|
يبدو إن السيد العبادي متعطش للمزيد من الدماء !
نزار عقراوي
(Nazar Akrawi)
الحوار المتمدن-العدد: 5699 - 2017 / 11 / 15 - 10:09
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
أن التصريح الأخير للسيد العبادي، في المؤتمر الصحفي الذي عقده اليوم الثلاثاء 14 نوفمبر الجاري : "لن نبقى ننتظر إلى الأبد. سوف نتخذ إجراءات وأنا أدعو مسؤولي الإقليم إلى حسم هذا الموضوع سريعا". وهدد بإنه سوف يحرك قواته في وقت قريب للسيطرة على المناطق الحدودية الخاضعة للأكراد... إن ذلك يؤكد بأن السيد العبادي وحكومته الطائفية يفضل الحرب على جميع الحلول السلمية ، ًوإن شن هجوم عسكري ودموي جديد على الجماهير في كردستان بات قاب قوسين أو أدنى. إن القرار الأخير الذي توصل اليه السيد العبادي وحكومته تحمل في طياته إحتمالات يتطلب الوقوف عندها والأخذ بها في نظر الإعتبار وخصوصا مصادفة توقيت قراره هذا مع وجود الوفد الكردي المفاوض في بغداد. يبدوا أن قراره هذا جاء كنتيجة مباشرة لجولة المفاوضات التي جرت بين كلا الطرفين دون الإعلان عن نتائجها و مغزاها الأصلي للمجتمع ، والذي يوحي غالباً بأنه أتفق مع وفد الأقليم بأن ينسحبوا من بقية المناطق التي يطالب بها مقابل صفقة سرية وغير معلنة، أو مؤجلة الى ما بعد إنتهاء الانتخابات المزمع إجراءها في العراق في الـ 12 من مايو/ أيار المقبل ، ويبدوا إن الطرف الكردي أبدى موافقته على ذلك، ولكن شريطة إن هذا الإنسحاب يجب أن لا يتم بهدوء ودون سيلان الدم ، أوعبر رفع الراية البيضاء من قبل الطرف الكردي، بل عبر معركة ربما ستكون أكثر شراسة ودموية من سابقاتها في كركوك و بردى و سحيلا ، وربما ستخلف المزيد من الدمار ومزيداً من كبوش الفداء في كلا الطرفين ، والهدف من وراءها هو جني كلا الطرفين لمكاسب جمة ، تضمن بقاء كلا الطرفين في سدة الحكم لفترة أطول وذلك عبر أولاً: تحوير أنظار المجتمع عن فشل النظام الفيدرالي الميليشياتي الطائفي المغرق في الرجعية، الذي أسسه الأمريكان، والذي أثبتت فشلها في السنة الأولى من عمرها ، وتسببها في إعادة العراق الى عهود ما قبل القرون الوسطى . ثانياً: التغطية على المديات الخطيرة الذي وصلت اليه الفساد المستشري في جهاز الدولة وجميع مؤسساته . ثالثاً: للحيلولة دون توسيع رقعة الأعتراضات الجماهيرية التي تعم بين غالبية صفوف الطبقة العاملة والعاطلين والكادحين والفئات المعدومة في المجتمع ضد الاوضاع المزرية والغير قابلة للتحمل أكثر، والتي نجت عن سلطة الميليشيات ومافيا السلطة في العراق ، وحكم العوائل في كردستان . رابعاً؛ أن هذه الحرب الرجعية سوف يؤجج المشاعر القومية والشوفينية بين الجماهير في مدن العراق وكردستان ضد بعضهم البعض ويوسع الهوة والتنافر بينهم ، وكلما تمكنت السلطة من توسيع هذه الهوة والتنافر بين مواطني كلا الطرفين ، كلما ضمنت تمديد فترة حكمها الفاسد أكثر ، وتهربها من تلبية متطلبات الحياة الأساسية والمطلوبة للجماهير لفترة أطول، وبالتالي تهاوي حدة الإعتراض على سلطاتهم الفاسدة أكثر فأكثر . إن السلطتين في بغداد وكردستان تتغذى على تأجيج المشاعر القومية بين الجماهير، الذي عبرها تدفع بالجماهير للتغاضي عن فساد السلطة وعن أعتراضهم بوجهها ، وكذلك يضمن لكلا الطرفين، إخماد موجة الإعتراضات الشعبية الداعية الى التغير والتخلص من حكمهم الفاسد . إن هذه الحرب الوحشية الوشيكة التي ينوي كلا الطرفين على فرضها على الجماهير في كردستان ، فهي بالنسبة للقيادة الكردية ، سوف يحفظ القليل من ماء وجهها، بعد النكسة المأساوية الأخيرة التي تسببت بها للجماهير في كردستان ، وبوجه خاص في مدن كركوك وطوزخورماتو وخانقين وسنجار في الـ 16 و 17 من شهر أكتوبر المنصرم ، وفي الوقت نفسه سوف يُحَّوِرُ تلك الحرب تركيز الجماهير في كردستان على ما صرح به وفد الأقليم اليوم وبحضور العبادي بأنهم ((يحترمون قرار المحكمة العليا في العراق بالحفاظ على وحدة العراق ))، أي بمعنى تنازلهم بشكل مطلق عن نتائج الاستفتاء، الذي كانوا يعتبرونه خطاً أحمر حتى الأمس القريب ، و بذلك ضَربِّهمْ لحلم جماهير كردستان في الاستقلال بعرض الحائط ، بل إقرارهم ولو بشكل غير معلن بإنه حتى التفكير في ذلك مستقبلا ، يعد مخالفةً للدستور ويعتبر جرماً قانونياً ، وبهذه الخطوة يتمكنوا من تفريغ كاهلهم من مسؤولية التبعات والنتائج السلبية والمأساوية التي أسفرت عنها الأستفتاء الذي أقدم عليه السيد البارزاني وقيادة الحركة الكردية . بتصوري إن الطرفين رسموا السيناريو التالي في مفاوضات الْيَوْمَ وأتفقوا عليه على النحو التّالي ، حول الهزيمة المزمعة ( المتفق عليها كلا الطرفين ) ، الذي سيلحق بقوات البيشمركة على أيدي ميليشيات ما يسمى بالحشدالشعبي والجيش ، أن تلك الهزيمة سوف يقوي من مبرراتهم التي هي جاهز مقدماً ، في تبرير وتحميل هزيمتهم لأمريكا و قوات مايسمونهم بحلفائهم الغربيين ، ويوهمون الجماهير في كردستان هذه المرة أيضاً، كما في السابق ، بأن أمريكا وبقية أصدقائنا الأتراك والخليجيين خانونا ، ولم يلبوا نداء نجدَّتنا ، أو أعطوا الضوء للأخضر للعبادي وقواته بشن الهجوم علينا هذه المرة أيضاً، وبذلك سوف يضطر الجماهير للكف عن المطالبة برحيلهم لفترة أخرى بسبب تهديد العدو العربي والشيعي لهم ،
وفِي المقابل سيدر هذه الصفقة مكاسب جمة على شخص السيد العبادي نفسه ، إن تلك الإنتصار سيقوي من موقفه في الإنتخابات القادمة أضعافاً مضاعفة ، وسيضمن له الفوز بدورة ثانية لحكم العراق ، عبر إيهام البؤساء والمضطهدين في العراق بأنه القائد الضرورة للمرحلة ، و هو الناصر الذي يُقْهِرُ المستحيلات ، وهو وحده صمام الأمان للمحافظة على وحدة الاراضي العراقية المقدسة ! . إن الجماهير في العراق وكردستان أصبحت ألعوبة بين أيدي سماسرة النفط والعملاء في أربيل وبغداد، ولن يجني حتى في المستقبل البعيد غير المزيد من الفساد والبؤس والفقر والفوضى والحروب ، من جراء تلاعبهم بحياتهم و مصيرهم ، وخصوصاً في ظل بروز الصراعات الجديدة التي تلوح بحرب دموية ومدمرة أخرى بين أقطاب الصراع الدولي والأقليمي في المنطقة والذي يوحي بتغير ساحة الحرب بعد الإنتهاء من داعش وخصوصاً في سوريا، ففي ظل هذين السلطتين الفاسدتين وسياساتهما المدمرة للبشر والبلد ، لن تكون العراق وكردستان في منأي من هذه الأوضاع والحرب الوشيكة التي باتت تهدد منطقة الشرق الأوسط برمتها، إن هذين السلطتين في العراق وأقليم كردستان وضعت حياة ومصير الجماهير على المحك ، وتسببت في خلق هوة شاسعة بين صفوف الجماهير عبر تأجيج المشاعر القومية والطائفية، في حين أثبتت الأحداث الأخيرة أكثر من أي وقت مضى إن الجماهير في كلا الطرفين في العراق وكردستان ، هي فقط لوحدها كانت وستظل الضحية الأولى والأخيرة لسلطة هذين الحكومتين وسياساتهما ، التي لم ولن تنتج عنها غير المزيد من الفساد والإستبداد والنهب والرجعية ، وأن الجماهير لم ولن تجني من تسلطهم في المستقبل سوى المزيد والمزيد من الفقر والتشرد والأمراض والتخلف والموت .
إن الثورة الأجتماعية لجموع الجماهير ضد سلطة أولئك الحثالة المتسلطة على رقاب الجماهير في كردستان والعراق هو الرد الواقعي والملح، ودفنهم في ركام ما دمروه، ودون ذلك أي دون اللجؤ الى الثورة، سوف يتسببون في تدمير البقية الباقية من المجتمع وحياة المواطنين ، وأن أول خطوة في هذا المسار يجب على الجماهير خطوها، هو التضامن على مستوى البلد و مقاطعة المشاركة في الإنتخابات القادمة ، وإعلان بطلانها عبر عدم الإعتراف بها و بنتائجها ، وذلك عبر تحويل يوم الانتخابات الى يوم العصيان الجماهيري الشامل ضد السلطات الحاكمة في العراق وكردستان .
#نزار_عقراوي (هاشتاغ)
Nazar_Akrawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا تحريف الحقائق .. رداً على السيد خليل كارة
-
مظاهرة احتجاجية في لندن ضد أختطاف وتعذيب الطلاب السبعة !
-
الاسلام بلا رتوش
-
مراسيم أحياء ذکری-;- الرفيق الخالد آزاد أحمد في بريطان
...
-
أنهم لايستطيعون أطفاء شمعتك يارفيقي
-
الی رفيقي العزيز
-
بمناسبة إحياء ذکری رحيل القائد العمالي والمناضل الشيوع
...
-
الأمل ولیس الکره
المزيد.....
-
إليك ما نعرفه عن اصطدام طائرة الركاب ومروحية بلاك هوك وسقوطه
...
-
معلومات سريعة عن نهر بوتوماك لفهم مدى تعقيد البحث عن حطام ال
...
-
أول تعليق من ترامب على حادثة اصطدام طائرة ركاب ومروحية عسكري
...
-
حوافه حادة..مغامر إماراتي يوثق تجربة مساره بوادي خطير في قير
...
-
كيف نجا قائد الطائرة إف-35 -الأكثر فتكا في العالم- بعد تحطمه
...
-
إيطاليا تعيد كنوزا عراقية منهوبة.. قطع خلدت ذكرى من شيدوا ال
...
-
FBI يستبعد العمل الإرهابي في حادث اصطدام طائرة الركاب بمروحي
...
-
بعد كارثة مطار ريغان.. الإعلام الأمريكي يستحضر آخر حادث كبي
...
-
جورجيا تنسحب من الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بعد مطالباته
...
-
الائتلاف الوطني السوري يهنئ الشرع بتنصيبه رئيسا للجمهورية
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|