|
الحرب الاسلامية على الالحاد والعلمانية...واجب ديني، أم خوف بسبب هشاشة الدين؟
حكمت حمزة
الحوار المتمدن-العدد: 5695 - 2017 / 11 / 11 - 02:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تنويه قبل قراءة المقال: سيتكرر ذكر كلمة (ملحد) في المقال، وأود التنويه إلى أن كلمة ملحد التي أذكرها تشمل (الملحدين/اللادينيين/اللاأدريين)، وتجنبا لتكرار هذه المصطلحات في كل مرة، سأكتفي بذكر كلمة ملحد فقط. . . الشهر: تشرين الثانس-نوفمبر. العام: 2017. الموقع: العالم العربي والاسلامي. الخبر العاجل: هزة فكرية علمانية و إلحادية تتسبب بموجات تسونامي تضرب شواطئ العالم العربي والاسلامي. الضحايا: أعداد لا يستهان بها من الجيل الشاب القاطن في تلك المناطق. وهناك الكثير من الضحايا لا زالوا مختبئين خلف الركام الفكري، حيث أن أعداد الضحايا معرض للارتفاع بشكل كبير. وفق المرصد الاسلامي للبراكين والزلازل فإن سبب تلك الهزة الفكرية هو ابتعاد الناس عن الله والدين، وتمسكهم بالحياة الدنيا، وشراؤهم الدنيا بالآخرة، لهم في الدنيا خزي وفي الآخرة عذاب شديد. لا تتخيل عزيزي القارئ أن هذا خبر عاجل ظهر على إحدى المحطات التليفيزيونية الشهيرة، أو أنه (بوست فيسبوكي) لإحدى الصفحات الاخبارية، كما أنه ليس هاشتاغ تويتري. على العكس تماما، فإن هذا حال العالم العربي والاسلامي، إذ شهدت البلدان الاسلامية موجة إلحاد وعلمانية لا يستهان بها، وهي تزداد يوما بعد يوم، وقد تصل في يوم ما إلى الهدف الذي ننشده جميعا (معشر المتنورين)، وتخلع الاسلام عن عرش الفكر العام للشعب، إذ أن السلطة الاسلامية حالها حال كل ديكتاتور في العالم، تغلف كرسي الحكم بالصمغ قبل الجلوس عليه، فإن هي جلست على الكرسي، إلتصقت به إلى (ما شاء الله) من السنوات. وقد قوبلت هذه الحالة (الإلحادو-علمانية) باستنفار عام وضخم من قبل المفكرين المسلمين، والشيوخ، ومن يسمون أنفسهم بـ (العلماء المسلمين)، حتى أن الشباب المسلم، اقتدى بالشباب المتنور/ الملحد ، وأصبح يصور أشرطة فيديو، وينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وبالأخص اليوتيوب، ليس الشباب فقط، بل حتى بعض المفكرين، وشيوخ المسلمين، قاموا بنفس الشيء. وكل ملحد أو علماني أو مسلم على اطلاع واهتمام بالموضوع، يرى الهجمة الشرسة التي يشنها المسلمون على الملحدين، إذ لاقت هذه الظاهرة اهتماما واسعا، وحربا فكرية ضروسا، وارتفعت حالة الطوارئ والتأهب إلى الدرجة القصوى، في مواجهة تداعيات هذا التسونامي الفكري، بهدف القضاء عليه واجتثاثه من جذوره، أو إخماده ولو مؤقتا على الأقل. الصخب الذي رافق هذه الموجة، يطرح تساؤلات عديدة عن الأسباب والدوافع التي جعلت المؤسسات الاسلامية تستنفر لهذه الدرجة، فلماذا كل هذا لاهتمام بالظاهرة هذه؟ توجد ثلاث أسباب منطقية تدفع المسلمين إلى مقارعة هذه الظاهرة الفكرية وهي: أولا: لأن الإلحاد والعلمانية طرح فكري جديد، وموضة جديدة لا تناسب أفكارنا وعاداتنا وتقاليدنا كوسط مسلم محافظ (طبعا الوسط المسلم محافظ ظاهريا، ولكن ماخفي أعظم)، وتدعو الى الانحلال الأخلاقي. ثانيا: أن الواجب الديني يفرض على المسلمين محاربة المرتدين (الملحدين) خصوصا بوجود العديد من الأوامر الشرعية ضمن هذا المجال، ابتداءً بالآيات القرآنية العديدة التي يفسرها الكثير من المسلمين على أنها توجب قتال المرتدين والمشركين والكافرين، وانتهاء بالحديث (من بدل دينه فاقتلوه). ثالثا: لأن الدين الاسلامي حاله كحال كل الأديان، هش ورقيق ولا يحتمل الصدمات، وقد تذروه الرياح الفكرية في أي لحظة، لذا هذه الحملات بمثابة ضربة استباقية، ومصدات ريحية في وجه اعاصير التغيير الفكري. وسنناقش باختصار كل سبب على حدة. بالنسبة للسبب الأول، فهذا إن تذرع به المسلمون كسبب، أوهن من بيت العنكبوت، لأن أوربا وأمريكا بشقيها الشمالي والجنوبي، فيها الكثير من الملحدين، وهي دول علمانية بامتياز، فيها المسلم والمسيحي واليهودي و البوذي والهندوسي، كما فيها من الملحدين والعلمانيين، لم نرى فيها انحلالا أخلاقيا وصل بشعوبها إلى درجة الانحطاط، صحيح هناك حرية شخصية، لكن المرجعية الأخلاقية لم تتأثر، إلا إذا كانت حرية ارتداء الملابس، وحرية العلاقات الجنسية بين أي شخصين بالغين، تعتبر من الأخلاق، عندئذ يسمى هذا قصورا فكريا، فمن يحصر أخلاقه بفرج أو قطع من الجلد واللحم البشري، يعاني مشاكل في التفكير، لأن الأخلاق لا تقتصر على الجسد البشري. و أنوه هنا بأني لا أدعو أبدا للتعري، لكن أدعو إلى احترام حرية الانسان، فكما تقولون بـ (أن الله سيحاسب الجميع في الآخرة)، إذا لا يحق لكم التدخل في حرية الناس، كما أن لحريتك حدودا، إذ انها تتوقف عندما تبدأ حرية الآخرين، ثم إن الدولة العلمانية تكفل لك حريتك الشخصية كما تكفله لغيرك، فإن كنت تريد أن تطبق دينك لن يمنعك أحد. أما السبب الثاني فهناك اختلاف فيه، من ناحية وجهات النظر الاسلامية، خصوصا بوجود التيار الاسلامي الجديد المسمى (القرآنينن)، فأولئك لا يقولون بقتل الملحد، أو الكافر، لكنهم أيضا تحت الملاحقة الفكرية والفعلية من قبل المسلمين الأصوليين وحتى العاديين، إذ يعتبرونهم فاسقين، نتيجة عدم اعترافهم بكل ما ورد في سنة محمد وحديثه. أما القسم الآخر وهو يشكل النسبة الأكبر، فيتراوح بين الذي يرفض وجود الملحدين والعلمانيين في المجتمع، ويسعى لمضايقتهم ولو بشق تمرة، وبين من يريد قتلهم واجتزاز رؤوسهم من مواضعها. وكل مطلع على الأدبيات الاسلامية، يرى بشكل أو بآخر، تحريضا على حرب لكافرين وقتلهم. لانتيجة فإن هذه السياسة الاسلامية تجاه العلمانيين والملحدين، سياسة و فاشلة، ولا تصلح لحكم حظيرةحيوانات، وليس لحكم دولة، ولا يجب أبدا أن ندعها تصل إلى سدة الحكم، ولو كلفنا ذلك حياتنا. أما السبب الثالث فهو الذي يبدو أكثر منطقية من سابقيه، وهو خوف المسلمين من اقصائهم من النهائيات، نتيجة هشاشة الدين، فلو كان المسلمون وخصوصا من هم في مفاصل الدين الاسلامي اليوم، واثقين من معتقدهم واساس معتقدهم، لانتفى السببان السابقان، فليكن ما يكن، المسلم المتيقن من ربه ودينه، لن يتغير عليه شيء، باختلاف المنظومة الحاكمة. الواثق من دينه وصحة دينه لا يهتم أيا كانت الموجات التي يمكن أن تجتاح شواطئ عقله، وما ارى في حرب المسلمين على الملحيدين والعلمانيين، إلا خوفا على وجودهم الفكري، ليس لقوة الموجة الالحادية (إذ أن الملحدين في البلدان الاسلامية إن قورن عددهم بالمتدينين، فمن المؤكد أن الكفة ستكون راجحة لصالح المتديني). وإنما بسبب هشاشة المعتقد الديني باختلاف اسمه، فجميع الأديان على مر التاريخ، لم تحكم إلا بقوة السيف، وكل الدول والدويلات الاسلامية وغير الاسلامية التي قامت عبر التاريخ انهارت بسبب ضعفها، فلو كانت قاعدتها الفكرية قوية كما يجب، لما تأثرت بأي حرب- أو اجتياح، لكن الفكر الديني مخلل بطبيعته، تكفيه بضع نسمات ليتهاوى على الارض. وهذا تحديدا ما يخشاه العالم الاسلامي، لأن الموجة العلمانية والعلمانية إن ضربت وفعلت فعلتها، سيحدث فيها ماحدث في أوربا، سيصبح الدين شيئا ثانويا وغير مهم ومهمش، بالضرورة هم سيكونون مهمشين، وليسوا موضع اهتمام، الخوف الحقيقي هو من التغيير الفكري، فإن حدث ذلك، ولى زمن الديكتاتوريات، والاستبداد، والتسلط، وسيتم صنع كرسي الحكم من مادة التيفال (التي لا تسبب الالتصاق أبدا)
#حكمت_حمزة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قدر الثورات أن تنمو وتكبر، ويصبح مقاس الثوب الاسلامي مناسبا
...
-
اربعينية شتات العرب اوطاني
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|