أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - عُبّادُ الوثن … عشّاقُ التماثيل














المزيد.....

عُبّادُ الوثن … عشّاقُ التماثيل


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5693 - 2017 / 11 / 9 - 19:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عُبّادُ الوثن … عشّاقُ التماثيل
===============

ما الفارقُ الذهنيّ بين "الوثنيّ" عابدِ الأصنام، وبين مَن يثيرُ شهواتِه تمثالٌ من الرخام؟ وما الفارقُ الفلسفيُّ والفنيّ بين رجل يعشقُ تمثالَ امرأةٍ فيحطّمه مخافةَ أن تُغويه، وبين "بِجماليون" النحّات العظيم الذي نحت تمثال امرأة جميلة، ثم وقع في غرام التمثال فتوسّل إلى الآلهة أن تدبَّ فيه الروحُ، حتى يضاجعه، فاستجابت الآلهةُ لتوسلاته؛ وصار الحجرُ امرأة فاتنةً، كما تقول الأسطورة الإغريقية؟! لنُجيبَ عن تلك الأسئلة، علينا أن نعود إلى تعريف المفردات السابقة.
الوثنيُّ: يؤمنُ أن هذا الوثن، أو ذاك، مما يقفُ أمامه الوثنيُّ أو يركعُ رافعًا صلواتِه ودعاءه، ليس تمثالا أصمَّ، بل هو إلهٌ حيٌّ مدرك لما يدور حوله، وإن كان من الحجر. يؤمن الوثنيُّ أن الوثنَ يسمعُ الصلواتِ ويجيبُ الدعاءَ. كذلك الآخرُ، الذي يُحرّم التمثالَ لأنه يثيرُ شهوتَه، ما هو في الواقع إلا عاشقٌ للحجر. يؤمن أن التمثال الرخامي إنسانٌ حيٌّ في صورة امرأة مُثيرة، أو رجلٍ مثير. ومن ثمّ، إذا ما وقف أمامه يتأمله؛ سوف تُستثارُ مكامنُ الشهوات في جسدِه، وربما قضى وطرَه على حوافّه الرخامية!
الأمرُ إذن تخطّى مرحلةَ الرجعية والتشدّد وحتى محاربة الفنون، ليدخل في منعطف شديد الخطورة. إنها العودةُ، ليس إلى عصور البداوة والتصحُّر، بل إلى أبعد من ذلك وأوغل. إنه التقهقرُ إلى عوالم الوثنية الأولى، قبل نزول الرسالات، حيث عِشْقُ الحجر أو الخوف منه، (وكلاهما وجهان لعملة واحدة). عبادةُ الحجر والرعبُ منه؛ عِلّته الذهنية هو الإيمانُ بأن الصخرَ حيٌّ وليس جمادًا، وأن الحجرَ يشعرُ بما نشعر، ويُرسل لنا رسائلَ فننفعل؛ ليس بمكامن الجمال والفن الرفيع، مثلما نحن الأسوياء، إنما بمكامن الغرائز البهيمية الدُّنيا، غير المنضبطة! أولئك الذين يُحرك غرائزَهم الحجرُ، عيونُهم ليست في رؤوسهم، مثلما نحن البشر، بل في مكانٍ آخر سُفليٍّ، جعله اللهُ لقضاء الحاجات البيولوجية الدُّنيا. والعجبُ كلُّ العجبِ أن أحدًا من أولئك الذين يُستثارون من حجر، فيطالبون بمنعه عن عيون شبابنا، ظنًّا آثمًا منهم أن شبابنا يشبههم، حاشاهم، لم يُندّدوا بتجريد امرأة من ثيابها في جنوب مصر، وسحلها عارية! ولو حتى من باب مخافة إثارة الشهوات، إن لم يكن من باب النخوة والتحضّر والرجولة والإنسانية! كيف ولماذا؟ لأنهم عشّاقُ الحجر شأنهم شأنَ الوثنيين.
وكأنهم لم يرحلوا عن سمائنا. مازالوا يحتلّون الأمكنةَ ويخترقون الرؤءوس، كما فيروس نشطٍ لا تقوى عليه أمصالُ العالم! وكأن ثورةً لم تشتعل لتُطيحَ بهم. الإخوانُ الإرهابيون مَن أعني. كأنني أتذكّر اليومَ نفسَ ما قاله أحدُ أعضاء حزب النور المظلم، أيام حكم العياط، عن فنّ الباليه الراقي، مُلقٍيًا غُثاءه: “الباليه فنُّ العُراة"!!! يومها هاتفتني صديقتي الباليرينا النحيلة وسألتني باكيةً: "هو احنا فعلا لما بنرقص باليه بنكون مثيرات للشهوات؟" فأجبتها: "لا يا صديقتي، أنتنّ كالفراشات التي تثير الزهورَ فتُطلق الشذا من حولنا، وتنثرُ الجمال والعطر." أولئك الوثنيون هم السبب وراء إحجام طلاب كليات "الفنون الجميلة" عن دخول قسم النحت. فانظر وتأمل كم نحاتًا مدهشًا، خسرتهم مصرُ، كان يمكن أن يحصدوا لمصر الجوائزَ الدولية في مسابقات العالم المتحضر!
أما "بجماليون"، فمن الظلم البيّن أن نعقد مقارنةً بينه وبين عُبّاد الحجر والرخام. على الأقل لأن بجماليون نحّاتٌ عظيم، حتى وإن كان ابنًا لأسطورة فنية تشيرُ إلى خلق الحياة من العدم. أما أولئك فهم أبناء الأساطير الوثنية، الذين لم يخفقوا فقط في تقديم شيئًا عظيمًا للإنسانية، إنما يعملون على هدم ما قدّمه العظماءُ للإنسانية، من فنون عظيمة، عابرة للأزمان والأمكنة، هي فقط، التي صنعت حضارة الدول المتحضرة، وجعلتها في مصافّ العالم الأول، ذاك الذي ننظرُ إليه بحسرة، ونتأسّى على حالنا بين عبدةِ الأوثان.
يا مَن رزقكم اللهُ بإنجاب البنات: علّموا بناتكم فنَّ الباليه. علّموهنّ أن يكُنّ فراشاتٍ رشيقاتٍ تصفعُ بأجنحتها الملونة وجوهَ الغربان الذين يكرهون الجمالَ، ويشتهون مضاجعةَ التماثيل.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد ميلاد البابا تواضروس
- خالد جلال يرفع مرآة ميدوزا في وجوهنا
- هل تذكرون الدكتور محمود عزب؟
- الفنون والسجون
- صناديقُ عمّ محفوظ
- جيشُنا العظيم أحبطَ حرقَ مصر
- صراعُ الخير والشر … عند أجدادنا
- سميرة أحمد ... خيوطٌ في حب مصر
- هل المسيحيُّ في ذمّتي؟!
- دمُ القسّ في رقبة هذا الرجل
- إني لأعجبُ كيف يمكنُ أن يخونَ الخائنون!
- عصفورٌ بلا حقيبة
- كيف ينجح الناجحون؟
- أنا اليومَ مشغولةٌ بلحظة فرحٍ لعيون الحجازية
- الزمن النظيف فوق الشجرة
- المنيا ... على مسافة السكة … شكرًا يا ريّس!
- نصير شمّة…. تِهْ موسيقى
- مثلثُ التفوق والإنسانية
- لماذا اليابانُ يابانُ؟
- قطعةٌ من الفرح في صندوق الحَزَن


المزيد.....




- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
- بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
- السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
- مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول ...
- المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي ...
- المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
- بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - عُبّادُ الوثن … عشّاقُ التماثيل