أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد محمود - نبي جديد !















المزيد.....

نبي جديد !


أحمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 5695 - 2017 / 11 / 11 - 04:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يُسرع الناس خاطفين خطواتهم ،يُهرول الماره مقبلين تجاه ذلك المشهد الغريب ،مشهد سيريالي لا يتكرر سوي كل ألف عام أو يزيد ،سمعوا عنه كثيراً ولكن لم يروه قبالة أعيونهم من قبل ،تتفجّر الأرض بالبشر من كل مكان ،وكأنهم وُجدوا فجأة ،أهي عادتهم أم سيشترونها ،الفضول !
مشهد لعدة دوائر من البشر تزداد أقطارها كلما ابتعدنا عن المركز ؛هناك يقف رجل غريب الأطوار ؛يرتدي ملابس رثة بالية ،أو بشكل أدق عتيقة ،داكن البشرة التي تحمل ملامح أغلظ من أولائك العادون ،وكأنها ذاقت ويلات الظروف التي أحاطت نشأته..تبدو عليه مظاهر بداوة ،وكأنه لم يسمع قط عن أدوات حديثة لقص شعر الرأس والذقن وهندمتهما ،لا يهم ،دعونا لا نلومه علي بيئهً لم يخترها ،وظروف لم يحبذها ،هو بالطبع ليس بيده شئ ،ولنتطرق لما نطق به لسانه ونضحت به ألفاظة وانبهر به المجتمعون بعد افتراقهم فعادوا ليلتحموا ككتلة واحدة .
"أيها القوم اسمعوا وعوا ،ولينتبه كلً منكم لما أقول ،أما بعد ،إني خالد بن حجر ،رسولُ من خالق هذا الكون ،بعثني صانع الذرة الأول ومصمم الأمعاء الدقيقة في أجسادكم ،ومخترع قوانين ميكانيكياتكم ،ومبرمج تفاعلاتكم الكيميائية ،إني خالد بن حجر رسول الله إليكم ،بعثني لأنذركم من عذابة وبأسة الشديد ،هذا البأس الذي سيصبه علي كل من لم يصدقني فيكم ،وأُبشر من مالت إليّ هرمونات عقله بجنة عرضها السماوات والأرض السبعة ،ونخيل من عنب ورمان ،وأنهار من لبن وعسل ،ونساءً لم يمسهن أحداً من قبلكم ،عيونهم واسعة وصدورهم شاسعة ،هذة رسالتي إليكم أروي بها ظمأ فضولكم لتجمعكم حولي هذا ،فأخبروا الغائب منكم بذلك ،وقد أعذر من أنذر "
تقع هذة الكلمات علي المجتمعين الذاهلين فتتفرق أنظارهم إلي بعضهم بعدما أجتمعت علي صاحبنا ،وتتناثر أجسادهم ،الباقية منها والمغادرة بعدما توحدت ،وتتعالي الصيحات مابين ساخر ومستفسر ومندهش ومنفرج ومكتئب .
تراصت الصيحات بعد تبعثرها وبدأت في أخذ شكل منظم كهذا الذي نراه في المؤتمرات مابين السياسي والصحفيين وهو يجاوب كل واحداً منهم علي حدا .
كان السؤال الأول لصاحبنا يستفسر عن ماهية هذة السماوات والأرض التي شيدها باعث ذلك الرجل فكانت الإجابة : " إنها قبة تتكون من سبع طبقات تحملها أعمدة خفية لا يراها أحد " ثم استطرد قائلا (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ) ..وقعت الإجابة علي السائل وقع الصاعقة علي البيوت ،فانصرف مهمهاً بكلام يعبر عن امتعاضة من هذه المضيعة للوقت .
السؤال الثاني كان من رجل يحمل درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة كامبريدج ،واقترب عمره من الإنتهاء بعد أن أفناه بحثًا وتبحراً في فلسفات الدنيا وإفرازات العقل البشري قاطبةً ..سأل البروفيسور فيما سأل عن دليل صدق صاحبنا فكانت الإجابة كالتالي : "هذة الجملة الأخيرة التي ذكرتها في نهاية إجابتي علي سؤال زميلك تحوي الدليل ،فهذة الجملة بجانب إخوتها التي سأسردهم لك خلال إجاباتي التالية تحمل قوة بلاغية لا يمكن أن تكون من البشر وقد علمني إياها الله "
إندهش البروفيسور من هذة الفلسفة التي طرأت علي المجال الذي أفني فيه حياته ولم يشاهده من قبل ،وأحس بندم كبير علي تقصيره ،فحمل أنفساه وانطلق مسرعا إلي حيث تقطن مكتبته بعدما أحس بضئالة علمه ،وأقسم علي ألا يغادر هذة الحياة قبل أن يستمر في الإستزادة من علمه لعل ذلك يشفع له ندمه وخيبة أمله ويهون عليه إحساس الخجل !
السؤال الثالث كان من رجلأ متوسط الذكاء ،تستطيع أن تقول رجل لا يميزه أي شئ ،مجرد إنسان ..تسآل الرجل في ما سأل عن هذة المغريات التي يعده بنا صاحبنا ،ولماذا اختارها باعثة تحديداً دوناً عن كل المتع والرفاهيات والإختراعات والإكتشافات التي يعيش فيها البشر في 2017؟
هنا تنقبض عضلات وجه صاحبنا وتظهر علامات غضب وامتعاض علي ملامحه وكأن السائل قتل له قتيلاً ،ثم قال "يبدو انك تعرف الحق ولكنك تعاند وتكابر ،ويلاً لك يا رجل ،ستصلي ناراً ذات لهب ،وستتجرع صديداً لن ينقذك منه أحد ،فلتتبوأ مكانك في الجحيم من اليوم "
ثار الرجل غضباً وكاد يفسد هذا الجمع بتطاولة اللفظي الذي تبعه محاولة تطاول بدني ولكن الباقي لم يسمحوا له بتدمير هذة اللحظة التاريخية عليهم فطردوه خارج محيطهم .
عندما عاد سائلنا الثاني -البروفيسور – لكي يجمع قدر إضافي من هذة الجمل -التي يلفظ بها صاحبنا في كل نهاية لإجابتة- لتسنده خلال بحثه ،كان صاحبنا قد بدأ في قص هذة الكلمات ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا * إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ * أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ) ،استمع البروفيسور لهذه الكلمات بتركيز ولكنه لم يفهم شئ ،مجرد قافية في نهاية كل جملة ،يبدو أن الظنون حول بيئة صاحبنا العربيه الصحراوية قد تأكدت ،يبدو أنه ضليع في اللغة العربيه .
ولأن البروفيسور متخلق بثقافة المعرفه ويدرك جيداً أنه لا حرج من السؤال عن شئ لا يعرفه فطلب من صاحبنا أن يفسر له كلامه ،ولكن جاء الرد كالآتي :" لن ألبي لك طلبك ولكن سيأتي من بعدي مفسرون لهذا الكلام ،سيتناحرون قليلاً فيما بينهم ولكن لا بأس عليك أن تتحلي بكلامهم "
أدرك البروفيسور هنا مدي عبثية كلام هذا الرجل ،وعادت إليه ثقته بنفسه بعدما أحس بهزليه الموقف ومضيعته للوقت ،فانصرف في الحال .
أما هناك في زاوية كل هذة الأحداث كان يقف رجلاً من المارة ينتظر ظهور إبراهيم نصر علي أنغام أغنية "خلي خلي بالك هنصور وانتا ولا علي بالك " ..كان يظن أن كل ذلك ما هو إلا مزحة سخيفة لا تُصدق ..وأخر كان يظن أنه مسلسل تليفزيوني سيُعرض في رمضان ،وأخذ يبحث عن الكاميرات فلم يجدها ،يبدوا أن المخرج كان يود أن يخرج المشهد بتلقائية كبيرة !
ماذا لو ظهر محمد بن عبدالله في 2017 ؟ماذا لو كانت كل مجريات العصور الوسطي تتكرر في دهرنا هذا ؟هل سيدرك الناس حقيقة ما يقدسونه من دون أن يروه ،فقط سمعوا عنه وشُحنت عواطفهم –بشتي الطرق والأساليب – تجاهه ؟..كل ما سبق كان مشهد تخيلي من وجهه نظري لما قد يحدث في حالة ظهوره..لا يهم أن تفكر في هل كنت ستصدقه أم لا ،فقط أسأل نفسك سؤال ،هل كنت ستؤمن به بنفس الحماسة التي تصدقه بها الأن أم لا ؟



#أحمد_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الاحتفاء بعيد المرأة العالمي 2017: المرأة كاملة عقل
- في الذكرى الثانية والثلاثين لإعدام الأستاذ محمود محمد طه: مغ ...
- في موقف نعي صادق جلال العظم
- هوليود .. صناعة السينما و تضليل الوعي
- ثورة 14 جانفي و انعكاسها على تونس
- حسن الترابي والرحلة من -البأس- إلى البؤس
- في عيد المرأة العالمي (8 مارس 2016): المرأة كاملة عقل
- طريق المعرفة والحرية: حول السيرة الذاتية لحيدر إبراهيم علي
- نحو مدارس علمانية: التحدي الملحّ الذي يواجه المهاجرين في الغ ...
- في الذكرى الثلاثين لإعدام محمود محمد طه 1985 – 2015
- الارهاب الروسي
- هل وجوه المعارضة السورية ستعلن فشلها ؟
- خبرة الإله
- رسالة مفتوحة إلى شقيق مات الحبّ في قلبه
- راي شخصي
- فَلْنَحْنِ هاماتِنا لشجاعة مريم
- التربية على الطريقة الاصولية
- في الحاجة إلى بناء حركة نسائية جديدة
- في عيد المرأة العالمي: التحية لصمود أميرة عثمان
- معاداة فكرة


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد محمود - نبي جديد !