة اكتوبر الاشتراكية
- حركة التجديد في الأدب والفن: الفترة 1900- 1956م
- عن التحالفات ومفهوم - الكتلة التاريخية-
- حركة تحرير ونهضة المرأة السودانية
- حالة الماركسية والتعليم والثقافة في الفترة: 1900- 1956م
- الذكري ال 27 لحرب الخليج
- الذكري ال 71 لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني
- وداعا المناضلة فاطمة أحمد إبراهيم
- إنقلاب 19 يوليو 1971 : الأسباب والدوافع.
- مفهوم المركز والهامش : نظرة نقدية..
- وداعا المناضل العمالي هاشم السعيد
- طبيعة وخصائص الدولة في المهدية
- نشيد الإله ابا دماك في مملكة مروي
- 28 عاما من الدمار والحروب والإفقار


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - منهج التحليل الثقافي رؤية نقدية -2